الحصة الأكبر من المساعدات الأوروبية توجه إلى قطاع السياحة المنهار

مدريد تدرس إصدار «جواز سفر صحي»... وحجوزات مسبقة على الشواطئ

الحصة الأكبر من المساعدات الأوروبية توجه إلى قطاع السياحة المنهار
TT

الحصة الأكبر من المساعدات الأوروبية توجه إلى قطاع السياحة المنهار

الحصة الأكبر من المساعدات الأوروبية توجه إلى قطاع السياحة المنهار

ََبعد نيّف وشهرين على هبوب عاصفة «كوفيد - 19» الصامتة التي تضرب أوروبا والعالم، ما زال الشلل الذي أصاب قطاع السياحة وما تفرّع عنه من قطاعات، مثل النقل والمطاعم والترفيه هو الأكثر دلالة على فداحة الكارثة التي ضربت الاقتصادات الأوروبية، ووضعت العديد من المؤسسات والشركات السياحية على شفا الإفلاس، بعد أن دفعت بالملايين إلى طوابير البطالة.
ومن البلدان الأوروبية التي شهد فيها قطاع السياحة انتكاسة خطيرة، تقف إسبانيا وإيطاليا في المرتبتين الأوليين، وهما قد تعرّضتا لخسائر بشرية فادحة جراء انتشار واسع وفتّاك للفيروس منذ أواخر شهر فبراير (شباط) الماضي.
ولدى مثوله أمام لجنة السياحة والنقل في البرلمان الأوروبي، يوم الأربعاء الماضي، قال مفوّض السوق الداخلية تييري بروتون إن «الأولوية المطلقة في الجهود التي يبذلها الاتحاد لمساعدة البلدان على النهوض من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن (كوفيد – 19) هي لقطاع السياحة الذي ينتظر أن يحصل على 25 في المائة من المساعدات التي ستقدمها المؤسسات الأوروبية». وحسب تقديرات المفوضيّة، من المتوقّع أن تتراجع خدمات الفنادق بنسبة 50 في المائة، عند نهاية العام الحالي، بينما يتراجع نشاط وكالات السياحة والسفر بنسبة 70 في المائة، ويكون قطاع الطيران قد تراجع بنسبة 90 في المائة، وهي أرقام مرهونة بفترة انتشار الفيروس واحتمالات عودته في موجات تالية. وتجدر الإشارة إلى أن قطاع السياحة يشكّل 11 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الأوروبي، و12 في المائة من سوق العمل.
وفي إسبانيا، يعتبر قطاع السياحة المحرّك الرئيسي للاقتصاد إذ يشكّل 13 في المائة من إجمالي الناتج القومي ويوفّر ما يزيد عن 2.5 مليون فرصة عمل ثابتة، وما يقارب 3 ملايين موسميّة. وتقوم الحكومة الإسبانية حالياً بوضع خطة شاملة لمساعدة هذا القطاع ومنع انهياره، حيث تُقدَّر الخسائر التي سيصاب بها هذه السنة بما يزيد على 115 مليار يورو. وتتضمّن هذه الخطة في مرحلتها الأولى مجموعة من التدابير الوقائية تشمل جميع القطاعات السياحية الفرعية، بهدف الحد من المخاطر الصحّية الناجمة عن «كوفيد - 19» وتوجيه رسالة بأن إسبانيا وجهة سياحية آمنة. وتعكف وزارة الصحة حالياً على تجهيز الفنادق بمعدات لإجراء اختبارات سريعة على نزلائها وزبائنها عند استقبالهم لرصد الإصابات بالفيروس، وتدرس مع «منظمة الصحة العالمية» إمكانية إصدار «جواز سفر صحي» في مرحلة لاحقة.
وكانت شركة الطيران الألمانية «لوفتهانزا» قد أعلنت يوم الجمعة الماضي عن استئناف رحلاتها إلى مطار جزيرة مايو (أيار)ركا اعتباراً من مطلع الشهر المقبل، «نظراً لكثرة الطلب»، كما جاء في بيان الشركة. ويُذكر أن مطار مدينة «ترويل» الواقعة في وسط إسبانيا قد تحوّل في الأسابيع الأخيرة إلى أكبر مرأب في أوروبا لطائرات النقل المدنية الضخمة، التي يُنتظر أن تكون الأخيرة في العودة إلى الطيران كونها مخصصة للرحلات الطويلة التي من المستبعد أن تُستأنف قريباً.
وفيما لا تزال الحركة مشلولة في المطارات، بدأت المؤسسات السياحية والسلطات المحلية بتجهيز الشواطئ التي تمتد على مسافة 8 آلاف كيلومتر وتنظيمها بشكل يضمن التباعد بين المستحمين، وينتظر أن يفرض بعضها نظام الحجوزات المسبقة. وإذ تتفاوت خسائر قطاع السياحة حسب المناطق، تتعرّض الجزر في أرخبيلَي الباليار والكناري إلى أكبر الخسائر، حيث تبقى الشواطئ هي الجاذب الرئيسي للسياح الذين يتوافدون على إسبانيا التي حطّمت رقمها القياسي للمرة السابعة على التوالي العام الماضي بعد أن دخل إليها 82.8 مليون سائح أجنبي.
وكانت وزارة السياحة قد أفادت بأن عدد السيّاح الأجانب الذين دخلوا إسبانيا خلال شهر مارس (آذار) الماضي قد تراجع بنسبة 38 في المائة عن الفترة ذاتها من العام الماضي، وأنه من المتوقع أن تصل هذه النسبة خلال الشهر الماضي إلى 95 في المائة.
إيطاليا من جهتها تعتبر هذه السنة الأسوأ في تاريخ قطاع السياحة الذي يشكّل 13 في المائة من إجمالي الناتج القومي، ويوفّر 4.2 مليون فرصة عمل. وتقدّر الخسائر في هذا القطاع بما يزيد على 120 مليار يورو. وفيما قال وزير السياحة والثقافة داريو فرانشيسكيني يوم الثلاثاء 5 مايو أمام البرلمان، إن «قطاع السياحة هو الأكثر تضرراً من هذه الأزمة التي تركته جاثماً على ركبتيه»، تتوقع المصادر الرسمية إنه في حال استمرّت أزمة «كوفيد - 19» إلى نهاية السنة الحالية، لن يتمكّن قطاع السياحة من النهوض قبل عامين، وإن مؤسسات كثيرة لن تتمكّن من استئناف نشاطها.
ويتوقع الخبراء أن يكون لانهيار قطاع السياحة الإيطالي تداعيات خطيرة على قطاعات أخرى مرتبطة به بشكل وثيق، مثل قطاع الأزياء وقطاع الصناعات الغذائية المعدّة للتصدير.
وفي البرتغال، تستعدّ الحكومة لفتح حدودها مع إسبانيا أواخر الشهر المقبل، بعد أن قررت فتح الطرق الجوية والبحرية إلى جزيرة مادييرا في أرخبيل آسوريس.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».