الكاظمي يبدأ بإعادة هيكلة الأجهزة الإدارية والأمنية

أول قاضٍ حقق مع صدام مديراً لمكتبه... وأحد أبرز قادة الحرب ضد «داعش» رئيساً للأركان

الكاظمي يبدأ بإعادة هيكلة الأجهزة الإدارية والأمنية
TT

الكاظمي يبدأ بإعادة هيكلة الأجهزة الإدارية والأمنية

الكاظمي يبدأ بإعادة هيكلة الأجهزة الإدارية والأمنية

بعد انتهاء ماراثون الحقائب السبع الشاغرة من حكومته، بدأ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الخطوة الثانية باستكمال دائرة التغيير وإعادة الهيكلة في أكبر المواقع الأخرى بدءاً من إدارة مكتبه ورئاسة أركان الجيش.
وحسم البرلمان العراقي، أول من أمس، وفي غضون ربع ساعة، التصويت على ما تبقى من الكابينة الحكومية بعدما استمرت المفاوضات الخاصة بها شهراً كاملاً بين التصويت على الدفعة الأولى من الوزراء وعددهم 15 وزيراً في 6 مايو (أيار) الماضي واستكمال الكابينة.
الكاظمي الذي خوله البرلمان استحداث منصب وزير دولة للمكونات تعهد بإرسال الوزير التركماني المرشح له في غضون أيام إلى البرلمان لكي ينال الثقة. لكنه واجه أول رفض من «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي عدّ ذلك بمثابة مخالفة تشريعية ولا أساس دستورياً له. التركمان وعلى لسان رئيس جبهتهم أرشد الصالحي عبروا عن ارتياحهم لهذه الخطوة من قبل رئاسة البرلمان، وهو ما يعدّ بالنسبة لهم محاولة جادة لرفع الحيف عنهم.
إلى ذلك؛ أعلنت مصادر عراقية أن الكاظمي اختار القاضي رائد جوحي لإدارة مكتبه، فيما اختار الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، رئيساً لأركان الجيش خلفاً للفريق عثمان الغانمي الذي اختاره الكاظمي وزيراً للداخلية. ويعد يار الله أحد أبرز قادة الجيش العراقي خلال حربه مع تنظيم «داعش» التي بدأت أواخر عام 2014 خلال حقبة حيدر العبادي وانتهت أواخر عام 2017 بانتصار عسكري كبير انتهت بموجبه دولة «داعش» المزعومة التي كان أعلنها من على منبر جامع «النوري» في الموصل زعيم التنظيم السابق أبو بكر البغدادي الذي قتل عام 2019 بغارة أميركية في الأراضي السورية.
وشملت تغييرات الكاظمي عدداً آخر من القادة العسكريين مثل تعيين الفريق عبد الأمير الشمري قائداً للعمليات المشتركة، والفريق علي الأعرجي أمين السر العام لوزارة الدفاع... وغيرهم.
القاضي جوحي الذي عينه الكاظمي مديراً لمكتبه كان أول قاضٍ تولى التحقيق مع رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين عند اعتقاله من قبل الأميركيين أواخر عام 2003، شغل بعدها جوحي مواقع إدارية عدة من بينها المفتش العام لوزارة الدفاع.
إلى ذلك، أكد السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر أن اكتمال الكابينة الوزارية يعد مرحلة فاصلة بين مرحلتين. وقال الشابندر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «اكتمال الكابينة الحكومية إنما يمثل الخط الفاصل بين مرحلة الجهاد الأصغر ومرحلة الشروع بالجهاد الأكبر». وأضاف أن «الجهاد الأكبر الذي ينتظره عامة العراقيين إنما يتمثل بالنزاهة والكفاءة والوطنية والإخلاص للعراق وشعبه»، مبيناً أن «الشعب العراقي عانى طوال حقب عديدة من تاريخه من كل أنواع الظلم والفقر، وهو ما يتطلب تغيير ذلك».
من جهته، أبدى «ائتلاف النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي تأييده حكومة الكاظمي، لكنه طالبها بتنفيذ مهام المرحلة الانتقالية. وقال الائتلاف في بيان أمس: «نعلن تأييدنا لحكومة الكاظمي رغم التحفظ الشديد على المحاصصة والمصالح والترضيات التي فرضتها بعض القوى»، مبيناً أن «تأييد (النصر) ينبع من تشخيصه لخطورة وضع الدولة وأزماتها الراهنة مما يحتم التضامن لتجاوزها». وأضاف أن «حكومة الكاظمي حكومة مؤقتة لمرحلة انتقالية، وأنَّ نجاحها مرهون بتأدية مهام المرحلة الانتقالية والتي في طليعتها إجراء انتخابات نزيهة، وحصر السلاح بيد الدولة، وفرض سلطة القانون، وتلبية مطالب المحتجين السلميين، ومعاقبة الجناة». وتابع أن «حكومة الكاظمي أتت كبديل لأخطاء وخطايا الحكومة السابقة بحق الشعب والدولة، ومهامها الأساس تتمثل بقيادة النظام السياسي لتحولات حقيقية تقود إليها إجراءات المرحلة الانتقالية»، مشيراً إلى أن «التأييد والمعارضة لحكومة الكاظمي مرتبطان بجديتها وقدرتها على تأدية مهام التحول الانتقالي، وألا تكون امتداداً لما سبقتها فتخضع لمعادلات المصالح الإثنية الطائفية الحزبية على حساب مصالح الشعب والدولة».
من جهته، أكد تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أن حكومة الكاظمي سوف تواجه تحديات صعبة. وقال النائب عن التحالف رامي السكيني في تصريح إن «هنالك تحديات جديدة وصعبة ستواجه حكومته في الجوانب الاقتصادية والصحية والعلاقات الدولية والتوازن الإقليمي والدولي بالمنطقة». وأضاف السكيني أن «إضعاف الحكومة الحالية تحت أي ذريعة، هو أمر لن يخدم العراق في مواجهة الأزمات الحالية، بالتالي فعلينا جميعاً دعم حكومة الكاظمي، ما دامت القرارات الصادرة منها قانونية ولخدمة المصالح العامة»، مشدداً على «أهمية استمرار مسيرة حكومة الكاظمي وتقويتها لتجاوز التحديات الأمنية والاقتصادية والصحية الراهنة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».