موسكو تقترح وقف القتال في سوريا تمهيدا لتشكيل حكومة ائتلافية

بوتين يلتقي المعلم.. والجانب الروسي طرح التفكير في «جنيف 3»

الرئيس الروسي أستقبل للمرة الأولى وفدا سوريا أمس (إ ب)
الرئيس الروسي أستقبل للمرة الأولى وفدا سوريا أمس (إ ب)
TT

موسكو تقترح وقف القتال في سوريا تمهيدا لتشكيل حكومة ائتلافية

الرئيس الروسي أستقبل للمرة الأولى وفدا سوريا أمس (إ ب)
الرئيس الروسي أستقبل للمرة الأولى وفدا سوريا أمس (إ ب)

أكدت مصادر الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين استقبل في منتجعه الرئاسي «بوتشاروف روتشي» في سوتشي على ضفاف البحر الأسود، وليد المعلم نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السوري. وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الرئيس بوتين، إن الجانبين بحثا العلاقات الروسية السورية، والمسائل المتعلقة بمكافحة الإرهاب.
ولم تكشف المصادر الرسمية عن تفاصيل ما جرى وراء الأبواب المغلقة في سوتشي، مكتفية بالإشارة إلى أن المعلم واصل مباحثاته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الذي كشف في ختام المباحثات عن أن بلاده سوف تواصل تأييدها ودعمها لسوريا في مجال مكافحة الإرهاب. ونقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عن لافروف قوله بضرورة أن تستند عمليات مكافحة الإرهاب إلى القانون الدولي، وكذلك ما قاله حول أن «ضربات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إلى الأراضي السورية تتعارض والأعراف الأساسية للقانون». وأضاف أنه «يجب تنفيذ عملية مكافحة الإرهاب دون ازدواجية في المعايير، الأمر الذي يثير تساؤلات عدة حول التحالف الذي ينفذ الضربات ضد (داعش) من دون موافقة دمشق». وأضاف بقوله «إن رفض الولايات المتحدة التعاون مع دمشق على خلفية النجاح في إنجاز عملية نزع السلاح الكيماوي في سوريا يبدو غير ملائم».
وكان لافروف أشار أيضا إلى «ضرورة تهيئة الظروف لاستئناف عملية التسوية السلمية في سوريا بموازاة مكافحة الإرهاب»، مؤكدا على أن «روسيا تدين محاولات استخدام متطرفين في تغيير الأنظمة».
وكان سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، استبق مباحثات الأمس بتصريحات نقلتها وكالة «روسيا سيفودنيا» في هذا الصدد حول أن «الجانبين سيناقشان السبل الكفيلة بإيجاد التسوية السياسية الدبلوماسية المنشودة في سوريا، وكذلك مشكلة تنامي نشاط التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط، وغيرهما من قضايا المنطقة الملحة». وأشار الوزير الروسي إلى أن موسكو ودمشق تجمعان على أن خطر الإرهاب هو العامل الرئيس الذي يحدد كيفية تطور الأحداث في المنطقة. ومن جانبها، نقلت وكالة أنباء «رويترز» ما قاله المعلم عقب محادثاته مع فلاديمير بوتين، حول أن الرئيس الروسي أكد تصميمه على تعزيز العلاقات مع سوريا ورئيسها بشار الأسد. وأكدت مصادر روسية لـ«الشرق الأوسط» أن الجانب الروسي عاد وطرح في مباحثات الأمس ضرورة العودة إلى الالتزام ببيان جنيف الموقع في 30 يونيو (حزيران) 2012، بما يتضمنه حول ضرورة وقف القتال والتحول إلى الحوار تمهيدا لتشكيل حكومة ائتلافية. وقال إن الجانب الروسي طرح كذلك التفكير في «جنيف 3». ولم يدل الرئيس الروسي بأي تصريح في ختام اللقاء مع المعلم، واكتفى الكرملين بالقول إن بوتين والمعلم اللذين التقيا في المقر الرئاسي في سوتشي على ضفاف البحر الأسود «بحثا العلاقات الروسية السورية».
من جهته، قال لافروف، كما نقلت عنه وكالة «إنترفاكس»: «إذا كنتم تنتظرون الإعلان عن مؤتمر مثل مؤتمر مونترو الذي عقد في يناير (كانون الثاني) بحضور خمسين دولة وآلاف الصحافيين وعدسات الكاميرات، فلن يكون هناك مثل هذا النوع من المؤتمر».
وبالعودة إلى جهود الدبلوماسية الروسية لإجراء حوار بين المعارضة والنظام السوري، اعتبر لافروف أنه «نظرا لنقاط الخلاف التي تراكمت منذ سنوات والمحاولات المستمرة للتدخل الأجنبي في النزاع السوري، فإن هذا العمل ليس بسيطا ويستغرق وقتا».
من جهته، قال المعلم إن اللقاء مع الرئيس الروسي «كان بناء جدا»، مشيرا إلى أن بوتين «أكد تصميم روسيا على تطوير علاقاتها مع سوريا ومكافحة الإرهاب» كما أوردت وكالة «تاس». وقال مسؤول سوري كبير رافضا الكشف عن هويته لوكالة الصحافة الفرنسية إن «استقبال بوتين للوفد فور وصوله يدل على الأهمية التي يوليها لهذه الزيارة، لأن الاجتماعات في موسكو تعقد في العادة مع وزير الخارجية سيرغي لافروف».
وأكدت وزارة الخارجية الروسية بلغة دبلوماسية أن تحريك العملية السلمية كان مدرجا على جدول المحادثات. وكانت الخارجية الروسية أعلنت في بيان أن روسيا الحليف الرئيسي للنظام السوري «ستجدد رغبتها في اقتراح موسكو مكانا لإجراء الاتصالات المناسبة بين مسؤولين في الحكومة السورية ومجموعة واسعة من القوى الاجتماعية والسياسية في المجتمع السوري».
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، بحسب ما نقلت وكالة «ريا نوفوستي» للأنباء «لدينا الكثير من المسائل المتعلقة بالتسوية السياسية» في سوريا «ولا يمكننا بالتأكيد مناقشتها من دون السوريين، ولهذا السبب تكتسي هذه الزيارة مثل هذه الأهمية».
وقد يتم التطرق أيضا أثناء زيارة المعلم التي تنتهي الخميس إلى طلب دمشق بتسريع شحن الصواريخ الروسية المضادة للطائرات «إس 300»، بحسب وكالات الأنباء الروسية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.