دمشق تنتقد «قانون قيصر»

TT

دمشق تنتقد «قانون قيصر»

نددت دمشق أمس (الأربعاء)، بـ«قانون قيصر» الذي يدخل حيز التنفيذ منتصف الشهر الحالي، وتفرض واشنطن بموجبه عقوبات على دمشق والجهات التي تتعامل معها، محذرة من أن تطبيقه سيفاقم معاناة المدنيين في ظل اقتصاد منهك جراء الحرب.
ووقّع الرئيس دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول)، قانون عقوبات يحمل اسم «قانون قيصر»، نسبةً إلى لقب مصور عسكري انشقّ عن الجيش السوري عام 2013 وبحوزته 55 ألف صورة توثّق انتهاكات في السجون السورية، إثر اندلاع النزاع في عام 2011.
وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية، في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، إن بلاده تعرب «عن إدانتها الشديدة لقيام الإدارة الأميركية بتشديد الإجراءات القسرية المفروضة على سوريا عبر ما يسمى قانون قيصر» معتبراً أنه «يستند إلى جملة من الأكاذيب والادعاءات المفبركة».
وشدّد على أنّ «قيام الإدارة الأميركية بفرض هذا القانون (...) يجعلها تتحمل مسؤولية أساسية عن معاناة السوريين في حياتهم ولقمة عيشهم»، معتبراً أنّ «الإرهاب الاقتصادي ما هو إلا الوجه الآخر للإرهاب الذي سفك دماء السوريين».
وأكد المصدر أن بلاده ستتصدى للقرار «الجائر»، موضحاً أن «تضافر جهود السوريين لحماية الاقتصاد الوطني كفيل بإفشال مفاعيل هذا الإجراء والحد من آثاره».
ويفرض القانون قيوداً مالية على سوريا، بما في ذلك وقف مساعدات إعادة الإعمار إلى حين سَوْق مرتكبي الأعمال الوحشية إلى العدالة. كما يفرض عقوبات على الحكومات والشركات التي تتعامل مع الرئيس بشار الأسد وبينها شركات روسية.
وأمهل الكونغرس في ديسمبر وزارة الخزانة الأميركية ستّة أشهر لتحديد ما إذا كان البنك المركزي السوري ضالعاً في عمليات تبييض أموال بغية فرض عقوبات عليه إذا ثبت ذلك.
وقال وزير الاقتصاد والتجارة السوري سامر الخليل، وفق تصريحات نقلتها صحيفة «الوطن» المقربة من النظام عبر موقعها الإلكتروني الثلاثاء، إنّ من أهداف القانون «محاصرة مصرف سوريا المركزي بهدف خنقه». كما يسعى إلى «إطالة أمد الحرب على سوريا، وإعاقة أي مسعى لتعافي اقتصادها أو إطلاق عملية إعادة الإعمار فيها، وكذلك قطع التحالف الاستراتيجي القائم بينها وبين حلفائها، إضافة إلى الاستثمار في تأجيج مشكلات سوريا الاقتصادية التي سببتها الحرب الإرهابية الشرسة».
ويتوقّع محللون أن يرتّب تطبيق القانون تبعات على الاقتصاد وأن يحدّ من اندفاعة الشركات الأجنبية للاستثمار في إعادة الإعمار. وتشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة فاقمتها تدابير التصدي لـ «كوفيد - 19» وتترافق مع تدهور كبير في قيمة الليرة، فيما يعيش الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر.
وفي مثول نادر أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في مارس (آذار)، قال قيصر إنّ «هذا القانون يوجّه رسالة قوية لكلّ داعمي نظام الأسد بأنّ المحاسبة والعدالة آتيتان مهما طال القمع».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».