عقبات أمام ضغط الأوروبيين على إسرائيل لتتخلى عن ضم أجزاء من الضفة

مستوطنة إسرائيلية في غور الأردن بالضفة التي تنوي إسرائيل ضم أجزاء منها (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية في غور الأردن بالضفة التي تنوي إسرائيل ضم أجزاء منها (أ.ف.ب)
TT

عقبات أمام ضغط الأوروبيين على إسرائيل لتتخلى عن ضم أجزاء من الضفة

مستوطنة إسرائيلية في غور الأردن بالضفة التي تنوي إسرائيل ضم أجزاء منها (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية في غور الأردن بالضفة التي تنوي إسرائيل ضم أجزاء منها (أ.ف.ب)

منذ أن كشف الرئيس الأميركي عن تفاصيل «صفقة القرن» في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، يدأب الأوروبيون على دراسة «خطة استباقية»، من شأنها ثني الطرف الإسرائيلي عن الإقدام على خطوة يعتبرونها «متفجرة». ونبهت مصادر دبلوماسية أوروبية في باريس، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، من «المحاذير» الرئيسية الستة المترتبة على عملية ضم أجزاء من الضفة الغربية، التي ليس أقلها «وأد» حل الدولتين، وتهديد وجود السلطة الفلسطينية، وإشعال موجة عنف جديدة في الضفة وغزة، وفضح «الكيفية» في التعاطي مع القرارات والمعايير الدولية، واستقواء نزعة التطرف، وأخيراً تغذية العداء ضد الغرب الأوروبي والأميركي.
وفيما ينظر وزراء الخارجية الأوروبيون، خلال اجتماعهم، الجمعة المقبل، في بروكسل، في العقوبات ضد إسرائيل، حال مضت في خطط الضم، تتخوف الدول الراغبة في ذلك من عقبات الانقسامات الأوروبية الداخلية. وثمة كتلتان تتواجهان: الأولى تتكون من آيرلندا وفرنسا وبلجيكا والسويد ودول أخرى، تدفع باتجاه رد «قوي وإجراءات حقيقية»، مقابل دول مترددة تعارض فرض العقوبات، من بينها المجر وتشيكيا وألمانيا وهولندا ورومانيا. ونظراً للعمل بقاعدة «الإجماع» في السياسة الخارجية الأوروبية، فإن الأوروبيين سيسعون للتوافق فيما بينهم على تدابير «الحد الأدنى».
تذكر المصادر أن سياسة إسرائيل الثابتة «قامت دوماً على التنديد بالمبادرات الأوروبية، واعتبار الاتحاد الأوروبي (منحازاً) ضدها، وداعماً للموقف الفلسطيني ومطالبه». يضاف إلى ذلك أن الأوروبيين الذين يعون «استعجال» إسرائيل تنفيذ عملية الضم، خلال وجود دونالد ترمب في البيت الأبيض، يعون أيضاً أنها تراهن على الضغوط التي يمكن أن تمارسها واشنطن على العواصم الأوروبية، لثنيها عن القيام بخطوات عقابية، إضافة إلى الضغوط الإسرائيلية المباشرة. ثم لا تخفي هذه المصادر أن هناك مجموعات ضغط يهودية وغير يهودية موالية لإسرائيل داخل العواصم الأوروبية، وفي بروكسل، من شأنها الدفاع عن المصالح الإسرائيلية. تجدر الإشارة إلى أن إدارة ترمب «منعت» الأوروبيين من التحرك، بانتظار أن تنضج الخطة التي لم تترك أصداء إيجابية في أي من العواصم الأوروبية. وكشفت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط»، أن ما سعت إليه باريس، في الأشهر الماضية، هو «المحافظة على موقف أوروبي موحد»، إن لجهة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، أو السير بـ«صفقة القرن» الأميركية.
تقول مصادر دبلوماسية عربية في باريس، إن مشكلة الأوروبيين «من غير استثناء»، تكمن في أنهم «يفصلون بين علاقتهم بإسرائيل التي يريدونها وثيقة ومكثفة، وبين ممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي غزة». وتشير هذه المصادر إلى الصعوبات التي واجهها الأوروبيون قبل النجاح في إيجاد تمايز بين البضائع المنتجة في إسرائيل، وتلك المنتجة في المستوطنات. وفي نظرها، أن الأوروبيين، إذا أرادوا فعلاً تعطيل الخطط الإسرائيلية، فإن الطريق إلى ذلك واضحة ومعروفة، وهي الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما فعلت السويد. وكانت السلطة قد سعت لدى فرنسا وغيرها للحصول على هذا الاعتراف، إلا أنها وُجهت بحجج، من نوع أن خطوة كهذه «سوف تأتي بنتائج عكسية»، وأن المطلوب «خطوة جماعية وليس اعترافات فردية».
ما الذي ستفضي إليه المشاورات الأوروبية؟ المرجح أن يطلب الوزراء الأوروبيون، بعد غد الجمعة، من المفوضية الأوروبية، إعداد «مقترحات»، وتحديد المجالات التي يمكن التحرك من داخلها اقتصادياً وتجارياً، فضلاً عن المواقف السياسية والدبلوماسية. لكن هل هذه التدابير، رغم أهمية العلاقات المتداخلة والمتشابكة بين الطرفين، كافية لدفع الطرف الإسرائيلي إلى طي ملف الضم أو تأجيله؟ ثمة من يشكك بقوة، نظراً لتفاهم نتنياهو - غانتس على الضم والدعم الأميركي، إلا إذا خفتت قوة هذا الدعم، وفق معلومات متدوالة في العاصمة الأميركية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».