زواج على خط النار يتحدى داعش بالعراق

التنظيم هدد العروس وعائلتها

عراقيون يغادرون بلدة الضلوعية بعد أن دمر المتطرفون الكباري المطلة على النهر
عراقيون يغادرون بلدة الضلوعية بعد أن دمر المتطرفون الكباري المطلة على النهر
TT

زواج على خط النار يتحدى داعش بالعراق

عراقيون يغادرون بلدة الضلوعية بعد أن دمر المتطرفون الكباري المطلة على النهر
عراقيون يغادرون بلدة الضلوعية بعد أن دمر المتطرفون الكباري المطلة على النهر

عندما خُطبت إخلاص محمد إلى الجندي العراقي لطيف المعشر الذي يسكن بلدة الضلوعية كانت تحلم باليوم الذي ترتدي فيه فستان الزفاف الأبيض وتحتفل مع أصدقائها وأفراد أسرتها وتستمتع بالموسيقى والطعام، لكن ليس الأمر بهذه البساطة، فقد استولى متشددون من تنظيم داعش على المنطقة. وحمل خطيبها وقبيلته السلاح لمقاومتهم وطردهم، في الوقت الذي انضم فيه جيرانها إلى «الدواعش» على خط المواجهة الدامي الذي يفصل بين الحبيبين. ورغم خطر الموت والهجمات الانتحارية تزوج الاثنان بعد خطة جريئة أعدها العريس بالاشتراك مع والدة إخلاص لتهريب العروس من البلدة بواسطة قارب في نهر دجلة.
تروي إخلاص ذات الواحد والعشرين ربيعا قائلة: «كانت قصتنا أشبه بفيلم رومانسي حزين. لقد هددنا الأشرار وهربت مع الرجل الذي كان ولا يزال يقاتلهم». وتندلع الاشتباكات بطول الخنادق والثكنات العسكرية التي تقسم بلدة الضلوعية التي تقع على بعد 50 ميلا من بغداد وتعد من البلدات العراقية الكثيرة التي تمزقت خلال العام الحالي بسبب اجتياح تنظيم داعش لها. أصبحت الكثير من مزارع النخيل وبساتين البرتقال في البلدة أماكن خطيرة لكونها أماكن اختباء القناصة التابعين للتنظيم ومرمى لقذائف الهاون. ورغم تحرر جزء من البلدة من الدواعش، يظل سكانها محاصرين ومنقطعين عن المركز التجاري والمباني الحكومية بل وحتى المقابر التي يريدون دفن موتاهم بها.
والوسيلة الوحيدة التي تصلهم بالعالم الخارجي هي القوارب المتواضعة التي تمر عبر المياه الموحلة لنهر دجلة التي تفصل بين حي السنة وبلدة «بلد» الشيعية القريبة. وتنقل تلك القوارب الطعام والوقود والذخيرة والمقاتلين الذي يرغبون في الانضمام إلى صفوف المعركة ضد «داعش». كذلك تعمل تلك القوارب كبديل لسيارات الإسعاف التي تنقل الجرحى نظرا لسيطرة الجهاديين على المستشفى.
ولم تكن الضلوعية مقسمة عندما قرر علي عامر البالغ من العمر 23 عاما الجندي في الجيش العراقي الزواج. وقد اقترح عليه أحد أقربائه الزواج من إخلاص، وفي شهر مايو (أيار) زار عامر إخلاص في منزل أسرتها حيث التقيا للمرة الأولى. ووجدها جميلة وتتحلى بأخلاق حميدة، بينما هي رأته رجلا مهذبا وكانت ممتنة لسماحه له بإنهاء دراستها. وتم إعلان خطوبتهما بعد أيام قليلة من اللقاء، ثم عاد عامر إلى القاعدة العسكرية التي يعمل بها. وكانا يتحدثان كثيرا عبر الهاتف وشرعا في مناقشة موعد الزواج.
لكن في يونيو (حزيران) استولى تنظيم داعش وبعض الجماعات المسلحة من السنة على الموصل، التي تعد ثاني أكبر مدينة عراقية. واختفى الجزء الأكبر من الجيش العراقي، وتقدم المتشددون نحو الضلوعية في الجنوب.
وكما هو الحال في الكثير من المناطق السنة كان السكان معادين لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي واتهموا حكومته التي يقودها الشيعة بممارسة التمييز ضدهم. لذا عندما وصل المسلحون وقدموا أنفسهم كثوار يحاربون من أجل السنة، سمح لهم السكان بالدخول على حد قول الصحافي وأحد سكان المنطقة شعلان الجبوري.
رفع المقاتلون العلم الأسود لـ«داعش» على مركز الشرطة ورأى السكان رجالا في صفوف مقاتلي التنظيم كانوا من المسجونين بسبب انتمائهم إلى تنظيم القاعدة. وكما فعلوا في أماكن أخرى، استهدف التنظيم الرجال الذي خدموا في الجيش أو الشرطة وكذا الذي انضموا إلى مجالس الصحوة المدعومة من أميركا لمواجهة تنظيم القاعدة. أثار هذا غضب قبيلة الجبور التي تعيش جنوب البلدة على شريط من الأرض الزراعية داخل منحنى يشبه حدوة الحصان بجانب النهر.
وفي الوقت الذي انضم فيه كثيرون إلى تنظيم القاعدة بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003. تغيرت توجهات القبيلة وتحالفت مع الأميركيين. ويقول ماهر الجبوري خطيب مسجد يساعد في قيادة القتال: «لقد قاتلناهم في السابق لذا نعلم من هم. ما هذا إلا استمرار للمعركة ذاتها». في منتصف يونيو (حزيران) تولى قائد في قوات الشرطة المحلية قيادة عملية لصد هجوم على مركز الشرطة وطرد تنظيم داعش من الجزء الذي تعيش فيه قبيلة جبور من البلدة. ومنذ ذلك الحين يقول مقاتلو القبيلة إنهم يصارعون من أجل صد هجمات الدواعش دون مساعدة تذكر من الحكومة في بغداد.
في مساء يوم قريب في منزل صغير في بستان البرتقال بالقرب من خط المواجهات، استراح عشرات من مقاتلي القبيلة ونظفوا أسلحتهم. وكانت القوة خليطا من ضباط الشرطة والجنود والمتطوعين، بعضهم يرتدي الزي المموه، بينما يرتدي آخرون ملابس عادية وأحذية بلاستيكية. كانت ماسورة لقذيفة هاون تستقر على العشب، بينما كان أحد المقاتلين يعمل على تحويل ذخائر قديمة إلى قنابل يمكن إلقاؤها على مواقع تنظيم داعش. وفي حين كان بعض أعدائهم من الأجانب، كان القسم الأكبر من القريبين على حد قول ضابط المرور زياد صالح الذي انضم إلى العمليات المناهضة لتنظيم داعش. وتلقى بعض المقاتلين مكالمات هاتفية من أشخاص كانوا يعرفونهم من قبل تتضمن عبارات مهينة وتطلب منهم الاستسلام. وأوضح صالح قائلا: «لا يمكننا التقدم لأنهم زرعوا متفجرات في كل مكان على الطريق وفي المنازل». واستهدف القناصة المتخصصين في المفرقعات الذين تم إرسالهم لتفكيك القنابل.
زادت المعركة من تعقيد الأمور بالنسبة للخطيبين، حيث حصل عامر على تصريح من الجيش للقتال في مدينته على بعد بضعة أميال من مسكن خطيبته، ومع ذلك لم تكن هناك طريقة ليقابلها. وبعد انتشار نبأ خطوبتهما، هدد الدواعش إخلاص بالقتل إن لم تفسخ الخطبة. وازدادت المكالمات الهاتفية بينهما توترا، وباتت إخلاص تقول لعامر: «أسرع وأخرجني من هنا».
وفي النهاية هدد التنظيم بقتل أسرتها أيضا، لذا خططت كل من أمها وعامر لتهريبها، لكن قبل ذلك أرسل الدواعش انتحاريا في سيارة لتنفيذ تفجير في شارع تجاري أسفر عن مقتل 20 شخصا بما فيهم ابن عم عامر وأعز أصدقائه صلاح مجبل. وكان لا يزال في حالة حداد بعد مرور يومين عندما تمكنت والدة إخلاص من تهريبها. وبعد جهد جهيد لتفادي المرور بالخطوط الأمامية، استقلا قاربا لعبور النهر إلى الجانب الجنوبي من الضلوعية حيث كان عامر في انتظارها على الضفة. وقال عامر: «عندما رأيتها من على بعد أدركت أن حلمي بات حقيقة».
وطلب عامر عمل أثاث لغرفة نوم في منزل أسرته، لكن حانوت النجار كان يقع وراء خطوط تنظيم داعش، لذا كان عليه اقتراض الأثاث من أقربائه، وتركت إخلاص ملابسها في المنزل حتى لا تلفت الانتباه إليها وهي تهرب. واضطرا إلى عبور النهر أكثر من مرة في اليوم التالي لشراء ملابس وحلي والذهاب إلى المحكمة، حيث استولى التنظيم على محكمة الضلوعية مما جعل الذهاب إليها لإتمام مراسم الزواج أمرا في غاية الصعوبة.
في 22 سبتمبر (أيلول) ارتدت إخلاص الفستان الأبيض وعبرت النهر والتقت بعامر عند أحد محلات تصفيف الشعر في البلد وذهبوا إلى استوديو تصوير لالتقاط صور الزفاف، ثم استقلا قاربا إلى المنزل وتناولا الطعام مع أسرته. ولم يتمكن أكثر أفراد أسرتها من حضور الزفاف لصعوبة عبور خطوط المواجهة، ولم يكن هناك موسيقى لأن عامر كان في حالة حداد على ابن عمه الذي تم دفنه بالقرب من المنزل. كانت إخلاص سعيدة رغم كل شيء، حيث قالت: «لقد كان أجمل يوم في حياتي. وأنا سعيدة لأن علي إلى جواري». مع ذلك كان عامر، الذي عاد إلى القتال بعد 4 أيام من الزفاف، لا يزال حاد المزاج. وقال: «لم يكن هناك شهر عسل، بل شهرا من الحزن والرصاص».

* خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»



الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» يُوسع أهداف «الشباب»... فهل تتعاون مع مقديشو؟

عناصر من «حركة الشباب» الصومالية الإرهابية (أ.ب)
عناصر من «حركة الشباب» الصومالية الإرهابية (أ.ب)
TT

الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» يُوسع أهداف «الشباب»... فهل تتعاون مع مقديشو؟

عناصر من «حركة الشباب» الصومالية الإرهابية (أ.ب)
عناصر من «حركة الشباب» الصومالية الإرهابية (أ.ب)

وسع الاعتراف الإسرائيلي بـ«جمهورية أرض الصومال» من أهداف حركة «الشباب» الإرهابية، بإعلان استعدادها لـ«حرب تل أبيب في هرجيسكا»، وسط تساؤلات حول إمكانية تعاون الحركة مع حكومة مقديشو في المستقبل.

وأكد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «خطوة إسرائيل سوف تعطي ذرائع لـ(الشباب) عبر إعادة النشاط واكتساب بيئة حاضنة ومتطوعين جُدد». لكن الخبراء استبعدوا أي «تعاون بين الحركة الإرهابية والحكومة الصومالية».

ويكثف الجيش الصومالي منذ أكثر من عام عملياته العسكرية ضد عناصر «الشباب»، ونجح خلال الأشهر الأخيرة في استعادة السيطرة على مناطق عدة كانت تحت سيطرة الحركة، خصوصاً في وسط البلاد... وتؤكد وزارة الدفاع الصومالية أن «العمليات ضد الإرهابيين سوف تستمر حتى يتم القضاء عليهم بشكل كامل في جميع محافظات البلاد».

الخبير العسكري، رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» سوف يوسع أهداف حركة «الشباب»؛ ورغم أن هذه التنظيمات لا تضع إسرائيل هدفاً أول؛ لكن فكرة وجود إسرائيلي حتى عبر «اعتراف» أو تجارة تكون جاذبة لمثل هذه التنظيمات، من أجل اكتساب بيئة حاضنة، ومتطوعين جٌدد، لذا فالحركة تعلن توسيع النشاط ضد إسرائيل.

وأضاف أن حركة «الشباب» موجودة في إقليم «بونتلاند» الملاصق لـ«صوماليلاند» وموجودة في جنوب الصومال بكثافة، وفكرة الانتقال إلى «أرض الصومال» قد تبدو محتملة في ظل وجود سيولة حدودية، فمن الممكن أن تنتقل عناصر الحركة. ولم يستبعد راغب أن «تمنح هذه التطورات فرصة للحركة للتنقل عبر دول أخرى من خلال توسيع العمليات، لأنها فرصة لها».

تصاعد الدخان بالقرب من مجمع قصر الرئاسة بالصومال عقب انفجارات في مقديشو يوم 4 أكتوبر الماضي (رويترز)

الجانب الدعائي

خبير الأمن الإقليمي، رئيس مركز «السلام للدراسات الاستراتيجية»، الدكتور أكرم حسام، قال إن «الاعتراف الإسرائيلي سوف يعطى ذرائع أو حجج لـ(الشباب) التي تواجه في الفترة الأخيرة ضغوطاً كبيرة، خصوصاً من قِبَل القوات الدولية التي تم تشكيلها لمواجهة الحركة». وشرح: «بالفعل الحركة تعرضت لتقويض كبير لدورها خلال الفترة الأخيرة، وانحصرت عملياتها في نطاقات محدودة خلال العامين الماضيين»، لافتاً إلى أن «خطوة إسرائيل سوف تدفع الحركة لإعادة تنشيط دورها في منطقة القرن الأفريقي».

ملمح آخر تحدث عنه حسام بأن «اعتراف إسرائيل بـ(أرض الصومال) سوف يعطي مساحة للحركة في الجانب الدعائي الخاص بمسألة التجنيد، ولمّ الصفوف مرة أخرى، وتوحيد الجهود ووضع أهداف جديدة تبدو براقة لبعض العناصر المتطرفة المتمركزة في منطقة القرن الأفريقي أو القريبة منها».

وفي تقدير حسام فإن «تهديد الحركة بإعلان استعدادها لـ(الحرب) ضد إسرائيل في الإقليم الانفصالي (أرض الصومال) قد يواجه صعوبة كبيرة لتنفيذ هذه التهديدات»، لكن سيبقى الأثر في الجانب الدعائي فقط والسياسي والبحث عن أنصار وداعمين جدد».

وتعهّدت «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» بمواجهة أي محاولة من جانب إسرائيل «للمطالبة بأجزاء من أرض الصومال أو استخدامها»، وقالت في إفادة، السبت، «لن نقبل بذلك، وسنحاربه». وحسب «الشباب» فإن اعتراف إسرائيل بـ«جمهورية أرض الصومال» أظهر أنّها «قررت التوسع إلى أجزاء من الأراضي الصومالية».

ضباط شرطة صوماليون يسيرون على طول حاجز وسط الطريق خلال دوريتهم بمقديشو في نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

تعاون مستبعد

حول التعاون المستقبلي بين حكومة مقديشو و«الشباب». استبعد راغب أن «يحدث أي تعاون بشكل صريح بين الحركة ودولة الصومال، لأنه لو حدث فإن ذلك يدين الصومال، ولن تخرج مقديشو إطلاقاً وتعلن أنها تتعاون مع الحركة»؛ لكنه لم يستبعد أن يكون هناك عمل سري صومالي عبر خلايا تعمل داخل إقليم «أرض الصومال» ترفع شعارات حركة «الشباب» أو تنظيم «داعش» أو أي تنظيم آخر.

أيضاً حسام استبعد هذا الخيار بكل الأحوال، بقوله: «لن يكون هناك تعاون بين حركة إرهابية والحكومة الشرعية في الصومال»، لأننا هنا نتحدث عن مسار دولة تعمل من أجل التصدي للإجراء الإسرائيلي في «أرض الصومال». ويرى أن «تركيز الحكومة الصومالية حالياً وفي المستقبل سوف ينصب على الجهد الدبلوماسي لعدم توافر إمكانات أخرى لمواجهة هذا الأمر».

وقال حتى فيما يتعلق بمسألة «الخيارات الصلبة أو العنيفة» التي يمكن أن يتخذها الصومال تجاه «الإقليم الانفصالي» غير المعترف به، هذا أمر مستبعد، نتيجة للتحالفات الحالية التي تحظى بها «أرض الصومال» مع عديد من الدول والأطراف الداعمة، ولا ننسى الآن أن إسرائيل موجودة على الخط، وهناك محاولات لجر أميركا للوجود في «أرض الصومال» من خلال منح بعض القواعد العسكرية كما تم الحديث عنه من قبل، وحديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، «لم يقطع بأنه لن يعترف بـ(أرض الصومال)، وأبقى المجال مفتوحاً للاعتراف مستقبلاً».

ويشار إلى أن الوضع الأمني في الصومال قد تدهور بشكل ملحوظ عام 2025. وأعلنت «الشباب» في مارس (آذار) الماضي مسؤوليتها عن انفجار قنبلة كادت أن تصيب الموكب الرئاسي. ومطلع أبريل (نيسان) الماضي أطلقت قذائف سقطت قرب مطار مقديشو. كما استهدف هجوم انتحاري في يوليو (تموز) الماضي أكاديمية عسكرية تقع جنوب العاصمة الصومالية.

وبداية أغسطس (آب) الماضي، شنت بعثة الدعم وإرساء الاستقرار التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال «هجوماً كبيراً» لاستعادة السيطرة على مدينة باريري في منطقة باس شابيل التي تبعد مائة كيلومتر غرب العاصمة الصومالية. وكانت باريري تضم قاعدة عسكرية كبيرة، وسقطت في أيدي «الشباب» من دون معارك في مارس الماضي، بعد انسحاب الجيش منها، وذلك إثر تدمير عناصر الحركة جسراً حيوياً لإيصال الإمدادات العسكرية.

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)

مستقبل «الشباب»

عن مستقبل نشاط «الشباب». أكد سمير راغب أن «الحركة سوف تستمر في نشاطها، لأن الفكرة القائمة عليها الحركة أن تُحدث فوضى وتأثيرات في أي نظام سياسي تؤدي إلى ضعفه أو سقوطه، لأنها تريد أن تحكم»، وبالتالي «هي لن ترفع راية الوطنية بالحديث عن محاربة إسرائيل، لكن لديها فكرة دائمة في البحث عن (ضوء) فيُمكن أن تخفف في منطقة وتزيد في منطقة أخرى.

وحسب أكرم حسام فإنه «لا داع للربط بين مستقبل نشاط الحركة واعتراف إسرائيل بـ(أرض الصومال)، لأن الحركة لها دعائم للبقاء خلال الفترة الحالية والمستقبلية». وتابع: «كل طموحات الحركة تتركز حالياً في دولة الصومال، ولديها حواضن محلية قائمة على العشائر أو القبائل، ولديها مصادر تمويل تستطيع من خلالها ضمان القدرات المالية، والدليل على ذلك أنه رغم الحملة الدولية على (الشباب)»؛ فإن الحركة «تستطيع التعايش مع هذا الضغط من خلال الاحتماء بهذه الحواضن العشائرية».

وأفاد تقرير لـ«وكالة الأنباء الصومالية» (صونا) في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن «الفرقة الـ43 للجيش الوطني وقوات الكوماندوز الخاصة نفذت عمليات عسكرية مخططة في البلدات التابعة لمنطقة جمامي بمحافظة جوبا السفلى». وطبقاً للوكالة «تكبدت عناصر الحركة حينها خسائر فادحة جرّاء العمليات العسكرية الجارية؛ حيث تم طردها من تلك المناطق التي كانت تتحصن فيها». وذكرت «الوكالة» أن «العمليات العسكرية البرية ترافقت مع غارات جوية شنّها الجيش الوطني، وأسفرت عن تدمير أوكار الإرهابيين».


وزير خارجية «أرض الصومال»: لم نوافق على استقبال أشخاص من غزة

 وزير خارجية «أرض الصومال» (صوماليلاند) عبد الرحمن ظاهر آدم (صفحة وزارة خارجية «أرض الصومال» عبر فيسبوك)
وزير خارجية «أرض الصومال» (صوماليلاند) عبد الرحمن ظاهر آدم (صفحة وزارة خارجية «أرض الصومال» عبر فيسبوك)
TT

وزير خارجية «أرض الصومال»: لم نوافق على استقبال أشخاص من غزة

 وزير خارجية «أرض الصومال» (صوماليلاند) عبد الرحمن ظاهر آدم (صفحة وزارة خارجية «أرض الصومال» عبر فيسبوك)
وزير خارجية «أرض الصومال» (صوماليلاند) عبد الرحمن ظاهر آدم (صفحة وزارة خارجية «أرض الصومال» عبر فيسبوك)

رحب وزير خارجية أرض الصومال (صوماليلاند)، عبد الرحمن ظاهر آدم، باعتراف إسرائيل بهذه الأراضي كدولة مستقلة، رغم الانتقادات الصادرة عن دول إقليمية أخرى.

وقال الوزير في تصريحات لهيئة البث الإسرائيلية (كان) إن «هذا الاعتراف ليس مجرد حدث دبلوماسي مهم، بل هو أيضا لحظة من العدالة التاريخية والوضوح الأخلاقي»، مؤكدا أن «أرض الصومال» لم توافق على استقبال أشخاص من قطاع غزة مقابل هذا الاعتراف.

تعاون مخطط له مع إسرائيل

وبحسب الوزير، سيركز التعاون مع إسرائيل على مجالات الدبلوماسية والتجارة والتكنولوجيا والزراعة وإدارة المياه والصحة والأمن. وأضاف: «تسعى أرض الصومال إلى شراكة شفافة وسلمية ومفيدة للطرفين»، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.

وأشار إلى أن اعتراف إسرائيل بـ «أرض الصومال» يعزز صورة المنطقة الواقعة في شرق أفريقيا بوصفها «دولة مستقرة وديمقراطية ومسؤولة في منطقة هشة».

وأصبحت إسرائيل، أمس الأول الجمعة، أول دولة في العالم تعترف بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي دولة ذات سيادة. ويذكر أن أرض الصومال، وهي منطقة ذات أغلبية مسلمة في شمالى الصومال ويقطنها بضعة ملايين، تتمتع باستقلال فعلي منذ أكثر من ثلاثة عقود.

غضب في الصومال

وجاءت الخطوة الإسرائيلية قبل أيام من تولي الصومال الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي. ووصفت الحكومة الصومالية القرار بأنه «اعتداء متعمد» و«غير قانوني» على سيادة البلاد.

ووفقا لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تم الاعتراف «بروح اتفاقات أبراهام»، وهي الاتفاقات التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب عام 2020 خلال ولايته الأولى.

الأهمية الاستراتيجية لأرض الصومال

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن أرض الصومال تقع بالقرب من مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية، حيث شنت ميليشيا «الحوثي» اليمنية مرارا هجمات على سفن تجارية دولية يشتبه بارتباطها بإسرائيل.

وكتبت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن الوصول إلى أراضي «أرض الصومال» ومجالها الجوي من شأنه أن يسهل على إسرائيل تنفيذ هجمات ضد الحوثيين ومراقبتهم.

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا ردا على القرار الإسرائيلي. وقبيل الاجتماع المقرر غدا الاثنين في نيويورك، أصدرت 21 دولة ذات أغلبية مسلمة بيانا مشتركا حذرت فيه من «تداعيات خطيرة» للخطوة الإسرائيلية غير المسبوقة على «السلام والأمن» في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وكذلك على الأمن الدولي.


اتهامات لـ«الانتقالي» بارتكاب انتهاكات جسيمة في حضرموت

قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمة بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين (إكس)
قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمة بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين (إكس)
TT

اتهامات لـ«الانتقالي» بارتكاب انتهاكات جسيمة في حضرموت

قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمة بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين (إكس)
قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمة بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين (إكس)

اتهمت تقارير حقوقية يمنية القوات التابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في محافظة حضرموت، شملت الاعتقالات والإخفاء القسري ومداهمة المنازل، وهو ما من شأنه أن يُعمق حالة الفوضى وزعزعة الاستقرار في المحافظة التي اجتاحتها قوات الانتقالي بشكل أحادي منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وفي هذا السياق، أصدرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بياناً شديد اللهجة أدانت فيه الممارسات القمعية التي طالت الأحياء السكنية والمنازل الخاصة، مؤكدة أن هذه الأعمال تُشكل انتهاكاً صارخاً لأحكام الدستور اليمني والقوانين الوطنية، فضلاً عن التزامات اليمن الدولية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

ووفق شهادات ميدانية موثوقة، قامت القوات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» بمداهمة منازل المدنيين واعتقالهم تعسفياً، فضلاً عن عمليات الإخفاء القسري التي طالت عدداً من السكان، في انتهاك للحق في الحرية والأمان الشخصي وحرمة المساكن وضمانات المحاكمة العادلة.

ووصفت الشبكة الحقوقية هذه الممارسات بأنها نمط ممنهج من الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، محذرةً من خطورة استمرارها دون مساءلة.

تجمع قبلي في حضرموت أدان انتهاكات قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» (إكس)

كما وثّقت الشبكة فرض «المجلس الانتقالي» حصاراً عسكرياً غير مشروع على مناطق واسعة ضمن نطاق قبائل الحموم، بما فيها وادي خرد، وحلفون، وغيل بن يمين. وهذا الحصار أدّى إلى تقييد حرية التنقل، ومنع وصول المرضى للحالات الطارئة، بالإضافة إلى إعاقة الخدمات الصحية الأساسية، مع تسجيل حالات اعتداء على الممتلكات الخاصة وأعمال نهب وسرقة واسعة.

ويصف التقرير هذا الحصار بأنه لا يمكن تبريره بوصفه إجراءً أمنياً مشروعاً، بل يُعدّ عقاباً جماعياً محظوراً بموجب القانون الدولي الإنساني.

ويشير إلى أنه يُمثل أيضاً نمطاً من الاضطهاد السياسي ضد سكان هذه المناطق، بسبب رفضهم العلني لمشروع «المجلس الانتقالي الجنوبي»، ما يرقى إلى انتهاك صارخ لمبدأ عدم التمييز وحرية الرأي والتعبير والموقف السياسي، مع استخدام القوة العسكرية أداةً للإكراه السياسي.

انتهاكات ممنهجة

وقالت الشبكة الحقوقية إن استهداف الأحياء السكنية على أساس المواقف السياسية وفرض القيود الجماعية على السكان يمس حياتهم وكرامتهم وسبل عيشهم، ويُشكل جريمة خطيرة وفق المعايير الدولية، قد تصل إلى جرائم جسيمة تتطلب المساءلة الجنائية الفردية.

وحمّل التقرير الحقوقي القيادات العسكرية والسياسية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» كامل المسؤولية القانونية عن الانتهاكات، مطالباً بالوقف الفوري لكل أعمال الحصار والعقاب الجماعي، ورفع القيود عن حرية التنقل، وضمان وصول الخدمات الصحية والإنسانية دون معوقات.

كما طالبت الشبكة بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفياً، والكشف عن مصير المخفيين قسراً، وفتح تحقيقات عاجلة ومستقلة وفعالة، مع محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات وفق معايير العدالة الدولية.

ودعت المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لحماية المدنيين وضمان احترام القانون الدولي الإنساني ومنع إفلات الجناة من العقاب.

وقالت الشبكة الحقوقية إنها مستمرة في رصد وتوثيق الانتهاكات بحياد وموضوعية مهنية، داعية كل أبناء حضرموت والضحايا والشهود للإبلاغ عن أي انتهاكات لتوثيقها قانونياً، وإعداد الملفات اللازمة للمساءلة الوطنية والدولية، بما يضمن إنصاف الضحايا وعدم إفلات الجناة من العقاب.

وشددت الشبكة في بيانها على أن حماية المدنيين ليست خياراً سياسياً، بل التزام قانوني وإنساني غير قابل للتصرف، وأي صمت أو تهاون يُعد إخلالاً جسيماً بمسؤولية الحماية.