أطعمة «مصنوعة بالحُب» لدعم مصابي «كورونا»

مبادرة مصرية تقدم الوجبات للأسر المتضررة بالوباء

TT

أطعمة «مصنوعة بالحُب» لدعم مصابي «كورونا»

منذ تفشي وباء فيروس «كورونا»؛ باتت حياتنا تتمحور حول الغذاء خلال فترة الحجر المنزلي الإجباري، وتخلى كثيرون عن طلب الطعام دليفري، إلا إن المصابين بالفيروس والذين يجري عزلهم في بيوتهم؛ باتوا في حاجة لوجبات مُعدّة منزلياً ونوعيات محددة من العناصر الغذائية لا تتوفر في وجبات المطاعم السريعة، فضلاً عن أنهم غير قادرين على التسوق.
«النجاة جماعية»؛ هذا ما تؤمن به الصحافية بسمة مصطفى، مؤسِّسة مبادرة «وجبات صحية لمصابي (كورونا) المعزولين في المنزل»، والتي دفع بها حبها للطهي ورغبتها في مساندة المرضى المعزولين منزلياً، إلى طرح الفكرة، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت بمنشور عبر حسابي على (فيسبوك) ووجدت تجاوباً كبيراً من أصدقائي، وبدأنا في الإعلان عن صفحة المبادرة على (فيسبوك)، وحينما علمت بأن بعض المطاعم ترفض توصيل الطعام لبعض المناطق وللحالات المصابة في العزل المنزلي؛ قررت مع عدد من الصحافيات أن نقدم ما في وسعنا لتقديم الغذاء الصحي لهم بغض النظر عن الحالة الاجتماعية، فمريض (كورونا) يحتاج للراحة التامة والتغذية الجيدة».
«صنع بالحب»؛ شعار المبادرة، تكتبه المتطوعات على وجبات مطهيّة منزلياً ومغلفة تصل إلى المريض في منزله، واستغلت المشاركات مَلَكة الطهي لديهن ووظفنها لخدمة المصابين غير القادرين على الطهي، توضح بسمة: «وجدنا إقبالاً كبيراً من السيدات في مختلف أنحاء مصر، وقررنا أن ننظم مهام الطهي وفقاً للمناطق عبر تطبيق (واتساب)».
لإطعام الطعام فضائل كثيرة تحضّ عليها كل الأديان السماوية، وفي أزمة الوباء القاتل تقدم الوجبات الجاهزة من قبل المبادرة ما هو أكثر من الطعام؛ فهي تقدم الدعم النفسي عبر نشر ثقافة احترام المرضى، حيث ترسل السيدات بطاقات تحمل كلمات دعم وطمأنة للأسر المصابة: «الناس للناس»، «خليها على الله»، «بالهنا والشفا»، «أجر وعافية»، «اطّمنوا احنا معاكم»... بل لعبت المبادرة عبر صفحتها دوراً في محو الوصمة الاجتماعية عن المرضى بإعلانهم عن حاجتهم للمساعدة والتجاوب الإيجابي، من قبل باقي أعضاء الصفحة وتطوعهم لتوصيل الطعام والمواد الغذائية لأبواب منازلهم. توضح مصطفى: «أحياناً يطلب الجيران أو أصدقاء المصابين الوجبات لهم عبر الصفحة، ويكتبون أعداد المصابين في الأسرة، ويمدوننا برقم التليفون والعنوان».
وتضيف: «كوَّنّا قاعدة بيانات من خلال رصد الحالات في المناطق الجغرافية، وبالتالي التنسيق اللوجيستي لإيصال المواد الغذائية للمتبرعين بالطهي، وثانياً يأتي المتطوعون بتوصيل الوجبات حتى بيوت المصابين»، متابعة: «طلبنا من أعضاء الصفحة الالتزام بمكونات غذائية معينة وفقاً لنصائح الأطباء، وبالتالي كل وجبة لا بد من أن تحتوي على نشويات (أرز أو معكرونة)، وبروتين (لحوم، دجاج، أسماك)، وخضراوات مطهيّة، والسلطة الخضراء، إلى جانب الفاكهة. تتنوع الوجبات بين المعكرونة بالكبدة، والأرز مع قطع الدجاج المسلوق، وطاجن البطاطس والبازلاء وأصناف من الحساء».
وتطلب الصفحة من المتطوعين بالطهي أو بالتوصيل، ملء استمارات للتنسيق وتكوين قاعدة بيانات، مع التنبيه على متطلبات التباعد الاجتماعي، والوقاية الصحية «الهاي جين»، كالكمامة والقفازات الطبية.
وتلفت بسمة: «في أول يوم؛ أعددنا 20 وجبة لثلاث حالات، ثم 30 وجبة، على مدار الأيام الخمسة الماضية قدمنا 231 وجبة غذاء لـ70 حالة مصابة، بمناطق متفرقة في محافظتي القاهرة والجيزة، والصفحة أصبحت تضم نحو 15 ألف عضو».
وعن التحديات التي واجهت المبادرة، تكشف بسمة: «التحدي كان جمع التبرعات، لأننا لسنا مؤسسة، فقررنا رفض التبرعات المالية، وبالتالي أصبح التنسيق بيننا يبدأ بالتسوق، ثم الطهي، ثم توصيل الوجبات. واجهنا طلبات بتخزين الوجبات المُعدّة في مبرد، وضمان إيصال الوجبات طازجة».
لا تتضمن التبرعات مكونات غذائية فقط؛ لكنها امتدت لتوفير عبوات العسل الأبيض وأكياس المشروبات الساخنة.
وحول نطاق المبادرة، تشير: «للأسف هناك حالات في كل مناطق القاهرة والجيزة، وتأتي لنا طلبات من البدرشين والبحيرة والإسكندرية. نحاول أن تخرج المبادرة من إطار المركزية؛ لأن عدد مؤسسي المبادرة لا يزيد على 10 أشخاص، والتنسيق بين الطهاة والموصلين أمر يحتاج إلى وقت وجهد».
وبتفاؤل شديد؛ توضح بسمة: «انضمت لنا ربات بيوت وسيدات أصحاب مشروعات المطابخ (أونلاين)، والشيفات أصحاب المطاعم (البوب أب) المتنقلة، وبدأنا نرسل المواد الغذائية لهم لإعداد الوجبات؛ منهم الشيف أحمد، والشيف سمية الأسيوطي». كما أعلنت الصفحة عن تبرع الفنان المصري طارق لطفي للمبادرة.
وتلفت إلى أن تنمية الوعي بالمسؤولية المجتمعية هدف للمبادرة، فضلاً عن تشجيع روح العمل التطوعي، وتؤكد بسمة: «علاج المصابين ونجاتهم أولوية لنجاتنا جميعاً، ونطالب الناس بعدم وصم المصابين وبعض الحالات... بالفعل وجدنا أصحاب العقارات يحاولون طردهم».
وحول مستقبل المبادرة بعد الجائحة، تقول بسمة: «لم نفكر في تحويل المبادرة لمؤسسة، كل ما نتمناه أن نجتاز الفترة بسلام، وربما؛ بحكم عملنا إعلاميين ومنتجي أفلام، نفكر فيما بعد انتهاء الجائحة في عمل فيلم تسجيلي عن هذه الفترة الصعبة».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
TT

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»، فيروّج لها أصحاب المحلات الذين يبيعونها، كما اختصاصيو التغذية ومستهلكوها في آن. ويحاول هؤلاء تقديم صورة إيجابية عن طعمها ومذاقها، ويضعون هذه المكونات على لائحة أفضل الأكلات التي من شأنها أن تسهم في التخفيف من الوزن. وضمن فيديوهات قصيرة تنتشر هنا وهناك يتابعها المشاهدون بشهية مفتوحة. فالمروجون لهذه الفواكه والخضراوات يفتحون العلب أو الأكياس التي تحفظ فيها، يختارون عدة أصناف من الفاكهة أو الخضراوات ويأخذون في تذوقها. يسيل لعاب مشاهدها وهو يسمع صوت قرمشتها، مما يدفعه للاتصال بأصحاب هذه المحلات للحصول عليها «أونلاين». ومرات لا يتوانى المستهلكون عن التوجه إلى محمصة أو محل تجاري يبيع هذه المنتجات. فبذلك يستطلعون أصنافاً منها، سيما وأن بعض أصحاب تلك المحلات لا يبخلون على زوارهم بتذوقها.

خضار مقرمشة متنوعة (الشرق الاوسط)

تختلف أنواع هذه المنتجات ما بين مقلية ومشوية ومفرّزة. وعادة ما تفضّل الغالبية شراء المشوية أو المفرّزة. فكما المانجو والفراولة والتفاح والمشمش والموز نجد أيضاً الـ«بابايا» والكيوي والبطيخ الأحمر والأصفر وغيرها.

ومن ناحية الخضراوات، تحضر بغالبيتها من خيار وكوسة وبندورة وأفوكادو وفول أخضر وجزر وبامية وفطر وغيرها.

وينقسم الناس بين مؤيد وممانع لهذه الظاهرة. ويعدّها بعضهم موجة مؤقتة لا بد أن تنتهي سريعاً، فتناول الأطعمة الطازجة يبقى الأفضل. فيما ترى شريحة أخرى أن هذه المكونات المجففة والمقرمشة، يسهل حملها معنا أينما كنا. كما أن عمرها الاستهلاكي طويل الأمد عكس الطازجة، التي نضطر إلى التخلص منها بعد وقت قليل من شرائها لأنها تصاب بالعفن أو الذبول.

ولكن السؤال الذي يطرح حول هذا الموضوع، هو مدى سلامة هذه المنتجات على الصحة العامة. وهل ينصح اختصاصيو التغذية بتناولها؟

تردّ الاختصاصية الغذائية عبير أبو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: «الفواكه والخضراوات المقرمشة تعدّ من المكونات التي ينصح بتناولها. ولكن شرط ألا تكون مقلية. فالمفّرزة أو المجففة منها هي الأفضل، وكذلك المشوية. هذه المكونات تحافظ على المعادن والفيتامينات المفيدة للصحة. والبعض يأكلها كـ(سناك) كي يشعر بالشبع. ولذلك ينصح بتناولها لمن يقومون بحمية غذائية. فسعراتها الحرارية قليلة فيما لو لم تتم إضافة السكر والملح إليها».

يتم عرض هذه المكونات في محلات بيع المكسرات. والإعلانات التي تروّج لها تظهرها طازجة ولذيذة ومحافظة على لونها. بعض المحلات تتضمن إعلاناتها التجارية التوصيل المجاني إلى أي عنوان. وأحياناً يتم خلطها مع مكسّرات نيئة مثل اللوز والكاجو والبندق. وبذلك تكون الوجبة الغذائية التي يتناولها الشخص غنية بمعادن وفيتامينات عدّة.

فواكه وخضار طازجة (الشرق الاوسط)

وتوضح عبير أبو رجيلي: «كوب واحد من الخضراوات المجففة والمقرمشة يحتوي على ألياف تسهم في عدم تلف خلايا الجسم. وبحسب دراسات أجريت في هذا الخصوص فإنها تسهم في الوقاية من أمراض القلب والشرايين».

يحبّذ خبراء التغذية تناول الخضراوات والفواكه الطازجة لأن فوائدها تكون كاملة في محتواها. ولكن تقول عبير أبو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن تناولنا خضراوات وفواكه طازجة ينعكس إيجاباً على صحتنا، ولكن المجففة تملك نفس الخصائص ولو خسرت نسبة قليلة من الفيتامينات».

تقسّم عبير أبو رجيلي هذه المكونات إلى نوعين: الفواكه والخضراوات. وتشير إلى أن الأخيرة هي المفضّل تناولها. «نقول ذلك لأنها تتمتع بنفس القيمة الغذائية الأصلية. بعضهم يقدمها كضيافة وبعضهم الآخر يحملها معه إلى مكتبه. فهي خفيفة الوزن وتكافح الجوع بأقل تكلفة سلبية على صحتنا».

وبالنسبة للفواكه المجففة تقول: «هناك النوع الذي نعرفه منذ زمن ألا وهو الطري والليّن. طعمه لذيذ ولكن يجب التنبّه لعدم الإكثار من تناوله، لأنه يزيد من نسبة السكر في الدم. أما الرقائق المجففة والمقرمشة منه، فننصح بتناولها لمن يعانون من حالات الإمساك. وهذه المكونات كما أصنافها الأخرى تكون مفرّغة من المياه ويتم تجفيفها بواسطة أشعة الشمس أو بالهواء».

بعض هذه المكونات، والمستوردة بكميات كبيرة من الصين يتم تجفيفها في ماكينات كهربائية. فتنتج أضعاف الكميات التي تجفف في الهواء الطلق أو تحت أشعة الشمس. وهو ما يفسّر أسعارها المقبولة والمتاحة للجميع.

في الماضي كان أجدادنا يقومون بتجفيف أنواع خضراوات عدّة كي يخزنونها كمونة لفصل الشتاء. فمن منّا لا يتذكر الخيطان والحبال الطويلة من أوراق الملوخية وحبات البندورة والبامية المعلّقة تحت أشعة الشمس ليتم تجفيفها والاحتفاظ بها؟

وتنصح عبير أبو رجيلي بالاعتدال في تناول هذه الأصناف من فاكهة وخضراوات مجففة. «إنها كأي مكوّن آخر، يمكن أن ينعكس سلباً على صحتنا عامة».