قرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وشريكه «رئيس الحكومة البديل» رئيس حزب «كحول لفان»، بيني غانتس، تأجيل عرض حكومتهما على الكنيست، يوم أمس، حتى الأحد المقبل، وذلك بعد أن انفجرت خلافات شديدة في الليكود حول توزيع الحقائب الوزارية بينهم.
وجاء هذا القرار في السادسة من مساء أمس، وهي الساعة التي كان يفترض أن تبدأ فيها جلسة النقاش في الكنيست حول الحكومة الجديدة. وفي اللحظة الأخيرة، توجه وزراء في الليكود إلى نتنياهو، يبلغونه أنهم قرروا التمرد عليه والامتناع عن التصويت إلى جانب الحكومة. فاستنفر غانتس وأبلغه بضرورة التأجيل. وخشي غانتس من أن يكون قد وقع في مطب جديد من مطبات نتنياهو، فقرر سحب استقالته من رئاسة الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). ودلّت هذه الخطوة على مدى انعدام الثقة بينهما.
ويواجه نتنياهو مشكلات جدية داخل معسكره، حتى داخل حزبه، حول توزيع المقاعد الوزارية، مع أن عدد الوزراء ارتفع أمس إلى 36 وزيراً، وهو أكبر عدد من الوزراء في حكومات إسرائيل خلال 72 عاماً. على سبيل المثال، تمكن نتنياهو من تفكيك اتحاد أحزاب اليمين المتطرف «يمينا» وسحب رافي بيرتس، وزير التعليم الحالي منه، وتعيينه وزيراً لشؤون القدس والاستيطان. وقد استقال بيرتس من «يمينا» بشكل رسمي، صباح أمس. وبعد انسحابه بدقائق اتصل به نتنياهو وأبلغه أنه لا يستطيع منحه وزارة القدس، لأنه كان قد وعد بها الوزير ديفيد أمسالم من حزب الليكود. فوجد بيرتس نفسه واقعاً في مطب مهين، فأعلن نيته اعتزال السياسة قائلاً: «لا أستطيع الصمود في وسخ كهذا».
وبالإضافة إلى أمسالم، يطالب عدد من الوزراء الحاليين بمناصب أفضل، ويحتج وزراء آخرون على خسارة مقاعدهم في الحكومة، ويطلب نواب آخرون بالارتقاء لمنصب وزير، وقلة منهم بدوا راضين بنصيبهم.
وفي الوقت ذاته، هدّدت الأحزاب الدينية «شاس» (اليهود الشرقيون المتدينون) و«يهدوت هتوراة» (اليهود الغربيون المتدينون)، بمقاطعة التصويت بسبب عدم إدخال البند الدائم حول «الستاتكو»، في مواضيع الدين والدولة إلى الخطوط العريضة للحكومة الجديدة، علماً بأن الاتفاقيات الائتلافية التي وقّعها الليكود مع هذه الأحزاب تتضمن بنداً كهذا.
وعلى إثر ذلك، تعرقلت عملية المصادقة على الحكومة، التي كانت مقررة في العاشرة من ليلة الخميس- الجمعة، وتقرر تأجيلها إلى الأحد.
وحسب الخبراء، فإن احتمالات المصادقة عليها، الأحد، شبه مستحيلة، إذ إن القانون يجبر الحكومة على طرح كل أوراقها، قبل 48 ساعة. فإذا لم يتفقوا على كل شيء اليوم (الجمعة)، فسيضطرون إلى التأجيل من جديد.
من جهة ثانية، وفي الوقت الذي كانت فيه أحزاب الائتلاف الحكومي تتخبط في خلافات اللحظة الأخيرة، تجمع نحو 3 آلاف مواطن، غالبيتهم من العرب، متظاهرين أمام مقر الكنيست، احتجاجاً على نية الحكومة فرض السيادة الإسرائيلية على المناطق الفلسطينية المحتلة، وعلى خلو برنامج الحكومة من خطة واضحة لسدّ هوة التمييز.
وتظاهر رؤساء وموظفو السلطات المحلية العربية الدرزية والشركسية احتجاجاً على عرقلة تحرير الأموال لها لسدّ هوة التمييز. وتظاهر أنصار «نزاهة الحكم» ضد الفساد. وقالت النائبة عايدة توما سليمان، التي حضرت ضمن وفد تضامني مع المتظاهرين من القائمة المشتركة، إن هدف هذه المظاهرة هو لفت نظر الجمهور بأن هناك معارضة فعلية للحكومة. «فالمعارضة في إسرائيل بقيادة يائير لبيد صورية، ولا تقول شيئاً. و(القائمة المشتركة) هي الوحيدة التي تقول بصوت واضح وحرّ إنها تعترض على مخطط ضم غور الأردن وشمال البحر الميت وأراضي المستوطنات في المناطق الفلسطينية المحتلة، وترى فيه خطراً على ما تبقى من آمال ضحلة لعملية سلام»، على حدّ قولها.
وكانت أحزاب الائتلاف الجديد، برئاسة نتنياهو وغانتس، قد طرحت الخطوط العريضة للحكومة الجديدة على جدول أعمال الكنيست، وتعمدت أن تبقيها بلا تفاصيل واضحة. فهي لم توضح موقفها الدقيق من مخطط ضم مناطق في الضفة الغربية إلى إسرائيل. ولم تتضمن بنوداً كان غانتس قد تعهد بها جهاراً، وقال إنه اتفق عليها مع نتنياهو، مثل وضع خطة لمكافحة ظاهرة العنف في المجتمع العربي، وتجميد قانون كامنتس، الذي يتيح هدم عشرات ألوف البيوت العربية المبنية بلا تراخيص، وبنود تصوغ العلاقة بين الدين والدولة والتعليم. وقال مصدر مقرب من نتنياهو وغانتس، إنهما تعمدا هذه الضبابية كي تسهل عملية المصادقة على الحكومة.
المعروف أن الائتلاف الحكومي، كان قد اتفق على تغيير رئيس الكنيست (البرلمان)، بيني غانتس، واستبداله بالوزير يريف لفين، من الليكود. وقد طرحت «القائمة المشتركة» اسم النائب د. أحمد الطيبي، رئيس كتلة القائمة المشتركة، لرئاسة الكنيست. وأكدت أن الطيبي هو صاحب التجربة الأطول بين نواب الكنيست. وقالت في بيان لها: «هذا الترشيح هو بمثابة تسجيل موقف سياسي بأن (القائمة المشتركة) ليست جزءاً من معارضة متجانسة وكتلة مستقلة عن كتل المعارضة الأخرى، ولنا ولجمهورنا الموقف السياسي المختلف عن باقي أحزاب المعارضة. وأمام حكومة الضم وحكومة قانون القومية وكامنتس التي رشحت يريف لفين، علينا أن نطرح بديلاً حقيقياً مقابل سياسة الإقصاء والتمييز التي تجلت أيضاً في خطة الخروج من أزمة كورونا الاقتصادية والاجتماعية». وأنهى البيان بالقول: «(القائمة المشتركة) ستكون في مقدمة النضال ضد حكومة نتنياهو الخامسة، وستكون صوت كل المتضررين من هذه الحكومة وسياساتها، وعليه فإن مرشح (القائمة المشتركة) لرئاسة الكنيست، هو الأفضل والأجدر بتنفيذ وترسيخ هذه المبادئ».
«الحقائب» تؤجل الحكومة الائتلافية في إسرائيل
غانتس يسحب استقالته من رئاسة الكنيست... ومظاهرات عربية
«الحقائب» تؤجل الحكومة الائتلافية في إسرائيل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة