«ضم الضفة» يفجّر خلافاً بين نتنياهو و«شريكه»

غانتس يتحطم في استطلاع جديد يظهر تفوق اليمين

مظاهرة احتجاجية على الائتلاف الحكومي بين نتنياهو وغانتس في مايو الماضي (أ.ف.ب)
مظاهرة احتجاجية على الائتلاف الحكومي بين نتنياهو وغانتس في مايو الماضي (أ.ف.ب)
TT

«ضم الضفة» يفجّر خلافاً بين نتنياهو و«شريكه»

مظاهرة احتجاجية على الائتلاف الحكومي بين نتنياهو وغانتس في مايو الماضي (أ.ف.ب)
مظاهرة احتجاجية على الائتلاف الحكومي بين نتنياهو وغانتس في مايو الماضي (أ.ف.ب)

بعد سلسلة خلافات علنية في الموضوع الشخصي وصراعات الكرامة والنفوذ، انفجر خلاف سياسي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وبين حليفه زعيم حزب الجنرالات «كحول لفان»، بيني غانتس، يتعلق أيضاً بقضية الضم. فخرج غانتس، أمس الاثنين، بتسريب تصريح أدلى به خلال لقائه مع الفريق الأميركي لعملية السلام، قال فيه إن الأول من يوليو (تموز) ليس تاريخاً مقدساً للإعلان فيه عن ضم أراضٍ من الضفة الغربية إلى إسرائيل، ففهم نتنياهو بأن هذا التصريح تلميح بأن الضم سيتأجل، فأعلن بدوره، أن «كحول لفان» لا يقرر في موضوع الضم.
وكان نتنياهو وغانتس قد تشاجرا كلاميا على الهواء مباشرة خلال جلسة الحكومة. فقد أدلى نتنياهو بتصريحات للصحافة ثم طلب من الصحافيين أن يغادروا، فغضب غانتس وقال إنه يجب أن يتكلم قبل أن يخرج الصحافيون. وتكلم فعلا، بعد جدل، وانتقد اعتقال القائد في سلاح الجو، العميد أمير هشكيل، الذي تظاهر ضد مخطط الضم. ورد نتنياهو علناً بأن حكومته ليست حكومة بوليسية.
وقال مقربون من نتنياهو إنه غاضب من غانتس بالأساس لأنه يتخذ موقفا عصبيا عنيدا، يشوش عليه التفاهم مع الولايات المتحدة حول الضم. وشكا أحدهم: «لدينا لأول مرة فرصة حقيقية بتلقي اعتراف أميركي بالضم، لكن الإدارة الأميركية طلبت أن نتخذ موقفا موحدا في الحكومة وغانتس يخرب على هذه الوحدة ويمنعها وبذلك يتقصد تعطيل عملية الضم على أمل أن يزهق الأميركيون ويتخلوا عن الموضوع ويؤجلوه إلى ما بعد الانتخابات الأميركية».
لكن مصادر مقربة من غانتس رأت أن نتنياهو يتبجح على غانتس ويستفزه ويتقصد إهانته على الملأ، لأنه يرى أن نتائج استطلاعات الرأي تدل على أنه في حال قرر تفكيك الحكومة والتوجه لانتخابات جديدة، فإنه سيحقق فوزاً كاسحاً على غانتس. وهو يريد استغلال هذا الواقع ليفرض على شريكه الحكومي، تغيير اتفاق التحالف بينهما ويهدد بالانتخابات إذا لم يقبل بذلك.
وكانت «القناة 13» للتلفزيون الإسرائيلي قد نشرت نتائج آخر استطلاع، أجراه معهد كميل فوكس بالتعاون مع معهد ستات نت العربي برئاسة يوسف مقالدة، وشمل عينة مكونة نحو 700 مشارك، بنسبة خطأ تصل إلى 3.9 في المائة، ودل على أن غانتس، سيتحطم جماهيرياً في حال إجراء انتخابات جديدة وسيحصل على نصف ما لديه من قوة اليوم، فيما يحقق نتنياهو، انتصاراً ساحقاً يستطيع به أن يشكل حكومة يمين ثابتة.
وحسب هذا الاستطلاع، سيختفي من الخريطة السياسية حزب العمل، الذي يعتبر مؤسس الحركة الصهيونية ومؤسسة إسرائيل، إذ إنه لن يستطيع تجاوز نسبة الحسم. وستزيد قوة «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية، من 15 إلى 16 نائبا. ولكن، بالمقابل ستزداد قوة اليمين بشكل كبير، بحيث يرتفع الليكود مقعدين ليصبح 38 مقعدا، ويرتفع حزب «يمينا» برئاسة وزير الأمن الإسرائيلي السابق، نفتالي بنيت، الذي يوحد كل أحزاب اليمين المتطرف والمستوطنين، من 6 مقاعد حاليا إلى 11 مقعداً. ويحافظ الحزبان المتدينان، شاس لليهود الشرقيين ويهدوت هتوراة لليهود الأشكناز، على قوتهما 16 مقعدا. وبهذا سيصبح لليمين 64 نائبا من مجموع 120. يقفون وراء نتنياهو لتشكيل حكومة يمينية صرف. ولا يحتاجون في حكومة كهذه لدعم حزب اليهود الروس برئاسة أفيغدور ليبرمان، الذي سيرتفع من 7 إلى 8 مقاعد، ولكنه لن يبقى لسان الميزان، مثلما كان في آخر ثلاث جولات انتخابية متواصلة.
ولكن مقربين وخبراء ينصحون نتنياهو «بأن لا يسكر من هذه النتائج»، ويطلبون منه الانتظار حتى لا يصاب بخيبة أمل مجلجلة. فالجمهور الذي يؤيده اليوم يمكن أن يتقلص غدا. فقبل أسبوعين أعطت الاستطلاعات لنتنياهو 40 و41 مقعدا. وهبط اليوم إلى 39. والاستطلاع نفسه يشير إلى أن الجمهور قلق من موجة ثانية من كورونا، وقال 85 في المائة من المواطنين إن الأزمة مقلقة وإنهم يخافون من التضرر مباشرة منها، سواء صحياً أو اقتصادياً.
يذكر أن الفريق الأميركي لعملية السلام، برئاسة مبعوث الإدارة في واشنطن، آفي بيركوفيتش، واصل أمس إجراء مداولات حول مخطط الضم ومبادرة ترمب بمجملها. وقد طلب رئيس الفريق الأميركي أن تبقى مباحثاته سرية تماماً. وأكد نتنياهو ذلك، أمس الاثنين، خلال لقائه في جلسة كتلة الليكود البرلمانية، فقال: «نحن على اتصال مع الوفد الأميركي الموجود هنا في إسرائيل. نحن نفعل ذلك بسرية تامة. الموضوع لا يتعلق بحزب كحول لفان. إنهم ليسوا مصدر هذا القرار أو ذاك. القرار لنا نحن. وفرض السيادة الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة «لن يضرّ بالسلام، بل سيدفع به».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».