زوج من سماعات الأذن الصغيرة من إنتاج شركة «إل جي» يستخدم تقنية «فالانسيل» لالتقاط صوت ضربات القلب وغيرها من الإشارات الحيوية، بغية إرسال هذه البيانات والمعلومات إلى هاتف ذكي عبر «بلوتوث» من مشبك يمكن ارتداؤه على الجسم. وإذا كان لا بد من اختيار مكان في الجسم لقياس الإشارات الطبيعية، فثمة مكانان في الجسم بعيدان هما الأفضل: الأذن والمؤخرة، وفقا إلى ستيفن لي بيوف.
ويدرك لي بيوف أن الأمر يبدو مثل نكتة، لكنه لا يمزح. فهو أحد مؤسسي «فالانسيل» ورئيس الشركة التي مقرها رالي في ولاية نورث كارولينا في أميركا، التي قامت بتطوير التقنية وترخيصها، والتي يقال إن بإمكانها التعقب بدقة للإشارات الحيوية مثل دقات القلب، ودرجة الحرارة، ومعدل التنفس، عن طريق سماعات الأذن الصغيرة ذاتها التي تستخدم للاستماع إلى الموسيقى. وهي تقوم بذلك عن طريق تقنية «فوتوبليثيسموغرافي» photoplethysmography (أي طريقة التصوير البصري لحجم أعضاء الجسم) التي تقيس التغيرات في تدفق الدم، عن طريق تسليط ضوء على الجلد، وقياس انتشاره على الأوعية الدموية، وهذا غالبا ما يجري في المستشفيات عن طريق غطاء صغير يوضع فوق رأس الأصبع.
* أذن معلوماتية
في الوقت الذي تعتمد فيه الشركات على الرسغ في الجسم البشري الذي يستوعب الأجهزة التي تقيس النشاطات والإشارات من الجسم، يبدو أن «فالانسيل» تسير بغير هذا الاتجاه، خاصة أن شركة «كاناليس» لأبحاث السوق تتوقع شحن أكثر من 17 مليون جهاز يوضع على الرسغ خلال العام الحالي، بما في ذلك 8 ملايين ساعة ذكية. وكما يقر لي بيوف، فإنه من الصعب صنع جهاز يدخل إلى الأذن من جهاز يربط على الذراع؛ إذ يتوجب هنا وضع وتركيب الأجزاء الالكترونية في رزمة صغيرة، ومحاولة التعامل مع عدد لا يحصى من أشكال الأذن، بدلا من التعامل ببساطة مع أحجام مختلفة توضع على الرسغ، وهو الأمر الذي عانى منه كثير من صانعي سماعات الأذن في الماضي.
لكن الأذن، كما يقول لي بيوف، مصدر أفضل للحصول على المعلومات والبيانات من الرسغ، نظرا لأنها منطقة يتدفق الدم فيها بحرية، مؤمنة إشارات أقوى بأقل ما يمكن من الضجيج. كذلك، فإن الدم يتدفق إلى أجزاء مختلفة من الأذن بمعدلات مختلفة، التي يمكن استخدامها للقياسات المختلفة. ولأننا لا نحرك أذاننا كثيرا كما نحرك أذرعتنا، فإنه من السهل التمييز بين الحركات المقصودة وغير المقصودة.
علاوة على ذلك، فإن الكثير منا يضع سماعات الأذن ويخلعها مرات كثيرة في اليوم، ولي بيوف مقتنع أنه ليس من الضروري إبقاؤها على الأذن طوال اليوم لجمع البيانات والمعطيات. وهكذا مع السعر والمميزات الأخرى المناسبة، قد يكون من السهل إقناع الأشخاص باختيار زوج من السماعات التي يمكنها أيضا رصد ضربات القلب، بدلا من ساعة ذكية تقوم بمثل هذه المهام.
وقد رخصت «فالانسيل» لكثير من شركات القياسات الحيوية استخدام تقنيتها «بيرفورم تيك» PerformTek على كثير من أجزاء الجسم، وكذلك على كثير من الأجهزة التي توضع على الأذن، بما في ذلك «هارت رايت مونيتور إيرفون» من «إل جي»، و«آي ريفر أون هارت رايت مونيتور بلوتوث هيدسيت». وكذلك على زوج من السماعات الصغيرة من «إنتل» التي لا تزال قيد التطوير.
* تقنية رصد
وقد تتجاوز هذه الآلات والتقنيات مسألة مراقبة الصحة واللياقة البدنية، إلى مراقبة حالة الجنود ورجال الإطفاء، والطريقة التي نمارس بها ألعاب الفيديو؛ إذ يقول لي بيوف في حديث نقلته مجلة «تكنولوجي ريفيو»: «سنرى ألعابا تغير فيها أمزجتنا وحالتنا العاطفية الشخصية التي تتقمصها، أو تلعب من خلالها».
ولجعل مثل هذه الأمور تعمل، تقوم «بيرفورم تيك» بتركيب باعث بصري، وكاشف للصور، ومقياس للحركة والتسارع في سماعة الأذن. ويقوم هذا الباعث بتسليط أشعة تحت حمراء على جزء من الأذن بين المحارة والمرزة في الجزء الأسفل من باطنها، أي فوق شحمتها بقليل، ليقوم كاشف الصور بالتقاط الضوء الذي انتشر قرب الأوعية الدموية. ويقوم مقياس الحركة والتسارع في الوقت ذاته بقياس حركتك. كما يقوم معالج إشارات رقمي بتحليل البيانات، وإزالة «الضجيج» مثل حركة الجلد، وضوء الشمس، مع استخلاص المعلومات، مثل معدل ضربات القلب والتنفس. ومع وجود مقياس الحركة وبيانات تدفق الدم يمكن للبرامج الكومبيوترية في «فالانسيل» تقدير عدد السعرات الحرارية مثلا التي حرقتها على سبيل المثال، كما يقول لي بيوف. وبعد ذلك يجري إرسال البيانات إلى الهاتف الذكي.
ويقول لي بيوف إن مجموعة من خارج الشركة قد تحققت من صحة تقنية «فالانسيل»، ففي تقرير مشترك مع باحثين من كلية الطب في جامعة ديوك، بينت أن مستشعر سماعة الشركة، تمكن بدقة من تقدير استهلاك كمية الطاقة الإجمالية، واستهلاك الأكسجين خلال التمارين الرياضية.
ويعتقد كيفن بويير، رئيس دائرة الهندسة وعلوم الكومبيوتر في جامعة نوتردام، الذي قام بدراسة القياسات الحيوية للأذن وقزحية العين، أن من الممكن جدا الحصول على قياسات فسيولوجية (قياسات وظائف الأعضاء) جيدة بهذه الطريقة، وأكد أن «وجود سماعات أذن عالية النوعية يمكن معه فعل الكثير على صعيد قراءة الإشارات الحيوية الخاصة بصحة الشخص».