شيوخ الحرف التراثية يدخلون عالم الورش الافتراضية

النسيج اليدوي و{الكروشيه} والتطريز الأكثر انتشاراً

خبراء الحرف اليدوية يحافظون على تراث أجدادهم عبر ورش تعليم افتراضية
خبراء الحرف اليدوية يحافظون على تراث أجدادهم عبر ورش تعليم افتراضية
TT

شيوخ الحرف التراثية يدخلون عالم الورش الافتراضية

خبراء الحرف اليدوية يحافظون على تراث أجدادهم عبر ورش تعليم افتراضية
خبراء الحرف اليدوية يحافظون على تراث أجدادهم عبر ورش تعليم افتراضية

لا يزال الاحتفاء بتعليم الحرف اليدوية مستمراً في مصر رغم الحظر المفروض بسبب الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس «كورونا»، لكن إتاحة تعليمها «عن بعد» بهذا الشكل المكثف والمنتظم يحدث لأول مرة، بفعل الجائحة. تقديم هذه الورش لا يقتصر على المراكز الخاصة الهادفة للربح أو شباب الحرفيين الذين ربما يكونون قد اعتادوا على استخدام شبكة المعلومات ومواقع السوشيال ميديا إنما انضم إليهم أيضاً شيوخ المهن اليدوية و«أسطواتها».
في ورشته بمنطقة «مصر القديمة» بالقاهرة اعتاد عم أيمن عبد العال قضاء ساعات طويلة في صنع قطع فنية يدوية من «الزجاج المعشق»؛ فتتنقل عيناك وهما تتأملان براعة يديه وسلاسة حركتهما أثناء تصنيع التحف من الزجاج المعشق بأنواعه الأربعة: «الرصاص والمعشق كابر، والمعشق موزاييك، والمعشق إكريلك» إلى جانب فنون أخرى كالبراويز الأنتيك. وقبل الجائحة كان يفاجئ متابعيه من محبي هذا الفن من حين إلى آخر بتصويره مقاطع فيديو تعليمية يبثها «لايف» على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف التعريف بحرفته التي ورثها عن أجداده، انطلاقاً من إحساس فطري بالمسؤولية تجاهها وخوفاً من اندثارها، لكن بعد فرض الحظر «تطور الأمر».
رأى عم أيمن الشهير بـ«أيمن براويز» أنه في ظل تراجع عدد ساعات العمل بالورشة بسبب حظر التجول، أصبحت المسؤولية أمامه أكبر؛ فقد أصبح لديه متسع من الوقت لتحقيق جزء من حلمه وهو نقل هذه الحرفة للأجيال القادمة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «مرت الشهور، ولا أحد يعرف متى سينتهي الوباء، وتعود الحياة إلى طبيعتها، ومن هنا ازداد قلقي على حرفة أجدادي، خصوصاً أنه كان ولايزال لهذا الفن التراثي في مصر طابع خاص يجعله مختلفاً عن مثيله في الدول الأخرى، ومن هنا قررت تنظيم عدد كبير من الورش أون لاين».
يقدم براويز في ورشه مبادئ صناعة الزجاج المعشق، ويتضمن ذلك سبل التصميم الزخرفي، وخطوات تقطيع الزجاج الملون إلى أجزاء بأداة تسمى «الألماظة»، ثم يعيد أمام جمهوره تجميعها وتعشيقها على أضلاع رفيعة من الرصاص.
وتتوقف طويلاً أثناء الورشة أمام روعة وأصالة أشكال النباتات أو الطيور والأشكال الهندسية التي يقدمها، وتستمر تتابع سائر الخطوات مثل «تحفيف الزجاج وتعشيقه ولحامه». ومن الطريف أن براويز يقدم ورشة تحت شعار: «عندما يحب أي شخص مشاهدة أعمالك الفنية التي ستنتجها عليه أن يرفع رأسه فوق؛ لأنها غالية وعالية... هي تراث بلادك».
وإذا كان هناك العديد من الحرفيين الآخرين قد أطلقوا ورشاً مماثلة انطلاقاً من وعي ذاتي بضرورة استثمار الوقت في وجود الحظر المنزلي في إشباع رغبتهم في المحافظة على موروثهم الفني، فربما يكون الأسلوب الذي اختاره الباحث المصري مصطفى كامل مؤسس مبادرة «يالا على الورشة» في الاحتفال باليوم العالمي للتراث هذا العام والذي صادف يوم 18 أبريل (نيسان)، الماضي، قد ساهم في التوسع في تنفيذ هذه الفكرة وانتشارها الملحوظ.
حيث احتفل به «أون لاين»، نظراً للظروف التي تمر بها مصر والعالم. وقام مصطفى الشهير بـ«الطوّاف» ببث مجموعة من «الفيديوهات» لعدد من الحرف اليدوية ومنها صناعة الكليم بخطواته، والتطعيم بالصدف والنقش على النحاس والحصير والأدوات المصنوعة من الخوص وغيرها، وذلك كله كبديل لزياراته الميدانية المعتادة مع مجموعات من محبي الحرف اليدوية لورش الحرفيين في أماكنها على مدار اليوم في السنوات السابقة.
ويعلق كامل على هذه الورش قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «استمرار الورش التي كنا قد بدأناها في اليوم العالمي للتراث عبر الإنترنت إلى الآن، يدل على وعي (أسطوات مصر) وخوفهم على اندثار التراث الذي يُعد مرادفا للهوية المصرية».
تتنوع مجالات الورش الافتراضية بشكل غير مسبوق، حتى تكاد تغطي مختلف الحرف والفنون التراثية واليدوية ما بين الخزف وورق البردي والنقش على النحاس والمشغولات الجلدية بالدق والضغط اليدوي والنحت على الخشب والنحت على الرمل الحجري وصناعة التماثيل الفرعونية، لكن ربما الأكثر انتشاراً وإقبالاً على تعلمها هي النسيج اليدوي والكروشيه والتطريز السيناوي والسيوي والحقائب المستلهمة من التراث، وترجع نصرة حسن مدربة النسيج اليدوي المعتمدة لدى العديد من الجهات والمراكز الثقافية بمصر ذلك إلى «تعلم هذه الحرف أسهل وأكثر واقعية، وبالتالي أكثر وأسرع ربحاً، لا سيما في ظل انتشار التسويق الإلكتروني واحتراف كثير من السيدات مبادئه؛ ما يساعدهن على زيادة دخلهن، كما أن هذه الحرف اليدوية لا تتطلب أدوات وخامات ضخمة أو مرتفعة الثمن أو ممنوع تواجدها في المنزل كالأفران مثلاً». منة علي، طالبة جامعية مصرية، تشارك في التعلم «عن بعد» لفن التطريز السيناوي اليدوي تقول: «استثمرت وقتي بعد تقديم الأبحاث المطلوبة مني وإلغاء الامتحانات في متابعة الورش بشغف شديد، تعلمت الكثير، حيث أشاهد الفيديو الواحد مرات ومرات، ما يسمح لي بإتقان الغرز، الأكثر من ذلك أن المدربة تتلقى الأسئلة وتجيب عنها باستفاضة».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
TT

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)
فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة»، حيث تصدر الفيلم شباك التذاكر بعد اليوم الثامن لعرضه في مصر، محققاً إيرادات تقارب الـ45 مليون جنيه (الدولار يساوي 50.78 جنيه مصري).

وينافس «الحريفة 2» على إيرادات شباك التذاكر بجانب 7 أفلام تعرض حالياً في السينمات، هي: «الهوى سلطان»، و«مين يصدق»، و«اللعب مع العيال»، و«وداعاً حمدي»، و«المخفي»، و«الفستان الأبيض»، و«ولاد رزق 3» والأخير تم طرحه قبل 6 أشهر.

وأزاح فيلم «الحريفة 2» الذي تقوم ببطولته مجموعة من الشباب، فيلم «الهوى سلطان»، الذي يعدّ أول بطولة مطلقة للفنانة المصرية منة شلبي في السينما، وكان يتصدر إيرادات شباك التذاكر منذ بداية عرضه مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويعد الجزء الثاني من الفيلم «الحريفة» هو التجربة الإخراجية الأولى للمونتير المصري كريم سعد، ومن تأليف إياد صالح، وبطولة نور النبوي، وأحمد بحر الشهير بـ«كزبرة»، ونور إيهاب، وأحمد غزي، وخالد الذهبي، كما يشهد الفيلم ظهور مشاهير عدة خلال الأحداث بشخصياتهم الحقيقية أو «ضيوف شرف» من بينهم آسر ياسين، وأحمد فهمي.

لقطة من فيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

وتدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي اجتماعي شبابي، حول المنافسة في مسابقات خاصة بكرة القدم، كما يسلط الضوء على العلاقات المتشابكة بين أبطال العمل من الشباب.

الناقدة الفنية المصرية مها متبولي ترجع سبب تصدر فيلم «الحريفة 2» لإيرادات شباك التذاكر إلى أن «أحداثه تدور في إطار كوميدي»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الشباب الذين يشكلون الفئة الكبرى من جمهور السينما في حاجة لهذه الجرعة المكثفة من الكوميديا».

كما أكدت متبولي أن «سر الإقبال على (الحريفة 2) يعود أيضاً لتقديمه حكاية من حكايات عالم كرة القدم المحبب لدى الكثيرين»، لافتة إلى أن «هذا العالم يمثل حالة خاصة ونجاحه مضمون، وتاريخ السينما يشهد على ذلك، حيث تم تقديم مثل هذه النوعية من قبل وحققت نجاحاً لافتاً في أفلام مثل (الحريف) و(رجل فقد عقله)، من بطولة عادل إمام، وكذلك فيلم (سيد العاطفي)، من بطولة تامر حسني وعبلة كامل».

ونوهت متبولي إلى أن الفنان أحمد بحر الشهير بـ«كزبرة» يعد من أهم عوامل نجاح الفيلم؛ نظراً لتمتعه بقبول جماهيري كبير، مشيرة إلى أن «السينما المصرية بشكل عام تشهد إقبالاً جماهيرياً واسعاً في الموسم الحالي، وأن هذه الحالة اللافتة لم نلمسها منذ فترة طويلة».

وتضيف: «رواج السينما وانتعاشها يتطلب دائماً المزيد من الوجوه الجديدة والشباب الذين يضفون عليها طابعاً مختلفاً عبر حكايات متنوعة، وهو ما تحقق في (الحريفة 2)».

الملصق الترويجي لفيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

وأوضحت أن «الإيرادات اللافتة للفيلم شملت أيام الأسبوع كافة، ولم تقتصر على يوم الإجازة الأسبوعية فقط، وذلك يعد مؤشراً إيجابياً لانتعاش السينما المصرية».

وبجانب الأفلام المعروضة حالياً تشهد السينمات المصرية طرح عدد من الأفلام الجديدة قبيل نهاية العام الحالي 2024، واستقبال موسم «رأس السنة»، من بينها أفلام «الهنا اللي أنا فيه» بطولة كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني، و«بضع ساعات في يوم ما» بطولة هشام ماجد وهنا الزاهد، و«البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» بطولة عصام عمر، و«المستريحة»، بطولة ليلى علوي وبيومي فؤاد.