مصر.. سياحة خجولة ما بعد الثورات

سياحة خجولة لا تخلو من المناظر المؤثرة

ليل القاهرة.. مشهد لا يشبه نهارها
ليل القاهرة.. مشهد لا يشبه نهارها
TT

مصر.. سياحة خجولة ما بعد الثورات

ليل القاهرة.. مشهد لا يشبه نهارها
ليل القاهرة.. مشهد لا يشبه نهارها

«لدينا كل أغاني ألفيس بريسلي هنا»، قالها جورج وهو يلقي بمنشفة وضعها على رأسه وراء كتفه. وجورج (70 عاما) من مقاطعة ايسيكس بالمملكة المتحدة، كان يرتدي زيا مصريا تقليديا لحفلات الجلابية بالقارب، وهو إلى حد ما أحد المتحمسين.. فتلك هي الرحلة النيلية رقم 20 التي يقوم بها برفقة زوجته.
وقال جورج: «شعرت بالخوف أول مرة قمت فيها برحلة نيلية، واليوم أشعر بالشيء نفسه، أردت اليوم وأصدقائي تجميع أكبر عدد ممكن من الركاب حيث يتسع القارب لـ80 شخصا، ولكن وكما ترين لا يوجد سوى 12 شخصا فقط على متن القارب.. ولكن وفي الوقت نفسه إنها فرصة للتمتع بالهدوء على سطح المركب، حيث نحتسي المشروبات حول حمام السباحة مرتدين عباءاتنا، ونتابع الأمسية الترفيهية للرقصات النوبية، وأغنية (ماكارينا)، ونمتع نظرنا بأجمل المناظر.. إلى اليمين تقع قبور النبلاء المضاءة في أسوان، وهناك رسا بنا القارب في المساء. وإلى اليسار كانت النجوم تعكس نورها على المآذن والشوارع في المدينة».

* الرحلات النيلية

* خلدت الكاتبة الإنجليزية أغاثا كريستي الطريق على طول نهر النيل في كتاب لها بعنوان «الموت على النيل». عبرنا بين المدن القديمة في الأقصر وأسوان على مدى 5 أيام، في قارب خال تقريبا، ومشاهد مهولة لحياة تفتقر إلى السياحة الفاخرة في هذا العصر؛ حيث يسبح الأطفال عند ضفاف النهر، ويلوحون بحماس، ويرحبون بنا بلفظة «مرحبا»، وعلى جانبي النهر تنتشر أشجار النخيل والجوافة وبيوت باللون الأحمر والبرتقالي، وتبدو كأنها تحترق تحت أشعة شمس المغيب. كنا نتكئ على شرفتنا لنشاهد كل ذلك، فإن مصاعب مصر الأخيرة تبدو بعيدة بعد العالم عنا. ولكن، وكما ذكرت السيدة كريستي في روايتها، هناك ثيمة قاتمة في بيئتنا المحيطة.
أخذنا وقفة قصيرة على طول الطريق لنشاهد وادي الملوك؛ وهو الجبل الشاسع الذي يضم قبور ملوك الفراعنة ويعود إلى القرن السادس عشر قبل الميلاد، وهناك مقبرة الملك توت عنخ آمون نفسه. اجتزنا مجموعة من البائعين بصعوبة بسبب الزحمة في سوق شعبية صغيرة، وانتهى بنا المطاف في قاعة هادئة بشكل كبير. وتردد صدى صوت المرشد السياحي إسلام وهو يشرح لنا تاريخ المنطقة المحيطة بنا. حيث قال: «كان يأتينا 10 آلاف سائح إلى هنا في كل عام قبل الثورة». قالها ونحن نعتلي ظهر العربة الخفيفة مع 7 أشخاص آخرين. ولم يخف إسلام سرا عندما قال لنا إننا أول مجموعة سياحية يعمل معها منذ 3 أشهر.
تعد مصر من أقدم الوجهات السياحية في العالم، فهي مهد الحضارة؛ حيث جرى اختراع البناء بالحجارة، ولكنها تنتقل سريعا لكي تشتهر بمعالمها السياحية المهجورة. محطتنا الأولى كانت عند معبد الكرنك ومعبد الأقصر، اللذين يعبران عن تلك الحقيقة الحزينة.. فبدت مدينة الأقصر كمدينة أشباح. إن استكشاف آثار مصر القديمة دون التداخل من الحشود الكثيرة وعدسات الكاميرات المزعجة كان بمثابة حلم سريالي رائع. جلسنا بهدوء في معبد كوم امبو لمشاهدة الغروب، وتسكعنا حول المنحوتات الحجرية الرائعة لأول ملكة فرعونية، حتشبسوت، في هدوء أشبه بالغيبوبة، لم يقطعه إلا أحد المرشدين المتحمسين لوجودنا.

* هل مصر آمنة للزيارة؟

* مضى على مصر عام بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، ومضى عليها 3 أعوام منذ اندلاع أول ثورة هناك، وخلع حسني مبارك الذي أمضى أطول مدة رئاسة في تاريخ مصر، ولا تزال تتعافى من أسوأ حالات عدم الاستقرار التي واجهتها نتيجة لذلك، منذ عقود. وعانت منطقة شمال سيناء من وجود الإرهاب هناك وعدم القيام بما يجب لجذب السياحة مجددا إلى تلك المنطقة.
تبتعد بؤر التوتر، مع ذلك، أميالا عن أي منطقة من المناطق السياحية المهمة، بما في ذلك، وأكثرها أمانا، مدينة شرم الشيخ في جنوب سيناء، التي تبتعد أيضا أميالا عن أي مكان آخر. وفي الحقيقة، فإن معارك الجيش المصري الحالية ضد الإسلاميين، تعني أن القاهرة، على وجه الخصوص، في كل يوم جمعة من التواريخ المهمة، تكون في حالة تأهب للمتاعب. ولقد كانت هناك حالتان خلال فترة إقامتي بالبلاد، ولكنهما لم تسفرا عن شيء يذكر. ولم يعد السياح الغربيون مستهدفين، ووزارات السياحة الدولية ليست لديها قيود على مواطنيها حيال زيارة مصر. وعلى الرغم من ذلك، ووفق التطمينات الصادرة عن وزارة السياحة المصرية، فإن الدولة حاليا «هادئة ومستقرة»، وإن الجماهير المعتادة محافظة على ابتعادها المعهود.
ذكرى السنوات الثلاث الصاخبات في مصر تأتيك في طريقك إلى القاهرة العاصمة من المطار؛ حيث تتخلل لوحات الإعلانات التي تصور نجوم الفن والدراما المشهورين جدرانا تحمل شعارات مكتوبة منددة بالشرطة أو بالرئيس السابق محمد مرسي. وميدان التحرير، وهو مفترق طرق كبير مليء بالسيارات وأبواقها العالية، كان يعد نقطة محورية في أحداث الثورة. وفي مكان قريب، يغرق شارع محمد محمود الشهير في الألوان النابضة بالحياة، والصور السريالية الرائعة ووجوه شهداء الاحتجاجات. ولا تزال الطلاءات حديثة؛ مما يعد طبقة جديدة على تاريخ مصر الزاخر.

* ما يجب القيام به في القاهرة

* قال أحمد، وكان يتحدث بحذر: «إننا نشعر بالأمان الآن، ولكن قليلا فقط»، ونحن نحتسي الشاي في غرفة معيشته بمنطقة الزمالك الزاهية الهادئة في القاهرة، وهي حي الأثرياء الذي تنتشر فيه المحلات العصرية والمطاعم الراقية، حيث تنتشر في غرفته ملصقات «الاتجاه الواحد» لابنته وصور أفراد العائلة. قبل 3 سنوات، وفي ذروة عدم الاستقرار بالمدينة، كان على أحمد ونجله حراسة منزلهما ببنادق الصيد. وكانت حالة عدم الاستقرار في العام الماضي إبان حكم الرئيس مرسي قد جعلت الأسرة تخشى مجرد المسير في الشوارع. وفي وقت سابق من حديثنا كنا نتناقش حول المطاعم الجديدة ومقاهي الشاي التي انتشرت سريعا.
لا تساوي مطاعم القاهرة الجديدة بطبيعة الحال، إلا وفرة القطع الأثرية التي تعكس قرونا من الحضارة الإنسانية. ويستحق المتحف المصري زيارة مستقلة، حتى لو كان الوصول إليه سيرا على الأقدام يعني إتقان فن التنقل بين طرق ميدان التحرير المحفوفة بالمخاطر والتحويلات الأمنية للأسلاك الشائكة الجديدة. وفي الداخل، لا يوجد تدافع بين السائحين، بل أكداس من الآثار القديمة ذات الشهرة العالمية؛ بما في ذلك مومياوات الفراعين والملكات الشهيرة، التي لم تنجُ من آلاف السنين فحسب؛ بل ومن نهب المتحف كذلك خلال الانتفاضات، والتي تبدو في أماكنها مكدسة بعضها فوق بعض لضيق المساحة: وهو أحد الأسباب وراء بناء مبنى أكثر أمنا للمتحف في الجيزة.
وتعد القاهرة القبطية من أحد المواضع السياحية المهمة، ويسهل الوصول إليها من خلال مترو الأنفاق من وسط المدينة. وحي القاهرة الإسلامي القديم، وسوق خان الخليلي، الذي لا يزال يعج بالنشاط والحركة كما كان، يجعل أحدنا دائم الذكرى لمنطقة الشرق الأوسط في الماضي مع مآذنها الأصيلة، والبيوت القديمة، والمحال التي تبيع المنتجات النحاسية والتحف، بجانب الأدوات السياحية الكثيرة. ويتوج قلعة المنطقة مسجد محمد علي ذو التصميم العثماني مع مساحته الداخلية التي يعمها الهدوء وبرودة الجو.
وفي رحلة نهارية إلى محافظة الجيزة البعيدة عن القاهرة، ركبنا الخيول بالقرب من الأهرامات الشهيرة (وهي مدرسة ركوب الخيل المتميزة من حيث الرعاية المتفوقة للحيوانات). وبعد ركوب الدراجة الرباعية حول صحراء سقارة عند سفح الأهرامات، استمتعنا بميزة استكشاف المحيط الداخلي لأحد أهرامات دهشور، ورؤية الصحراء الشاسعة من أعلى الهرم. ويأتي ليل القاهرة في حي خان الخليلي حيث عرض الدراويش المولوية. ولكن بعد يوم طويل من الاستكشاف، كان ركوب الفُلُوكَة النيلية الملونة تجربة مثالية ورؤية للمدينة المزدحمة من مسافة بعيدة في المياه.

* الأكل والنوم في القاهرة

* هناك خيارات لا حصر لها للأكل في القاهرة، سواء من حيث المطبخ العربي أو الدولي.. ومن بينها مطعم «سيكويا»، وهو مطعم أنيق في الهواء الطلق على رصيف دائري يتسق مع نهر النيل، وهو مطعم متخصص في المزة العربية، وهو «مكان يستحق الزيارة» على حد وصف أحد الشبان المحليين. وهناك مكان آخر يتمتع بشعبية أيضا وهو مطعم «أبو السيد» الذي يقدم الطعام العربي وسط ديكورات جريئة وإضاءة رائعة. وهناك مطعم خان الخليلي المجدد حديثا وعلى نحو ملائم ويعد واحة تقليدية داخل حي خان الخليلي نفسه، ويقدم المزة العربية اللذيذة والعصائر الطازجة. وأعلى فندق «نيل الزمالك» هناك حانة تجمع بين الطعام من مختلف القارات مع المنظر الرائع، وهو مكان مثالي لتجربة الشيشة. وبالنسبة للمطاعم الراقية، هناك مطعم «لابوديجا»، في الزمالك أيضا، ويقدم الأطباق العالمية عالية الجودة في محيط من تصميمات «أرت ديكو».
تميل أفضل فنادق القاهرة إلى أن تكون لها واجهة على النيل، واثنان منها وهما فندق «فور سيزونز» وفندق «كمبينسكي» بهما حمامات سباحة رائعة أعلى سطح الفندق بجانب الحانات. ويستحق فندق «كمبينسكي» الزيارة لأجل بوفيه الغداء الممتاز ليوم الجمعة مع صالة الشوكولاته. وهناك اختيار رائع آخر، وهو فندق «سميراميس إنتركونتيننتال» مع مدخله الكبير عالي السقف من الرخام، الذي يضم مطعما تايلانديا أصيل وساحرا. وأولئك الذين يسعون لتجربة مصرية تاريخية وأصيلة، مع ذلك، ينبغي عليهم الإقامة في فندق «ويندسور» في وسط القاهرة.
قد لا تزال مصر تعاني من بعض التقلبات السياسية، ولكن هناك مزيد من الأسباب لزيارتها أو عدمها. وبالطبع، عامل السلامة من الأهمية بمكان، حتى مع كون مصر حاليا ليست على مستوى الخطورة الذي ينقل عنها. ومن ناحية أخرى، فليس من المحتمل أن يكون هناك وقت آخر يمكنك فيه زيارة أكبر مدن الشرق الأوسط وأن تتمتع بالجمهور الحصري في وسط العجائب الشهيرة والمعروفة على مستوى العالم.



36 ساعة في تورينو الملقبة بـ«باريس الصغيرة»

‪مدينة تورينو الإيطالية (نيويورك تايمز)
‪مدينة تورينو الإيطالية (نيويورك تايمز)
TT

36 ساعة في تورينو الملقبة بـ«باريس الصغيرة»

‪مدينة تورينو الإيطالية (نيويورك تايمز)
‪مدينة تورينو الإيطالية (نيويورك تايمز)

مع وجود خلفية كجبال الألب، تعدّ تورينو، رابع أكبر مدينة في إيطاليا، أنيقة وجذابة وغنية بالتاريخ. تكثر الميادين الكبرى والقصور الملكية السابقة في هذا المعبر الحدودي الشمالي الإيطالي، الذي أطلق عليه اسم «ليتل باريس أو باريس الصغيرة»، والذي كان لفترة وجيزة أول عاصمة لإيطاليا بعد توحيد البلاد عام 1861. والمدينة غارقة في الملذات الدنيوية. وقد تم اختراع شوكولاته «جياندوجا» هناك، ويمكن تذوقها بين المقاهي التاريخية، ومتاجر الشوكولاته. ومما يكتسب أهمية خاصة في فصل الشتاء، وجود تشكيلة متزايدة من المعارض والمتاحف الآخذة في الاتساع -بما في ذلك واحدة من أكبر مجموعات الآثار المصرية في العالم، ومتحف للفاكهة المزيفة، ومركز جديد للفن المعاصر على مضمار سباق على أسطح المنازل- يوفر الراحة من البرد، وهو غذاء للروح.

‪مدينة تورينو الإيطالية (نيويورك تايمز)

التنزه سيراً على الأقدام إلى كنيسة أعلى التل

إذا كان تسلق جبل حقيقي يبدو شاقاً، فإن السير لمدة 15 دقيقة صعوداً إلى جبل مونتي دي كابوتشيني، قمة التل الذي تعلوه كنيسة من القرن السابع عشر، سوف يمنحكم على الأقل إطلالات جبلية رائعة. أما في الغرب، فإن شبكة شوارع تورينو من المباني الباروكية وأبراج الجرس تمتد لأميال، يتخللها برج وقبة مولي أنطونيليانا، وهو صرح بارز من الطوب يعود إلى القرن التاسع عشر بُنيَ في الأصل ليكون معبداً يهودياً، ولكن تم تغيير الغرض منه ليكون نصباً تذكارياً لتوحيد إيطاليا. (حتى عام 1861، كانت إيطاليا خليطاً من الممالك المستقلة والدوقيات ودول المدن). واليوم، يضم «مولي أنطونيليانا» المتحف الوطني للسينما. خارج منظر المدينة، تشكل جبال الألب جداراً طويلاً مثلجاً مسنناً بقممه السامقة.

تورينو رابع أكبر مدينة في إيطاليا (نيويورك تايمز)

الانغماس في المطبخ المحلي

حي سان سالفاريو، الذي كان ذات يوم منطقة رثة بالقرب من محطة القطار المركزية، يعج الآن بالمقاهي والحانات من كل نوع. يبدو مطعم سكانابيو، وهو مطعم محبوب للغاية افتتح في عام 2008، بأنه أقدم من 100 عام على الأقل بسبب مراياه المصطنعة بالطلاء المذهب، وصور مناظر المدينة بلونها البني الداكن، وأطعمة بييمونتي اللذيذة والعريقة.

زيارة سوق واسعة

تعدّ سوق «ميركاتو دي بورتا بالازو»، الواقعة في ساحة الجمهورية الكبرى، واحدة من أكبر الأسواق في أوروبا، وهي مثيرة من حيث الحجم والتمدد. وتنقسم السوق مربعات، لكل منها تخصصه الخاص. في أحد هذه المواقع، تتدفق الدكاكين بالخيرات الزراعية للبلاد، بما في ذلك الليمون الصقلي، والخرشوف السرديني، والفلفل البوليزي. وربع ثانٍ مخصص للنظارات الشمسية، والحقائب، والبيجامات، وقمصان كرة قدم الإيطالية، والملابس، والإكسسوارات الأخرى رخيصة الثمن. أما الربع الثالث فيضم قاعة «أنتيكو تيتويا ديل أوروليو»- وهي سوق مغطاة بالزجاج والمعادن تعج بمتعهدي القهوة والجبن واللحوم المشفاة والخبز والزيتون وغيرها من الأطعمة الإيطالية الكلاسيكية، في حين أن الربع الأخير يحتوي على مطعم «ميركاتو سنترال تورينو»، وهو عبارة عن صالة واسعة مخصصة للأطعمة المنزلية الحديثة. إذا كنت لا تزال في مزاج التسوق، فإن سوق «إل بالون» المفضلة في تورينو، يُقام من الاثنين إلى السبت (ساعات العمل متفاوتة) في شبكة من الشوارع القريبة، لا سيما عبر بورغو دورا.

من أسواق الخضراوات والفاكهة التقليدية في المدينة (نيويورك تايمز)

احتضان التاريخ

يدور مشهد من تاريخ تورينو حول ساحة سان جيوفاني، وهي ساحة مركزية. وإلى الشمال، انظروا مدخل بورتا بالاتينا، وهي بوابة من الطوب الروماني ترجع إلى العصر الروماني للمدينة. إلى الشرق، وأسفل بعض السلالم، تخفي آثار مدرج روماني (الدخول مجاني) في ظل متحف غاليريا سابودا (15 يورو)، وهو متحف كلاسيكي جديد يضم الفنون التي جمعها دوقات وملوك آل سافوي، السلالة الملكية التاريخية. بجانب المتحف، يحلّق برج الجرس الطويل في كاتدرائية القديس يوحنا من عصر النهضة فوق المبنى الرئيسي المنفصل، الذي تضم كنيسته كفن تورينو، وهو قطعة قماش يبلغ طولها 14 قدماً تحمل صورة باهتة لرجل ملتح يعتقد البعض أنه يسوع المسيح. لا يتم عرض القماش للعامة، ولكن متحف الكفن (8 يوروات)، الذي يبعد مسافة قصيرة، يشرح تاريخه وبعض الدراسات العلمية التي أجريت للوقوف على أصوله.

مدينة غنية بالتاريخ والأماكن الأثرية (نيويورك تايمز)

التسوق

بالنسبة إلى الأشخاص العصريين الذين يخشون أغطية الشتاء المرهقة التي تغلف الجسم، فإن نزهة التسوق بين القصور الأنيقة في وسط تورينو هي بمثابة تعليم مشجع على الطراز الشتوي. وهناك متجران راقيان يبرزان في هذا السياق. «دانبول»، بالقرب من حديقة سامباير، هو متجر معاصر، حيث يمكنك الجمع بين سترة مموهة من «باربيد»، وسترة من صوف الكشمير من «فيديلي»، وأحذية رياضية راقية سوداء من «بوشمي» مع أبازيم ذهبية للحصول على مظهر إيطالي بالكامل. يقع خلف ساحة المتحف والمطاعم المصطفة على الجانبين متجر «بيازا سان كارلو» من عام 1973، وهو عبارة عن متجر من الملابس النسائية المعاصرة.

ابدأ يومك بالشوكولاته

لا يمكنك إلقاء حبة من الكاكاو من دون أن تصطدم بمتجر للشوكولاته في تورينو، موطن شوكولاته «جياندوجا» الفخري، مزيج من الشوكولاته ومعجون البندق. يمكن العثور على نوعين من الشوكولاته الكثيفة والداكنة على شارع «فيا بو»، وهو شارع فاخر توفر أروقته المقببة الحماية من المطر والثلوج؛ مما يجعله مثالياً لنزهات فصل الشتاء. ولا توجد مقاعد وسط العلب الزجاجية المليئة بالفطائر والكعك والبسكويت في متجر «باستيكيريا غيغو» للحلويات الذي افتتح عام 1870؛ لذا فإن السكان المحليين يحتشدون على المناضد لاحتساء الشوكولاته الساخنة الغنية (4.50 يورو). لمزيد من الراحة، انضم إلى مأدبة واستمتع بالأقمشة الحمراء الفاخرة والسجاد الفخم وورق الجدران الأصيل في «كافيه فيوريو» من القرن الثامن عشر، الذي كان من بين زبائنه الفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه خلال إقامته في تورينو. تتبخر شوكولاته «جياندوجا» الساخنة السميكة (5.50 يورو) في الكأس مثل الصهارة الداكنة.

تشتهر تورينو بمطبخها المميز (نيويورك تايمز)

الوصول إلى المكان الصحيح

لا توجد علامة تجارية أكثر ارتباطاً بتورينو من «فيات»، التي كان مصنعها في مقاطعة لينغوتو الجنوبية ينتج السيارات من عشرينات القرن العشرين حتى الثمانينات. يضم المبنى متعدد الأغراض (الذي تم ترميمه من قِبل المهندس المعماري الإيطالي رينزو بيانو) معرض «بيناكوتيكا أنيللي» (10.60 يورو)، وهو معرض فني يعرض نحو عشرين لوحة فنية - من قِبل الفنانين، بما في ذلك إدوارد مانيت، هنري ماتيس، أميديو موديلياني، وبابلو بيكاسو - جمعها أعضاء من عائلة أنيللي، مؤسسي شركة «فيات». كانت الإضافة الأكثر إثارة للإعجاب في المصنع السابق هي «لابيستا 500» (2.10 يورو)، وهي مساحة فنية في الهواء الطلق افتتحت عام 2022 على ممشى بيضاوي الشكل أعلى سطح المبنى كان يستخدم في وقت من الأوقات كمسار اختبار لسيارات «فيات». وتغطي هذه الدائرة آلاف النباتات والأعمال الفنية الكبيرة في الهواء الطلق، بما في ذلك لوحة إعلانية مصورة للفنانة الإيرانية شيرين علي آبادي، ولافتة نيون للفنانة السويسرية سيلفي فلوري مكتوب عليها «نعم للجميع». لكن الجاذبية السحرية الرئيسية هي منظر جبال الألب ذات القمم البيضاء المكسوة بالثلوج. التقط صورة أخيرة وقل «وداعاً».

* خدمة «نيويورك تايمز»