«كورونا» يضاعف أعباء مؤسسات الإعلام والصحافيين

قيود واعتقالات ورقابة مشددة... ومبادرات فردية لدعم من خسر عمله

صحافي من الباراغواي يحمل لافتتين كتب عليهما «إقالات تعسفية خلال الجائحة» و«أوقفوا قطع أرزاق الصحافيين» (أ.ب)
صحافي من الباراغواي يحمل لافتتين كتب عليهما «إقالات تعسفية خلال الجائحة» و«أوقفوا قطع أرزاق الصحافيين» (أ.ب)
TT

«كورونا» يضاعف أعباء مؤسسات الإعلام والصحافيين

صحافي من الباراغواي يحمل لافتتين كتب عليهما «إقالات تعسفية خلال الجائحة» و«أوقفوا قطع أرزاق الصحافيين» (أ.ب)
صحافي من الباراغواي يحمل لافتتين كتب عليهما «إقالات تعسفية خلال الجائحة» و«أوقفوا قطع أرزاق الصحافيين» (أ.ب)

مشهد مكاتب الصحف وقاعات العاملين والمراسلين في محطات التلفزة الفارغة من موظفيها تحول منظراً مألوفاً في زمن انتشار فيروس كورونا المستجد، لكن أحداً لم يكن يظن أن الخوف من التقاط الوباء سيشكل ضغطاً غير مسبوق، فاق بكثير الخوف من تأثيرات الحروب والكوارث التي كان يهرع لتغطية أحداثها المراسلون والصحفيون حول العالم. حرصهم على الوصول إلى المعلومة الصحيحة ونشرها في وقت قياسي واجه صعوبات جدية من سيل الأخبار التي تنشرها وسائل التواصل الاجتماعي، وانعكس خلطاً وتضارباً وتشكيكاً بالمعلومة نفسها وبصحتها. وفيما أدى التباعد الاجتماعي، ولجوء المؤسسات والدوائر الحكومية إلى اللقاءات والمؤتمرات عبر الفضاء الافتراضي، إلى تراجع التواصل المباشر و«المناكفات» التي كانت تنشأ بين الصحافيين والمسؤولين الحكوميين خلال ندواتهم الصحافية، كان المنع والتضييق والاعتقال سيفاً مسلطاً على الصحافيين في بلدان أخرى.

تحدي الوصول إلى المعلومات
أفادت دراسة نشرها الاتحاد الدولي للصحافيين، قبل أيام من إحياء اليوم العالمي للصحافة الذي احتفل به الأسبوع الماضي، بأن ظروف عمل الصحافيين والمراسلين حول العالم تدهورت خلال جائحة كورونا. وبحسب تلك الدراسة، فإن الاتحاد تواصل مع 1308 صحافيين في 77 دولة، وقال إن 3 من كل 4 صحافيين واجهوا قيوداً أو عرقلة أو تخويفاً في أثناء تغطيتهم لأزمة الفيروس. وقال ما يقرب من 1 من كل 4 صحافيين إنهم يكافحون من أجل الوصول إلى المعلومات من حكوماتهم أو من مصادر رسمية، واشتكى كثيرون من القيود المفروضة على حرية الحركة أو طرح الأسئلة خلال المؤتمرات الصحفية، خصوصاً الافتراضية.
وقال ثلثا الصحافيين المستقلين إنهم عانوا من ظروف عمل أسوأ، بما في ذلك خفض الأجور وخسارة إيرادات. وأكد جميع الصحفيين المستقلين تقريباً أنهم فقدوا جزءاً من راتبهم، وبعضهم فقد عمله بالكامل.

الصحة النفسية
من جهة أخرى، أثّر العمل وسط أزمة الفيروس على الصحة العقلية للصحافيين، حيث بات أكثر من نصفهم يعانون من التوتر والقلق. وفي هذا الصدد، قال الاتحاد، ومقره بروكسل، إن أكثر من ربع المراسلين قالوا إنهم يفتقرون إلى المعدات المناسبة للعمل من المنزل في ظروف آمنة، وسط إجراءات الإغلاق التي طبقت على نطاق واسع لإبطاء انتشار الفيروس.
وقال الاتحاد الدولي للصحافيين: «من اليونان إلى إندونيسيا، ومن تشاد إلى بيرو، استخدم الصحافيون كلمات مثل: غير مستقرة، ومثيرة للمشكلات، ورهيبة، وأسوأ، ومتدهورة، ومقيدة، لتقييم بيئة حرية الإعلام».
وحفلت الأنباء التي تداولتها وسائل الإعلام بالرقابة المشددة التي فرضتها بعض الدول على أخبار الجائحة، في روسيا وتركيا وإيران. غير أن الصين وقفت على رأس اللائحة، بعدما باشرت فرض تعتيم على تفشي المرض، مما تسبب في توترات غير مسبوقة بين الدول الكبرى، لم تقتصر على الخلاف الأميركي - الصيني، فقد انضمت دول أوروبية وإفريقية إلى لائحة الدول التي تطالب الصين بـ«كشف حساب» عما جرى في «ووهان».
وبعد طردها لمراسلي 3 من كبريات الصحف الأميركية، تسارعت التقارير التي تتحدث عن قيام الصين بإغلاق كثير من مواقع التواصل الاجتماعي، ومنع الصحافيين الصينيين من التحدث عما يجري في ووهان. واتهمت السلطات الصينية الكاتبة فانغ فانغ بـ«الخيانة» وإعطاء «ذرائع لانتقاد الصين»، من خلال نشرها مدونات تروي يومياتها خلال الحجر الصحي في ووهان. وتعتزم فانغ فانغ (64 سنة)، الروائية المشهورة في بلدها، نشر مذكراتها في دار نشر فرنسية، بعدما تعرضت لمضايقات من قبل السلطات الصينية.
وتروي فانغ قصتها مع الحجر الصحي من خلال سردها لـ 60 قصة متفرقة، بحسب صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. وتبدأ القصة الأولى في 23 يناير (كانون الثاني)، لتستمر القصص على مدى فترة الحجر الصحي، نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، الذي تعرضت له ووهان، مركز وباء كورونا المستجد، التي تحتضن نحو 11 مليون نسمة. ولم تشفع الجائزة الأدبية الصينية المرموقة التي حصلت عليها فانغ في عام 2010 لحمايتها من قمع السلطات التي حاولت مضايقتها، وحملها على التخلي عن فكرة نشر مذكراتها. وتسرد قصص فانغ مواقف إنسانية لا تمت بأي صلة للسياسة، لكن السلطات أصرت على منع نشرها.
وحسب تصنيف منظمة «مراسلون بلا حدود»، تحتل الصين المرتبة 177 في العالم (من أصل 180) في ترتيب الدول لحرية الصحافة.

مساءلة ورقابة
وحتى في الولايات المتحدة، لم يسلم الصحافيون من المساءلة التي كانت في معظمها من مؤسسات خاصة. ومع أنها لا تشير إلى نهج سلطوي ترعاه الحكومة الأميركية، فإنها كشفت عن مدى تأثير الهجوم المتواصل الذي يشنه الرئيس دونالد ترمب على الإعلام، واصفاً إياه بـ«الإعلام الكاذب».
فقد رفعت جامعة «ليبرتي» دعوى على اثنين من الصحافيين يعملان بالقطعة مع صحيفتي «بروبابليكا» و«نيويورك تايمز»، وطالبت بحبسهم لما يصل إلى عام بتهمة التعدي الإجرامي، والدخول من دون تصريح، والقيام بمقابلة شهود، لإجراء تحقيق في أواخر شهر مارس (آذار) الماضي عن أسباب إبقاء فرع الكلية الإنجيلية في ولاية فيرجينيا أبوابه مفتوحة جزئياً، رغم أوامر الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا.
رئيس الكلية في لينشبورغ بفيرجينيا، جيري فالويل، أحد أنصار الرئيس ترمب، قال إن التحقيقات الصحفية مبالغ فيها. وأضاف أن الجامعة تجري دروساً عبر الإنترنت، وتلتزم بتوجيهات التباعد الاجتماعي، وأن الحرم الجامعي بقي مفتوحاً للطلاب الأجانب الذين يسكنون الحرم الجامعي، ويبلغ عددهم ألف طالب، يشكلون ثمن عدد طلاب الكلية.

مبادرات لدعم المتضررين
وفيما حفلت وسائل التواصل الاجتماعي بقصص عن فقدان عدد كبير من الصحافيين لوظائفهم، وإعلان مؤسسات تلفزيونية، عربية وأجنبية، عن تسريح عدد كبير من موظفيها، وجد بعض الصحافيين في الولايات المتحدة طرقاً لمساعدة زملائهم على دفع الإيجار أو شراء البقالة لأنهم فقدوا (أو خفضت) رواتبهم بسبب حالات التسريح من العمل والإجازات غير المدفوعة، بحسب وكالة «أسوشيتدبرس».
فقد قام صحافيون في ولاية فرجينيا بجمع أموال للتبرع لزملائهم في ولايات أخرى، فيما قدمت مجموعة من الصحافيين والمحررين الحاليين والسابقين، من ولايتي نيويورك وكاليفورنيا، قروضاً صغيرة من دون فائدة لمساعدة الآخرين في مجالهم على تغطية نفقاتهم.
يقول سيسي ويي، أحد المحررين السابقين في مجلة «بروبابليكا»، إنه انضم إلى 4 صحافيين آخرين من جميع أنحاء البلاد لتقديم قروض صغيرة للصحافيين من دون فوائد بقيمة 500 دولار، من الأموال التي تبرع بها صحافيون آخرون.
ويضيف ويي الذي يعيش في نيويورك: «اعتقدنا أنه إذا كان بإمكاننا أن نساعد 5 أشخاص، فسيكون الأمر رائعاً. لكن بعد أسبوع واحد، حصلنا على تعهدات بـ100 ألف دولار. الآن، لدينا ما يكفي من المال لتقديم 240 قرضاً، يمكن تسديدها في غضون سنة، علماً بأن كثيراً من المقرضين أعربوا عن استعدادهم لتقديمها كهدايا».
وحتى قبل جائحة كورونا التي أعادت مستوى البطالة في الولايات المتحدة إلى مستويات مرحلة الكساد الكبير عام 1929، كانت صناعة الصحافة والصحف على وجه الخصوص في وضع صعب، فقد انخفضت عائدات الإعلانات بشكل مطرد، وأصبح القراء ينشرون أخبارهم بشكل متزايد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تمثل معدلات الإعلانات جزءاً صغيراً مما هي عليه في الصحافة المطبوعة. وفي السنوات الـ15 الماضية، فقدت 2100 مدينة وبلدة أميركية على الأقل مطبوعة من مطبوعاتها، معظمها من الصحف الأسبوعية، وتقلصت العمالة في غرفة الأخبار في محطات التلفزة والإذاعات بمقدار النصف منذ عام 2004.
ومع اضطرار كثير من «الأعمال غير الضرورية» إلى الإغلاق أو تقليص حجمها بسبب الوباء، ازداد تراجع عائدات الإعلانات بشكل أكبر، مما زاد الضغط على المنشورات الإخبارية المحلية المحاصرة، وأجبر كثيراً منها على تقليص الوظائف، وخفض ساعات العمل، ودفع الرواتب، ووقف عدد من المطبوعات، أو حتى إغلاقها بالكامل.



«سعوديبيديا» تحتفي بالإرث التاريخي للسعودية في ملحق خاص بـ«يوم التأسيس»

«سعوديبيديا» تحتفي بالإرث التاريخي للسعودية في ملحق خاص بـ«يوم التأسيس»
TT

«سعوديبيديا» تحتفي بالإرث التاريخي للسعودية في ملحق خاص بـ«يوم التأسيس»

«سعوديبيديا» تحتفي بالإرث التاريخي للسعودية في ملحق خاص بـ«يوم التأسيس»

أصدرت الموسوعة السعودية «سعوديبيديا» ملحقاً خاصاً بيوم التأسيس السعودي احتفاءً بالإرث التاريخي للسعودية، وذلك تزامناً مع احتفال المملكة بيوم التأسيس، وتعزيزاً للوعي حول القيم التاريخية والثقافية المرتبطة بيوم التأسيس، كما عكس جهود «سعوديبيديا» في تقديم المحتوى السعودي وتوثيق جوانبه التاريخية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، وتقديمه بموثوقية وشمولية، بهدف الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز المعرفة.

وأوضح رئيس تحرير «سعوديبيديا» حامد الشهري أن الملحق الخاص يشتمل على محتوى متخصص في مجالات متعددة، تضمّن مقالات في تاريخ الدولتين السعودية الأولى والثانية والمملكة العربية السعودية، ومحتوى تفاعلياً، إضافة إلى المحتوى المرئي والإنفوغرافيك، ومجموعة من الصور النادرة، التي تعكس ملامح تلك الحقبة التاريخية المهمة في مسيرة الدولة السعودية، مما يعزز من القيمة الثقافية لهذا اليوم.

وتتناول المقالات المرفقة في الملحق يوم التأسيس السعودي وشعاره والرموز المرتبطة به ودلالاتها الثقافية والتاريخية، كما يستعرض الملحق مقالات في سِير أئمة الدولة السعودية الأولى والثانية بدءاً بمانع المريدي جد الأسرة المالكة، والإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى، وصولاً إلى الإمام عبد الرحمن بن فيصل آخر أئمة الدولة السعودية الثانية، واستعرض الملحق ملامح النظام السياسي في الدولة السعودية الأولى، وولاية العهد، ونظام الشورى، ونظام القضاء، والنظام المالي، وأمن الحج في الدولة السعودية الأولى، والمواقع التي ارتبطت بعهود الدولة مثل: الدرعية، وحي الطريف، وغار الإمام تركي بن عبد الله.

كما استعرض ملحق يوم التأسيس في الجانب الثقافي ملامح من الحالة الثقافية والعلمية في الدولتين السعودية الأولى والثانية، ومنها: التعليم في الدرعية، والشعر في الدولة السعودية الأولى، وعلم الفلك، والمخطوطات في نجد، وأدوات الكتابة في نجد، وصناعة الأحبار، والفن في الدولة السعودية الأولى، والأزياء في الدولة السعودية الأولى، إلى جانب السِير الذاتية للعلماء والشعراء والنساء اللاتي كانت لهن جهود بارزة في تلك المرحلة.

وأضاف الشهري أن الملحق تناول أبرز الشخصيات التي تولّت إمارة أقاليم الدولة السعودية الأولى وقيادة جيوشها، منهم: عثمان المضايفي، وعبد الرحمن أبو نقطة، وإبراهيم بن عفيصان. واجتماعياً، خصّص الملحق مقالات متنوعة في الحياة الاجتماعية، وجودة الحياة، والقيم في مجتمع الدولة، والمرأة في الدولة السعودية الأولى، والضيافة، والعمارة، والأسواق في الدرعية، وحمّام الطريف، ومعالم تاريخية مهمة في مسيرة الدولة، مثل: برج الكوت، وقصر صاهود، وقصر خزام التاريخي، ومسجد طبب التاريخي، وغيرها.

وأفرد الملحق قوائم رصدت أهم المؤرخين والرحالة الذين وثقوا تاريخ الدولة السعودية، وشهداء آل سعود في مراحل الدولة، ووقائع ومعارك الدولة السعودية، وقائمة بحملة الراية في مراحل الدولة السعودية الثلاث، وقوائم العلماء في الدولة السعودية الأولى، إلى جانب الأسئلة التفاعلية التي تشكل جزءاً مهماً من تجربة القارئ، وتعزز التفاعل مع محتوى يوم التأسيس.