القطاع الطبي الفرنسي مريض... و«كورونا» كشف أعراضه

أطباء بريطانيون يتظاهرون بصمت خارج مقر إقامة رئيس الوزراء في لندن في 28 مايو (أ.ف.ب)
أطباء بريطانيون يتظاهرون بصمت خارج مقر إقامة رئيس الوزراء في لندن في 28 مايو (أ.ف.ب)
TT

القطاع الطبي الفرنسي مريض... و«كورونا» كشف أعراضه

أطباء بريطانيون يتظاهرون بصمت خارج مقر إقامة رئيس الوزراء في لندن في 28 مايو (أ.ف.ب)
أطباء بريطانيون يتظاهرون بصمت خارج مقر إقامة رئيس الوزراء في لندن في 28 مايو (أ.ف.ب)

في آخر «إطلالة» تلفزيونية له، يوم الأحد الماضي، حيث بشر مواطنيه بالتخلي عن الكثير من التدابير القسرية التي اتخذت لكبح تفشي فيروس كورونا، لم يتردد الرئيس في إعلان أن بلاده «حققت انتصاراً» على الوباء، ما سيمكّنها من الخروج بوقت أسرع من حالة الطوارئ الصحية. إلا أن إيمانويل ماكرون، في محاولة منه لاستخلاص العبر من الحرب ضد عدو «غير مرئي»، اعترف بـ«وجود أخطاء» ونواقص، واعداً باتخاذ التدابير اللازمة لسد النواقص وإصلاح القطاع الصحي الذي، رغم الشوائب، بقي واقفاً على قدميه وفق تأكيداته.

بيد أن كثيرين لا يتبنون نظرة ماكرون لا لجهة استعداد فرنسا لمواجهة الوباء وتوافر وسائل الوقاية، وعلى رأسها الكمامات والفحوص المخبرية وأجهزة التنفس الصناعي، ولكن أيضاً، وخصوصاً حالة المستشفيات الحكومية التي تعرف منذ سنوات أوضاعاً بالغة الصعوبة. وستكون هذه المسائل كلها تحت مجهر لجنتي تحقيق برلمانيتين، إحداهما بدأت أعمالها في مجلس النواب والأخرى في مجلس الشيوخ، وستباشر الاستماع للمسؤولين والأطباء والخبراء بداية الشهر المقبل. في أوج أزمة «كوفيد - 19»، كان القطاع الصحي في فرنسا قبلة أنظار الجميع، حيث تدفقت عليه الوعود، بما فيها من ماكرون نفسه. ففي مناسبة زيارته بداية الشهر الحالي لمستشفى «لابيتيه سالبتريار» في باريس، اعترف الرئيس الفرنسي بقصور خطة إصلاح المستشفيات والقطاع الصحي التي أطلقتها حكومته العام الماضي، والتي أنيطت بوزيرة الصحة السابقة أنياس بوزين. فهذا القطاع يعاني منذ سنوات من تراجع ميزانيته وافتقاره إلى الأطباء والممرضين، وتقادم التجهيزات والآلات المتوافرة، والضغوط الكبرى التي يواجهها بما في ذلك أقسام الطوارئ. وجاء وباء كورونا المستجد ليعري قطاعاً كانت إضرابات موظفيه ومطالباتهم شبه متواصلة، بغض النظر عن هوية الحكومة التي تمارس السلطة. وأفدح ما قاله ماكرون اعترافه بـ«حصول خطأ في الاستراتيجية». ولم ينتظر طويلاً موظفو القطاع الذين وُعدوا بمكافآت، وبإعادة النظر بسلسلة الرواتب، وبفتح الأبواب أمام توظيفات إضافية، للنزول مجدداً إلى الشارع، إذ حصلت مظاهرة حافلة في باريس شارك فيها ما لا يقل عن 20 ألف شخص لتذكير الدولة بمطالبهم. ورغم أن مجموعات شغب وعنف اندسّت إليها وحرّفت الأنظار جزئياً عن المطالب، إلا أنه من الواضح أن العاملين في القطاع لا يريدون أن يعايشوا مجدداً اختبار فيروس كورونا الذي أجبر الآلاف منهم على العمل في ظروف بالغة القساوة، وأحياناً دون توافر الحد الأدنى من وسائل الوقاية. ولعل ما جاء على لسان طبيب الأعصاب، الدكتور فرديريك سالاشاس، يعكس الحالة النفسية العامة، إذ قال متوجهاً للرئيس الفرنسي: «باستطاعتك الاعتماد عليّ، لكنني لست واثقاً من قدرتي على الاعتماد عليك». وتطول لائحة مطالب الجسم الطبي التي تتكرر عاماً بعد عام، وكذلك شكاوى الجمهور بسبب إغلاق مؤسسات الاستشفاء أو أقسام منها، بينما يبدو الهم الأول للحكومات المتعاقبة خفض ميزانية ومحاربة ما يعدونه هدراً.
إذا كانت السلطات تعتبر أن فرنسا تغلبت على الوباء، وسيطرت على انتشاره، إلا أن محصلة الضحايا أليمة، إذ إن أعداد الوفيات بلغت عتبة الثلاثين ألف ضحية. وبذلك تحتل فرنسا المرتبة الخامسة عشرة على مستوى العالم. وبالمقارنة مع ألمانيا الجارة، حيث لم تتجاوز أعداد الضحايا الثمانية آلاف شخص، يبدو تحضر باريس للوباء، وطريقة محاربته، متخلفتين عن ألمانيا التي يزيد سكانها عن فرنسا بحوالي 15 مليون نسمة. ومن بين الثلاثين ألفاً، هناك عشرون ألفًا توفوا في المستشفيات وعشرة آلاف في مآوي العجائز ودور استقبال المسنين، حيث برز قصور لا يصدق في التعامل مع الوباء ورعاية كبار السن. والفضيحة الأكبر أن فرنسا افتقرت لأسرة العناية المركزة، حيث اضطرت إلى ترحيل بعض المتقدمين في المرض إلى دول الجوار مثل ألمانيا وسويسرا ولوكسمبورغ. ومنذ بداية الوباء، أدخل 18270 شخصاً غرف العناية المركزة. ومن أصل 103734 شخصاً دخلوا المستشفيات، تعافى منهم 74117 شخصاً. وحالياً، تضم المستشفيات بكافة أقسامها أقل بقليل من 66 ألف مصاب، بينهم 727 في أقسام الرعاية المركزة، ما يشكل 10 في المائة من الأعداد التي كانت تضمها في أوج الأزمة.
يبقى أن عشرات من العاملين في القطاع الصحي ضحوا بحياتهم لمعالجة كبار المصابين والمرضى. ولا تتوافر إحصائيات شاملة لأعداد الضحايا. لكن عرف منهم، من أصل 12 طبيباً، ثلاثة أطباء لبنانيين هم سامي رضا والبروفسور جاك نعمة ونادر زغلول.

 


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.