أفغانستان في حداد بعد الهجوم الأكثر دموية منذ 2011.. ووكالة الاستخبارات تتهم شبكة حقاني

مقتل جنديين أميركيين في هجوم بقنبلة في كابل

الرئيس التنفيذي لأفغانستان عبد الله عبد الله يزور ضحايا تفجير باكتيكا أمس (إ.ب.أ)
الرئيس التنفيذي لأفغانستان عبد الله عبد الله يزور ضحايا تفجير باكتيكا أمس (إ.ب.أ)
TT

أفغانستان في حداد بعد الهجوم الأكثر دموية منذ 2011.. ووكالة الاستخبارات تتهم شبكة حقاني

الرئيس التنفيذي لأفغانستان عبد الله عبد الله يزور ضحايا تفجير باكتيكا أمس (إ.ب.أ)
الرئيس التنفيذي لأفغانستان عبد الله عبد الله يزور ضحايا تفجير باكتيكا أمس (إ.ب.أ)

اتهمت وكالة الاستخبارات الأفغانية أمس شبكة حقاني المتفرعة عن حركة طالبان بالوقوف خلف العملية الانتحارية التي أودت بحياة 57 شخصا أثناء مباراة لكرة الطائرة ولم تتبن حركة طالبان الهجوم. وقال حسيب صديقي المتحدث باسم المديرية الوطنية للأمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «لدينا أدلة تشير إلى أن شبكة حقاني تقف خلف الهجوم في بكتيكا وسنكشف المزيد من المعلومات قريبا».
وكانت عائلات ضحايا الهجوم الانتحاري الأكثر دموية منذ 3 سنوات في أفغانستان تبكي ضحاياها فيما نقل بعض الجرحى على عجل إلى العاصمة كابل. ولم تتبن طالبان الهجوم، لكن وكالة الاستخبارات الأفغانية اتهمت الاثنين شبكة حقاني بالوقوف خلف العملية الانتحارية التي استهدفت مباراة في الكرة الطائرة أول من أمس.
وروى شاهد عيان يدعى خوشال لوكالة الصحافة الفرنسية (25 عاما) أن الانتحاري وصل على دراجة نارية إلى حيث تجري المباراة في الكرة الطائرة، الرياضة الشعبية لدى الشبان الأفغان، وترجل من دراجته ثم فجر نفسه. وقال سلام خان (19 عاما) الذي نقل على عجل إلى مستشفى عسكري في كابل لإصابته بجروح في ساقه اليمنى وصدره، متحدثا لوكالة الصحافة الفرنسية أن «المباراة كانت على وشك الانتهاء عندما سمعت دوي انفجار هائل». وأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية نجيب دنيش مقتل 4 من عناصر الشرطة.
وتوجه رئيس السلطة التنفيذية الأفغانية عبد الله عبد الله أمس إلى بكتيكا للقاء مسؤولين محليين في مسجد يحيى خيل والاستماع إلى مطالبهم بعد الاعتداء. ولم يتمكن من التوجه إلى مكان وقوع الهجوم لأسباب أمنية. وقال عبد الله لوكالة الصحافة الفرنسية إن هؤلاء المسؤولين «طلبوا تعزيز الشرطة المحلية وكذلك عيادات ومدارس. لقد وعدتهم أنني سأتولى الاهتمام بهذه الأولويات». وهذا الهجوم الدامي على مدنيين يظهر حجم المهمة التي تنتظر الرئيس الجديد أشرف غني الذي أعلن فوزه في الانتخابات الرئاسية في سبتمبر (أيلول) والمفترض أن تتولى القوات الحكومية في عهده اعتبارا من يناير (كانون الثاني) مهمة الدفاع لوحدها عن البلاد في وجه طالبان والمجموعات المتمردة الأخرى.
وفي عام 2015 سيبقى 12500 جندي أجنبي معظمهم من الأميركيين في مهمة مساعدة وتدريب، مكان قوة حلف شمال الأطلسي في أفغانستان (إيساف) المنتشرة منذ أواخر 2001 والتي تجاوز عددها 140 ألفا في أوج انتشارها في هذا البلد.
ووقع التفجير الانتحاري الذي أسفر عن مقتل 57 شخصا وإصابة نحو ستين آخرين بجروح بحسب حصيلة جديدة، في منطقة نائية بولاية بكتيكا قرب الحدود مع باكستان. وهذه المنطقة تعد المعقل الرئيسي لشبكة حقاني وهي فرع من حركة طالبان الأفغانية يرفض في الوقت الحاضر التفاوض مع الحكومة من أجل إرساء السلام في البلاد.
ونفذ هجوم أول من أمس في نفس اليوم الذي وافق فيه مجلس النواب الأفغاني على الاتفاق الذي ينظم بقاء هذه القوة الأجنبية، وبعيد كشف صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية معلومات تفيد أن الرئيس الأميركي باراك أوباما مدد المهمة القتالية للجنود الأميركيين الباقين في أفغانستان ما يسمح لهم بمواصلة محاربة المتمردين مباشرة في حال أي تهديدات، بما في ذلك تقديم مساندة جوية بالطائرات الحربية وطائرات من دون طيار.
وأسرع الرئيس غني يوم الأحد الماضي لزيارة نحو 50 جريحا نقلوا على عجل إلى مستشفى عسكري في العاصمة كابل. وعبر غني الذي يأخذ عليه طالبان بأنه أعطى موافقته لبقاء قوة أجنبية في أفغانستان، عن إدانته الشديدة للاعتداء «اللاإنساني والمخالف للإسلام، أن هذا النوع من القتل الوحشي لمدنيين لا يمكن تبريره».
كما أدان الهجوم رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف الذي استقبل غني الأسبوع الماضي في إسلام آباد على أمل توطيد العلاقات بين البلدين الجارين اللذين يتبادلان الاتهامات منذ سنوات بدعم مجموعات المتمردين على جانبي حدودهما الطويلة.
وسبق وشهدت ولاية بكتيكا في يوليو (تموز) الماضي هجوما استهدف مدنيين وأودى بحياة 41 شخصا في إحدى الأسواق.
ومع اقتراب موعد انسحاب معظم القوات الأطلسية يكثف المتمردون هجماتهم ضد المدنيين وخاصة القوات الأمنية الأفغانية بهدف أضعافها وثني السكان عن الانخراط فيها وأيضا زعزعة الحكم. ويأتي الهجوم في وقت تستعد فيه قوة حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة والتي تعتبر الداعم العسكري الرئيسي لكابل لسحب معظم جنودها من البلاد. وقتل جنديين أميركيين عندما انفجرت قنبلة في مركبتهما في العاصمة الأفغانية كابل أمس. وأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية لوكالة «رويترز» صديق صديقي: «كانت قنبلة مغناطيسية، وكانت أما متصلة بمركبة الأجنبيين أو زرعت وتم تفجيرها عن بعد».
وفي خلال 10 أشهر من هذه السنة، من بداية يناير إلى بداية نوفمبر (تشرين الثاني) قتل ما لا يقل عن 4634 شرطيا وجنديا أفغانيا في هجمات ومعارك، أي أكثر من عدد القتلى خلال عام 2013 بأكمله 4350 شخصا بحسب واشنطن مما يثير المخاوف من تصعيد جديد للمعارك بعد انتهاء المهمة الحالية للحلف الأطلسي.



«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير انتحاري أودى بحياة وزير اللاجئين الأفغاني في مكتبه في كابل، بحسب ما ذكر موقع «سايت»، اليوم (الأربعاء).

وقُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم، من جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح من جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.