المعركة تشتد بين الإسلاميين ورئيس لجنة صياغة الدستور في الجزائر

قبل أسبوع من انتهاء تسلم الرئاسة مقترحات الأحزاب والجمعيات

TT

المعركة تشتد بين الإسلاميين ورئيس لجنة صياغة الدستور في الجزائر

تحول الجدل حول وثيقة التعديل الدستوري، التي تطرحها الرئاسة الجزائرية للنقاش، من التحفظ على مضمون المقترحات، خاصة ما تعلق بإبقائها على صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة، إلى رفض «اللجنة» التي صاغت هذه التعديلات، وتحديداً رئيسها رجل القانون أحمد لعرابة، الذي يتعرض لهجوم شديد، قبل أسبوع من إغلاق باب تسلم الرئاسة ملاحظات واقتراحات الأحزاب والشخصيات السياسية والجمعيات، بخصوص المشروع.
وصرح عبد الله جاب الله، رئيس «جبهة العدالة والتنمية الإسلامية»، في اتصال به، بأن «لجنة الخبراء لم تكن متوازنة في تركيبتها البشرية. فقد ضمت متشبعين بالثقافة الغربية، وخاصة الفرنسية، وعلى رأسهم رئيسها الذي أكد أنه يريد دستوراً لمواطنين وليس مؤمنين، وبأنه يريد دستوراً يتيح للجزائري أن يكون من ديانة أخرى غير الإسلام. إنه اعتداء على دين الأمة».
وذكر جاب الله أنه أعد تقريراً عن «كامل العيوب التي وردت في مسودة المراجعة الدستورية، وأنا على استعداد لتنظيم مناظرة تلفزيونية مع رئيس اللجنة لمناقشة الوثيقة وموادها، ولإظهار بأن هذا المشروع لا يصلح للمجتمع الجزائري». مشيراً إلى أن «كثرة الجهات التي أرسلت لها الوثيقة، تسببت في تمييع المسعى، الذي كان ينبغي أن يتعاطى معه أهل التخصص فقط».
وأعلن لعرابة الأسبوع الماضي عن رفع دعوى قضائية ضد إمام المسجد وأستاذ الفقه الإسلامي الشهير، فارس مسدور، بعد أن قال عنه في فضائية خاصة، إنه «شخص مفصول عن المجتمع الجزائري المسلم، ويعيش أسلوب حياة فرنسية داخل عائلته»، مؤكداً أنه «ليس مؤهلاً لوضع دستور يحفظ قيم المجتمع». وغضب لعرابة بشدة من كلام مسدور، حسب مقربين منه.
من جهته، نشر عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، بموقعها الإلكتروني أمس، أن تصريحات لعرابة حول الإسلام والمواطنة في الدستور، «أحدثت ضجة كبيرة عند قطاعات واسعة جداً من الجزائريين، المتمسكين بالهوية الجزائرية والمرجعية النوفمبرية (ثورة نوفمبر/تشرين الثاني 1954 ضد الاستعمار)، وكانت كثيراً من مواقف الجزائريين منه مبدئية قيمية، لم تبحث في الخلفيات السياسية لتلك التصريحات، وهل هي مواقف شخصية معزولة لرجل وجد نفسه يشرف على كتابة الوثيقة الأساسية للجزائريين والدولة الجزائرية؟ أم هو تعبير عن توجه النظام السياسي كله؟».
وبحسب مقري، فإنه «لا شك أن تلك المواقف الشعبية المبدئية القوية مهمة، ومن شأنها أن تحصن البلد من العبث بهويته ومرجعياته، غير أن التمعن في الخلفيات السياسية المتحالفة مع الأبعاد الآيديولوجية في أروقة الحكم، تكشف ما هو أخطر وأفدح، وهو ما يتعلق بسيادة البلد واستقلالية قراره».
وقال بهذا الخصوص «لقد حاولت شخصيات ومؤسسات في الدولة ترقيع ما صرح به لعرابة فلم تفلح، كما أن التكذيب الذي جاء في بيان لجنة إعداد الدستور (نفى أن يكون قال كلاماً مسيئاً للدين)، وما صرح به المعني بنفسه في وسائل الإعلام لا يمكن أن يمحي كلاماً صريحاً واضحاً، يمثل تحرشاً غير مسبوق بالهوية من مسؤول يتحدث باسم الدولة، وكذلك ما شرحه في طبيعة النظام السياسي»، في إشارة إلى تصريحات لعرابة حول «عدم إمكانية تغيير النظام السياسي، من رئاسي بصلاحيات واسعة في يد الرئيس، إلى برلماني يكون فيه البرلمان سلطة رقابة حقيقية على السلطة التنفيذية».
وتابع مقري موضحاً «من حق أي شخصية عمومية أن تحتج وتجزع حين يُحرف كلامها، أو يُكذب عليها أو تُقوَّل ما لم تقل، بل من حقها أن تقاضي من يفعل ذلك، وظاهرة التحريف والتشويه موجودة في بلادنا فعلاً. لكن ما قاله لعرابة صريح فصيح لا غموض فيه». وكان يقصد نفي لعرابة ما نسب له في حوار مع صحيفة، فُهم منه أن «المواطنة والدين لا يلتقيان».



المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
TT

المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)

تبحث أميرة الطويل في صيدليات قطاع غزة عن حليب لإطعام طفلها يوسف، الذي يحتاج إلى علاج وغذاء، لكن كل محاولاتها لتأمينه باءت بالفشل. يستلقي يوسف بجسده النحيل على السرير في مستشفى الأقصى في دير البلح وقد ربطت رجله بحقن وريدية.

تقول الطويل لوكالة الصحافة الفرنسية: «يوسف يحتاج إلى علاج وغذاء جيد، الحليب غير متوفر نهائياً». وتضيف الأم: «أُطعمه حالياً بعض القمح، لكن لا حليب. هذا ما يجعله يعاني من الانتفاخ، طلبوا مني أن أجري له فحصاً لحساسية القمح».

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 32 شخصاً بسبب سوء التغذية.

وقالت «منظمة الصحة العالمية»، السبت، إن أكثر من 4 من أصل 5 أطفال أمضوا يوماً كاملاً من دون تناول الطعام مرة واحدة على الأقل خلال 3 أيام.

وقالت المتحدثة باسم «منظمة الصحة العالمية» مارغريت هاريس، في بيان، إن «الأطفال يتضورون جوعاً».

وبحسب منظمات الإغاثة، فإن ارتفاع معدلات سوء التغذية بين أطفال غزة دون الخامسة سببه عدم وصول المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة إلى من يحتاجون إليها.

إغلاق المعابر

بدأت الحرب في قطاع غزة مع شنّ «حماس» هجوماً غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر تسبّب بمقتل 1189 شخصاً، معظمهم مدنيون.

وردّت إسرائيل متوعدة بـ«القضاء» على «حماس»، وهي تشنّ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة، تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36439 قتيلاً، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

بعد فحص أجراه مكتب «الأمم المتحدة» لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لأكثر من 93400 طفل دون الخامسة في غزة للتأكد من سوء التغذية، خلصت النتائج إلى أن 7280 منهم يعانون سوء تغذية حاداً.

وينتشر سوء التغذية في شمال قطاع غزة بشكل خاص حيث لم يتلقَّ من بقوا هناك من السكان سوى قليل من المساعدات في الأشهر الأولى من الحرب.

في الأسابيع الأخيرة تم تحويل جزء كبير من المساعدات الغذائية عبر المعابر، وذلك بعد تحذيرات من مجاعة وشيكة.

أما الطفل سيف فقد بدا منهكاً للغاية وبالكاد يستطيع التنفس.

وتقول والدته نهى الخالدي: «طوال الليل وهو يتألم ويعاني المغص والانتفاخ، تم تأجيل العملية التي كانت مقررة له، وهذا يمكن أن يسبب له انفجاراً في الأمعاء».

وتضيف الأم: «نعتمد على ما يأتي من مساعدات لإعطاء الأولاد، وهذا يؤثر كثيراً على صحتهم لأنهم اعتادوا على حليب يتناسب مع أجسادهم».

لكنها تتدارك وهي تحاول حبس دموعها «لا يتوفر أي نوع حليب في الأسواق».

ويؤكد طبيب الأطفال في مستشفى الأقصى، حازم مصطفى، أن إغلاق إسرائيل للمعابر أدى إلى تفاقم الوضع.

ويعدّ معبر رفح المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات إلى قطاع غزة من مصر، قبل أن تقوم إسرائيل في 7 مايو (أيار) المنصرم بعملية برية وتسيطر على المعبر الحدودي.

ومنذ ذلك الوقت، لم تسمح إسرائيل بدخول أي مساعدات إلى قطاع غزة، كما لم يتمكن أي من الجرحى والمرضى من الخروج للعلاج.

ويقول الطبيب مصطفى، وخلفه على شاشة الحاسوب صورة أشعة لقفص صدري لأحد المرضى، إن الأخير يعاني «ضعفاً شديداً في جسمه وسوء نمو بسبب منع الاحتلال دخول الأغذية، وخصوصاً الحليب للأطفال».

ويطالب بـ«إدخال كميات وافرة من الحليب حتى تتمكن الأمهات من إعطاء أطفالهن الغذاء المناسب ليكونوا بصحة جيدة».