بعد 50 يوماً من العزل الصارم، عاد الإسبان إلى الشوارع والساحات، واستأنفت المحلات التجارية والأعمال الصغيرة نشاطها، ضمن تدابير مشددة ومواقيت متدرجة، في خطة العودة إلى «الوضع الطبيعي الجديد»، الذي قالت الحكومة إنها ستمتد حتى نهاية الشهر المقبل. كانت إسبانيا قد سجّلت تراجعاً ملحوظاً في عدد الوفيات الجديدة، خلال الأيام الأخيرة، فيما يستعدّ رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز، لمواجهة عسيرة، اليوم الأربعاء، في البرلمان، حيث سيطلب تمديد حالة الطوارئ، وسط توقعات بعدم حصوله على الدعم الكافي، حيث أعلن «الحزب الشعبي» المعارض والانفصاليون الكاتالونيون اعتراضهم على الخطوة، بعد أسابيع من الانتقادات الحادة لسياسة الحكومة في إدارة أزمة «كوفيد - 19».
لكن التفاؤل، الذي ساد في الأيام الأخيرة الماضية، مع تراجع عدد الإصابات الجديدة والوفيّات التي تدنّت بنسبة ملحوظة، أصيب بانتكاسة صباح أمس الثلاثاء مع البيان الذي صدر عن نقابة الأطباء، ويشير إلى أن المستشفيات والمراكز الصحية في إسبانيا تحوّلت إلى البؤرة الرئيسية لانتشار الفيروس، حيث بلغ عدد المصابين بين الطواقم الطبية 43325، وأن 40 في المائة من الإصابات الجديدة هي في صفوفهم. وقال رئيس النقابة إن الواقع قد يكون أفدح من ذلك.
وعلى غرار الدول الأوروبية الأخرى، التي أعلنت خطط العودة إلى الحياة الطبيعية، أو تستعد لإعلانها، تتحرك إسبانيا مدفوعة بضرورة وقف النزيف الاقتصادي، وتحت وطأة تنامي الضغوط الاجتماعية الناجمة عن الحظر، لكن بحذر شديد، وخوف من عودة الوباء في موجة ثانية، يكاد يجمع الخبراء على حدوثها قبل نهاية العام، ويحذّرون من احتمالات ظهورها في الصيف إذا لم تتخذ التدابير الوقائية اللازمة في خطط استعادة النشاط الاجتماعي والحركة الاقتصادية.
كانت إسبانيا قد دخلت، نهاية الأسبوع الماضي، في «المرحلة التمهيدية» من خطة العودة إلى الوضع الطبيعي الجديد، باستثناء أربع جزر صغيرة في أرخبيلي الكاناري والباليار بدأت مطلع هذا الأسبوع المرحلة الأولى. وقد حددت الحكومة مجموعة من الشروط والمعايير الواجب استيفاؤها للانتقال من مرحلة إلى أخرى، أهمها عدد وحدات العناية الفائقة وعدد الحالات الجديدة الخطرة. وفيما تنتظر الحكومة، حتى نهاية الأسبوع الحالي، لتحديد المقاطعات التي يمكنها الانتقال إلى المرحلة التالية، تخيّم على المشهد السياسي أجواء تذكّر بالحملات الانتخابية، حيث تشنّ أحزاب المعارضة هجوماً يوميّاً على الحكومة، فتطالب القوى الإقليمية في كاتالونيا وبلاد الباسك بإنهاء حالة الطوارئ، واستعادة الصلاحيات التي انتُزعت منها منذ بداية الأزمة، وتهدد الأحزاب اليمينية بمقاضاة عدد من الوزراء بتهمة سوء إدارة الأزمة، والتسبب في خسائر بشرية فادحة.
البلد الأوروبي الآخر، الذي تتجّه أنظار العالم إليه لمتابعة تداعيات التدابير التخفيفية، واستخلاص العبر منها، هو إيطاليا، التي خرجت إلى الهواء الطلق مطلع هذا الأسبوع بعد 50 يوماً من العزل والنزيف الصحي والاقتصادي، بينما كانت وسائل النقل المتجهة من الشمال إلى الجنوب تشهد إقبالاً غير مسبوق «هرباً» من المقاطعات التي ضربها الوباء بقسوة إلى تلك التي ما زال انتشاره فيها محدوداً.
ومع استئناف الأنشطة الصناعية في جميع المناطق، دعت وزيرة الزراعة إلى تسوية الأوضاع القانونية لما يزيد عن 600 ألف مهاجر يحتاج إليهم القطاع الزراعي لإنقاذ محاصيل هذا السنة.
نوادي كرة القدم، من جهتها، بدأت باستدعاء نجومها الأجانب الذين غادر عدد منهم البلاد على متن رحلات خاصة خلال الحجر، واستأنفت بعض الفرق تدريباتها، علماً بأن الجدل لا يزال قائماً حول القرار النهائي الذي سيتخذه اتحاد كرة القدم بشأن بطولة الدوري. وارتفعت حدة الجدل السياسي بعد الخبر الذي نشرته «الفاينانشال تايمز» عن حملة تشويه إعلامية تقف وراءها الحكومة الصينية بعد نشر أشرطة فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول الصحيفة إنها مزوّرة، يظهر فيها مواطنون إيطاليون في الشوارع وعلى شرفات المنازل يصفقون لسماع النشيد الوطني الصيني، بعد أن قدّمت بكين مساعدات صحيّة لإيطاليا، وأوفدت إليها طواقم طبية للمساعدة في مواجهة الأزمة. تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإيطالية هي أوثق الحكومات الأوروبية علاقة بالصين، والمعارضة تتهم حركة «النجوم الخمس» الحاكمة بأنها تقيم علاقات مشبوهة مع بكين.
وفي مدينة مارانيلّو الشمالية، حيث تقوم المصانع الرئيسية لشركة «فيرّاري»، التي تعتبر درّة التاج الصناعي الإيطالي، استأنف العمال نشاطهم المعتاد بعد أن أمضوا الأسابيع السبعة الماضية في إنتاج معدات للوقاية الصحية، وقال رئيس الشركة: «نشعر كأننا على حلبة سباق (الفورمولا 1) مجدداً». وكانت «فيرّاري» الوحيدة بين الشركات الإيطالية الكبرى التي استمرّت في دفع رواتب موظفيها وعمالها كاملة من غير اللجوء إلى المساعدات الحكومية.
10:46 دقيقه
إسبانيا تخرج إلى الهواء الطلق... وموسم هجرة إلى الجنوب في إيطاليا
https://aawsat.com/home/article/2269786/%D8%A5%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%AE%D8%B1%D8%AC-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%84%D9%82-%D9%88%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%85-%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7
إسبانيا تخرج إلى الهواء الطلق... وموسم هجرة إلى الجنوب في إيطاليا
متطوعون من الصليب الأحمر يقيسون حرارة المسافرين في إيطاليا (أ.ف.ب)
- مدريد: شوقي الريّس
- مدريد: شوقي الريّس
إسبانيا تخرج إلى الهواء الطلق... وموسم هجرة إلى الجنوب في إيطاليا
متطوعون من الصليب الأحمر يقيسون حرارة المسافرين في إيطاليا (أ.ف.ب)
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة




