أقدمت الدبلوماسية المصرية على تحرك دولي جديد، في إطار مساعيها لإيجاد حل لنزعها مع إثيوبيا إزاء «سد النهضة»، الذي تبنيه الأخيرة على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، وتقول القاهرة إنه يهدد بخصم جزء كبير من حصتها في المياه، حيث وجه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خطابا إلى رئاسة مجلس الأمن بشأن تطورات القضية ومراحل المفاوضات.
وتعد الشكوى المصرية «رسالة قوية» لإثيوبيا، بحسب وزير الموارد المصرية الأسبق، الدكتور نصر الدين علام، الذي أكد أنها «مفيدة للمحافظة على فاعلية تحركات مصر الداخلية والخارجية».
ووفقا لبيان وزارة الخارجية المصرية فإن شكري وجه خطابا إلى أعضاء مجلس الأمن اشتمل على «تطورات قضية سد النهضة ومراحل المفاوضات وما اتخذته مصر من مواقف مرنة ومتسقة مع قواعد القانون الدولي».
وشددت مصر على أن الخطاب طالب بـ«أهمية الانخراط الإيجابي من جانب إثيوبيا بغية تسوية هذا الملف بشكل عادل ومتوازن للأطراف المعنية، وبما يضمن استدامة الأمن والاستقرار في المنطقة».
وتجمدت المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، عقب انسحاب الأخيرة من اجتماع في واشنطن، نهاية فبراير (شباط) الماضي، كان مخصصاً لإبرام اتفاق نهائي بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، برعاية وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي. أعقبه مباشرة إعلان إثيوبيا بدء تخزين 4.9 مليار متر مكعب من في بحيرة السد، في يوليو (تموز) المقبل.
وعلى مدار الشهر الماضي، تبادلت مصر وإثيوبيا اتهامات بالتعدي على حقوق الآخر، وإفشال المفاوضات، وسط مناوشات كلامية، وتحركات دبلوماسية لمسؤولي البلدين لحشد المواقف الدولية لكل منهما.
ونشر موقع «إثيوبيا إنسايدر»، ما قال إنه نص الخطاب الذي تقدمت به مصر لمجلس الأمن الدولي ضد إثيوبيا، بسبب عزم الأخيرة المضي قدما في خططها لملء سد النهضة. وقال الموقع إن الشكوى قدمتها مصر في الأول من مايو (أيار)، وتقع في 15 صفحة، حذرت من تداعيات ملء السد، من دون استشارة وموافقة مصر والسودان، «على الأمن والسلم في المنطقة».
ووفق الموقع الإثيوبي، فقد ذكرت الخارجية المصرية في خطابها أنه على الرغم من بناء السد من دون موافقة دول المصب، فإن هذا لم يمنع مصر من دخول مفاوضات «جادة» مع إثيوبيا عبر عدة مستويات، كان منها اتفاق المبادئ الذي وقعه رؤساء الدول الثلاث والذي نص في بنوده على «عدم الإضرار» بمصالح أي دولة جراء أي مشروعات تقام على النيل.
ونقل الموقع عن المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية قوله إنهم على علم بتقديم الشكوى، وسيقدمون الرد عليها إلى مجلس الأمن.
وطلبت مصر من مجلس الأمن تقديم المشورة إلى إثيوبيا وحثها على التوقيع على الاتفاق الإطاري، الذي تم التوصل إليه في ختام المباحثات التي رعتها الولايات المتحدة والبنك الدولي، ووقعته مصر في فبراير الماضي.
وتنفي إثيوبيا، التي أعلنت عن المشروع في عام 2011، أن السد يقوض الحصة المصرية من مياه النيل.
وفي جلسة نقاشية عرضتها وكالة الأنباء الإثيوبية، تحدث باحثون إثيوبيون عن فوائد المشروع لدول الممر والمصب. وقال أنور إبراهيم إن «المشروع لديه فوائد عديدة من حيث توفير الطاقة الكهربائية للمنطقة، فضلا عن فوائده الاجتماعية والاقتصادية في البلاد والمنطقة»، مضيفا أن «المشروع اقتصادي تكاملي ويعتبر أكبر مشروع في القرن الأفريقي ويُمكن أن يُحقق التكامل الاقتصادي في المنطقة».
ويقول الكاتب الإثيوبي نور الدين عبده إن «خطة الحكومة الإثيوبية في هذا المشروع هو تحويل نهر النيل من منبع شك عبر العصور إلى مصدر تعاون بين الدول الثلاث وجعله موردا يستفيد منه دول المنبع والمصب».
وتبني أديس أبابا السد، على نهر «النيل الأزرق»، الرافد الرئيسي لنهر النيل. وتخشى القاهرة أن يقلص السد إمداداتها، الشحيحة أصلاً، من المياه، التي يعتمد عليها سكانها البالغ عددهم أكثر من 100 مليون نسمة، بأكثر من 90 في المائة في الشرب والزراعة.
وانتهت عملية بناء السد الإثيوبي بنسبة 73 في المائة، وتقول إثيوبيا إنه «سيكون أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا».
«سد النهضة»: مصر تتحرك أممياً... وإثيوبيا متمسكة بـ«حقوقها التنموية»
«سد النهضة»: مصر تتحرك أممياً... وإثيوبيا متمسكة بـ«حقوقها التنموية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة