كشف دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط» عن أن الصين تتخذ موقفاً «أكثر تشدداً» من روسيا في شأن مشروع القرار الذي وزعته الولايات المتحدة على بقية أعضاء مجلس الأمن بغية التنديد باستهداف المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية ومقرات عسكرية ودبلوماسية في العراق من قبل إيران، وتجديد حظر الأسلحة المفروض دولياً عليها قبل انتهائه في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وظهر هذا الموقف الصيني خلال جلسة مشاورات مغلقة عقدها مجلس الأمن عبر الفيديو، الأربعاء، واستمع خلالها إلى إحاطتين من المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، والمبعوث الأميركي الخاص بإيران برايان هوك، في شأن مشروع القرار الذي وزعته الولايات المتحدة الاثنين الماضي، والذي يمدد حظر الأسلحة المفروض منذ مارس (آذار) 2007 بموجب القرار «1747»، وجرى تجديده عام 2010 بالقرار «1929». وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أبلغ أعضاء المجلس في أحدث تقرير له عن تنفيذ القرار «2231» بأن الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي استهدفت المنشآت النفطية في السعودية العام الماضي إيرانية «المصدر».
وفي سياق الإحاطتين، أكد كل من هوك وكرافت على أن رفع حظر استيراد وتصدير الأسلحة بعد مضي 5 سنوات على صدور القرار «2231»، خطأ كبير. وعدد الأسباب التي يتعين بموجبها على أعضاء مجلس الأمن المؤلف من 15 عضواً تأييد مشروع القرار. وقال هوك إن «تمديد حظر السلاح هو الصواب، وأمر من الضروري اتخاذه، وكل عضو في مجلس الأمن يعرف ذلك؛ سواء قاله علانية أم لا».
وأصدرت البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة بياناً يتضمن دعوة من هوك وكرافت إلى أعضاء مجلس من أجل تمديد حظر السلاح المفروض على إيران. وجاء في البيان أن هوك أكد خلال الجلسة على «ضرورة اتخاذ مجلس الأمن موقفاً موحداً في شأن عمليات نقل الأسلحة الإيرانية، ومواصلته فرض القيود على تصدير الأسلحة لإيران». وأضاف البيان أنه «جرى اطلاع مجلس الأمن على النطاق الكامل للنشاط الخبيث لإيران، بما في ذلك هجومها المباشر على السعودية في سبتمبر (أيلول) 2019». وشهدت الجلسة مناقشات شارك فيها المندوبون الدائمون لغالبية الدول. وأفاد دبلوماسي اطلع على مضمون الجلسة بأن الجانب الروسي «كرر معارضة بلاده محاولة الولايات المتحدة، التي انسحبت من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، أن تنقض جزئياً ما جرت المصادقة عليه في القرار (2231). ولاحظ أن «الصين اتخذت موقفاً أكثر تشدداً؛ إذ عبرت بوضوح عن معارضتها مشروع القرار، مؤكدة أنه لا فرصة له في رؤية النور».
ولاحقاً، قال دبلوماسي صيني إنه «لا توجد إمكانية لاعتماد مشروع القرار الأميركي»؛ لأنه «استمرار لسياسة الضغط الأقصى من الولايات المتحدة، ولا قيمة ولا أساس لمناقشته». وأشار الدبلوماسي إلى أن «أجواء التوتر السائدة حالياً بين الولايات المتحدة والصين انعكست أيضاً داخل هذا الاجتماع». وأعرب عن اعتقاده أن المواقف الأوروبية «تبدو غير متحمسة للصيغة الراهنة لمشروع القرار الأميركي، بل إنها لا تدعمه»، رغم أنه «لا أحد يريد رؤية إيران تتاجر بالأسلحة مرة أخرى»، مضيفاً أن «الأولوية أوروبياً هي إبقاء الاتفاق النووي على قيد الحياة». وكانت وكالة «رويترز» نقلت عن هوك قبل الاجتماع أن «روسيا والصين ستواجهان العزلة في الأمم المتحدة إذا واصلتا عرقلة مسعى واشنطن لتمديد حظر السلاح المفروض على إيران». ورأى «فجوة متسعة بين روسيا والصين والمجتمع الدولي»، موضحاً أن «روسيا والصين عزلتا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الماضي، وسيجري عزلهما في مجلس الأمن إذا واصلتا السير في الطريق البائسة هذه».
ويحتاج صدور أي قرار إلى موافقة ما لا يقل عن 9 من الأصوات الـ15 في مجلس الأمن، مع عدم استخدام حق النقض، «الفيتو»، من أي من الدول الخمس دائمة العضوية، وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا.
وهددت الولايات المتحدة بأنه في حال الإخفاق في تمديد الحظر، فستلجأ إلى تفعيل عملية «سناب باك» الواردة في القرار «2231» لإعادة فرض كل العقوبات الدولية على إيران، رغم أن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018.