الجزائر: دعوة للإفراج عن سجينين سياسيين في «الاستقلال»

رئيس الجمهورية يطالب وزيرين بوقف «تصريحاتهما الاستعراضية»

واحدة من صور أويحيى التي بدا فيها مكبلا خلال جنازة شقيقه الأسبوع الماضي وتسببت في تراشق كلامي بين وزيري العدل والإعلام (أ.ف.ب)
واحدة من صور أويحيى التي بدا فيها مكبلا خلال جنازة شقيقه الأسبوع الماضي وتسببت في تراشق كلامي بين وزيري العدل والإعلام (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: دعوة للإفراج عن سجينين سياسيين في «الاستقلال»

واحدة من صور أويحيى التي بدا فيها مكبلا خلال جنازة شقيقه الأسبوع الماضي وتسببت في تراشق كلامي بين وزيري العدل والإعلام (أ.ف.ب)
واحدة من صور أويحيى التي بدا فيها مكبلا خلال جنازة شقيقه الأسبوع الماضي وتسببت في تراشق كلامي بين وزيري العدل والإعلام (أ.ف.ب)

عبّر قيادي في حزب سياسي بالجزائر عن أمله في أن «يفي رئيس الدولة بتعهده»، بشأن الإفراج عن السجينين السياسيين الشهيرين كريم طابو وسمير بن العربي، في احتفالات استقلال الجزائر في 5 يوليو (تموز) المقبل.
وكانت محكمة غرب العاصمة أجّلت، أمس، محاكمة طابو إلى 14 سبتمبر (أيلول) المقبل، وسيكون تاريخاً لانقضاء حبسه بشأن إحدى قضيتين متابع فيهما.
وذكر حبيب براهمية، المتحدث باسم «جيل جديد»، لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيسه سفيان جيلالي «طلب من الرئيس عبد المجيد تبون، في لقاء بينهما (جرى نهاية مايو/ أيار الماضي)، الإفراج عن كل المعتقلين بسبب التعبير عن آرائهم، وقد أخذ منه تعهداً بإطلاق سراح السيدين طابو وبلعربي، نتمنى أن يجسده بمناسبة ذكرى الاستقلال، وذلك في إطار صلاحياته الدستورية، كما شرحنا ذلك في وقت سابق»، في إشارة إلى احتمال أن يصدر عفواً رئاسياً لفائدة السجينين.
وعندما أعلن جيلالي عن وعد تبّون، مطلع يونيو (حزيران) الحالي، ترك انطباعاً بأن إطلاق سراحهما مسألة أيام معدودة. وذكر براهمية بهذا الخصوص: «لا يمكن أن نلام على قضية لا يمكننا أن نتصرف فيها، بحكم أنها من صلاحيات رئيس الجمهورية. فالسيد سفيان جيلالي أبلغ الرأي العام بنتيجة لقائه بالرئيس، الذي كان موضوعه إطلاق سراح سجناء الرأي». وتعرض جيلالي لانتقاد شديد من طرف نشطاء الحراك، بحجة أنه «بالغ في تحمّسه» للرئيس الجديد، الذي أثنى على مسعاه لتعديل الدستور، بينما عرف أنه معارض متشدد ضد السلطة.
واتهم طابو في القضية التي أجلتها محكمة القليعة بـ«إضعاف معنويات الجيش» و«إهانة هيئة نظامية». وتعود وقائعها إلى يونيو من العام الماضي، أثناء تجمع لناشطين بالحراك، هاجم فيه قيادة الجيش. ويقضي الناشط السياسي عقوبة عام سجناً في قضية ثانية، متهم فيها بـ«المس بالوحدة الوطنية».
وأفادت «لجنة لننقذ كريم طابو»، التي أطلقها ناشطون سياسيون، في بيان بأن طابو «متابع في قضيتين بتهم متشابهة لأنها مرتبطة بنشاطه السياسي، وهذا ما يُعد انتهاكاً صريحاً لكل ما تنص عليه الأعراف والقوانين الدولية، خاصة قانون العقوبات الجزائري الذي ينص بوضوح على أنه لا يمكن إدانة أو متابعة أو معاقبة أي شخص، بنفس التهم، حتى إن أتت بصور مختلفة». وأضافت أن طابو «منذ اعتقاله يوم الأربعاء 11 سبتمبر من العام الماضي، يوجد تحت قمع قضائي لا يمكن قبوله». وأشارت إلى حبسه في زنزانة انفرادية وإلى أنه «محروم من حقه في الرعاية الصحية».
إلى ذلك، طلب الرئيس تبون من أعضاء حكومته بـ«تجنب الخرجات (تصريحات) الميدانية الاستعراضية، لاستعادة ثقة المواطن التي ضيّعتها الوعود الجوفاء». وفُهم من كلام الرئيس الذي ألقاه خلال اجتماع لمجلس الوزراء أول من أمس، أنه يقصد تراشقاً وقع بين وزير العدل بلقاسم زغماتي، ووزير الاتصال (الإعلام) المتحدث باسم الحكومة عمار بلحيمر، بخصوص مشهد ظهر فيه رئيس الوزراء سابقاً، أحمد أويحيى الأسبوع الماضي، وهو مكبّل اليدين في مراسم تشييع شقيقه. وقد بدا في مظهر مهين، حمّل بلحيمر وزارة العدل مسؤوليته، بحجة أنها كان يجب، في تقديره، أن تمنع وسائل الإعلام من التقاط صور له بما أن أويحيى سجين. ورد عليه زغماتي بأن «مسؤوليتنا تبدأ وتنتهي عند باب المؤسسة العقابية».
وأكد تبون «ضرورة الابتعاد عن الممارسات السلبية، لنبني الجزائر الجديدة القوية العادلة التي يكون فيها للتغيير الجذري معنى حقيقي، يُلمس أولاً في سيرة وممارسات المسؤول في أي مستوى من المسؤولية». وقال إنه أمر «بتشكيل خلايا على مستوى الوزارات، للإصغاء للمواطنين، وعدم الاكتفاء بالتقارير الإدارية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.