أول دورية تركية ـ روسية تصل إلى عمق طريق حلب ـ اللاذقية

إردوغان يهدد باستخدام القوة ما لم توقف موسكو {انتهاكات} النظام السوري و«الوحدات» الكردية

عائلة تفطر وسط الدمار في أريحا بمحافظة إدلب خلال شهر رمضان الكريم (أ.ف.ب)
عائلة تفطر وسط الدمار في أريحا بمحافظة إدلب خلال شهر رمضان الكريم (أ.ف.ب)
TT

أول دورية تركية ـ روسية تصل إلى عمق طريق حلب ـ اللاذقية

عائلة تفطر وسط الدمار في أريحا بمحافظة إدلب خلال شهر رمضان الكريم (أ.ف.ب)
عائلة تفطر وسط الدمار في أريحا بمحافظة إدلب خلال شهر رمضان الكريم (أ.ف.ب)

هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، باللجوء إلى القوة إذا لم توقف روسيا هجمات النظام و«وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعد أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على المناطق الآمنة التي أقامتها تركيا في شمال سوريا، في وقت واصلت القوات التركية هجماتها على مواقع «قسد» في شرق الفرات.
وقال إردوغان إن بلاده لن تصبر أكثر على «الهجمات الاستفزازية» بمناطقها الآمنة في سوريا، مضيفاً: «أدعو الدول صاحبة التأثير بالمنطقة (في إشارة إلى روسيا) إلى الالتزام بكل الاتفاقيات المبرمة وإبقاء المنظمة الإرهابية (في إشارة إلى الوحدات الكردية) داخل الحدود المرسومة، ومنع هجمات النظام».
وتابع إردوغان، في تصريحات ليل الاثنين - الثلاثاء جاءت عقب ترؤسه اجتماعاً لحكومته عبر الفيديو، أنه «مع الأسف لم تفِ أي دولة بوعودها في هذا الصدد بشكل كامل... وفي حال لم تتمكن الدول التي تكفلت بضبط التنظيمات الإرهابية والنظام السوري، فإن تركيا ستلجأ إلى القوة لفعل ذلك... قد نقْدم على خطوات جديدة في سوريا حسب سير التطورات».
كانت تركيا قد وقّعت تفاهماً مع روسيا في سوتشي في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد تفاهم مماثل مع الولايات المتحدة في 17 من الشهر ذاته، علقت بموجبهما عملية عسكرية باسم «نبع السلام» أطلقتها ضد القوات الكردية في شمال شرقي سوريا في 9 أكتوبر، بهدف إبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن حدودها إلى عمق 30 كيلومتراً وإقامة منطقة آمنة لإعادة اللاجئين إليها، وأوقفت تركيا العملية بموجب هذين التفاهمين، وتعهدت روسيا بإبعاد الوحدات الكردية بأسلحتها إلى المسافة المطلوبة. ووقعت تركيا وروسيا اتفاقاً آخر في موسكو في 5 مارس (أذار) الماضي لوقف إطلاق النار في إدلب، إلا أن قوات النظام قامت بخرقه 273 مرة، حسب فريق «منسقو استجابة سوريا».
وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس (الثلاثاء)، تسيير الدورية المشتركة الثامنة مع روسيا على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) في محافظة إدلب، بمشاركة قوات برية وجوية من الجانبين.
وانطلقت الدورية من قرية ترنبة، شرق إدلب، وصولاً إلى قرية مصيبين وأطراف مدينة أريحا في ريف إدلب الجنوبي، وهي المرة الأولى التي تتمكن فيها دورية مشتركة من قطع هذه المسافة منذ بدء تسيير الدوريات في 15 مارس الماضي بموجب اتفاق موسكو الموقّع في الخامس من الشهر ذاته. وتضمن الاتفاق إقامة ممر آمن على عمق 6 كيلومترات شمال وجنوب طريق «إم 4» وتسيير دوريات مشتركة في المسافة بين قرية ترنبة في شرق إدلب وعين الحور في ريف اللاذقية، إلا أن أياً من الدوريات الثماني لم تتمكن من استكمال هذا المسار بسبب احتجاجات الأهالي وقطعهم الطريق بالاعتصامات والسواتر الترابية بدعم من هيئة تحرير الشام التي توترت علاقتها مع تركيا في الأسابيع الماضية.
في الوقت ذاته، واصلت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها استهداف مناطق خاضعة لسيطرة قوات النظام و«قسد» في ريف الرقة الشمالي في شرق الفرات. ونفذت قصفاً صاروخياً، بعد منتصف ليل الاثنين – الثلاثاء، طال أماكن في قرية الخالدية وقرى أخرى واقعة على طريق «إم 4» غرب بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، ما أدى لأضرار مادية، دون معلومات عن إصابات، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقصفت القوات التركية والفصائل الموالية لها، بالأسلحة الثقيلة، أول من أمس، نقاط تمركز قوات النظام في ريف تل أبيض، ما تسبب في حرق أحد المنازل، وتزامن القصف مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع في أجواء المنطقة.
وفي الوقت ذاته، وقعت اشتباكات عنيفة، الليلة قبل الماضية، على محاور مرعناز والمالكية بريف حلب الشمالي، بين قوات «قسد» والفصائل الموالية لتركيا من جهة أخرى. وكانت القوات التركية قد نفّذت، الأحد، قصفاً صاروخياً على مواقع لـ«قسد» في منغ ومرعناز ومحيطهما في المنطقة ذاتها.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع التركية، تحييد 3 من عناصر الوحدات الكردية في أثناء محاولتهم التسلل إلى ما تسمى منطقة «نبع السلام» في شمال شرقي سوريا على أيدي القوات الخاصة التركية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.