حمدوك لـ«الشرق الأوسط»: علاقاتنا مع واشنطن تتقدم ولا خوف مع إثيوبيا... والسلام اقترب

رئيس الوزراء السوداني أكد سعي الخرطوم إلى اتفاق حول «سد النهضة» وتوقع «فوائد كبيرة جداً»

حمدوك لـ«الشرق الأوسط»: علاقاتنا مع واشنطن تتقدم ولا خوف مع إثيوبيا... والسلام اقترب
TT

حمدوك لـ«الشرق الأوسط»: علاقاتنا مع واشنطن تتقدم ولا خوف مع إثيوبيا... والسلام اقترب

حمدوك لـ«الشرق الأوسط»: علاقاتنا مع واشنطن تتقدم ولا خوف مع إثيوبيا... والسلام اقترب

أكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك أن خروج بلاده من قائمة الإرهاب الأميركية، بات وشيكاً جداً، مشيراً إلى حدوث «تقدم كبير» في العلاقات مع الولايات المتحدة، وتفاهمات كثيرة، وأنه تبقى جزء بسيط متعلق بالتعويضات فيما يخص تفجيرات سفارتي أميركا في نيروبي ودار السلام. وأضاف: «حتى هذه القضية قطعنا فيها خطوات كبيرة، ونتوقع أن نصل إلى نهايات في القريب العاجل». وأضاف: «منذ جئنا للسلطة، نعمل على معالجة ملف الإرهاب، وأحرزنا تقدماً كبيراً، ونتوقع أن يكون هذا الملف في نهاياته».
في ذات الوقت، دعا حمدوك في حوار شامل مع «الشرق الأوسط»، لإقامة علاقات قوية مع المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية، تتجاوز العون والمساعدات، إلى التكامل غير المحدود. وشدّد على أن العلاقات مع الرياض وأبوظبي «جيدة جداً... ونشيد بالدعم الذي نتلقاه منهما، لكنا نطمح أن ترتقي العلاقة لمجال أكبر من الهبات».
وقال حمدوك إنه غير قلق من حدوث تصعيد مع إثيوبيا، بعد التوترات الحدودية الأخيرة، مشدداً على أن البلدين بينهما من الآليات «ما يمكن أن يساعد في معالجة الأزمة». وأكد أن بلاده «طرف أصيل في موضوع سدّ النهضة»، وتوقع «فوائد كبيرة جداً». وأضاف أن «ما قمنا به من عمل هو مساعدة الأطراف الثلاثة، ووقف التصعيد والعودة لمائدة التفاوض، لنصل إلى اتفاق يُمكن إثيوبيا من ملء بحيرة السد قبل البدء في ملء البحيرة».
وأشار إلى قدرته على حلّ أزمات السودان الاقتصادية، قائلاً: «لو لم أكن مقتنعاً بمعالجة الأزمة الاقتصادية، فلن أظل في مقعدي ليوم واحد، نحن مقتنعون تماماً بأننا بلد غني بموارده الكثيرة، ورثنا اقتصاداً منهاراً تماماً، لكن بوحدتنا وبقدرتنا على مخاطبة المكون المحلي والعالم الخارجي حولنا، نستطيع خلق مناخ على المدى القصير يساعدنا على الخروج من الحفرة الموجودين فيها».

> أصدر مجلس الأمن الدولي أمس، قرارين، استجابة لطلب الحكومة إنشاء بعثة سياسية خاصة بالسودان، وتمديد أجل بعثة يوناميد، ما تأثيرهما على الأوضاع في السودان؟
- طلبنا إرسال بعثة سياسية للسودان تحت البند السادس، ووجد القرار استجابة وموافقة من المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي، وهي بعثة لمساعدتنا في تحديات الانتقال وعلى رأسها عملية السلام، ونسعى لإخراج السودان من تحديات ومشاكل البند السابع الذي ظل موجوداً فيه لمدة 15 عاماً.
هذه العملية تتم وفق رؤية الحكومة السودانية، وهذا ما ذكره مجلس الأمن الدولي: أن تتم العملية وفقاً لحفظ السيادة الوطنية.
مفاوضات السلام في جوبا تمضي بصورة جيدة، وسنصل إلى اتفاق سلام، بما في ذلك الحركات التي لا تشارك في المفاوضات الآن، وللسلام استحقاقات كثيرة جداً منها إعادة اللاجئين والنازحين، وتوفير الأمن الغذائي والمرافق والخدمات لهم، والبعثة الأممية ستساعدنا في جمع الموارد لتلبية متطلبات السلام.
كذلك ستساعدنا البعثة خلال الفترة الانتقالية للتحضير للانتخابات، وهي علمية مكلفة لأي دولة خارجة من حروب ونزاعات، ونحن سعداء بالشكل الذي تم به القرار.
أما اللغط الذي دار بأن البعثة تضم قوات عسكرية، فهذا الحديث غير صحيح، والبعثة تأتي وفق رؤيتنا، ونحن من نقودها وهي توفر لنا ما نريد.
> ما تعليقك على الآراء التي تتحدث عن أن وجود البعثة فيه انتقاص للسيادة الوطنية؟
- هذا حديث غريب، فالسودان عضو في الأمم المتحدة، ومن الطبيعي أن يلجأ لها للبحث عن الدعم، والغريب أن من يتباكون على السيادة الوطنية يتناسون أن هنالك الآلاف من القوات الأممية موجودة بالفعل في البلاد منذ أكثر من 15 عاماً، وتحت البند السابع.
> كيف يمكن أن يؤثر القرار على علاقات السودان الدولية في ظل التعقيدات القائمة بين السودان وأميركا حول لائحة الإرهاب؟
- منذ جئنا للسلطة فنحن نعمل على ملف الإرهاب وأحرزنا تقدما كبيراً ونتوقع أن يكون هذا الملف في نهاياته.
> ما آخر المستجدات في الحوار مع أميركا على ملف رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية الإرهاب؟
- ما حدث تطور كبير جدا، ووصلنا لتفاهمات كبيرة حوله، وتبقى جزء بسيط متعلق بالتعويضات في تفجيرات سفارتي أميركا في نيروبي ودار السلام، وحتى هذه القضية قطعنا فيها خطوات كبيرة، ونتوقع أن نصل إلى نهايات في القريب العاجل.
> من أين ستسددون أموال التعويضات؟
- سنناقش هذا الأمر مع الأميركان والأشقاء في الإقليم، ونأمل بأن نصل لتفاهمات، وهو ملف ظللنا نعمل عليه منذ مجيئنا للسلطة، ونتوق لأن يحدث فيه انفراج كبير قريباً.
> متى تتوقعون رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب؟
- كانت توقعاتنا أن يحذف اسم السودان من لائحة الإرهاب أمس، ولكن أتوقع أن ترفع بشكل سريع وعاجل جدا.
> عين السودان سفيره في واشنطن، ووافقت واشنطن على تطوير علاقتها لمستوى سفير، فمتى سيصل السفراء؟
- اتفقنا في زيارتي لواشنطن ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على تبادل السفراء، لم يكن لأميركا سفير لدى السودان منذ 23 عاماً، فقرروا تعيين سفير، وهذا يعتبر تقدماً كبيراً في العلاقات بين البلدين، وأعتقد أن الظروف المتعلقة بجائحة كورونا أدت إلى تأخير تعيين السفير الأميركي بالخرطوم.
> هنالك جدل حول عملية السلام مع الحركات المسلحة، وتوجه لها كثير من الانتقادات - بما في ذلك عدم تكوين مفوضية الانتخابات لتشرف عليها - تصل إلى أن البعض يقول إن العسكريين اختطفوا عملية السلام؟
- هذا غير صحيح، فمنذ تشكيل الحكومة الانتقالية، وضعنا رؤية لتحقيق السلام، تخاطب قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإصلاح القوانين وجبر الضرر والمصالحات والعدالة الانتقالية والترتيبات الأمنية والعون الإنساني، وكل أوراق التفاوض تمت صياغتها بواسطة مجلس الوزراء، ويشارك بعض الوزراء في المفاوضات مع الحركات المسلحة في جوبا، وقد قمت شخصياً بزيارة جوبا.
أنا على اتصال مباشر ودائم بقيادات الجبهة الثورية والحركات المسلحة الأخرى غير المشاركة في المفاوضات، أما الحديث عن اختطاف ملف السلام فهو غير موفق، مجلس السيادة جزء من السلطة الانتقالية، نحن حكومة فترة انتقالية متكاملة ولا يوجد تنافس بيننا.
الذي يقود المفاوضات الآن هو عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي، وهو من المدنيين، أما مشكلة مفاوضات السلام، فإنها خاطبت مسارات أكثر من كونها خاطبت محاور، وهو ما أطال أمد التفاوض.
كان هنالك تفاؤل كبير بأن يتم السلام خلال شهر من تشكيل الحكومة الانتقالية، وهنالك مقترح بعدم تشكيل الحكومة والانتظار لمدة شهر حتى تضم حركات الكفاح المسلح للحكومة، لكن هذه المساءلة لم تتم لأن روح التفاؤل كانت الحاكمة وقتها، وهو تفاؤل مبرر، لأن قوى الكفاح المسلح جزء من الثورة والتغيير وقد ساهمت فيه بشكل كبير جدا.
ولا نسمي ما يجري في جوبا «تفاوضاً»، إنما حوار بين طرفين المشتركات بينهما كبيرة جدا، هنالك حركات لم يجر التفاهم معها حتى الآن، «حركة تحرير السودان، بقيادة عبد الواحد النور»، و«الحركة الشعبية شمال، بزعامة عبد العزيز الحلو»، وقد بدأنا معهما التفاوض، ثم توقف بسبب بعض التعقيدات، وفي المرحلة الثانية من السلام نريد استصحاب كل الإيجابيات والسلبيات التي حدثت في المرحلة الأولى، وأنا على تواصل مستمر مع قيادات الحركتين.
> لكن حركة عبد العزيز الحلو لا تزال متمسكة بموقفها التفاوضي من قيام دولة علمانية؟
- من المهم جدا في عملية السلام عدم التمترس حول موقف محدد، والمعادلات الصفرية، ينبغي أن نذهب إلى التفاوض بذهن مفتوح، وبلا خطوط حمراء، وأن نتحاور بروح وطنية عالية في كل القضايا، ما أضر السودان سوى عدم مناقشة المسكوت عنه بروح مفتوحة، وبالتأكيد سنصل إلى تفاهم حول هذه القضايا، ففي مؤتمر أسمرة للقضايا المصرية الذي تم في عام 1955 تم التوصل إلى معالجة علاقة الدين بالدولة، وكذلك المقاربات التي تمت للقضية في الدستور الانتقالي 2005. وما دمنا حريصين على البلد وعلى استدامة التنمية والديمقراطية فسنجلس إلى طاولة الحوار حول كل القضايا وسنصل فيها لاتفاق.
> تطاول أمد المفاوضات أثر على أداء الحكومة؟
- لم يكن في توقعاتنا أن يأخذ السلام هذا الوقت الطويل، ويرجع ذلك إلى أن التفاؤل متزايد بإيقاف الحرب وبناء السلام، باعتبار ذلك مطلباً أساسياً لو لم يتم إنجازه فإن أي حديث عن ديمقراطية مستدامة سيكون معلقا في الهواء.
> ما رأي الحكومة في التوترات الأمنية التي حدثت في دارفور بين الجيش وحركة تحرير السودان هذا الأسبوع؟
- منذ بدء الفترة الانتقالية لم تتوقف الصدامات والمشاكل ذات الطابع الإثني والقبلي في ولايات دارفور وبورتسودان وكسلا وكادوقلي، هذه النزاعات والصدامات مرتبطة بالدمار الشامل الذي خلقه النظام المعزول، بتكريسه الجهوية وإثارته للفتن والوقيعة بين الإثنيات والقبائل.
هذه تحديات تواجه الحكومة الانتقالية، وتحتاج إلى معالجات خاصة لمشكلة استرخاص القتل والدم السوداني، الذي جعل الموت سهلا، لأن الدولة والقبيلة تتدخلان لدفع الديات لحوادث القتل، لوقف هذا وضعنا منهجاً يقوم على أن أي شخص يعتدي على الآخر يواجه بالقانون، وأن نعمل على فرض هيبة الدولة.
> لماذا يبدو البطء في إكمال هياكل الانتقال بحسب الوثيقة الدستورية؟
- هناك بطء في تعيين الولاة المدنيين، وتشكيل المجلس التشريعي، هذين الملفان عطفاً على روح التفاؤل التي سادت بعد الثورة، تم ربطهما بتحقيق السلام، نحن في مؤسسات السلام والحكم الانتقالي وصلنا لنتيجة، أن هذا الربط لم يكن صحيحاً، وما كان علينا ربطهما بتحقيق السلام، وهذا خطأ، لكنه تم بتوقعات أن السلام قريب، كنا نقول دعونا ننجز هذه الأشياء مع بعض، وبروح إشراك قوى الكفاح المسلح في تشكيل هذين الهيكلين، وقبل فترة أسبوعين إلى ثلاثة وصلنا معهم لاتفاق على تعيين ولاة مؤقتين، وتكوين المجلس التشريعي قبل تحقيق السلام، وهناك جدية كاملة للتعامل مع الأمر.
المجلس التشريعي... لو كانت هناك إضافة حقيقية للانتقال الثالث مقارنة بانتقال أكتوبر (تشرين الأول) 1964 وأبريل (نيسان) 1985 فهو المجلس التشريعي، وقد توافق الموقعون على الوثيقة الدستورية على قيام مجلس تشريعي وهي إضافة ليست هينة، وأنا أسميها «جمعية وطنية» وليس مجلسا تشريعيا، لو تم الأمر باكرا لكان سيتيح لنا الفرصة لمناقشة قضايا البلد الكبيرة، قصة العلمانية وشكل الدولة، الانتخابات والدستور، وكل القضايا كان يمكن مناقشتها في مجلس تشريعي بوجود ممثلين لمختلف ألوان الطيف السياسي، وهذا عادة لا يتحقق نتيجة لانتخابات، لكن ما تزال هناك فرصة للقيام بذلك. المحزن أننا ندعم البلدان الأخرى، لذلك يجب أن نصل فيه لتفاهم ونتخذ فيه قرارا واضحا، وأرى أن على الحاضنة السياسية أن تتفق معنا عليه.
> قرار زيادة الرواتب بنسبة تجاوزت 500 في المائة، هل تم التحسب لما قد ينتج عنه من آثار تضخمية؟
- نحن واعون لهذا الجانب، لذلك قبل أشهر من صدور هذا القرار، اتخذنا حزمتين أساسيتين «برنامج سلعتي» وهو برنامج حدد أكثر من 10 سلع استراتيجية قمنا بوضع ميزانياتها وتكلمنا فيها بشكل مفصل مع منتجيها، لتذهب مباشرة من المنتج للمستهلك، وهذا يوفر ما نسبته 30 - 40 في المائة من سعر السلعة بقطع الطريق أمام الوسطاء، والشيء الآخر الذي بدأنا فيه بشكل جاد هو تفعيل اقتصادات التعاون لتوفير السلع لكل المواطنين، وذهبنا فيه خطوات كبيرة، ما يساعد فيما قد ينتج عن زيادة المرتبات وأي آثار تضخمية لها.
> في مجال تفكيك نظام الإنقاذ، نسبت لك تصريحات تتحدث فيها عن «عدالة انتقالية»، وفهمت أنها محاولة لإعادة «إسلاميين» للواجهة من هذه البوابة؟
- لم أتحدث عن قوى سياسية في هذا الموضوع، إسلاميين أو غيرهم، لكني تحدثت أننا ولأكثر من 60 سنة منذ استقلال البلاد، فشلنا في خلق نموذج للاستقرار وتحقيق المشروع الوطني الذي يحفظ استقرار السودان واستدامة الديمقراطية، لذلك يجب أن نصل لتفاهم حول قيام مشروع وطني يجمع عليه كل السودانيين، ونترك مسألة من يحكم لخيارات الشعب السوداني، هذا الشق الأول من المشروع، أما الشق الثاني منه فيتمثل في إقامة مشروع تنموي نهضوي يخاطب قضايا التنمية المستدامة، هذان الذراعان مع بعضهما، يشكلان المشروع الوطني.
هذا المشروع لم يدخل في تفاصيل مخاطبة أي مكون، أو أي سياسي، نحن في فترة انتقالية ليست فيها أحزاب، نحن نتكلم عن مشروع وطني، يخاطب هذه الحاجة.
> لكنك التقيت بعض رموز الإسلاميين، مثل غازي العتباني مثلا؟
- طلب لقاءنا ونحن نلتقي أي سوداني، والعتباني يلتقي كل قوى إعلان الحرية والتغيير، ليست لنا أجندة سياسية، وكل ما نفعله يقال.
> شهدت الحدود بين إثيوبيا والسودان حالة من التوتر الأمني والعسكري مؤخراً، إلى أين تسير الأوضاع مع الجارة الشرقية؟
- تجمعنا بإثيوبيا علاقات الجيرة والثقافة والتاريخ، وبيننا من الآليات ما يمكن أن يساعد في معالجة الأزمة، فهناك لجنة خماسية مشتركة مكونة من وزير مجلس الوزراء من جانبنا، ونائب رئيس الوزراء من جانبهم، ووزراء الخارجية من البلدين، وقادة هيئات الأركان والاستخبارات، اجتمعت الشهر الماضي ونتوقع عقدها خلال هذا الشهر لمعالجة الأزمة، نحن غير قلقين من حدوث تصعيد.
> تقدمت بمبادرة لإعادة كل من السودان ومصر وليبيا لطاولة التفاوض لحل مشكلة سد النهضة، أين وصلت؟
- نحن لسنا وسطاء في موضوع سد النهضة، نحن طرف أصيل، نستفيد من السد فوائد كبيرة جداً، ما قمنا به من عمل هو مساعدة الأطراف الثلاثة ووقف التفويض والعودة لمائدة التفاوض، لنصل لاتفاق يمكن إثيوبيا من ملء بحيرة السد قبل البدء في ملء البحيرة.
> تحتفظون بعلاقات جيدة بدول الخليج، لا سيما السعودية والإمارات، لكن المراقبين يتحدثون عن ثمة جفوة، ماذا هناك؟
- علاقتنا جيدة جداً مع السعودية والإمارات، ونشيد بالدعم الذي نتلقاه من الأشقاء في السعودية والإمارات، لكننا نطمح لأن ترتقي العلاقة لمجال أكبر من الهبات، نحن نريد علاقة تقوم على المصالح المشتركة وعلى الاستثمار دون سقف محدد، ونسعى لأن يأتي رأس المال السعودي والإماراتي للاستثمار عندنا ببلايين الدولارات، لأن لدينا الإمكانيات والمزايا التي تمكن من حدوث هذا التكامل، ونريد علاقة سقفها بلا حدود ولا تقف عند حدود المعونات، بل أن تذهب لآفاق أرحب من ذلك.
> كانت الإجراءات تجري على قدم وساق لعقد مؤتمر المانحين، قبل جائحة كورونا، لكنها توقفت، أين وصلت الأوضاع الآن؟
- سميناه اسما جديداً: «مؤتمر الشراكة السودانية»، وأطرافه مع كل الأصدقاء والأشقاء، سيعقد افتراضيا بسبب ظروف الكورونا، والشركاء الأساسيون فيه هم «السودان، وألمانيا، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي.
> قطعتم أكثر من ميعاد لتعيين الولاة وتشكيل المجلس التشريعي وتم التراجع عنه، فمتى يتم ذلك؟
- لا، لم يحدث تراجع، تأخرت تسمية الولاة لأن هناك صعوبات حقيقية، نحن لن نغش شعبنا، هناك صعوبات نعمل على حلحلتها.
> ما هذه الصعوبات، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بتعيين الولاة المدنيين؟
- هناك ثلاث صعوبات تواجه تعيين الولاة، وفي نقاشنا مع قوى إعلان الحرية والتغيير، قلنا لهم نريد ولاة - حكام ولايات - يخاطبون الواقع الاجتماعي والإثني والتعقيدات الموجودة في كل ولاية، لا نريد واليا يخلق مشاكل، بل نريد واليا يحل المشاكل، لذلك يجب أن يكون متوافقا عليه من المكونات في الولاية المحددة.
هناك أيضاً موضوع تمثيل النساء في حكم الولايات، وهو واحد من القضايا التي وقفت أمامنا، والصعوبة الثالثة هي التوافق مع قوى الكفاح المسلح، لأننا وقعنا معهم إعلان جوبا، ونص على تأجيل تعيين الحكم حتى يأتي السلام، وهذا يمكن أن يكون خرقاً له، قد يترك تأثيرا سالبا جداً على عملية السلام. هذه الصعوبات الثلاث وصلنا فيها لتفاهم كبير، واقتربنا من تعيين الولاة.
> متى يتم تعيينهم؟
- لا أستطيع تحديد زمن، فقبل ذلك حددنا نهاية مايو (أيار) الماضي، لكننا نعمل عليها، لأننا حريصون عليها أكثر من أي جهة ثانية لأنها ستساعد الجهاز التنفيذي، نحن عندنا أن أهلنا في الولايات لا يحسون بالتغيير الذي حدث، وهذا يجب أن يحدث، أؤكد لكم لو تأخر تعيين الولاة المدنيين فهذا ليس لأن الناس لا يعملون على ذلك، بل نتيجة لتعقيدات حقيقة نسعى لمعالجتها.
> «الحرية والتغيير» قدمت قائمة بأسماء الولاة المقترحين، وكان لكم رأي، هل أعيد النظر في القائمة المقدمة؟
- نحن نتناقش فيها بانتظام.
> ما الذي يعيق تكوين المجلس التشريعي هو الآخر؟
- كما تعرف فتعيين المجلس التشريعي، ليس من اختصاص الجهاز التنفيذي، نحن نساعد فيه برؤانا ونعمل على تقريب وجهات النظر، ونساهم مع قوى إعلان الحرية والتغيير، ومسؤولية اختياره بالكامل تقع عليهم.
> دأبت على وصف التكوين الحالي للانتقال بأنه نموذج سوداني فريد من نوعه، ويمكن أن ينتقل بالسودان خطوات كبيرة، لكن بعد كل فترة وأخرى، تطفو على السطح تناقضات عملياتية بين مكوناته؟
- نحن نتكلم عن النموذج السوداني، ونسميه كذلك لأن فيه سمات فريدة لا مثيل لها، سواء في تجارب الربيع العربي أو الدول الأفريقية حولنا، نحن نسميه نموذجا سودانيا لسماته الفريدة، مثل التحالف بين المدنيين والعسكريين، وله مكون سياسي هو الحرية والتغيير، حتى في تجاربنا السابقة، لا يوجد له مثيل، وبالضرورة، لهذا النموذج مشاكله، وبالتالي أي حديث عن أنه لا يسير بطريقة متسقة فهو غير صحيح.
تحالف الحرية والتغيير تحالف عريض جداً، وبالتالي قضاياه ومشاكله والخلافات داخله تنعكس على الأداء التنفيذي أو السيادي، أو الانتقال كله، العلاقة بين المدنيين والعسكريين مع كل الحرص على إنجاح الفترة الانتقالية عندها تعقيداتها، وتحكم كل هذه العملية «الوثيقة الدستورية»، وهي وثيقة لها عيوبها ومشاكلها، وتنفيذها بالضرورة يخلق تعقيدات ومشاكل جديدة، من المهم جداً أن نصبر على هذه التعقيدات ونحلها بصبر لتحقيق هدف واحد، وهو أننا إذا كنا في الجهاز التنفيذي أو المجلس السيادي أو الحرية والتغيير، ليست لدينا أهداف إلاّ العبور بهذا الشعب لفترة ديمقراطية مستدامة وتنمية، وهذه هي أهداف الفترة الانتقالية، فأي تجربة مثل هذا من الطبيعي أن تكون عندها مشاكل.
> ظللتم تطالبون الناس بالصبر، وقد صبروا، إلى متى سيستمر هذا الصبر؟
- لقد صبر الناس ثلاثين سنة، فهل تسمى التسعة أشهر - عمر الحكومة الانتقالية - صبرا.
> لكنكم رفعتم لهم سقف التوقعات؟
- لشعبنا الحق في رفع توقعاته ليحدها السماء، لا خلاف على ذلك، لأنه أنجز أعظم ثورة، لكننا لم نأت لنعد بالفردوس، بل جئنا لنعمل مع شعبنا لمعالجة كل القضايا، وقادرون على ذلك.
> في ملف الاقتصاد، هل أنت مطمئن على قدرتك على إخراج البلاد من الأزمة الخانقة التي تعيشها؟
- لو لم أكن مقتنعا بمعالجة الأزمة الاقتصادية، فلن أظل في مقعدي ليوم واحد، نحن مقتنعون تماماً بأننا بلد غني بموارده الكثيرة ورثنا اقتصادا منهارا تماماً، لكن بوحدتنا وبقدرتنا على مخاطبة المكون المحلي والعالم الخارجي حولنا، نستطيع خلق مناخ على المدى القصير يساعدنا على الخروج من «الحفرة» التي نوجد فيها، رغم أننا بلد غني جداً. هناك جزء خاص بالسياسات، وجزء خاص بمعالجة قضايا كثيرة جداً مرتبطة بالتشوهات الاقتصادية، سواء أكانت خللاً داخلياً أو خارجياً، أو عدم التواؤم بين المصروفات والإيرادات، والخارجي المرتبط بالتصدير والوارد، التعامل مع القروض والهبات والديون، فنحن ورثنا 60 مليار دولار دينا، ويسميها الناس حفرة عمقها 60 مليار دولار.
> في أول ظهور إعلامي لك، بعد أدائك اليمين الدستورية رئيسا للوزراء، أكدت الاعتماد على اقتصاد الإنتاج، وتسخير قدرات البلاد المحلية، لكن كثيرين يرون أن الأداء الاقتصادي للحكومة ما يزال حتى الآن يعتمد على الهبات والمنح والقروض؟
- هذا الحديث ليس صحيحاً بنسبة مائة في المائة، لم يقدم لنا أحد أي هبات.
> على الأقل على مستوى الرؤى المطروحة؟
- نحن نعمل على تأهيل اقتصادنا ليقف على أرجله، وهو يعتمد على أشياء أساسية، لو لم تعالج ملف الديون، فإن أي حديث عن فتح البلاد للاستثمار واستقطاب الرساميل المحلية أو الأجنبية لن ينجح، تأهيل البلاد بحاجة لحزمة كاملة من سياسات الاقتصاد الكلي، تعالج الخلل الداخلي والخارجي.
الخلل الداخلي مرتبط بالإيرادات والمنصرفات وفي قلب الإيرادات الضرائب، نحن كبلد طوال أيام حكم الإنقاذ كنا نجمع 6 في المائة من الدخل القومي من حصيلة الضرائب، ففي محيطنا الأفريقي وبلدان صغيرة، تجمع 15 في المائة، وأخرى تجمع أكثر من 20 في المائة من الدخل القومي من الضرائب.
لتدير دولة محترمة - ليس فيها رفاهية - أنت بحاجة على الأقل لضرائب تبلغ 15 في المائة من الدخل القومي، هذا لم يحدث عندنا لأن السائد هو «الإعفاء الضريبي» والتهرب الضريبي، ليس جمع تحصيل الضريبة، لذلك اضطرت الدولة لرفع يدها عن التعليم والصحة، نحن نريد تحصيلا للحد الذي يوفر ذلك، لنصرفها على قضايا تأهيل الاقتصاد، الكادر البشري أولاً، فلا يمكن أن يتطور أي بلد دون أن يصرف على التعليم والصحة، لهذا عالجنا هذا الأمر في الهيكل الراتبي. الشيء الثاني تأهيل البنيات الأساسية المدمرة تماماً «طرق، مواصلات، نقل نهري بري جوي، كهرباء»، كيف تطور البلد بقطاعات منهارة مثل هذه؟
هذه هي القضايا التي نرى أنها ستؤهل اقتصادنا، معالجة الخلل الخارجي تتم بالإيرادات من الصادرات، نحن لا نملك صادرات الآن، فقد دمروا القطاع الزراعي تماما، ونعمل على إعادته لعافيته، ليكون عظم ظهر الاقتصاد السوداني، نحن نتحدث عن اقتصاد زراعي مرتبط بالتصنيع، لأننا ما زلنا نعتمد النموذج الموروث من الاستعمار والذي يقوم على تصدير المواد الخام، فمثلا حين تصدر الحيوانات حية، فكم منتجا تصدرها معه؟
هذا من السهل قوله، لكن له متطلبات كثيرة جداً، فنحن نريد تأهيل اقتصادنا، وحين نقول إننا معتمدون على الإنتاج، فنحن نقصد هذا، وفيه حزمة كاملة من السياسات، والمتطلبات الأخرى من بنية أساسية.
> الناس، بما في ذلك «الحرية والتغيير»، يقولون إن البلاد لستة أشهر ظلت بلا موازنة يتم التعامل معها؟
- هذا ليس صحيحاً، نحن أجزنا ميزانية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي من قبل الاجتماع المشترك للمجلسين، فقط حدث خلاف على قضية ترشيد الدعم، وأجلناها للوصول لقرار نهائي حولها في المؤتمر الاقتصادي القومي، وكان مقررا عقده في مارس (آذار) الماضي، ولم يكن هناك من يتوقع أن تقع فينا «جائحة كورونا»، التي أدت لتأجيل كل الأشياء.
لكن طوال هذه الفترة حدث حوار مفيد جداً بين القطاع الاقتصادي في الحكومة واللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير قرب وجهات النظر كثيراً على حزمة الإصلاح الاقتصادي، وتتكون من خمسة محددات توافقنا على أربعة منها بنسبة مائة في المائة، وتبقت الخامسة وهي المرتبطة بدعم السلع، وحدث فيها توافق أيضاً، لأننا نتكلم عن ترشيد الدعم وليس رفعه، فنحن ندعم الكهرباء والخبز ولن نرفع عنهما الدعم، لكنا نتكلم عن قطاعات مثل الوقود، مثلا لا يوجد سبب يجعلنا ندعم «البنزين» بالمبالغ الهائلة، رغم قلة مستهلكيه، فلا علاقة للمنتجين في دارفور والشمال والشرق وكل أنحاء البلاد بوقود البنزين.
قضية دعم البنزين ليس في الاستهلاك فقط، بل تسبب خللاً حتى في نمط الاستهلاك، فعندما يكون رخيصا يزيد الاستهلاك، والأهم من هذا كله تهريب الوقود، فنحن نبيعه بخمس قيمته مقارنة بمحيطنا، لذلك لن يتوقف المغامرون عن التهريب، لأنهم يحققون ربحاً كبيراً، ينتج عنه أن ما نسبته 40 في المائة من الوقود يتم تهريبه للجوار.
> تسعة أشهر على تشكيل الحكومة الانتقالية... ما الذي تحقق بحسب نظرك؟
- نحن ورثنا تركة مثقلة من نظام حكم البلاد 30 عاما، وعلى هدي الوثيقة الدستورية، وضعنا برنامجاً للفترة الانتقالية يقوم على 10 أولويات، أهمها ملف السلام والاقتصاد، لقد عالجنا جزءا كبيرا من هذه القضايا، ورغم البطء الذي صاحب عملية السلام، نعتقد أنه يمضي في الاتجاه الصحيح، وخاصة الوثائق التي توصلنا إليها خلال المفاوضات.
أما النجاح الأكبر للحكومة فقد كان في نجاح الموسم الزراعي الشتوي والإنتاجية العالية لمحصول القمح، لقد شاركت فيها الحكومة، لكن الفضل فيها يعود للمزارعين، ما حدث يبشر بأن بمقدورنا تحقيق الاكتفاء من القمح بل تصديره للخارج.
ويعد تعديل الهيكل الراتبي، والذي خاطب مسألة العدالة وإنصاف قطاع المعلمين الذي ظل مهملاً لوقت طويل، إضافة إلى معالجة مشكلة شح السيولة النقدية، وغيرها.
نحن لا نمن على شعبنا، لأن أي إنجاز نحققه أقل من سقف توقعات هذا الشعب العظيم، صحيح هناك بطء في استكمال أجهزة الانتقال، لكنا نعمل عليها بجد.



تهكّم يمني من دعوة الحوثيين الطلبة الأميركيين للدراسة في صنعاء

المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
TT

تهكّم يمني من دعوة الحوثيين الطلبة الأميركيين للدراسة في صنعاء

المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)

وسط موجة تهكّم يمنية من دعوة الجماعة الحوثية لطلبة الجامعات الأميركية للدراسة في جامعة صنعاء، أفادت مصادر أكاديمية باتساع الفساد المالي والإداري في الجامعة التي تتعرض مبانيها ومرافقها للإهمال والتهالك.

وكشفت مصادر في جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن وقائع فساد مالي وإداري تتمثل باختفاء مبالغ كبيرة من النفقات التشغيلية لعدد من الكليات، مع زيادة في مصروفات القادة الحوثيين المعينين في مناصب عليا في الجامعة، في حين يتم تهديد الموظفين الإداريين بالفصل بسبب مطالبتهم بصرف مستحقاتهم المالية المتوقفة.

الجماعة الحوثية استخدمت جامعة صنعاء لاستقطاب وتجنيد المقاتلين بذريعة نصرة غزة (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر أن القاسم محمد عباس، المُعيّن من قِبل الجماعة رئيساً للجامعة، خصص لنفسه ما يقارب ألفي دولار (مليون ريال شهرياً، والدولار يساوي 530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة) كبدل مواصلات شهرياً، ومنح ما يقارب ثلث هذا المبلغ (600 دولار) لكل قيادي من المعيّنين عمداء لكليات الجامعة، وما يقارب 300 دولار لكل رئيس قسم.

ويتقاضى هؤلاء هذه المبالغ كبدل مواصلات، على الرغم من أنه يجري تعبئة سياراتهم بكميات متفاوتة من الوقود عبر محطة تعاقدت معها رئاسة الجامعة المُعيّنة من قِبل القيادي الحوثي أحمد حامد لتزويد مركبات الجامعة ومعداتها بالوقود.

وبحسب المصادر، فإنه لم يعرف مصير أكثر من 15 ألف دولار من النفقة التشغيلية لكلية الطب، مرجّحة وجود تواطؤ بين من ينتحلون صفات عميد الكلية وأمينها العام ومديرها المالي في إخفاء هذا المبلغ، خصوصاً مع رفضهم الرد على تساؤلات عدد من طاقم الكلية حول مصير هذا المبلغ، وتهديد الموظفين بإجراءات عقابية حال تداول معلومات أو وثائق حوله.

وأوضحت المصادر أن منتحل صفة المدير المالي للكلية يلزم الموظفين بإضافة ما يساوي 20 في المائة من ثمن المشتريات، ويعمل على استقطاعها من دون سندات لصالحه، في ظل صمت منتحلي صفتي العميد والأمين العام، وتجاهل الشكاوى التي تقدم بها عدد من موظفي وطاقم إدارة الكلية وأساتذتها، ورفض مناقشتها حتى داخل الاجتماعات.

إهمال وتَرَدٍ

إلى جانب كل ذلك، تعتزم الجماعة الحوثية رفع رسوم الخدمات في جامعة صنعاء، وتحويل إيرادات الكليات إلى حساب رئاسة الجامعة ونيابة شؤون الطلاب، والتحكم بجميع مصروفات الكليات والمراكز والرقابة عليها مركزياً، في حين يشكو أكاديميو وموظفو وطلاب الجامعة من تدهور المرافق وتردي الخدمات وعدم توفير الصيانة لها.

جانب من عرض في ساحات جامعة صنعاء للمقاتلين الذين جنّدهم الحوثيون (إعلام حوثي)

وأخيراً ،تعرضت أجزاء كبيرة من سور كلية الطب للانهيار جراء الأمطار والسيول الغزيرة، دون أن تجري الجماعة الحوثية أي جهود لتدارك الأمر، خصوصاً وأن الانهيار ألحق أضراراً بممتلكات السكان قرب الكلية، أو لمنع باقي أجزاء السور من الانهيار، رغم شكاوى السكان ومخاوفهم.

وأغرقت السيول فناءات كليات الجامعة ومبانيها، وتسببت بانتشار المستنقعات وتوسعها دون أن تبذل أي جهود لإصلاح الأضرار، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بإهمال جميع مرافق الجامعة.

وطال الإهمال المرافق الداخلية للجامعة وكلياتها، حيث يشتكي الأكاديميون من إهمال النظافة في عدد من المرافق، وحصرها على تلك التي يستخدمها عمداء الكليات.

ولفت أحد الأكاديميين لـ«الشرق الأوسط» أنه ينتقل غالباً من إحدى الكليات التي يدرس فيها إلى كلية مجاورة لاستخدام دورات المياه؛ بسبب عدم قدرته على احتمال الروائح التي تنبعث من دورات مياه كليته، رغم الشكاوى والمطالب بإصلاحها والاهتمام بها.

وأوضح الأكاديمي الذي طلب التحفظ على بياناته أن غالبية عمداء الكليات يعمدون إلى حصر النظافة على دورات المياه التي تتبع مكاتبهم، ويغلقونها أمام أي أكاديمي يحاول استخدامها، ويلزمون عمال النظافة بتنظيف مكاتبهم فقط، في حين يرفض غالبية العمال تنظيف باقي المرافق نظراً لعدم دفع مستحقاتهم.

الطلاب الأميركيون في صنعاء

أثار موقف الجماعة الحوثية بشأن مظاهرات طلاب الجامعات الأميركية المناهضة للحرب على غزة، سخرية وتهكّماً واسعين، بعد إعلان الجماعة عن فتح أبواب جامعة صنعاء للطلاب الأميركيين الذين تعرّضوا للفصل والقمع بسبب تلك المظاهرات.

وكان القيادي القاسم عباس أصدر إعلاناً باستعداده لاستقبال الطلاب والأكاديميين الأميركيين الذين تعرّضوا للفصل، واستيعابهم في جامعة صنعاء وفي جميع التخصصات، ونشر في إعلانه بريداً إلكترونياً لاستقبال طلبات الانضمام للجامعة.

بيان صادر عن الجماعة الحوثية بفتح أبواب جامعة صنعاء لاستقبال الطلاب المفصولين من الجامعات الأميركية (إكس)

وتنوعت مواقف اليمنيين الساخرة من الإعلان ما بين التساؤل عن مرتبات الأكاديميين اليمنيين التي أوقفتها الجماعة الحوثية منذ قرابة العقد، والتذكير بالتردي الذي أصاب الدراسة في جامعة صنعاء بسبب ممارسات الجماعة وإدخال أدبياتها الطائفية ضمن المقررات المفروضة على الطلاب، وإلزام الأكاديميين بتدريس تلك المضامين.

وتساءل عدد من رواد مواقع التواصل عمّا إذا كانت الجماعة ستتمكن من فتح تخصصات في الفيزياء النووية أو علوم الفضاء، وهل ستجبر الطلاب الأميركيين على دراسة ما يعرف بملازم حسين الحوثي مؤسس الجماعة، والاستماع إلى خطابات شقيقه الذي يتزعمها حالياً.

وذهبت التساؤلات إلى إمكانية سماح الجماعة الحوثية للطلاب والطالبات الأميركيين بالاختلاط داخل جامعة صنعاء، وهي التي أقرّت الفصل بين الجنسين داخل الجامعة، واتخذت عدداً من الإجراءات لذلك، وصلت حد بناء جدران داخل القاعات الدراسية للفصل بينهما، إلى جانب الملاحقة الأمنية والإجراءات التعسفية بحق الطلاب والطالبات لمجرد إجراء محادثات عابرة بينهم في أفنية الجامعة.

ومن بين الذين تهكّموا على القرار القيادي في الجماعة نائف القانص الذي سبق وجرى تعيينه سفيراً لها في دمشق، قبل أن تقوم السلطات السورية أخيراً بطرده مع طاقمه، وإعادة السفارة إلى الحكومة اليمنية.

وطالب القانص بنقل من كتب البيان إلى مستشفى الأمراض النفسية، منتقداً الوضع المعيشي والاقتصادي الذي يعيشه السكان في مناطق سيطرة الجماعة بسبب ممارساتها وفسادها.

من جهتها، ذكّرت منصة «واعي» الاجتماعية بنادي الخريجين الذي أنشأته الجماعة الحوثية للسيطرة على الأنشطة والفعاليات الطلابية، وإجبار الطلاب والطالبات على الالتزام بالضوابط والمعايير الأخلاقية التي أقرتها، ومارست تعسفاً بحقهم.

وعلى سبيل السخرية، أنذرت المنصة الطلاب الأميركيين بمواجهات إجراءات قاسية من قِبل هذا النادي، كما دعت الجماعة إلى ترجمة ملازم حسين الحوثي إلى الإنجليزية وضمّها إلى المناهج التي ستقدم لهؤلاء الطلاب.


نقاش يمني – غربي لدعم الاقتصاد والإصلاحات المالية والمصرفية

اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)
اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)
TT

نقاش يمني – غربي لدعم الاقتصاد والإصلاحات المالية والمصرفية

اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)
اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)

عقد مسؤولون يمنيون لقاءات في العاصمة الأردنية عمّان مع سفراء غربيين عقب اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية مع صندوق النقد الدولي؛ وذلك سعياً لدعم الاقتصاد اليمني والإصلاحات المالية والمصرفية.

وكانت الاجتماعات مع مسؤولي صندوق الدولي في العاصمة الأردنية عمّان استمرت خمسة أيام بمشاركة وزير المالية اليمني سالم بن بريك ومحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي، حيث تطرقت إلى التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني في ظل الهجمات الحوثية وتوقف تصدير النفط.

محافظ البنك المركزي اليمني أجرى لقاءات مع سفراء غربيين في عمّان (سبأ)

وذكر الإعلام الرسمي أن محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب عقد لقاءات منفصلة مع سفراء الولايات المتحدة ستيفن فاجن، والمملكة المتحدة عبدة شريف، وفرنسا كاترين قرم كمون، وهولندا جانيت سيبن؛ وذلك لمناقشة آخر المستجدات الاقتصادية على الساحة اليمنية.

ونقلت وكالة «سبأ» أن اللقاءات تطرقت إلى التطورات في المجال المالي والمصرفي، والدعم المقدم للبنك المركزي في مجال بناء القدرات، وتعزيز الرقابة، والإشراف على القطاع المصرفي، والإجراءات الاحترازية المتخذة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

من جهته، ناقش وزير المالية اليمني سالم بن بريك، مع سفيرة المملكة المتحدة عبدة شريف، والسفير الأميركي ستيفن فاجن في لقاءين منفصلين التطورات الاقتصادية والمالية في بلاده، والجهود الحكومية للتعامل مع الأوضاع الصعبة الراهنة، وتنفيذ الإصلاحات الشاملة في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية بدعم إقليمي ودولي، من أجل تحسين الأوضاع العامة وتخفيف المعاناة الإنسانية.

وأورد الإعلام الرسمي أن اللقاءين تطرقا إلى مدى تفاقم معاناة اليمنيين والأوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية، في ظل استمرار حرب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران على اليمن واليمنيين، ومواصلة تصعيد حربها الاقتصادية، والتصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن تكريسها الانقسام المالي، واستغلالها الموارد المالية بمناطق سيطرتها لدعم ما يُسمى «المجهود الحربي».

مسؤولون يمنيون مجتمعون في عمّان مع السفيرة البريطانية (سبأ)

كما تناول النقاش جهود المجتمعَين الإقليمي والدولي والأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن، وسُبل تعزيز التعاون في الجوانب المالية والاقتصادية، وما تقدمه بريطانيا وواشنطن من دعم فني في مجالات بناء القدرات لتعزيز جهود وزارة المالية والمصالح التابعة لها.

واستعرض الوزير اليمني التحديات الكبيرة التي تواجه المالية العامة في بلاده، وجهود الحكومة في سبيل تنفيذ الإصلاحات الشاملة ومحاربة الفساد المالي والإداري، وتحقيق استقرار وتحسن الاقتصاد الوطني، بما يساهم في تمكين الحكومة من مواجهة التحديات والإيفاء بالتزاماتها الحتمية.

وأشار وزير المالية اليمني إلى انعكاسات التطورات الاقتصادية والمالية بشكل سلبي على الأوضاع في مختلف قطاعات ومجالات الحياة ومعيشة مواطنيه، وجهود الحكومة وخياراتها للتعامل مع الظروف الصعبة الراهنة، وبمقدمها الحرص على تعزيز موارد الدولة، وخصوصاً الموارد غير النفطية في المحافظات المحررة، والجهود الحكومية لتنفيذ حزمة الإصلاحات الشاملة ومحاربة الفساد.

وأكد بن بريك، أهمية مواصلة المانحين تقديم الدعم للإسهام بإسناد جهود الحكومة في مواجهة الظروف الصعبة للحرب الحوثية التي ألقت بظلالها السلبية القاتمة على مجمل الأوضاع اليمنية، مشيداً بالدعم الإقليمي والدولي، وخصوصاً من السعودية والإمارات.

تحديات نقدية

أفاد الإعلام الرسمي اليمني بأن نقاش الجانب الحكومي مع خبراء صندوق النقد الدولي برئاسة جويس وونغ، تناول مجمل الأوضاع والتحديات في القطاعات الاقتصادية والمالية والنقدية في ظل استمرار حرب الحوثيين المدعومين من إيران.

وطبقاً لوكالة «سبأ»، ناقشت الاجتماعات على مدى خمسة أيام، بمشاركة ممثلين عن وزارتَي المالية والنفط والمعادن، والبنك المركزي، والبنك الدولي وخبراء اقتصاديين، حزمة من القضايا المرتبطة بتفاقم الأوضاع العامة والخدمية والمعيشية للمواطنين بسبب مواصلة الحوثيين تصعيد حربهم الاقتصادية، وكذا التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن.

مسؤولون يمنيون ناقشوا مع صندوق النقد الدولي التحديات الاقتصادية بسبب تصعيد الحوثيين (سبأ)

وشملت النقاشات - بحسب الوكالة - السياسات الحكومية اليمنية في الجوانب المالية والنقدية، ومستوى سير تنفيذ الإصلاحات في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية بدعم من شركاء الحكومة اليمنية، وجهود الأخيرة في سبيل تعزيز موارد الدولة لتحسين الأوضاع العامة وتخفيف المعاناة الإنسانية، والاحتياج من الدعم المالي والفني لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنهوض بمستوى العمل وبناء القدرات بالقطاعين المالي والنقدي.

وأكدت الاجتماعات اليمنية مع خبراء صندوق النقد الدولي أن توقف صادرات النفط مستمر في التأثير على النشاط الاقتصادي، وتقييد موازنة الحكومة والاحتياطيات الأجنبية، وذكرت أن سبب توقف تصدير النفط الخام الذي يشكّل ما نسبته 65 إلى 70 في المائة من إجمالي الموارد العامة للدولة، منذ نحو عام ونصف العام يعود، إلى إقدام ميليشيا الحوثي على استهداف المنشآت الحيوية لتصدير النفط.

إلى ذلك، أكدت الاجتماعات، أن تحسن الآفاق الاقتصادية مرتبط بالتقدم الإيجابي على صعيد محادثات السلام، واستمرار الالتزام بإجراء الإصلاحات الشاملة، وشددت على ضرورة استقرار القطاع المالي والالتزام بمعايير الدولة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذا تواصل التمويل الخارجي من أجل الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وتمويل الاحتياجات الإنسانية، واستقرار الأسعار، ودعم عملية الإصلاح.

وأشارت الاجتماعات اليمنية مع صندوق النقد الدولي إلى صعوبة الوضع الإنساني، خصوصاً وأن نحو 17 مليون يمني يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي.


تقرير أممي: 30 % من مخيمات النازحين اليمنيين عُرضة للسيول

منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)
منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)
TT

تقرير أممي: 30 % من مخيمات النازحين اليمنيين عُرضة للسيول

منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)
منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)

في الوقت الذي أكد فيه تقرير أممي أن 30 في المائة من مخيمات النزوح في اليمن معرَّضة لخطر الفيضانات، انتقد مسؤول حكومي أداء المنظمات الإغاثية، وقال إنه من المعيب أن يتم الحديث بعد ثمانية أعوام عن المخاطر التي تواجه هذه المخيمات بدلاً من وضع حلول ومعالجات. ورأى في ذلك دليلاً على فشل الأداء الإغاثي.

وعبَّر نجيب السعدي رئيس الوحدة الحكومية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن عن أسفه جراء مخاطر السيول والأمطار التي تهدد مخيمات النازحين، مع إن كان من المفترض أن يكون قد تم إيجاد حلول وبدائل فعَّالة وتمَّت معالجة المشكلة من جذرها خلال السنوات السابقة.

مسؤول يمني ينتقد أداء المنظمات الإغاثية في بلاده (إعلام حكومي)

ورأى السعدي في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن ذلك يمكن عدّه أحد الإخفاقات للمنظمات الدولية التي تقود العمل الإنساني، وأعاد المطالبة بالتفكير في حلول جذرية لهذه المشكلة وللنزوح بشكل عام، ومن ضمن ذلك التحول نحو الحلول الدائمة.

وقال إن هذا التوجه تم البدء به خلال العام الحالي، متمنياً أن يتم تلافي الأخطاء السابقة التي تسببت في تفاقم الأزمة الإنسانية.

وحسب المسؤول عن مخيمات النزوح في اليمن فإن أخطاء المنظمات تكمن في أنها تعمل بدلاً عن الدولة، وطالب بأن تقود مؤسسات الدولة العمل لمعالجة النزوح والمشكلات المرتبطة به، ويبدأ ذلك من تقديم الدعم الفني وبناء القدرات للجهات الحكومية لتصبح قادرة على أداء دورها في معالجة الأزمة الإنسانية.

وشدد السعدي على وجوب أن تقود مؤسسة الدولة العملية الإنسانية في جميع مراحلها من التخطيط وتحديد الأولويات والتنفيذ وتقييم التدخلات. وقال إنه من دون ذلك ستستمر الأزمة الإنسانية في التفاقم، كما في خطر السيول على المخيمات.

وبيَّن المسؤول اليمني أنه حتى لا تصبح البلاد ثقباً أسود يلتهم كل المساعدات الإنسانية، فإنه يدعو المجتمع الدولي لمساعدة المؤسسات الحكومية لتؤدي دورها وأن يكون دور المنظمات هو مساعدة الحكومة على ذلك وفق الأولويات التي تحددها. كما دعا إلى ضرورة تقديم مزيد من التمويلات كون نسبة التمويل انخفضت بشكل كبير خلال هذا العام.

السيول في اليمن تتسبب موسمياً في أضرار مادية وبيئية (إ.ب.أ)

وأعاد السعدي التذكير بأن كثيراً من المخيمات أنشأها النازحون بأنفسهم بشكل عشوائي، خصوصاً ما قبل 2019، ولهذا أُقيمت على مجاري السيول، وذلك أصبح تحدياً كبيراً يتطلب البحث عن مناطق بديلة، لكنَّ ذلك يواجه انعدام التمويل لنقل المخيمات إلى جانب رفض النازحين الانتقال إلى مكان آخر لارتباطهم بمصالح مثل مكان العمل وكسب العيش.

ويشير المسؤول اليمني إلى جانب آخر، وهو أن معظم المخيمات لها بين ثماني وخمس سنوات منذ إقامتها، وأصبحت مهترئة وغير قادرة على مقاومة أي أمطار، وهذا ما ضاعف من الكارثة.

مخاطر عالية

كانت مجموعة إدارة وتنسيق المخيمات ومنظمة الهجرة الدولية ومبادرة «ريتش» ذكرت في تقرير مشترك عن مخاطر الفيضانات على مواقع النازحين في اليمن أن 672 موقعاً تستضيف ما مجموعة 747.143 ألف نازح في 17 محافظة ذات درجة «حرجة» أو «عالية» في التعرض لخطر الفيضانات خلال العام الجاري 2024.

ووفق ما أورده التقرير فإن 20 موقعاً تضم 11.778 ألف نازح صُنفت في مستوى «مخاطر حرجة»، و652 موقعاً يقيم فيها 735.365 ألف نازح تقع في مستوى «مخاطر عالية» لتأثيرات الفيضانات المدمّرة، فيما أن 318 موقعاً ذات مخاطر متوسطة، و840 موقعاً ذات خطر منخفض، بينما 455 موقعاً آخر لا تتوافر أي معلومات أو بيانات عنها.

وأكد التقرير أن مواقع النازحين المعرَّضة لمخاطر عالية للفيضانات خلال هذا العام تمثل نسبة 30 في المائة من إجمالي مواقع النزوح البالغ عددها 2285 موقعاً، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 5 في المائة مقارنةً بالعام الماضي، الذي كانت فيه نسبة المواقع المعرَّضة لخطر الفيضانات لا تزيد على 25 في المائة.

النازحون اليمنيون بنوا مخيماتهم بعد أن فروا من قمع الحوثيين (إعلام حكومي)

وحسب نتائج التقرير، فقد تصدرت محافظة شبوة قائمة 17 محافظة في عدد المواقع التي تواجه مخاطر عالية من الفيضانات، وبنسبة 82 في المائة من إجمالي المواقع الموجودة فيها، تليها محافظة إب (62 في المائة)، ثم الضالع (53 في المائة)، وذمار (47 في المائة)، وتعز (38 في المائة)، وأبين (36 في المائة)، ومأرب (34 في المائة)، وصنعاء وحضرموت (32 في المائة في كل منهما)، ولحج (31 في المائة)، وحجة (27 في المائة)، والحديدة (26 في المائة)، والجوف وصعدة (23 في المائة في كل منهما)، والبيضاء (22 في المائة)، وعمران (15 في المائة)، فيما كانت عدن أقل المحافظات خطراً على النازحين بنسبة 10 في المائة.

وطالب التقرير بإجراء مزيد من التحليل للمواقع المصنَّفة «حرجة» أو «عالية» لتحديد الأولويات للأنشطة المطلوبة والاستعدادات لمواجهة الفيضانات والإجراءات الاستباقية اللازمة لذلك، بسبب القيود على التمويل في هذا العام، مع توفير الإغاثة قصيرة المدى حالة الاستجابة للفيضانات الكبرى المفاجئة وغير المتوقَّعة.


ضربات غربية في الحديدة... والحوثيون تبنّوا هجمات ضد 107 سفن

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

ضربات غربية في الحديدة... والحوثيون تبنّوا هجمات ضد 107 سفن

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

خلال الشهر السادس من الهجمات الحوثية البحرية والضربات الغربية الدفاعية والاستباقية للحد من الهجمات، أقرّت الجماعة بتلقي خمس غارات في مطار الحديدة جنوب المدينة، الخميس، في حين تبنى زعيمها عبد الملك الحوثي مهاجمة 107 سفن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشنّ هجماتها نصرةً للفلسطينيين في غزة، عبر منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (رويترز)

إعلام الحوثيين أقرّ بخمس غارات قال إنها استهدفت مطار الحديدة وهو مطار خارج عن الخدمة، من دون إيراد تفاصيل حول نتائج الضربات التي وصفها بأنها «أميركية وبريطانية».

ولم يتبنّ الجيش الأميركي الغارات فوراً، لكنه أفاد بتدمير زورق حوثي مسيّر، وهي الضربة التي اعترفت الجماعة الحوثية بحدوثها في منطقة «رأس عيسى» شمال الحديدة على البحر الأحمر.

ومع حديث الجماعة عن تحليق مكثف للطيران الحربي والاستطلاعي في أجواء محافظة الحديدة التي تتخذها منطلقاً لشنّ الهجمات في البحر الأحمر، تبنى زعيمها عبد الملك الحوثي مهاجمة 107 سفن في أحدث خطبة له الخميس.

وزعم الحوثي في خطبته التي بثتها قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة بأن هناك 10 قطع بحرية حربية أميركية وأوروبية انسحبت من البحر الأحمر في ظل «الشعور باليأس والإخفاق» في منع عمليات جماعته أو الحد منها على حد وصفه.

وتبنى زعيم الجماعة إطلاق 111 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، و606 صواريخ باليستية، ومجنحة وطائرات مسيّرة ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي. كما ادعى تنفيذ ثماني عمليات خلال أسبوع واحد ضد السفن، استخدمت خلالها 33 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة.

طائرة من دون طيار أطلقها الحوثيون من مكان غير معروف لمهاجمة السفن (رويترز)

وتقول الحكومة اليمنية إن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

ومنذ بدء التصعيد الحوثي تعرضت 107 سفن للهجمات وأصيب 17 منها بأضرار، وغرقت إحداها، وفي مقابل ذلك أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من عناصرها خلال الضربات الغربية التي تقودها أميركا.

مصالح 55 دولة

أثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس». وفي مقابل ذلك، أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس».

ونفذت الولايات المتحدة منذ تدخلها عسكرياً، أكثر 400 غارة على الأرض ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في مأرب قرب خطوط التماس مع الحوثيين (سبأ)

وفي أحدث تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، التي أطلقها من مدينة مأرب هاجم الجماعة وتوعد بفرض السلام، كما ظهر على خطوط التماس في إحدى الجبهات المحيطة بالمدينة.

وشدّد رئيس مجلس الحكم اليمني على مضاعفة الجهود لتطوير القطاعات العسكرية كافة، وقال: «إن الميليشيا الحوثية أثبتت أنها ليست شريكاً جاداً لصنع السلام، وإنما تتخذ من الحديث عن السلام نوعاً من الخداع والتحضير لحروب جديدة؛ وهو ما يحتم العمل بكل جهد واستعداد لفرض السلام المنشود».

وخلال اجتماع آخر مع قيادة السلطة المحلية في مأرب خاطب العليمي الحاضرين بالقول: «نؤكد لكم أننا سننطلق من هنا ومن كل المحافظات لتحرير المناطق التي ما زالت تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وسيتحقق النصر من خلال القوات المسلحة بتشكيلاتها كافة، والمقاومة الشعبية المساندة لها».


القاهرة وأنقرة تتطلعان إلى تعزيز التعاون العسكري

محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
TT

القاهرة وأنقرة تتطلعان إلى تعزيز التعاون العسكري

محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)

تتطلع مصر وتركيا إلى زيادة أوجه التعاون العسكري بين البلدين خلال المرحلة المقبلة؛ وهو ما عدّه مصدر مصري «خطوة على طريق استعادة العلاقات وتطبيعها» بين البلدين، بعد سنوات من القطيعة.

وأنهى الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، زيارة رسمية إلى أنقرة، استمرت أياماً عدة، بدعوة من الجنرال متين غوراق، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية.

ووفق بيان للمتحدث العسكري المصري، الخميس، عقد الفريق عسكر جلسة مباحثات موسّعة مع رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية تناولت «علاقات التعاون العسكرية والأزمات الإقليمية والدولية المؤثرة على الأمن القومي لكلا البلدين، وتوافق الرؤى ووجهات النظر تجاهها»، وأكد الجانبان «تطلعهما إلى زيادة أوجه التعاون العسكري بين البلدين في الكثير من المجالات خلال المرحلة المقبلة».

التقى رئيس الأركان المصري، خلال الزيارة، يشار غولر، وزير الدفاع التركي، ونقل البيان المصري عن الوزير التركي «إشادته بتوافق الرؤى بين البلدين فيما يتعلق بتطوير التعاون العسكري المصري - التركي، وثمّن الدور المصري المؤثر والفاعل بمنطقة الشرق الأوسط». كما التقى رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية، واستمع إلى عرض تقديمي لمجموعة من الشركات المتخصصة في الصناعات الدفاعية، وقام بجولة تفقدية شملت عدداً من الشركات، منها شركة «بايكار» للطائرات، وكذا زيارة مقرّ القوات الخاصة التابعة للقوات المسلحة التركية.

وأنهت مصر وتركيا التوتر الدبلوماسي، بسبب دعم أنقرة تنظيم «الإخوان» المحظور في مصر، عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، بشكل كامل في الأشهر الأخيرة، في حين صدرت تصريحات إيجابية مشتركة حول ملفات عدة كانت مثار خلاف بين البلدين.

وتعد زيارة رئيس الأركان المصري، التي بدأت الاثنين الماضي، أرفع زيارة لمسؤول عسكري مصري إلى تركيا منذ ما يزيد على عقد.

وبينما تحدثت تقارير إعلامية عن تحركات لتعزيز مسارات التعاون العسكري بين القاهرة وأنقرة. قال مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط»: «إن التعاون العسكري بين البلدين ليس نقلة استراتيجية كبيرة، وإنما مجرد خطوة على طريق استعادة العلاقات وتطبيعها».

وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الموافقة على «تزويد مصر بالطائرات التركية المسيّرة التي تحظى بشعبية متزايدة»، مؤكداً «ضرورة أن ترتبط بلاده بعلاقات جدية مع مصر من أجل الأمن في البحر الأبيض المتوسط».

وتستبق المباحثاتُ العسكرية الأخيرة، زيارةً مرتقبةً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا، الشهر الحالي، وفق مصادر تركية؛ تلبيةً لدعوة الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي زار مصر في فبراير الماضي.

وكانت من بين الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس التركي لمصر إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين بعد توقف دام لنحو 11 عاماً.


ارتفاع البطالة في اليمن إلى 3 أضعاف ما قبل الانقلاب

عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

ارتفاع البطالة في اليمن إلى 3 أضعاف ما قبل الانقلاب

عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)

يتجمع مئات من العمال عند تقاطعات شوارع في صنعاء صباح كل يوم تقريباً، أملاً في الحصول على ساعات من العمل تمكّنهم من تغطية احتياجاتهم لعدة أيام إلى حين الحصول على فرصة عمل أخرى؛ إذ فقد مئات الآلاف أعمالهم وارتفعت البطالة إلى ثلاثة أضعاف ما قبل الانقلاب الحوثي أواخر 2014.

يقول عبد الله ناجي، وهو عامل بالأجر اليومي، إنه وغيره يدورون على تقاطعات الشوارع كل يوم على أمل الحصول على فرصة عمل، لكنهم في الغالب لا يجدون.

الجبايات الحوثية تلاحق أصحاب كل المهن بمن فيهم الحرفيون (إعلام محلي)

«الناس تبحث عن لقمة العيش، ومجموعة بسيطة من المشرفين الحوثيين هم من يبنون عمارات شاهقة»، يذكر عبد الله ناجي أنه يجد فرصة عمل ليوم واحد ويظل ثلاثة أيام أخرى ينتظر فرصة مماثلة، وينفق ما كسبه في ذلك اليوم على متطلبات معيشته.

ومع انقضاء تسعة أعوام على الحرب التي فجرها الحوثيون، يتذكر العمال في اليمن المأساة التي يعيشونها جراء تلك المغامرة، حيث إن مئات الآلاف من الموظفين دون مرتبات، فيما فقد العاملون في القطاع الخاص وعمال اليومية مصادر أرزاقهم بسبب إيقاف كل المشاريع والتدمير الذي تعرض له القطاع التجاري.

وبحسب أحمد يحيى، وهو موظف حكومي في مناطق سيطرة الحوثيين، فإنه وغيره من العمال والموظفين لم يهتموا بعيد العمال لأنهم يعملون دون رواتب ويُهدَّدون من الحوثيين بالفصل من وظائفهم إذا انقطعوا عن العمل. وذكر لـ«الشرق الأوسط» أنه يعمل في إحدى ورش الزجاج في فترة المساء لتوفير الاحتياجات أسرته المكونة من خمسة أشخاص.

غير أن ناصر محمود، وهو عامل في أحد المطاعم، يرد ساخراً عند سؤاله عما يمثله عيد العمال له، ويقول إنه وزملاءه يعملون كل يوم حتى في هذا اليوم، ولا يعرفون شيئاً عن هذا العيد إلا في وسائل الإعلام، ويرى أنهم في وضع أفضل من الموظف الحكومي؛ لأنهم يحصلون على راتب نهاية كل شهر إلى جانب وجبات الطعام المجانية.

تقلص الفرص

بينت مصادر في الغرفة التجارية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن البطالة تضاعفت ثلاث مرات عما كانت عليه قبل الحرب خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن مضاعفة الجماعة الجبايات على التجار والباعة اضطر الكثيرين إلى خفض عدد العمال، كما خفض الكثيرون منهم مبالغ المساعدات التي كانت توزع على الأسر الفقيرة؛ لأن عائداتهم أصبحت متدنية جداً، وبعضهم أعلن إفلاسه.

وذكرت المصادر أن قرار الحوثيين السيطرة على أرباح البنوك التجارية والديون المحلية بحجة مكافحة الربا ومنع الأنشطة المصرفية أدى إلى إصابة القطاع المصرفي بالشلل، وتوقف أي أنشطة للقطاع التجاري الذي كان يحصل على تسهيلات بنكية يعكسها في مشاريع تستوعب جزءاً كبيراً من العمالة، وتوفر أيضاً أرباحاً للمودعين.

ملايين اليمنيين يفتقدون للخدمات ويعيشون تحت طائلة الفقر ونقص الغذاء (إ.ب.أ)

هذه الأوضاع تأتي متزامنة مع تأكيد تقارير رسمية حديثة وأخرى تابعة للأمم المتحدة، أن الأزمة الاقتصادية الخانقة الناتجة عن الحرب، تسببت في ارتفاع معدل التضخم إلى نحو 40 في المائة، وارتفاع نسبة البطالة إلى 35 في المائة من 14 في المائة قبل الحرب.

كما توضح هذه البيانات أن الفقر ازداد إلى نحو 78 في المائة ليجد الشبان الذين يشكلون 70 في المائة من إجمالي السكان، البالغ عددهم 32.6 مليون، أنفسهم أمام طريق مسدود.

أرقام مأساوية

بحسب بيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، فإن نسبة الفقر في البلاد، ارتفعت إلى 80 في المائة، كما انكمش الاقتصاد بنسبة 50 في المائة، في ظل الصراع الذي يشهده اليمن منذ 9 سنوات.

وتشير البيانات إلى أن اليمن يواجه أزمة متفاقمة في مختلف المجالات، حيث وصلت نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى 60 في المائة بين السكان، وهناك 80 في المائة يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، فضلاً عن نزوح نحو 4.3 مليون إنسان، وهؤلاء يفتقرون إلى الخدمات الأساسية.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن المديونية الخارجية ارتفعت، وانكمش الاقتصاد بأكثر من 50 في المائة من الناتج المحلي، وتراجعت الإيرادات العامة، كما ارتفعت نسبة الفقر إلى نحو 80 في المائة.

وزاد من تفاقم الوضع المالي للحكومة استهداف الحوثيين موانئ تصدير النفط بالطيران المسير، ما أدى إلى تضرر الموانئ وتوقف تصدير النفط الذي يمثل ما نسبته 65 في المائة من الإيرادات العامة.


رعاية حوثية للغش في امتحانات المرحلتين الأساسية والثانوية

طلبة ثانوية عامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)
طلبة ثانوية عامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)
TT

رعاية حوثية للغش في امتحانات المرحلتين الأساسية والثانوية

طلبة ثانوية عامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)
طلبة ثانوية عامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)

يبدي أحمد، وهو اسم رمزي لطالب ثانوية عامة، استياءً من مظاهر الغش التي تشهدها معظم المراكز الامتحانية لطلبة المرحلتين الثانوية والأساسية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومدن أخرى، وذلك تحت إشراف مباشر من رؤساء لجان ومراقبين تابعين لجماعة الحوثي الانقلابية.

ويتهم طلبة يمنيون الجماعة بإدخال أتباعها في سير العملية الامتحانية، من خلال سماحهم منذ أول يوم امتحاني، بالغش مقابل مبالغ مالية، وإدخالهم قيادات ومشرفين حوثيين مع جوالاتهم وأوراق غش لمساعدة ذويهم في حل أسئلة الامتحان.

طلبة في صنعاء يؤدون امتحانات الثانوية العامة (أ.ف.ب)

يخشى أحمد ومعه الطلبة المجتهدون في صنعاء ممن راجعوا دروسهم جيداً في الأشهر الماضية للحصول على درجات مرتفعة، من أن تلقي الفوضى في الامتحانات بتبعاتها الكارثية على مستقبلهم.

خالد طالب مرحلة أساسية في صنعاء، تعرّض للتهديد بالطرد على يد مراقب حوثي من إحدى قاعات الاختبار في مديرية معين، بسبب عدم دفعه مبلغاً مالياً، واشتكى لـ«الشرق الأوسط» من تعسف المراقب الذي كاد أن يحرمه من تأدية امتحان مادة التربية الإسلامية لولا تدخل أحد زملائه في القاعة وقيامه بدفع المبلغ بدلاً منه.

وأعلن قادة الجماعة الحوثية المسيطرون على قطاع التعليم مطلع الأسبوع توجه نحو نصف مليون طالب وطالبة في المحافظات الخاضعة لهم إلى أكثر من 4 آلاف مركز امتحاني لنيل الشهادتين الأساسية والثانوية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، باستبعاد الجماعة الانقلابية قبيل تدشين الامتحانات بنحو أسبوعين لأكثر من 43 ألف معلم من أصل 70 ألفاً من كشوفات أسماء رؤساء اللجان الامتحانية والمراقبين، وأتت بآخرين مؤهلهم الوحيد الانتماء إلى صفوفها.

وأرجعت المصادر سبب الاستبعاد الحوثي إلى رفض عدد كبير من المعلمين الأساسيين المشاركة بامتحانات العام الماضي بسبب سرقة الجماعة لمستحقاتهم المالية الزهيدة المخصصة لهم لرئاسة اللجان والمراقبة، وتوقف رواتبهم منذ سنوات عدة، إلى جانب تمكين الأتباع من العبث بسير العملية الامتحانية عبر سماحهم بالغش مقابل دفع الطلبة مبالغ مالية.

تجهيل المجتمع

أنتج الانقلاب الحوثي والحرب المستمرة منذ تسع سنوات، ظروفاً مادية ومعيشية حرجة، جعلت عشرات الآلاف من الطلبة في مناطق سيطرة الجماعة يعجزون عن دفع ما يُفرض عليهم من جبايات غير قانونية، فيما تتيح الجماعة عملية الغش مقابل الأموال بغرض تجهيل المجتمع.

تلاميذ في فصل دراسي بإحدى مدارس صنعاء (إ.ب.أ)

ويؤكد ناصر، وهو معلم في صنعاء، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن التعليم فقد كامل قدسيته، ولم يعد كما كان سابقاً، بسبب استمرار سيطرة الجماعة الحوثية عليه. لافتاً إلى سعي الجماعة بكل وسائلها لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم، وإضعاف دوره في نهضة وتنمية المجتمع اليمني.

وكانت تقارير يمنية كشفت عن توسع ظاهرة الغش، التي تتم وفق طرق وأساليب مختلفة، في الامتحانات الأساسية والثانوية والجامعية، وذلك في ظل استمرار سيطرة الجماعة على جميع المفاصل التعليمية، مؤكدة أن تلك الإجراءات رافقها أيضاً عمليات تسريب حوثية منظمة لنماذج الامتحانات لطلبة موالين لها.

وسبق للحكومة اليمنية أن سحبت في منتصف العام الماضي الاعتراف بشهادة الثانوية العامة الصادرة من مناطق سيطرة الحوثيين نتيجة شيوع الغش وتسريب الأسئلة وتغيير المناهج وغيرها من الممارسات الحوثية الرامية إلى تدمير قطاع التعليم.

وأكدت مصادر في وزارة التربية والتعليم اليمنية أن القرار جاء بعد التلاعب الكبير من قبل الحوثيين بالمناهج الدراسية، وتضمينها دروساً طائفية إلى جانب شيوع ظاهرة الغش، وإجراءات اختبارات خاصة لأبناء قادتهم وأبناء المتنفذين من أتباعهم. وإغراء طلاب المدارس العامة بمنحهم درجات عالية نظير إلحاقهم بجبهات القتال.


الأمم المتحدة: حجم الدمار في غزة أكبر من أوكرانيا

يحتاج قطاع غزة إلى مئات الملايين من الدولارات لجعل غزة آمنة للسكان (أ.ف.ب)
يحتاج قطاع غزة إلى مئات الملايين من الدولارات لجعل غزة آمنة للسكان (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: حجم الدمار في غزة أكبر من أوكرانيا

يحتاج قطاع غزة إلى مئات الملايين من الدولارات لجعل غزة آمنة للسكان (أ.ف.ب)
يحتاج قطاع غزة إلى مئات الملايين من الدولارات لجعل غزة آمنة للسكان (أ.ف.ب)

أعلنت الأمم المتحدة أن كمية الأنقاض والركام التي يتوجب إزالتها في غزة أكبر مقارنة بأوكرانيا، وهي تمثل مهمة مكلفة وخطيرة بشكل كبير في القطاع الفلسطيني الضيق بالنظر إلى وجود قنابل غير منفجرة فيها عدا عن مادة الأسبستوس.

وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، أعلن مسؤول عمليات نزع الألغام في الأمم المتحدة عن قطاع غزة الذي يتعرض لقصف متواصل تشنه إسرائيل في حربها مع «حماس» اليوم (الأربعاء) أن كمية الأنقاض والركام التي يتوجب إزالتها في غزة أكبر مقارنة بأوكرانيا.

وأوضح مونغو بيرتش، المسؤول عن دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام في غزة، خلال مؤتمر صحافي في جنيف أنه «لفهم مدى ضخامة الأمر؛ جبهة القتال في أوكرانيا تبلغ 600 ميل (نحو 1000 كيلومتر) في حين أن غزة لا يزيد طولها على 25 ميلاً» وهي كلها جبهة قتال.

ولكن المشكلة لا تقتصر على حجم الأنقاض البالغ 37 مليون طن، أو 300 كيلوغرام لكل متر مربع، وفقاً لتقدير أجرته الأمم المتحدة في منتصف أبريل (نيسان).

وأضاف بيرتش: «يُعتقد أن هذه الأنقاض تحتوي على عدد كبير من القنابل غير المنفجرة، وسيكون تنظيفها أكثر تعقيداً بسبب المخاطر الأخرى الموجودة في الركام».

وقال: «نقدر أن هناك أكثر من 800 ألف طن من الأسبستوس، فقط في حطام غزة»، وهذه المادة الخطرة للصحة تتطلب احتياطات خاصة.

وتشير التقديرات إلى أن ما بين 10 إلى 15% من الذخائر التي يتم إطلاقها في النزاع لا تنفجر، وتشكل بالتالي تهديداً دائماً للسكان المدنيين.

40 مليون دولار

وعبّر بيرتش عن أمله في أن تكون دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام في نهاية المطاف «قادرة على أن تكون هيئة تنسيق لإزالة الألغام في غزة وتأسيس فرقنا الخاصة لتفكيك الألغام والقنابل».

وبخصوص التمويل، حصلت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام على خمسة ملايين دولار ولكن «لمواصلة عملنا خلال الـ12 شهراً المقبلة، نحتاج إلى 40 مليون دولار إضافية»، بحسب المسؤول الأممي.

لكن «سيحتاج القطاع إلى مئات الملايين من الدولارات على مدى سنوات عدة لجعل غزة آمنة للسكان».

أنقاض غير مسبوقة

وقبل أسبوعين، عقدت الأطراف الرئيسية في هذه العمليات المستقبلية اجتماعاً في عمان، بإشراف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

ويتولى البرنامج مسؤولية الإشراف على خطة التنظيف وقد بحث المشاركون في الوسائل والأساليب التي يجب وضعها عندما يحين الوقت.

وأكد بيرتش أن «المشكلة تتمثل في حجم الأنقاض غير المسبوق. وعلينا أن نتوصل إلى أفكار جديدة حول كيفية إزالة الألغام».

وكان بير لودهامار، المسؤول في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، قد أكد أن «65% من المباني المدمرة سكنية». كما أشار خلال تصريح صحافي إلى أن إزالة الألغام ستستغرق 14 عاماً على افتراض استخدام نحو مائة شاحنة.

وأقر بيرتش: «نحن لا نزال في مرحلة التخطيط»، نظراً لأن عمليات إزالة الألغام تتطلب عدداً كبيراً من المعدات الثقيلة والشاحنات.

ولفت أيضا إلى أن «المنهجية الخاصة بكيفية القيام بذلك لا تزال قيد المناقشة بسبب حجمها».

ويمكن لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام أن تعتمد بشكل خاص على تجربتها في العراق فقد سبق وتولى لودهامار المهمة نفسها في الموصل حيث كان يتعين إزالة 7 ملايين طن من الركام والأنقاض.

المجهول في الشمال

لا يزال تقدير الوضع بدقة في غزة مستحيلاً في ظل استمرار القتال والقصف العنيف وتعذر الوصول.

وبالتالي ما دام لا يمكن الوصول إلى الشمال لإجراء تقييم، لن نتمكن من تقدير حجم التلوث بالقنابل غير المنفجرة، بحسب بيرتش.

وأشار إلى أن «المعلومات التي تصلنا تقول إن التلوث شديد بشكل غير مسبوق في شمال غزة»، مضيفاً: «نعتقد أن ذلك سيمثل مشكلة كبيرة في المستقبل».


واشنطن تدّمر زورقاً حوثياً مسيراً في «رأس عيسى»

طائرات من دون طيار وصواريخ وهمية من صنع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء (إ.ب.أ)
طائرات من دون طيار وصواريخ وهمية من صنع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تدّمر زورقاً حوثياً مسيراً في «رأس عيسى»

طائرات من دون طيار وصواريخ وهمية من صنع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء (إ.ب.أ)
طائرات من دون طيار وصواريخ وهمية من صنع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء (إ.ب.أ)

أعلنت هيئة بريطانية بحرية تعرض سفينة شحن لهجوم جوي في المحيط الهندي دون أضرار، فيما تبنّى الجيش الأميركي تدمير زورق حوثي مسيّر، وأقرت الجماعة - من جهتها - بتلقي غارة جوية في منطقة رأس عيسى شمال الحديدة على البحر الأحمر، الأربعاء، وذلك في أحدث تطورات الهجمات ضد السفن في الشهر السادس والضربات الغربية الوقائية المقابلة.

وتزعم الجماعة الحوثية الموالية لإيران أنها تشن هجماتها نصرة للفلسطينيين في غزة، عبر منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية أنه في نحو الساعة 1:52 بعد الظهر (بتوقيت صنعاء) في 30 أبريل (نيسان)، نجحت قواتها في الاشتباك مع زورق مسير وتدميره في المناطق التي يسيطر عليها من وصفتهم بـ«الإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران».

وأضاف البيان الأميركي أنه تقرر أن الزورق المسير كان يمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه يتم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

من جهتها، أقرت وسائل الجماعة الحوثية بتلقي غارة جوية وصفتها بالأميركية البريطانية استهدفت موقعاً في منطقة رأس عيسى على البحر الأحمر شمال الحديدة، دون أن تورد تفاصيل أخرى، إلا أن البيان الأميركي أشار إلى أن الغارة كان هدفها تدمير الزورق المسيّر.

هذا التصعيد جاء مع تأكيد هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية أنها تلقت تقريراً عن تعرض سفينة تجارية لحادثة على بعد 170 ميلاً بحرياً جنوب شرقي جزيرة سقطرى اليمنية قبل أيام، حيث المحيط الهندي.

وأوضحت الهيئة في بيان على منصة «إكس» أن السفينة تعرضت للهجوم أثناء إبحارها في المحيط الهندي على بعد نحو 300 - 400 ميل بحري جنوب شرقي القرن الأفريقي ليلة 26 أبريل، مما وصفته بـ«نظام جوي» دون أن يلحق السفينة وطاقمها أي أذى.

109 هجمات

كان زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي هدد بتطوير الهجمات في المحيط الهندي، إضافة إلى الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن، وتبنى قبل أسبوع مهاجمة 102 سفينة خلال 200 يوم منذ بدء التصعيد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويوم الثلاثاء تبنى المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، تنفيذ جماعته 4 هجمات على سفينتي شحن ومدمرتين أميركيتين، زاعماً أن الإصابة كانت دقيقة.

كما زعم أن جماعته قصفت سفينة «إم في سيكلايدس» بالصواريخ والطائرات المسيرة بعد توجهها إلى ميناء إيلات في 21 أبريل بأسلوب الخداع والتمويه بادعاء توجهها إلى ميناء آخر، وأنها انتهكت قرار المنع للسفن المتجهة إلى إسرائيل، فأصبحت في قائمة السفن المستهدفة.

وتبنى المتحدث الحوثي استهداف جماعته سفينة «إم إس سي أوريون» بعدد من الطائرات المسيرة في المحيط الهندي، زاعماً أنها سفينة إسرائيلية، إلى جانب تبنيه مهاجمة مدمرتين أميركيتين.

ووصل عدد السفن التي تعرضت للهجمات الحوثية إلى نحو 109 سفن منذ بدء التصعيد في نوفمبر الماضي، حيث أصيب 17 منها بأضرار، وغرقت إحداها.

مجسمات لطائرات من دون طيار وصواريخ يعرضها الحوثيون في صنعاء (إ.ب.أ)

وطبقاً للجيش الأميركي، أثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس». وفي مقابل ذلك، أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس».

ونفذت الولايات المتحدة منذ تدخلها عسكرياً، أكثر 400 غارة على الأرض ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.


عمال اليمن في يومهم العالمي... المعاناة مستمرة للعام العاشر

يمنيون بالقرب من جسر مشاة في صنعاء ينتظرون فرصة للعمل (الشرق الأوسط)
يمنيون بالقرب من جسر مشاة في صنعاء ينتظرون فرصة للعمل (الشرق الأوسط)
TT

عمال اليمن في يومهم العالمي... المعاناة مستمرة للعام العاشر

يمنيون بالقرب من جسر مشاة في صنعاء ينتظرون فرصة للعمل (الشرق الأوسط)
يمنيون بالقرب من جسر مشاة في صنعاء ينتظرون فرصة للعمل (الشرق الأوسط)

لم يكن يتخيل عبد القوي أن يأتي يوم يطوف فيه أغلب تجمعات حراج العمال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء؛ بحثاً عن فرصة عمل ثم يعود للمنزل نهاية كل يوم خالي الوفاض دون حتى قيمة خبز يشبع أطفاله.

بهذه العبارة يلخص عبد القوي الذي يعمل سباكاً بعض المعاناة والمتاعب التي يواجهها جراء ندرة الأعمال والركود غير المسبوق في أغلب القطاعات الحيوية، بما فيها قطاع البناء والتشييد في صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الانقلابيين.

يمنيون يصطفون على رصيف شارع بصنعاء بحثاً عن عمل (الشرق الأوسط)

ويتحدث عبد القوي (39 عاماً) وهو أب لثلاثة أولاد لـ«الشرق الأوسط»، عن عجزه التام منذ فترة في الحصول على فرصة عمل بالأجر اليومي، تمكِّنه من توفير ولو حتى الحد البسيط من المتطلبات الضرورية لأسرته.

كان عبد القوي قبل الانقلاب الحوثي ينشغل طوال يومه في العمل بتركيب أنابيب المياه النظيفة والصرف الصحي في المباني طور الإنشاء في مناطق متفرقة بصنعاء وضواحيها، لدرجة أنه لم يكن يحظى حينها بفرصة للراحة أو الجلوس مع عائلته، لتتحول معيشته بعد ذلك إلى واقع مؤلم.

ويؤكد عبد القوي أن التدهور الحاد والمستمر للأوضاع المعيشية دفعه وغيره من عمال الأجر اليومي للتردد في صباح كل يوم على أكثر من 12 تجمعاً لحراج العمال باتت تنتشر في أغلب تقاطعات وشوارع صنعاء؛ بحثاً عن عمل لكن دون جدوى.

ويعد حراج العمال في تقاطع جسر منطقة دار سلم جنوب صنعاء، وجسر الدوار الرابط بين شارعي الستين والرباط والمحاذي لمنطقة السنينة، وجسر شارع الزبيري من أكثر الأماكن التي تضم تجمعات الباحثين عن العمل بالأجر اليومي.

غياب الفرص

إلى جانب عبد القوي، يشكو عشرات الآلاف من اليمنيين من عُمال المهن اليومية المختلفة في المناطق تحت سيطرة الحوثيين من معاناة معيشية بالغة القسوة بسبب استمرار غياب فرص العمل، وركود غير مسبوق في قطاع الأعمال.

ويتحدث عمال الأجر اليومي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن استمرار تفاقم أوضاعهم وأسرهم المادية والمعيشية منذ الانقلاب واشتعال نيران الحرب، بسبب ما قالوا إنه ندرة العمل، وارتفاع تكلفة المعيشة.

الأسواق اليمنية بمناطق سيطرة الجماعة الحوثية تشهد مزيداً من الركود (أ.ف.ب)

ويشير نبيل الذي يعمل في مجال البناء إلى أن انعدام فرص العمل ناجم عن استمرار الركود الاقتصادي والعقاري غير المسبوق في صنعاء وبقية مدن سيطرة الجماعة الحوثية بفعل سياسات التدمير المنظم الذي قاد إلى توقف شبه كامل للحياة العامة، وأثر سلباً على حياة ومعيشة ملايين العمال.

وكانت تقارير نقابية يمنية تحدثت عن معاناة مستمرة يكابدها ما يزيد على 8 ملايين عامل يمني بالأجر اليومي وذويهم، جراء ندرة العمل، وانقطاع الرواتب، وتفشي البطالة، واتساع رقعة الفقر والجوع.

ويخسر سنوياً عشرات آلاف اليمنيين أعمالهم في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية نتيجة الجبايات؛ في حين دفع انقطاع الرواتب، طبقاً لتقارير محلية، نحو مليون و200 ألف موظف حكومي في السنوات الماضية إلى العمل بالأجر اليومي.

وفي تقرير لها، توقعت منظمة العمل الدولية أن تظل معدلات البطالة في المنطقة العربية (تشمل اليمن) مرتفعة عند 9.8 في المائة خلال العام الحالي. وأرجعت ذلك إلى التحديات الجيوسياسية التي تواجه البلدان العربية، منها اليمن منذ عقود، والتي خلفت تبعات واسعة النطاق على التنمية الاقتصادية وسوق العمل.

ولفت التقرير إلى أن اليمن وسوريا والعراق والأراضي الفلسطينية المُحتلة واجهت أزمات نزوح داخلي كبيرة، الأمر الذي فرض ضغوطاً هائلة على مواردها، واشتدت المنافسة على الوظائف والسكن.