السعودية: صندوق وطني بـ133 مليون دولار لتخفيف تداعيات «كورونا»

أكثر من 20 مقترحاً لاحتواء آثار الجائحة على الأصول الوقفية

أبراج عملاقة وسط الرياض تابعة لمؤسسة العنود الخيرية (الشرق الأوسط)
أبراج عملاقة وسط الرياض تابعة لمؤسسة العنود الخيرية (الشرق الأوسط)
TT

السعودية: صندوق وطني بـ133 مليون دولار لتخفيف تداعيات «كورونا»

أبراج عملاقة وسط الرياض تابعة لمؤسسة العنود الخيرية (الشرق الأوسط)
أبراج عملاقة وسط الرياض تابعة لمؤسسة العنود الخيرية (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في اقتصاد الأوقاف أن قطاع المرافق والأصول الوقفية وقع تحت وطأة تداعيات فيروس كورونا بتراجع أعماله كباقي الأنشطة الاقتصادية الأخرى، مقدمين ما يفوق 20 مقترحا يمكنها أن تخفف من آثار الجائحة على قطاع تزداد الحاجة لمساهماته الاجتماعية في مثل هذه الظروف.
وكشف المختصون عن إنشاء محفظة استثمارية وطنية عملاقة وإصدار تنظيم مختص بالأوقاف المؤقتة خلال ملتقى افتراضي نظمه مركز العنود للأوقاف بمؤسسة الأميرة العنود الخيرية برعاية رئيس مجلس الأمناء رئيس اللجنة التنفيذية الأمير سعود بن فهد بن عبد العزيز حول تداعيات جائحة كورونا على الأوقاف في السعودية.
وتعمل السعودية على مأسسة قطاع الأوقاف غير المستغل في البلاد، إذ أعلنت في العام 2015 عن إنشاء جهاز حكومي مستقل باسم الهيئة العامة للأوقاف ترتبط برئيس مجلس الوزراء وتفعيل دور الأوقاف في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكافل الاجتماعي وتعزيز دور القطاع غير الربحي وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وأجمع المختصون على أن صناعة الأوقاف واقتصادياتها تحتاج إلى تطوير ومزيد من المأسسة، وسط ما آلت الظروف القهرية من آثار سلبية على الاقتصاد الوطني متأثرا بتهاوي الاقتصاد العالمي من جراء تفشي فيروس «كوفيد – 19».
وأكد الدكتور رجا المرزوقي، الخبير الاقتصادي في صندوق النقد الدولي والأستاذ المساعد في معهد الدراسات الدبلوماسية السعودي، أن العالم بات يعيش واقعا فارقا ما قبل وبعد أزمة كورونا، مشيرا إلى أن الفيروس تسبب في تعقيدات للظرف الاقتصادي الحالي وتشكيل ملامح صعبة في التقدير والاستنتاج يبرز منها حالة الأزمة المزدوجة بين العرض والطلب مع متغيرات واقع عدم اليقين. وأضاف المرزوقي أن المؤشرات العالمية تشير إلى تنبؤات سلبية منها انكماش اقتصادي بين 3 و8 في المائة وبطالة تقدر بواقع 16 و30 في المائة في الاقتصادات العالمية، مضيفا أن الأزمة ستسرع المتغيرات وتزيد من انطواء الدول والاكتفاء الذاتي على الضروريات.
من ناحيته، أوضح هيثم الفايز الرئيس التنفيذي لأوقاف الاستثمار – الذراع الاستثمارية للهيئة العامة للأوقاف - أن العوامل الضاغطة حاليا تهيمن على مشهد القطاع الوقفي بينها أسعار النفط وتباطؤ الاقتصاد وتفشي تداعيات الفيروس رغم مساع كثيرة لحيلولة دون مزيد من التراجع، لافتا إلى أنه رغم الجائحة يظل العمل مستمر في المشروعات العملاقة التي تقوم عليها الهيئة.
وكشف الفايز أن هناك تنظيما مفصلا يعزز من تشريعات صناعة الأوقاف في البلاد من بينها ما تسمى بـ«الرصد» المعنية باستغلال فرص الأوقاف المؤقتة للعمل على تنظيمها والاستفادة منها، مفصحا كذلك أن الهيئة قامت بتأسيس صندوق بقيمة 500 مليون ريال (133 مليون دولار)، لتعزيز دور الأوقاف والقطاع غير الربحي في تخفيف الأضرار الناجمة عن الفيروس.
وبحسب الفايز، سجل مؤشر الأوقاف – المتتبع لشركات إدارة الاستثمارات الوقفية وأداء المحافظ الاستثمارية ذات الطبيعة المشابهة - تراجعا بنسبة 20 في المائة خلال الربع الأول من العام الجاري، بعد أن كان قد سجل أفضل أداء خلال العام الماضي 2019 قبل بدء التباطؤ الاقتصادي الناجم عن جائحة المستجد.
من ناحيته، قدم الدكتور يوسف الحزيم الرئيس التنفيذي لمؤسسة العنود للاستثمار عشرين مقترحا يمكنها تخفيف آثار الأزمة الحالية على القطاع، لافتا إلى ضرورة خفض التكاليف التشغيلية والموارد البشرية مع الحفاظ على العملاء الحاليين من خلال الخصومات وتأجيل الدفع والإعفاءات، بالإضافة إلى العمل على تخفيض الموازنة التخطيطية بناء على ريع وعوائد الأوقاف، وإيقاف الحوافز والبدلات دون تجاهل تعزيز إدارة التحصيل وإعادة جدولة التدفقات وتعزيز السيولة.
ويضيف الحزيم أن فترة الأزمة الحالية تتطلب استقطاب القيادات الاستثنائية للتعاطي مع الظروف الحالية في ذات الوقت الذي يتم فيه رفع كفاءة العاملين لتحمل مسؤوليات أكثر مع الأخذ في الاعتبار أهمية إعادة هيكلة الأصل الوقفي بما يتسق مع تحولات السوق الاستراتيجي بجانب التأمين ضد المخاطر.
ولفت الحزيم إلى أهمية البحث عن فرص استثمارية وتنفيذ الاستحواذ والتحالف والاندماج وكذلك إصدار الصكوك واختيار الأصول الاستثمارية ذات المخاطر المتوسطة والمنخفضة، مشيرا إلى تكامل الأدوار الوقفية وتعزيز الدور الحكومي جنبا إلى جنب مع تعزيز التسويق والبيع وتكثيف الإعلان.
ويرى الحزيم من بين الحلول للاستثمارات الوقفية هي توزيع مخاطر المحفظة، بالإضافة إلى الاعتراف بالخسائر والتخلص من الاستثمارات التي ستعاني منها المؤسسة الوقفية في المستقبل.
ودعا الحزيم القطاع الحكومي إلى عدم الأخذ في الاعتبار نموذج العمل الوقفي الذي له خصائصه النفعية وانعكاساته الاجتماعية، بمساواة مع القطاع الخاص، حيث إن تعظيم المكاسب في العمل الوقفي له تداعيات إيجابية وآثار توزيعية منعكسة على المجتمع.


مقالات ذات صلة

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

أعلنت مجموعة «ميزوهو» المالية، الخميس، إطلاق صندوق مؤشرات متداولة، وإدراجه في بورصة طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة).

عبير حمدي (الرياض)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.