تهافت اللبنانيين على شراء الدولار مستمر وتحذيرات من نتائج ضخ العملة في السوق

ازدحام أمس أمام أحد محلات الصيرفة في بيروت (رويترز)
ازدحام أمس أمام أحد محلات الصيرفة في بيروت (رويترز)
TT

تهافت اللبنانيين على شراء الدولار مستمر وتحذيرات من نتائج ضخ العملة في السوق

ازدحام أمس أمام أحد محلات الصيرفة في بيروت (رويترز)
ازدحام أمس أمام أحد محلات الصيرفة في بيروت (رويترز)

في اليوم الثاني لبدء العمل بقرار ضخ المصرف المركزي الدولار في السوق، بناء على طلب الحكومة اللبنانية، في محاولة للحد من انهيار الليرة، لم يتبدل المشهد على أبواب الصرافين؛ حيث يتهافت اللبنانيون على شراء العملة الخضراء، من دون أن ينعكس هذا الإجراء انخفاضاً في سعر الصرف في السوق السوداء؛ بل سجل أمس أكثر من 5 آلاف ليرة، رغم تحديد بيان الصرافين له بـ3910 كحد أقصى.
وهذا الأمر استدعى مواقف سياسية منتقدة لقرار مجلس الوزراء محذرة من عواقبه، بينما قدم النائب في «اللقاء الديمقراطي» هادي أبو الحسن سؤالاً إلى الحكومة باسم «اللقاء»، عبر مجلس النواب، بشأن هذا الإجراء. وتضمن السؤال استفسارات عما إذا كانت الحكومة قدرت حجم الخسائر التي سوف يمنى بها المصرف المركزي نتيجة هذه العملية؟ وهل تأكدت مما إذا كان الاحتياطي من العملات الأجنبية كافياً للسيطرة على السوق؟ وهل قدرت الحكومة ما هو حجم الأموال الأجنبية التي سوف تهرب من السوق اللبنانية في ظل الفلتان الحاصل؟
بدوره، اعتبر النائب ميشال معوض، في مؤتمر صحافي «أن الحكومة اتخذت وتتخذ مجموعة من التوجهات والقرارات التي لا يمكن السكوت عنها؛ لأنها تشكل خطراً وجودياً على بلدنا وعلى شعبنا، وآخرها قرار ضخ الدولار في الأسواق». وسأل: «هل يوجد عاقل يطلب من حاكم المصرف المركزي أن يضخ دولاراً بالسوق في هذا الظرف بالذات؟».
والانتقاد نفسه وجهه النائب جميل السيد، معتبراً أن نتائج آلية ضخ الدولار لإرضاء الناس ستكون كارثية. وقال: «بعض الناس يشترون الدولارات من الصيارفة بانتظار أن يبيعوها في السوق السوداء لتحقيق بعض الأرباح»، معتبراً أن «هذه الطريقة والآلية العشوائية التي يقوم بها مصرف لبنان هي موقتة، وعنوانها إرضاء الناس، ونتائجها ستكون كارثية». ودعا «مصرف لبنان لتصويب هذه الطريقة العشوائية»، وقال: «هناك فرق بين ضخ الدولار في السوق وبين إعطاء الإعاشة للناس».
وكانت نقابة الصرافين قد أعلنت تسعير سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بين: الشراء بسعر 3860 حداً أدنى، والبيع بسعر 3910 حد أقصى، بينما نشطت عمليات الصيرفة في السوق الموازية، بحيث إنه سُجل تهافت على شراء العملة الخضراء، كما ظهر الزحام أمام محال الصيرفة في مختلف المناطق، لإعادة بيعها بأكثر من خمسة آلاف ليرة.
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن محال الصيرفة في ضاحية بيروت الجنوبية تشهد ازدحام مواطنين لشراء الدولار بحسب السعر المحدد من نقابة الصرافين بـ3910 ليرة لبنانية.
والمشهد نفسه في صيدا، عاصمة الجنوب؛ حيث أفادت الوكالة بأن محلين للصيرفة يشهدان زحام مواطنين يتهافتون على شراء الدولار، ويعتمدان بيع الدولار بالسعر الذي حددته النقابة.
وشوهدت منذ الصباح الباكر طوابير المواطنين يصطفون أمام أبواب المحلين، لصرف مبلغ 200 دولار كحد أقصى، بعد إبراز هويتهم أو المستندات المطلوبة لتحديد وجهة استخدامهم للدولار بحسب الإجراءات المتبعة، بينما بقيت محال الصيرفة في شارع المصارف تمتنع عن بيع الدولار بالسعر المحدد بحجة عدم توافره، بحسب ما أفاد عدد من المواطنين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».