{حزب الجنرالات} يمهّد لحوار مع الرئيس الفلسطيني

الرئيس عباس يلتزم بشروط العزل قبل دخوله اجتماع القيادات الفلسطينية في رام الله مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)
الرئيس عباس يلتزم بشروط العزل قبل دخوله اجتماع القيادات الفلسطينية في رام الله مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

{حزب الجنرالات} يمهّد لحوار مع الرئيس الفلسطيني

الرئيس عباس يلتزم بشروط العزل قبل دخوله اجتماع القيادات الفلسطينية في رام الله مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)
الرئيس عباس يلتزم بشروط العزل قبل دخوله اجتماع القيادات الفلسطينية في رام الله مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)

ردت أوساط أمنية وسياسية في إسرائيل بطريقة «شد الحبل حتى مداه الأخير» في التعاطي مع تصريحات الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، التي قال فيها، إن «السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير باتتا في حل من الاتفاقات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها بما فيها الاتفاقات الأمنية». فقد شكك البعض في صدق هذا الموقف، وقال آخرون، إنه ليس أول قرار فلسطيني بهذه الروح، وهدد آخرون بالقول، إن «الفلسطينيين سيكونون أول المتضررين» من هذا الانقطاع.
وقالت مصادر سياسية، إن الحكومة لم تتخذ موقفاً بعد من تصريحات عباس، وإن هناك انطباعا بأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، سيكون متشدداً مع موقف عباس، لكن رئيس الوزراء البديل في حكومته، بيني غانتس، ووزير الخارجية، جابي اشكنازي، وهما من حزب الجنرالات «كحول لفان» سيتخذان موقفاً معتدلاً. وأكد أنهما باشرا التمهيد للقاء الرئيس الفلسطيني أو مندوبين عنه لطمأنتهم وفتح قناة حوار معهم تمنع كسر القوالب.
وصرح وزير الاقتصاد رئيس حزب العمل الإسرائيلي، عمير بيرتس، بأنه يحترم الرئيس الفلسطيني ويصغي جيداً لما يقول، ويقترح على حكومة نتنياهو – غانتس، أن تصغي هي أيضاً إليه وتنزع غضبه وتطمئنه. وقال إنه يعرف تماماً أن غالبية أعضاء الكنيست في إسرائيل يعارضون الضم أحادي الجانب لأراضي الضفة الغربية، ويؤيدون الحوار مع الجانب الفلسطيني على أساس مبدأ حل الدولتين.
ومع ذلك، فإن مسؤولاً كبيراً في أجهزة الأمن الإسرائيلية، قال في تصريحات لوسائل الإعلام العبرية، إن «هناك احتمالاً ضئيلاً لأن يكسر أبو مازن القوالب ويقطع الاتصال مع إسرائيل؛ وذلك لأن الاتفاقيات بينهما تخدم الطرفين». وقدم مثلاً على ذلك في النشاط الأمني في الضفة الغربية ضد تحركات «حماس» ومسعاها لإسقاط السلطة الفلسطينية واغتيال عدد من رموزها. وقال «إذا قرر أبو مازن غداً إيقاف التنسيق الأمني معنا، فهل سيشتمل هذا على النشاط ضد حركة (حماس) التي تعتبر عدوه اللدود؟».
لكن مسؤولاً آخر في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية طلب الانتظار والصبر قليلاً لمعرفة ما إذا كانت تصريحات عباس عملية وستطبق على الأرض. وقال «علينا أن نتابع التطورات السياسية والديناميكية الميدانية، ورؤية إلى أي مدى تتغلغل أقوال أبو مازن، وإن كانت ستترجم إلى لغة فعلية في الشارع». وأضاف «من تجارب الماضي، توجد فجوة كبيرة جداً بين ما يقوله أبو مازن وبين ما يحدث بالفعل. والدليل، أن التنسيق الأمني بين أجهزة الأمن الفلسطينية وبين إسرائيل مستقر وناجع، ولم يطرأ عليه أي تغيير منذ إطلاق التصريحات».
من جهة أخرى، صرحت مصادر في اليمين الإسرائيلي بأن تصريحات الرئيس الفلسطيني، وقبلها تصريحات العاهل الأردني الملك عبد الله، ضد الضم، جاءت في هذا التوقيت قبل عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي للتداول في القضية الفلسطينية (ليلة أمس الأربعاء حسب توقيت نيويورك). فهما يريدان التأثير على قرارات المجلس وعلى تقرير مبعوث الأمم المتحدة، نيكولاي ميلادينوف، حول الأوضاع في المناطق الفلسطينية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».