بوادر انتعاش للقطاع السياحي الإيطالي

بعد إعادة فتح الحدود مع بلدان الاتحاد الأوروبي

إيطاليون يجلسون في الظل بشارع ضيق في الحي اليهودي بمدينة روما أول من أمس (أ.ف.ب)
إيطاليون يجلسون في الظل بشارع ضيق في الحي اليهودي بمدينة روما أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

بوادر انتعاش للقطاع السياحي الإيطالي

إيطاليون يجلسون في الظل بشارع ضيق في الحي اليهودي بمدينة روما أول من أمس (أ.ف.ب)
إيطاليون يجلسون في الظل بشارع ضيق في الحي اليهودي بمدينة روما أول من أمس (أ.ف.ب)

بعد شهر تقريباً من قرار الحكومة الإيطالية إعادة فتح الحدود مع بلدان الاتحاد الأوروبي، وقبل أيام من فتح الحدود الخارجية للاتحاد بصورة تدريجية، بدأ القطاع السياحي في إيطاليا يشهد بعض بوادر الانتعاش، خصوصاً على صعيد السياحة الداخلية التي ستكون الرهان الأساسي لهذا الموسم الذي بات في حكم الضائع بالنسبة للعديد من الوجهات السياحية.
وأفادت الهيئة الوطنية للسياحة في إيطاليا بأن ثمة مؤشرات مشجعة جداً على استئناف حركة الزائرين الوافدين من الخارج، ما يبعث على التفاؤل بتعويض بعض الخسارة التي مُني بها القطاع السياحي بسبب أزمة «كوفيد - 19» التي تقدر بما يزيد على 140 مليار يورو، ناهيك بعشرات الآلاف من فرص العمل الضائعة والمؤسسات التي ستضطر إلى وقف نشاطها.
وتحدث مدير الهيئة جيوفاني باستيانلي عن حجوزات تأكدت منذ مطلع هذا الشهر لسياح سويسريين على ساحل الريفييرا، وبريطانيين في القرى المحيطة بمنطقة «الأراضي الخمس»، وأميركيين في كابري وكوستا آمالفيتانا، وهولنديين وألمان في ربوع توسكانة، وروس في الأقاليم الشمالية من فينيتو إلى سفوح جبال الألب. وقال إن الأعداد تجاوزت كل التوقعات، معرباً عن ثقته في أن يستعيد القطاع السياحي الإيطالي في أقل من ثلاث سنوات المستوى القياسي الذي بلغه العام الماضي، حيث بلغت إيرادات هذا القطاع للمرة الأولى 14.2 في المائة من إجمالي الناتج القومي.
وكانت مصادر الهيئة قد أفادت بأن الأسبوع الأول من يونيو (حزيران) الجاري سجل زيادة بنسبة 43 في المائة في حركة السياح الوافدين من الخارج، وذلك منذ أن قررت إيطاليا فتح حدودها مع بلدان الاتحاد الأوروبي في الثالث من هذا الشهر. وجاء في إحصاءات الهيئة أن أكثر من 90 في المائة من الوافدين منذ مطلع هذا الشهر كانوا من الأوروبيين وبعض الروس والأميركيين، بالإضافة إلى عدد ضئيل جداً من الصينيين الذين كانوا يتوافدون بأعداد كبيرة إلى إيطاليا في السنوات الخمس الماضية.
وقال مدير الهيئة إن عمليات الحصول على معلومات سياحية عن إيطاليا بواسطة محركات البحث تجاوزت 300 مليون عملية منذ مطلع هذا الشهر، ما يؤشر إلى اهتمام كبير بالوجهات السياحية الإيطالية. لكنه توقع أن يكون الاعتماد هذه السنة بشكل أساسي على السياحة الداخلية، خصوصاً في الوجهات التي تعتمد تقليدياً بنسبة كبيرة على السياحة الأجنبية مثل البندقية وفلورنسا. وقال إن حركة الوافدين من الخارج لن تصل إلى ذروتها قبل نهاية فصل الصيف بسبب القيود التي ما زالت مفروضة على حركة الطيران وقلة عدد الرحلات التي لم تتجاوز بعد 10 في المائة من وتيرتها المعتادة.
وتجدر الإشارة إلى أن إيطاليا كانت السباقة بين الدول الأوروبية لفتح حدودها من غير قيود أمام الوافدين من الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد أن تعرضت الحكومة لضغوط كبيرة من القطاع السياحي الذي يعد أحد المحركات الأساسية للاقتصاد الإيطالي. وكانت اللجنة العلمية التي تشرف على إدارة الجانب الصحي من الأزمة قد نصحت بالتريث وتنسيق إجراءات فتح الحدود مع الدول الأوروبية الأخرى.
وفي الأيام الأخيرة، ظهرت بؤرتان جديدتان للوباء في العاصمة روما التي كانت حتى الآن من أقل المناطق تضرراً وتفشياً للفيروس. ودعت السلطات الصحية إلى زيادة الحذر والتدابير الوقائية، مؤكدة أن البؤرتين تحت السيطرة الكاملة بعد أن تحدد موقعهما في اثنين من مستشفيات المدينة.
وتشهد روما منذ أيام عودة تدريجية إلى الحياة الطبيعية بعد أن فتحت المتاحف أبوابها واستأنفت المرافق السياحية والترفيهية نشاطها. كما تستعد المدينة لإحياء مهرجان الأوبرا في الهواء الطلق الذي يعد أهم المحطات الفنية في موسمها السياحي الصيفي. وقد تقرر تنظيمه هذا العام في ميدان «تشركو ماسيمو» الفسيح على مقربة من موقعه التقليدي بين حمامات كركلا. لكن ما زال معظم فنادق العاصمة مقفلاً والمحلات التجارية تشكو من ندرة الزبائن، والمطاعم والمقاهي تجاهد لمواصلة النشاط بعد أن سرحت 30 في المائة من عمالها.
وفي ميلانو، قررت إدارة الأوبرا استئناف موسم العروض بدءاً من 6 يوليو (تموز) المقبل، فيما استأنف الرسامون والعازفون نشاطهم في شوارع المدينة وساحاتها التي ما زال ارتداء الكمامات فيها إلزامياً حتى منتصف الشهر المقبل.
ولاحظ مدير الهيئة الوطنية للسياحة أن الأزمة الصحية دفعت نحو اتجاه جديد في السياحة الداخلية نحو الأماكن الطبيعية والمواقع النائية والمناطق الريفية التي ليست عادة مزدحمة بالناس، وذلك بعد ثلاثة أشهر من العزل والتباعد الاجتماعي الذي ترك أثراً سيستمر لفترة في سلوك التواصل والاختلاط في الأماكن العامة. وقلل من أهمية الجدل الذي أثير مؤخراً حول مطالبة بعض الأقاليم الجنوبية بإخضاع السياح الوافدين من الشمال لفحوصات طبية خوفاً من انتشار الوباء الذي تفشى بشكل كثيف في المقاطعات الشمالية، بعكس مقاطعات الجنوب التي ما زالت حتى الآن تسجل معدلات متدنية جداً من الإصابات.



الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)

تجاوز الاحترار خلال العامين الأخيرين في المتوسط عتبة 1.5 درجة مئوية التي حدّدتها اتفاقية باريس، ما يؤشر إلى ارتفاع مستمر في درجات الحرارة غير مسبوق في التاريخ الحديث، بحسب ما أفاد، الجمعة، مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. وكما كان متوقعاً منذ أشهر عدة، وأصبح مؤكَّداً من خلال درجات الحرارة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول)، يُشكّل 2024 العام الأكثر حرّاً على الإطلاق منذ بدء الإحصاءات سنة 1850، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. ومن غير المتوقع أن يكون 2025 عاماً قياسياً، لكنّ هيئة الأرصاد الجوية البريطانية حذّرت من أن هذه السنة يُفترض أن تكون من الأعوام الثلاثة الأكثر حراً على الأرض.

اتفاقية باريس

وسنة 2025، العام الذي يعود فيه دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، يتعيّن على الدول أن تعلن عن خرائط الطريق المناخي الجديدة، التي تُحَدَّث كل خمس سنوات في إطار اتفاقية باريس. لكن خفض انبعاث الغازات الدفيئة المسبّبة للاحترار يتعثر في بعض الدول الغنية؛ إذ لم تستطع الولايات المتحدة مثلاً خفض هذا المعدّل سوى بـ0.2 في المائة في العام الماضي، بحسب تقرير «كوبرنيكوس». ووفق المرصد، وحده عام 2024 وكذلك متوسط عامي 2023 و2024، تخطى عتبة 1.5 درجة مئوية من الاحترار، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، قبل أن يؤدي الاستخدام المكثف للفحم والنفط والغاز الأحفوري إلى تغيير المناخ بشكل كبير.

احترار المحيطات

خلف هذه الأرقام، ثمّة سلسلة من الكوارث التي تفاقمت بسبب التغير المناخي؛ إذ طالت فيضانات تاريخية غرب أفريقيا ووسطها، وأعاصير عنيفة في الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي. وتطال الحرائق حالياً لوس أنجليس، وهي «الأكثر تدميراً» في تاريخ كاليفورنيا، على حد تعبير الرئيس جو بايدن.

قال علماء إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة (أ.ب)

اقتصادياً، تسببت الكوارث الطبيعية في خسائر بقيمة 320 مليار دولار في مختلف أنحاء العالم خلال العام الماضي، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن شركة «ميونيخ ري» لإعادة التأمين. من شأن احتواء الاحترار عند عتبة 1.5 درجة مئوية بدلاً من درجتين مئويتين، وهو الحد الأعلى الذي حدّدته اتفاقية باريس، أن يحدّ بشكل كبير من عواقبه الأكثر كارثية، بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي. وتقول نائبة رئيس خدمة التغير المناخي (C3S) في «كوبرنيكوس»، سامانثا بيرجس: «إنّ كل سنة من العقد الماضي كانت أحد الأعوام العشرة الأكثر حرّاً على الإطلاق».

ويستمرّ الاحترار في المحيطات، التي تمتصّ 90 في المائة من الحرارة الزائدة الناجمة عن الأنشطة البشرية. وقد وصل المتوسّط السنوي لدرجات حرارة سطح المحيطات، باستثناء المناطق القطبية، إلى مستوى غير مسبوق مع 20.87 درجة مئوية، متجاوزاً الرقم القياسي لعام 2023.

«النينيا»

التهمت حرائق غابات الأمازون في شمال البرازيل سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة لموجات الحرّ البحرية على الشعاب المرجانية أو الأسماك، يُؤثّر الاحترار الدائم للمحيطات على التيارات البحرية والجوية. وتطلق البحار التي باتت أكثر احتراراً مزيداً من بخار الماء في الغلاف الجوي، مما يوفر طاقة إضافية للأعاصير أو العواصف. ويشير مرصد «كوبرنيكوس» إلى أن مستوى بخار الماء في الغلاف الجوي وصل إلى مستوى قياسي في عام 2024؛ إذ تجاوز متوسطه لفترة 1991 - 2020 بنحو 5 في المائة. وشهد العام الماضي انتهاء ظاهرة «النينيو» الطبيعية التي تتسبب بالاحترار وبتفاقم بعض الظواهر المتطرفة، وبانتقال نحو ظروف محايدة أو ظاهرة «النينيا» المعاكسة. وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حذرت في ديسمبر من أنّ ظاهرة «النينيا» ستكون «قصيرة ومنخفضة الشدة»، وغير كافية لتعويض آثار الاحترار العالمي.