«قلب تونس» يعرض «مبادرة إنقاذ وطني»

تشمل تشكيل {حكومة وحدة} لتجاوز الأزمة السياسية وتداعيات الوباء

تونسيون ينتظرون قبل دخول محل «زارا» في العاصمة تونس أمس مع معاودة متاجر الملابس الجاهزة فتح أبوابها استعداداً لعيد الفطر (أ.ب)
تونسيون ينتظرون قبل دخول محل «زارا» في العاصمة تونس أمس مع معاودة متاجر الملابس الجاهزة فتح أبوابها استعداداً لعيد الفطر (أ.ب)
TT

«قلب تونس» يعرض «مبادرة إنقاذ وطني»

تونسيون ينتظرون قبل دخول محل «زارا» في العاصمة تونس أمس مع معاودة متاجر الملابس الجاهزة فتح أبوابها استعداداً لعيد الفطر (أ.ب)
تونسيون ينتظرون قبل دخول محل «زارا» في العاصمة تونس أمس مع معاودة متاجر الملابس الجاهزة فتح أبوابها استعداداً لعيد الفطر (أ.ب)

دعا حزب «قلب تونس» المعارض في تونس لتشكيل «حكومة وحدة وطنية» تتسع لأكبر عدد ممكن من الأحزاب السياسية، وذلك في إطار مبادرة «إنقاذ وطني» يعتزم طرحها لتجاوز الأزمة السياسية الناجمة عن الدعوات المطالبة بإسقاط حكومة إلياس الفخفاخ وحل البرلمان، وأيضاً لتجاوز تداعيات انتشار فيروس «كورونا».
وقال أسامة الخليفي، رئيس كتلة حزب «قلب تونس» البرلمانية المعارضة، إن حزبه انتهى من بلورة مبادرة وطنية بعنوان «ميثاق وطني لإنقاذ البلاد من الفقر والبطالة والإفلاس» وهو يستعد لعرضها على الأحزاب السياسية بهدف «ضمان هدنة سياسية واجتماعية، والوصول إلى حلول جدية للملفات الاجتماعية والاقتصادية خلال الخمس سنوات المقبلة».
واعتبر الخليفي أن مبادرة حزبه تستبق الأحداث، وتقدم حلولاً فعالة لتجاوز أزمات ما بعد انقشاع وباء «كورونا». وأكد أن حزب «قلب تونس» أشرك عدداً من خبراء المجتمع المدني وقيادات اقتصادية من حزبه برئاسة عياض اللومي، رئيس لجنة المالية في البرلمان، في إعداد المبادرة، وهو ما يضفي عليها كثيراً من الجدية.
كما اعتبر الخليفي أن الحزام السياسي لحكومة الفخفاخ هش وغير متجانس، ومن المنتظر أن ينكشف كثير من العوائق أمامه بمجرد أن تنتهي فترة الوحدة الوطنية التي فرضتها جائحة «كورونا».
وتأتي هذه المبادرة إثر بدء النيابة العامة النظر في دعوات لإسقاط الحكومة وحل البرلمان. وجرى اتهام أحزاب من اليسار وتلك التي خسرت الانتخابات بالوقوف وراء تلك الدعوات. ونفى تحالف الجبهة الشعبية اليساري الذي يتزعمه حمة الهمامي مزاعم وقوفه وراء تلك الدعوات، مؤكداً أنه يقبع في صفوف المعارضة التي من حقها انتقاد الحكومة والدعوة لإسقاطها، ودعا إلى ضرورة احترام حق التظاهر السلمي.
وانتقد الخليفي رفض الفخفاخ تشكيل حكومة وطنية بمشاركة حزب «قلب تونس» خلال مرحلة التفاوض حول تشكيل الحكومة، وهذا ما أثر على المشهد البرلماني والسياسي الحالي، إذ إن عملية التصويت والمصادقة على عدد من القوانين دون «قلب تونس» غير ممكنة، وهو ما يطرح تحديات إضافية أمام الحكومة بمجرد أن تنتهي فترة التفويض البرلماني المقدرة بنحو شهرين، لإصدار مراسيم حكومية دون الرجوع إلى البرلمان.
ودعا الخليفي رئيس الحكومة التونسية الحالية، إلى الانخراط في المبادرة الوطنية ودعمها، وهو ما يؤسس لوحدة وطنية سياسية تعتمد على برنامج اقتصادي اجتماعي بالأساس، على حد قوله.
ويرى الخلفي أن المبادرة لا تبتعد عن تصور «قلب تونس» للعمل السياسي، فقد بنى نبيل القروي المرشح المثير للجدل للرئاسة حملته الانتخابية على مقاومة الفقر والخصاصة، وصرَّح في أكثر من مناسبة سابقة بأن هدفه من العمل السياسي هو «ضمان صحن معكرونة لكل تونسي»، على حد تعبيره. غير أن خصومه السياسيين اعتبروا أنه لعب على مشاعر الفقراء بتوزيعه مساعدات غذائية ومالية لمدة قاربت الثلاث سنوات، قبل انتخابات 2019، وهو ما ضمن له المرتبة الثانية في المشهد البرلماني بـ38 مقعداً في المركز الثاني وراء حركة «النهضة»، كما أن تلك السياسة قادته إلى خوض الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، قبل أن يخسرها بفارق كبير أمام قيس سعيد رئيس الجمهورية الحالي الذي حاز أكثر من 70 في المائة من الأصوات.
في غضون ذلك، أوضح جمال بن تعزايت، آمر مطار جربة جرجيس الدولي (جنوب شرقي تونس) في تصريح إعلامي، أن طائرة روسية كانت قادمة من النيجر نزلت في المطار للتزود بالوقود ثم واصلت رحلتها في اتجاه روسيا، كما توقفت الطائرة نفسها في رحلتها من روسيا باتجاه النيجر، وهو ما خلَّف جدلاً سياسياً حول تواتر الطائرات الأجنبية التي تحط بأقرب مطار تونسي مع الحدود الليبية. وكان نزول طائرة تركية نهاية الأسبوع الماضي وهي تحمل مساعدات طبية موجهة إلى أحد أطراف النزاع في ليبيا قد أثار الجدل نفسه.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.