الائتلاف الحاكم في تونس ينتقد «دعوات إسقاط» حكومة الفخفاخ

TT

الائتلاف الحاكم في تونس ينتقد «دعوات إسقاط» حكومة الفخفاخ

دافعت «حركة الشعب» (حزب قومي) عن الائتلاف الحاكم الحالي، نافية وجود ارتباك على مستوى أداء الحكومة، ومؤكدة أن الحكومة التي يقودها إلياس الفخفاخ، استلمت عهدتها منذ نحو شهرين، وقد واجهت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الاستثنائية بنجاح، مقارنة بدول أخرى لها إمكانات أفضل من تونس. وانتقدت الحركة، المشاركة في الائتلاف الحكومي، «الدعوات المسترابة لإسقاط الحكومة»، التي تُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة إنها «دعوات لا معنى لها»، لكنها استنكرت في الوقت ذاته موقف حركة «النهضة» من الوضع السياسي الحالي، إثر دعوتها إلى تجنب الإرباك الحكومي والممارسات السياسية التي «تغذي الخلافات، وتضعف مجهود الدولة في السيطرة على وباء كورونا وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي».
في هذا الشأن، أكد زهير المغزاوي رئيس «حركة الشعب»، في تصريح إعلامي، صعوبة الحديث عن ارتباك حكومي وتقييم أداء الحكومة بشكل موضوعي، مؤكداً ازدواجية الوضعية التي تعيشها حركة «النهضة» منذ انضمامها إلى الائتلاف الحاكم، فهي تتزعم تحالفاً برلمانياً معارضاً تضغط من خلاله على الحكومة، وتنتقد توجهاتها الأساسية. وهذا التحالف يتشكل من حزب «قلب تونس» الذي يتزعمه نبيل القروي، وله 29 مقعداً في البرلمان، و«ائتلاف الكرامة» بزعامة سيف الدين مخلوف، وله 21 مقعداً، علاوة على 54 مقعداً تمثلها كتلة «النهضة»، التي تسعى إلى الاستفادة من وجودها في الائتلاف الحكومي إلى جانب «حركة الشعب» و«حزب التيار الديمقراطي» وحركة «تحيا تونس» وكتلة «الإصلاح الوطني» في البرلمان. وهذا الوضع جعل حركة «النهضة» مستفيدة من المعارضة داخل البرلمان، وفي الوقت نفسه لها ثقل على مستوى العمل الحكومي في قصر القصبة.
يذكر أن المكتب التنفيذي لحركة «النهضة» استنكر، في بيان له، كل التصريحات السياسية والممارسات التي قال إنها «تغذي الخلافات، وتضعف مجهود الدولة في السيطرة على وباء كورونا وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي»، مؤكداً على ضرورة تجسيد معاني الوحدة الوطنية في جميع المستويات. وأدان المكتب التنفيذي، الذي اجتمع برئاسة راشد الغنوشي، «بعض الحملات المشبوهة الداعية للفوضى، التي تستهدف مجلس نواب الشعب (البرلمان) ورئيسه، وتسعى لإرباك المسار الديمقراطي التونسي، وإضعاف مؤسسات الدولة، في ظل تحديات صحية واقتصادية استثنائية». وترك بيان حركة «النهضة» تساؤلات حول هوية الأطراف السياسية التي تسعى إلى إرباك المشهد البرلماني، والاستفادة من الفوضى. وكانت قيادات من الحركة قد أشارت في جلسات برلمانية سابقة إلى أن حزبي «حركة الشعب» و«التيار الديمقراطي»، المنضمين إلى الائتلاف الحكومي، يمثلان «موقف الأحزاب المعارضة في مواجهة صريحة لهذا الائتلاف»، في تأكيد على صعوبة الاتفاق معهما خلال جلسات التصويت على مشاريع القوانين المعروضة على المجلس. وفي تقييم مخالف لموقف حركة «النهضة»، نفى المغزاوي وجود استهداف سياسي للبرلمان التونسي ورئيسه راشد الغنوشي، معتبراً أن الوضع السياسي الحالي عادي، فمؤسسة البرلمان معرضة إلى الانتقاد مثل باقي المؤسسات الدستورية، معتبراً أن الانتقاد والتعبير عن الغضب من عمل البرلمان «لا يمثلان استهدافاً لمؤسسة البرلمان، ومن يعتقد في وجود أشخاص مقدسين وفوق مستوى النقد عليه ألا يشركهم في إدارة الشأن العام». على صعيد متصل، برزت دعوات غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، ولمحت إلى ضرورة إسقاط حكومة إلياس الفخفاخ، متهمة إياها بالفشل في إدارة الأزمة الاجتماعية، ومؤكدة على اعتماد الحكومة على سجلات الفقر نفسها، التي اعتمدها نظاما بورقيبة وبن علي، وهي سجلات اعتمدت على «المحاباة واستغلال النفوذ».
وفي موقف فاجأ الكثيرين من القيادات السياسية التونسية، تناقل ناشطون في مواقع التواصل دعوات إلى ما سموها «ثورة تصحيحية»، وتشكيل هيئة إنقاذ وطني والإعداد لـ«ثورة الجياع». واقترح أصحاب هذه العريضة إرساء الحكم الذاتي الذي لا يقوم على الديمقراطية التمثيلية، بل على تطبيق الديمقراطية المباشرة، وتقوم الخطة العملية على تصعيد المظاهرات السلمية في الأيام المقبلة، وتنظيم تجمعات شعبية للتنديد بالفساد، وعرض البديل المقترح من قبلهم، والعنصر المفاجئ في هذه المقترحات هو أن معظمها ورد ضمن البرنامج الانتخابي للرئيس التونسي الحالي، قيس سعيد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.