من مخابرات ‏الأسد إلى ‏المعارضة في ‏المنفى... مسار ‏سوريين ‏يحاكمان في ‏ألمانيا

أنور رسلان الضابط السوري السابق خلال وجوده في قفص الاتهام في المحكمة الألمانية أمس (أ.ف.ب)  -  إياد الغريب يغطي وجهه في قفص الاتهام (أ.ف.ب)
أنور رسلان الضابط السوري السابق خلال وجوده في قفص الاتهام في المحكمة الألمانية أمس (أ.ف.ب) - إياد الغريب يغطي وجهه في قفص الاتهام (أ.ف.ب)
TT

من مخابرات ‏الأسد إلى ‏المعارضة في ‏المنفى... مسار ‏سوريين ‏يحاكمان في ‏ألمانيا

أنور رسلان الضابط السوري السابق خلال وجوده في قفص الاتهام في المحكمة الألمانية أمس (أ.ف.ب)  -  إياد الغريب يغطي وجهه في قفص الاتهام (أ.ف.ب)
أنور رسلان الضابط السوري السابق خلال وجوده في قفص الاتهام في المحكمة الألمانية أمس (أ.ف.ب) - إياد الغريب يغطي وجهه في قفص الاتهام (أ.ف.ب)

تابعت العدالة ‏الألمانية، أول ‏من أمس ‏‏(الجمعة)، في ‏كوبلنس، غرب ‏ألمانيا، تفاصيل ‏المسار المتعرّج ‏لمتهمَين، ‏انطلاقاً من ‏عملهما في ‏المخابرات ‏السورية وصولاً ‏إلى الالتحاق ‏بالمعارضة في ‏الخارج، في أول ‏محاكمة في العالم ‏حول انتهاكات ‏منسوبة إلى نظام ‏دمشق.‏
وخلال اليوم ‏الثاني للجلسة ‏التاريخية، ‏حاولت المحكمة ‏فهم مسار المتهم ‏الأعلى رتبة، ‏أنور رسلان ‏‏(57 عاماً) ‏الماثل بتهمة ‏ارتكاب جريمة ‏ضدّ الإنسانيّة.‏
ويتعيّن على ‏رسلان الذي ‏عبر عن رغبته ‏في تقديم ‏تصريحاته ‏للمحكمة كتابياً ‏مستقبلاً، أن ‏يشرح دوره في ‏مقتل 58 ‏شخصاً، ‏وتعذيب 4 ‏آلاف آخرين ‏على الأقل في ‏مركز احتجاز ‏الخطيب في ‏دمشق الذي ‏يعرف باسم ‏‏«الفرع 251»، ‏بين 29 أبريل ‏‏(نيسان) ‏‏2011 و7 ‏سبتمبر (أيلول) ‏‏2012.‏ طوال 18 ‏عاماً، عمل أنور ‏رسلان في ‏المخابرات ‏السورية، وفق ما ‏أفاد به محقق من ‏الشرطة الجنائية ‏الألمانية دعي ‏للشهادة، أول ‏من أمس ‏‏(الجمعة).‏
ولم يخفِ المتهم ‏ماضيه منذ ‏لجوئه إلى ألمانيا ‏مثلما فعل نحو ‏‏700 ألف ‏سوري منذ ‏انطلاق الحرب ‏قبل تسعة ‏أعوام. بل هو ‏من أعلم رجال ‏الأمن في مركز ‏شرطة ببرلين ‏بماضيه، وذلك ‏عند تقدمه ‏بطلب حماية في ‏فبراير (شباط) ‏‏2015، عقب ‏نحو خمسة أشهر ‏من وصوله إلى ‏البلاد.‏ حينها، شعر ‏أنور رسلان بأنه ‏‏«مهدّد من ‏طرف عناصر ‏مخابرات ‏سوريين» بسبب ‏التحاقه ‏بالمعارضة في ‏المنفى بعد ‏انشقاقه في ‏ديسمبر (كانون ‏الأول)، وفق ما ‏أفاد به المحقّق ‏الألماني.‏
بعد اللجوء ‏إليهم، انكبّ ‏المحققون على ‏بحث مسار هذا ‏الرجل الذي له ‏شارب ويحمل ‏شامة مميّزة تحت ‏عينه اليسرى. ‏وخلال تحقيق ‏الشرطة الجنائية ‏معه لمرتين، قدّم ‏‏«معلومات ‏واسعة ومتنوعة» ‏حول أنشطته ‏السابقة.‏
شرح رسلان ‏عمليات الفرع ‏‏251 الذي ‏نال في صفوفه ‏‏«ترقية في يناير ‏‏(كانون الثاني) ‏‏2011 إلى ‏أعلى رتبة»، ‏وخاصة تنفيذ ‏عناصر منه ‏عمليات ‏‏«إيقاف ‏تعسفيّة». وأكد ‏الضابط السوري ‏السابق أنه تمت ‏‏«ممارسة العنف ‏أيضاً خلال ‏التحقيقات»، ‏وفق المحقق ‏الألماني الذي ‏شرح في ‏شهادته مختلف ‏أساليب ‏التعذيب في ‏ذلك السجن.‏
لكن، غيّر ‏رسلان ولاءه، ‏وفرّ من سوريا ‏مع عائلته لينضم ‏إلى المعارضة، ‏حتى إنه شارك ‏في مفاوضات ‏السلام بجنيف ‏عام 2014، ‏وحصل على ‏تأشيرة لألمانيا ‏من سفارتها في ‏عمّان.‏ من جهتها، ‏شهدت وزارة ‏الخارجية بأداء ‏رسلان «دوراً ‏نشطاً واضحاً» ‏في المعارضة.‏ وبسبب التحاقه ‏بالمعارضة، لم ‏يخشَ الضابط ‏المنشقّ قطّ من ‏أن يتعرض ‏للمضايقة ‏بسبب أنشطته ‏الماضية وهو في ‏ألمانيا، وفق ما ‏أفادت به ‏الصحافة ‏الألمانية ‏وناشطون ‏سوريون.‏
مع ذلك، أوقف ‏رسلان في فبراير ‏‏2019 مع ‏عنصر مخابرات ‏سابق آخر، هو ‏إياد الغريب، ‏جلس أثناء ‏المحاكمة بجانبه ‏في قفص ‏الاتهام.‏ وصل إياد ‏الغريب (43 ‏عاماً) إلى ألمانيا ‏في أبريل ‏‏(نيسان) ‏‏2018. لم ‏يخف هو أيضاً ‏ماضيه عند ‏تقدمه بطلب ‏لجوء في مايو ‏‏(أيار) من العام ‏ذاته، عقب ‏عدة سنوات من ‏انشقاقه عن ‏الجيش.‏
بدوره، قدم ‏الغريب ‏‏«معلومات عن ‏نشاطه في ‏الاستخبارات ‏السورية» ‏للمكتب ‏الاتحادي ‏للهجرة ‏واللاجئين ‏المكلّف النظر ‏في طلبات ‏اللجوء.‏ يتابع الرجل ‏خاصة لدوره ‏في إيقاف ‏وسجن 30 ‏شخصاً خلال ‏مظاهرة في ‏خريف ‏‏2011، حين ‏كان يعمل تحت ‏إمرة حافظ ‏مخلوف، ابن ‏خال الرئيس ‏بشار الأسد، ‏ويُعتبَر من ضمن ‏دائرته الضيّقة.‏



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.