وجهت موسكو وطهران انتقادات شديدة ضد «قانون قيصر» الأميركي، واتهمت روسيا واشنطن بتعمد استهداف المدنيين تحت ذريعة «حمايتهم من النظام»، في حين تواصلت ردود الفعل على بدء تنفيذ القانون، ورأى خبراء روس أنه يضع أمام روسيا تحديات جديدة حول قدرتها على المحافظة على الرئيس السوري بشار الأسد.
ونددت الخارجية الروسية في بيان بدخول القانون الأميركي الجديد حيز التنفيذ، ورأت أنه «يستهدف في الواقع السكان المدنيين بذريعة حمايتهم من نظام الأسد».
ولفتت إلى أن واشنطن «تدرك تمام الإدراك أن عقوباتها الأحادية المفروضة على سوريا، والتي ستضاف إليها تقييدات جديدة، كانت بين الأسباب الرئيسة لانخفاض سعر الليرة السورية والقفزة في أسعار الوقود والأغذية وغيرها من البضائع الأساسية، الأمر الذي أوقع ألوفا من السورين العاديين في ظروف معيشية حرجة».
وقال نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن روسيا تنطلق من موقف «يعارض سياسة العقوبات أيا كانت، لا سيما ضد تمديدها وتشديدها». ووصفت القانون الجديد بأنه «غير قانوني وغير مشروع على الإطلاق، بل ببساطة يضر بعملنا المشترك مع المجتمع الدولي والهادف إلى مساعدة السوريين في تجاوز أزمتهم على أكمل وجه ممكن».
في غضون ذلك، برزت تعليقات في وسائل الإعلام الروسية تظهر القلق الذي ينتاب أوساط الأعمال والشركات الروسية، فضلا عن التشكيك الذي برز في تصريحات بعض الخبراء حول قدرة النظام على التعامل بآليات مناسبة للمساعدة في مواجهة تداعيات القانون الأميركي.
وكتبت صحيفة «كوميرسانت» القريبة من أوساط الأعمال في روسيا أن العقوبات الأميركية سوف تطاول «المواطنين الأجانب - العاملين في الشركات العسكرية الخاصة أو المرتزقة أو أعضاء الجماعات المسلحة» الذين يعملون لصالح أو نيابة عن حكومة سوريا أو الاتحاد الروسي أو إيران، مذكرة بتصريح وزير الخارجية مايك بومبيو «لن نتوقف حتى ينهي الأسد ونظامه حربهم الوحشية التي لا طائل منها ضد الشعب السوري».
ولفتت الصحيفة إلى أن معظم الذين تم تسمية أسمائهم في لائحة العقوبات الأولى بموجب القانون «مدرجون منذ فترة طويلة في قوائم العقوبات للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. لكن بموجب القواعد الجديدة، سوف تهدد العقوبات كل من يتعامل معها. على سبيل المثال، في العام الماضي، ساعد محمد حمشو في تنظيم منتدى في أبوظبي لتشجيع استثمارات القطاع الخاص الإماراتي في سوريا. الآن سيفكر الكثيرون مرتين قبل بدء العمل في هذا البلد».
ولفتت «كوميرسانت» إلى أن موسكو ترى أن الهدف من قانون قيصر هو «الإطاحة بالسلطات الشرعية» في دمشق.
مشيرة إلى أن مواقف موسكو وواشنطن تتباعد أكثر بشأن التسوية السورية، وفي الأيام القريبة المقبلة، سوف يندلع الخلاف مرة أخرى حول قضية المساعدة الإنسانية لسوريا. فقد يصبح رفض روسيا تقديم تنازلات لواشنطن في مجلس الأمن الدولي، ورفض تجاوز واشنطن لدمشق في توسيع مساعدتها للسوريين، سبباً جديداً لفرض لوائح عقوبات أخرى.
ونقلت آراء خبراء رأوا أن «قانون قيصر هو اختبار لقدرة روسيا على الحفاظ على النظام السوري طافيا. والعقوبات الأميركية تضرب التعاون الروسي السوري، بما في ذلك محاولات موسكو للتخفيف من معاناة السوريين من خلال إرسال الحبوب والأدوية إليهم، ناهيك عن مشاريع أخرى». وفقا للسفير السابق الكسندر أكسيونينوك، الذي أضاف أن العقوبات المفروضة على البنك المركزي السوري تعرض للخطر أي معاملات في هذا البلد.
كما أشار إلى أن «قانون قيصر» سوف «يزيد من الانقسامات داخل النخب السورية، خصوصا داخل عائلة الأسد والدوائر العلوية والنخب الحاكمة ككل». وفي ظل هذه الخلفية رأى الدبلوماسي الروسي أنه «سيكون من المنطقي أن تعيد القيادة السورية النظر في موقفها من عمل اللجنة الدستورية. والسؤال هو ما إذا كانت دمشق تتصرف بعقلانية وفقا للمنطق السياسي».
من جهتها، نددت إيران الخميس بالجولة الجديدة من العقوبات الأميركية، ووصفتها بأنها غير إنسانية وقالت إنها ستعزز روابطها التجارية مع دمشق.
وقال عباس موسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية لوسائل إعلام رسمية: «في الوقت الذي يواجه فيه العالم جائحة فيروس كورونا، لن يكون من شأن فرض مثل هذه العقوبات غير الإنسانية سوى تعميق معاناة الشعب السوري».
وأضاف موسوي «سنواصل تعاوننا الاقتصادي مع الحكومة السورية، ورغم هذه العقوبات سنعزز علاقاتنا الاقتصادية مع سوريا».
وإيران، التي تواجه أيضا عقوبات أميركية قاسية، حليف مقرب للأسد. وأرسلت طهران آلاف المقاتلين لدعم الحكومة السورية بما في ذلك جماعات مسلحة أفرادها من أفغانستان ودول أخرى دربتها إيران.
موسكو وطهران تنتقدان «قيصر» والعقوبات الأميركية
موسكو وطهران تنتقدان «قيصر» والعقوبات الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة