الدعوات لتشكيل حكومة وحدة وطنية لا تلقى استجابة من عون

بقاء حكومة دياب يخدم طموحات باسيل في الرئاسة اللبنانية

الرئيس ميشال عون خلال استقباله أمس وفد «الهيئة اللبنانية للانقاذ» (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون خلال استقباله أمس وفد «الهيئة اللبنانية للانقاذ» (دالاتي ونهرا)
TT

الدعوات لتشكيل حكومة وحدة وطنية لا تلقى استجابة من عون

الرئيس ميشال عون خلال استقباله أمس وفد «الهيئة اللبنانية للانقاذ» (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون خلال استقباله أمس وفد «الهيئة اللبنانية للانقاذ» (دالاتي ونهرا)

قال مصدر نيابي إنه لا يتوقع أن تلقى دعوة نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي لتشكيل حكومة وحدة وطنية استجابة من رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة حسان دياب باعتبار أن من أول مفاعيلها رحيل حكومة دياب للمجيء بحكومة يُفترض أن تشكّل شبكة أمان للبنان وتوقف الانهيار المالي والاقتصادي مع الانتقال بالمفاوضات اللبنانية الجارية بين الحكومة وصندوق النقد الدولي من تبادل الآراء التقنية إلى الدخول في طلب توفير المال الذي يمكّن الحكومة من مباشرة تنفيذ خطة التعافي المالي.
ورأى المصدر النيابي البارز أن دعوة الفرزلي تبقى حتى إشعار آخر في حدود إطلاق صرخة لوقف الانهيار وقطع الطريق على ذهاب البلد إلى المجهول، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الدعوة ليست أكثر من صرخة أراد منها صاحبها أن يدق ناقوس الخطر تقديراً منه أن الحكومة الحالية ليست مؤهلة للقيام بدور إنقاذي.
ولفت إلى أن الاستجابة لدعوة الفرزلي يمكن أن تؤسس لمرحلة سياسية جديدة لا يراد منها إنقاذ البلد قبل فوات الأوان فحسب وإنما تسهم في إعادة تعويم «العهد القوي» الذي لم ينجح حتى الساعة في تحقيق أبرز ما تعهد به في خطاب القسم بعد انتخابه رئيساً للجمهورية.
واعتبر أن العائق الوحيد الذي لا يزال يحول دون التأسيس لمرحلة سياسية جديدة وتهيئة الظروف لولادة حكومة وحدة وطنية يكمن في إصرار رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على أن هذه الحكومة تؤمّن له ما يريد لخدمة طموحاته الرئاسية، وقال إنه يتصرف وكأنه وحده يتحكّم بالقرار السياسي مع أنه أخفق في تسويق دعوته لإجراء تعديل وزاري لاستبدال وزراء من تياره السياسي بآخرين بذريعة افتقادهم إلى الخبرة.
وأكد المصدر نفسه أن دعوة الفرزلي تفتقد إلى وجود خطة وبرنامج عمل يتناول مرحلة ما بعد استقالة الحكومة، وقال إن نائب رئيس البرلمان الذي يقف حالياً على خط الاختلاف مع باسيل، يقيم علاقة جيدة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يتفاعل مع دعوته إلى تغيير الحكومة لكن تسويقها في حاجة إلى تهيئة الأجواء التي يبدو أنها غير متوافرة.
وقال إن الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية يجب أن تتلازم مع اتفاق مسبق يتناول جميع التفاصيل من تسمية رئيسها إلى التفاهم على أسماء الوزراء مروراً ببرنامج عملها، ورأى أن كل هذه الشروط ليست في متناول اليد، إضافة إلى أن الرئيس عون لن يفرّط بحكومة دياب التي لا تشكّل إزعاجاً له ويتناغم معه رئيسها إلى أبعد الحدود، وهذا ما حصل عنما قرر الأخير عدم الدخول معه في اشتباك سياسي على خلفية تراجعه عن ترحيل إنشاء معمل سلعاتا لتوليد الكهرباء من خطة إعادة تأهيل هذا القطاع.
وسأل المصدر النيابي كيف أن عون يدافع عن صلاحيات رئيس الحكومة وهو من اضطرها إلى التراجع عن «قرارها الكهربائي» استجابة لطلب باسيل؟ وقال إن العائق أمام تغيير الحكومة يكمن في استحالة تشكيل حكومة وحدة وطنية ما لم يبادر عون إلى إعادة النظر في تعاطيه مع المرشحين لتولي رئاستها وجميعهم من اصطدم معه ولا يُبدون حماسة لإعادة نظرهم في إمكانية التعاون.
لذلك، فإن حكومة دياب باقية رغم افتقادها إلى الحد الأدنى من الانسجام وفي ضوء عدم مبادرة رئيسها للدخول في سجال مع تيار «المستقبل» على خلفية اتهامه بأنه أفرغ رئاسة الحكومة من صلاحياتها، وإيكاله مهمة الرد لرئيس الجمهورية.
وعليه، فإن الحكومة وإن كانت تتذرّع - كما يقول المصدر النيابي - في تبريرها لتقصيرها في مواجهة الأزمة الاقتصادية بأنها مضطرة لمنع تفشي وباء «كورونا»، فإنها في المقابل لن تلتفت إلى معاودة الانتفاضة الشعبية للتحرك وهي تتحضّر لإصدار رزمة من التعيينات في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل لملء الشواغر في الإدارات المالية والمصرفية.
وعلمت «الشرق الأوسط» أنه لن يطرأ أي تعديل في خصوص التعيينات المتعلقة بنواب حاكم مصرف لبنان وأسماء المرشحين وسيم منصوري، سليم شاهين، خالد عبد الصمد والآخر الأرمني الذي يسميه حزب «الطاشناق»، إضافة إلى تعيين مفوض الحكومة لدى المصرف ورئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف والأسواق المالية.
وأكدت مصادر نيابية أن هذه التعيينات ستخضع للمحاصصة وأن دياب يصر على تعيين القاضية رندة يقظان لرئاسة مجلس الخدمة المدنية ويربط الإفراج عن التعيينات بسحب الاعتراض على تعيينها في ضوء ما تردد بأنه يشترط إصدارها في سلة واحدة.
وأخيراً، فإن الحكومة باقية إلى أن يقول «حزب الله» كلمته ويقرر بقاءها أو رحيلها بصرف النظر عما لديه من ملاحظات على تعاملها مع الملفات الأساسية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.