«رحلة العائلة المقدسة» بمصر تلهم 64 تشكيلياً من 14 دولة

التمسوا الملاذ الآمن والسلام الداخلي في أعمالهم الفنية

العائلة المقدسة داخل حافلة أثناء تنقلاتها بمصر في رؤية فنية مبتكرة لسامي كريتا
العائلة المقدسة داخل حافلة أثناء تنقلاتها بمصر في رؤية فنية مبتكرة لسامي كريتا
TT

«رحلة العائلة المقدسة» بمصر تلهم 64 تشكيلياً من 14 دولة

العائلة المقدسة داخل حافلة أثناء تنقلاتها بمصر في رؤية فنية مبتكرة لسامي كريتا
العائلة المقدسة داخل حافلة أثناء تنقلاتها بمصر في رؤية فنية مبتكرة لسامي كريتا

رحلة العائلة المقدسة بمصر لا تزال تلهم المبدعين حول العالم، بكل زخمها الإنساني والديني والحضاري، فقد سطرت صفحة لا تُنسى من تاريخ مصر؛ لذلك لم يكن غريباً أن يواصل معرض «العائلة المقدسة» في نسخته الخامسة سرده البصري وصياغاته الجمالية للرحلة بأسلوب فني يلمس الروح والوجدان ويلتمس «الملاذ الآمن» أو السلام الداخلي وسط المخاوف من جائحة «كورونا»، ولم يكن غريباً كذلك أن تتحول هذه النسخة الافتراضية إلى دولية لأول مرة؛ تعزيزاً للمشروع القومي لإحياء المسار ووضعه على خريطة السياحة المصرية.
يحمل المعرض الافتراضي طابعاً تاريخياً وحضارياً بعيداً عن الاستغراق في الجوانب العقائدية؛ إذ «تنفذ الأعمال إلى جوهر الرحلة ومفهومها» وفق منسق المعرض، وصاحب فكرته الدكتور شادي أديب سلامة، بقسم التصميم كلية التربية الفنية جامعة حلوان، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، «أردت أن يتناول المعرض جزءاً لا يتجزأ من تاريخ مصر وتراثها عبر هذه الرحلة المقدسة التي تحمل بين طياتها معاني حضارية، وتاريخية وثقافية؛ بل تحمل تراثاً عظيماً ملكاً لكل الإنسانية».
ولذلك؛ فإن الأعمال التي يضمها المعرض لـ64 فناناً من 14 دولة، من بينها إيطاليا، وألمانيا، والولايات المتحدة الأميركية، وبنغلاديش، والهند، وأرمينيا، وكندا، والفلبين، والدنمارك، إنما تخرج من دائرة الأيقونات أو التصورات الدينية، لتقدم فناً بصرياً جميلاً يحمل تناولاً مبتكراً وفكراً مختلفاً للرحلة بكل دلالاتها وتأثيراتها المتبادلة، ومن هنا تستطيع عبر هذه الأعمال أن تتلمس جوهر رحلة العائلة المقدسة في مصر من أقصاها إلى أقصاها، وتشعر بها وهي تباركها، وكذلك وهي تسعى لتغرس غرساً روحياً يدوم مع الزمن، يقول شادي «لا نقدم الرحلة كطقس مسيحي، إنما نكشف كيف كانت مصر واحة الأمن والأمان، وموطن الحضارات ومهد الأديان»
إلى هذا، تعكس اللوحات رؤى «غير مستهلكة»، ومن أبرز الأعمال التي تتسق مع ذلك المنظور هي لوحة الفنان سامي كريتا، مدير البرامج الثقافية بمركز الجيزويت الثقافي بالإسكندرية، فبعد أن جعل العائلة المقدسة في لوحته بالنسخة السابقة من المعرض تستقل «عربة كارو» أو «حنطور» ها هي في 2020 تستقل حافلة نقل جماعي (أتوبيس) أثناء سفرها الشاق في مصر عبر 25 نقطة.
في حين تقول الفنانة دينا محمود «قرأت ودرست جيداً الرحلة حتى توصلت إلى جوهرها الجميل، فأردت أن أركز عليه؛ كي يصل إلى المتلقي بسلاسة دون تعقيدات»، واتساقاً مع هذه الرؤية استخدمت دينا تقنية «طباعة مونوبرنت».
ويقدم الفنان الفلبيني ديف لوك رؤية مغايرة تنطلق من الوجه الآخر للرحلة عبر بورتريه للملك هيرودس الذي كان يطارد العائلة المقدسة، بينما قدمت أصغر مشاركة بالمعرض الفنانة الأرمينية ريتا 17 سنة لوحة أكاديمية، وكانت المفاجأة في لوحتي الخط العربي حول الرحلة للفنانة الإيطالية أنتونيلا ليوني. أما الفنان هشام نوار، فبرع في تصوير حالة السلام التي شعرت بها العائلة على أرض مصر، مستخدماً رموز مثل الطير الأبيض.
ويحظى المسار باهتمام كبير من قبل القيادة السياسية المصرية منذ عام 2013، حيث تم تنفيذ الكثير من الخطوات المهمة مثل تطوير 5 مناطق به هي «مصر القديمة والمنيا والمعادي والمطرية»، إلا أن المسار يواجه معوقات عدة؛ ولذلك يتمنى دكتور شادي أديب أن يلفت المعرض نظر المجتمع والمسؤولين إلى أهمية المسار، وسرعة إدراجه على خريطة السياحة المصرية.



مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.