إسرائيل تختار ذكرى تقسيم فلسطين لسحب سفيرها من السويد.. وتواصل حملة الاعتقالات

ليبرمان: مخطئ من يعتقد أن تل أبيب ستستسلم وتقيد البناء في القدس

جنود إسرائيليون في شوارع بيت حنين بعد قرار إسرائيل تكثيف حملاتها الأمنية عقب الهجوم على المعبد اليهودي (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون في شوارع بيت حنين بعد قرار إسرائيل تكثيف حملاتها الأمنية عقب الهجوم على المعبد اليهودي (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تختار ذكرى تقسيم فلسطين لسحب سفيرها من السويد.. وتواصل حملة الاعتقالات

جنود إسرائيليون في شوارع بيت حنين بعد قرار إسرائيل تكثيف حملاتها الأمنية عقب الهجوم على المعبد اليهودي (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون في شوارع بيت حنين بعد قرار إسرائيل تكثيف حملاتها الأمنية عقب الهجوم على المعبد اليهودي (إ.ب.أ)

أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها قررت إعادة سفيرها في السويد إلى البلاد في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي للتشاور، وذلك احتجاجا على قرارها الاعتراف بفلسطين دولة، وقالت إنها اختارت هذا الموعد بالذات لما يرمز إليه من حقائق تاريخية، باعتباره اليوم الذي قررت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية، ويهودية، وللتذكير بأن اليهود قبلوا القرار في حينه وأقاموا دولتهم، بينما رفضه العرب ولم يقيموا دولتهم، بل اختاروا طريق الحرب مع إسرائيل.
وجاء هذا القرار في الوقت الذي كان فيه روبرت ريدبيرغ، رئيس دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية السويدية، يجري محادثات في إسرائيل لتوضيح موقف بلاده؛ حيث قال إن «السويد معنية بعلاقات صداقة متينة مع إسرائيل لمساعدتها على تحقيق السلام والأمن لمواطنيها، وإنها تعتقد أن حل الدولتين هو الأمثل وأن تطبيقه سيخدم مصالح الشعبين». لكن الإسرائيليين صدوه واستنكروا قيام ملك السويد كارل غوستاف، ولأول مرة، بإرسال رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 15 من الشهر الحالي، يهنئه فيه باليوم الوطني الفلسطيني، واعتبروا هذه الخطوة تصعيدا في الموقف العدائي الذي اتخذته بلاده»، وقام السفير الإسرائيلي في العاصمة السويدية، يتسحاق بيرمن، بنشر تعليق لاذع على صفحته في الـ«فيسبوك»، قال فيه: «أهنئ السويد على علاقاتها الجديدة العصرية مع الدولة التي تمارس العنف أكثر من كل دول المنطقة، وتعاني من صراعات وحروب داخلية عنيفة، التي لا يستطيع رئيسها محمود عباس زيارة نصفها بسبب سيطرة حلفائه من «حماس» عليها، والتي لا توجد فيها انتخابات منذ 4 سنوات. إنه لأمر محزن مبك».
والمعروف أن خطوة السويد كانت ستأتي بداية لسلسلة اعترافات أوروبية بالدولة الفلسطينية، وقد أعقبها اعتراف من البرلمان البريطاني، والفرنسي، والإسباني، ولكن إسرائيل قامت بحملة واسعة للاعتراض على هذه الاعترافات، ونجحت في فرملتها لدى هولندا، والدنمارك، والنرويج. وحسب مصدر في الخارجية الإسرائيلية، فإن «الأوروبيين بدأوا يدركون خطأهم، وذلك عندما ذكرهم الفلسطينيون بأنهم ما زالوا يتعاطون الإرهاب، وينفذون عمليات قتل عمياء للمدنيين الإسرائيليين وينفذون مذبحة في معبد يهودي بحق المصلين الخاشعين لربهم».
بيد أن أوساطا أوروبية ترى أن الأحداث الأخيرة أدت إلى تأجيل، وليس إلغاء، الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقال مسؤول في مكتب الاتحاد الأوروبي في تل أبيب، إن «أوروبا أخذت على عاتقها مساندة إسرائيل منذ قيامها سنة 1948، واليوم تتجه للاعتراف بفلسطين، لأنها تؤمن بأن حل الدولتين هو أفضل ضمان لأمن إسرائيل وسلامتها».
وكانت صحيفة إسرائيلية كشفت عن مضمون وثيقة أوروبية، يعكف الاتحاد الأوروبي على بلورتها ضد إسرائيل على خلفية البناء الاستيطاني، خصوصا في القدس الشرقية، وأنها تشمل عقوبات مثل سحب سفراء أوروبيين من تل أبيب ومقاطعة مستوطنين.
وقالت صحيفة «هآرتس»، الاثنين الماضي، إن مسودة الوثيقة تشمل اقتراحا يقضي بإعادة سفراء أوروبيين من إسرائيل كرد فعل على دفع أعمال بناء في مواقع حساسة في المستوطنات في الضفة الغربية أو القدس الشرقية.
وتستند وثيقة العقوبات، التي صاغها رئيس دائرة الشرق الأوسط في مفوضية العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي، كريستيان برغر، إلى مبدأ رد الاتحاد الأوروبي بعقوبات على أنشطة تنفذها حكومة إسرائيل، من شأنها أن تهدد بتحويل حل الدولتين إلى مستحيل. وقد تم توزيع الوثيقة على مندوبي دول الاتحاد الأوروبي الـ28، لكن تم الحفاظ على سريتها نسبيا. ولا تزال بلورة هذه الوثيقة في مراحلها الأولية، ولم تتم المصادقة على مضمونها بعد من جانب المستويات السياسية العليا للاتحاد.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين أوروبيين تشبيههم الوثيقة «بلائحة مطعم صيني»، ويكون بإمكان الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اختيار العقوبات المعنية بتنفيذها.
وقد رد وزير خارجية إسرائيل، أفيغدور ليبرمان، خلال لقائه مع نظيره الألماني، فرانك فولتر شتاينماير، عليها قائلا إنه «لا مكان للربط بين العلاقات الثنائية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي وبين وضع العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين، وأي محاولة لاشتراط كهذا نابع من توجه خاطئ لا يخدم الاستقرار»، واعتبر ليبرمان أنه «لن نقبل فرض أي حدود على البناء في الأحياء اليهودية في القدس (أي المستوطنات)، ولن تكون هناك أي مساومة بهذا الصدد، ومن يعتقد أن حكومة إسرائيل ستستسلم وتقيد البناء في القدس فهو مخطئ، وسوف ندافع عن استقلالنا وسيادتنا».
وحسب مصدر في الخارجية الإسرائيلية، فإن «الموقف الإسرائيلي الصارم ردع الأوروبيين وجعلهم يفرملون إجراءاتهم، بل إنهم أكدوا أن تلك الوثيقة ستسقط قريبا».
من جهة ثانية، اعتقلت قوات إسرائيلية أمس 14 فلسطينيا من محافظات: الخليل، وبيت لحم، وجنين، والقدس بالضفة الغربية، ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، عن مصدر أمني، أن «قوات الاحتلال اعتقلت شابين من محافظة بيت لحم بعد دهم منزليهما وتفتيشهما. وفي مخيم جنين اعتقلت قوات الاحتلال شابين، وداهمت عدة منازل وحطمت محتوياتها. ومن محافظة الخليل، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 6 مواطنين، واستدعت مواطنا آخر». ولم يشر التقرير إلى ما إذا كان للمعتقلين أي انتماءات تنظيمية.
في غضون ذلك، قالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، إن «الجيش أخطر عائلتي اثنين من الفلسطينيين من القدس الشرقية، قتلا 4 من المتعبدين وشرطيا في كنيس يهودي، الثلاثاء الماضي، أنه سيجري هدم منزليهما في غضون 48 ساعة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».