مستقبل غامض لتدوير المخلفات البلاستيكية... و«كورونا» يعقّد الحسابات

تقدّر كمية النفايات التي يجري التخلص منها حالياً في الدول العربية بنحو 200 مليون طن في السنة

مستقبل غامض لتدوير المخلفات البلاستيكية... و«كورونا» يعقّد الحسابات
TT

مستقبل غامض لتدوير المخلفات البلاستيكية... و«كورونا» يعقّد الحسابات

مستقبل غامض لتدوير المخلفات البلاستيكية... و«كورونا» يعقّد الحسابات

في حين كانت الحكومات والمؤسسات تبحث عن بدائل بعد قرار الحكومة الصينية خفض وارداتها من النفايات الصلبة إلى الصفر مطلع هذه السنة، أخذت الأخبار تتدفق من الصين عن فيروس «كورونا» المستجد. وخلال أسابيع قليلة، أصبح العالم بأسره تحت وطأة الوباء الذي فرض تطبيق سياسات التباعد الاجتماعي، وتقييد الحركة عبر الحدود، وجعل قطاع تدوير النفايات يعيد حساباته من جديد.
ويتوقع أن يواجه هذا القطاع خسائر غير مسبوقة نتيجة تراجع الكميات التي تدخل في أنظمة جمع النفايات، والاضطرابات المتصلة بإجراءات النقل، وتناقص الطلب المحتمل على المواد، باستثناء نفايات التغليف، وانخفاض الاستثمارات على المدى الطويل، إلى جانب تخلي المشترين عن تدابير الاستدامة، لانشغالهم بهموم أخرى.
ومما زاد الأمور تعقيداً الانخفاض القياسي في أسعار النفط، الذي أدى إلى تراجع كبير في أسعار البلاستيك. وتمثّل الكلفة الزهيدة لإنتاج البلاستيك من المواد الخام عبئاً ثقيلاً على الجدوى الاقتصادية لتدويره، ما لم تقترن عمليات التدوير بالدعم الحكومي، وتطبيق قاعدة «الملوّث يدفع». وفي ظل هذا المتغيّرات المفاجئة التي فرضتها الإجراءات الصينية، وانتشار وباء «كورونا»، وحرب أسعار النفط، يبدو أن قطاع تدوير النفايات سيكون الخاسر الأكبر.
- العالم تحت وطأة النفايات البلاستيكية
يُنتج العالم حالياً نحو 450 مليون طن من المواد البلاستيكية في السنة. وتصل نسبة تدوير النفايات البلاستيكية في الاتحاد الأوروبي إلى 30 في المائة، في حين تبلغ في الصين 22 في المائة، وتنخفض إلى 8.4 في المائة في الولايات المتحدة.
وفي الدول العربية، تقدّر كمية النفايات البلدية التي يجري التخلص منها حالياً بنحو 200 مليون طن في السنة، تشكّل فيها المواد العضوية ما نسبته 50 إلى 60 في المائة. وتتباين كمية المواد البلاستيكية في هذه النفايات، حسب معدلات الدخل وطبيعة المجتمعات. ففي حين تتراوح نسبتها في مصر بين 3 و12 في المائة من مجمل النفايات المتولدة، تبلغ في السعودية ما بين 5 و17 في المائة، وفي الجزائر ولبنان نحو 12 في المائة.
ولا تزيد نسبة تدوير مجمل أنواع النفايات عربياً على 4 في المائة من كامل كمية النفايات البلدية، مما يعني أن نحو 20 مليون طن من النفايات البلاستيكية تجد طريقها إلى مكبات النفايات والمواقع الطبيعية في الدول العربية سنوياً، في حين يجري استرجاع كمية ضئيلة لا تزيد على مليون طن عبر نشاطات التدوير غير الرسمية.
ولا يعدّ قطاع تدوير المخلفات البلاستيكية الملتزم بالمعايير الفنية والبيئية والصحية جاذباً للاستثمار من دون دعم مالي. كما تعدّ أنظمة جمع النفايات، التي ترتبط إلى حد بعيد بالسلطات المحلية، عاملاً مؤثراً في الاستثمار، خاصة في الظروف التي تعاني فيها هذه السلطات من مصاعب في عمليات الجمع.
وفيما يظن كثيرون أن تدوير المخلفات هو الهدف الأهم في الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، فإن الغاية الأولى هي خفض كمية النفايات، لا سيما المخلفات التي يتعذر استرجاعها أو يستلزم تدويرها تمويلاً إضافياً. ولذلك تضع 130 حكومة حول العالم إطاراً تنظيمياً يخص المنتجات البلاستيكية، وتتبنى سياسات متصاعدة تتصدى من خلالها لمشكلة الإفراط في استهلاكها.
وفي العالم العربي، نجد أن معظم الدول أقرت حظراً على تصنيع وتداول واستيراد الأكياس البلاستيكية، كما فرضت جميعها قواعد لسلامة الغذاء عند استخدام المواد البلاستيكية في التعبئة والتغليف المباشر. ومع ذلك، تبقى هذه المبادرات في تقييد إنتاج وتداول واستهلاك المواد البلاستيكية دون الطموح، بالمقارنة مع عشرات ملايين أطنان النفايات البلاستيكية التي ترمى كل سنة، ولا يسترد منها سوى القليل عبر أنشطة غير رسمية.
وفي حين لا توجد أرقام موثوقة عن عدد العاملين في أنشطة تدوير النفايات في العالم العربي، يمكن القول إن مئات آلاف الأسر المهمشة تكسب كفاف يومها عبر جمع وبيع المواد القابلة للتدوير، لا سيما المخلفات المعدنية، كالأسلاك النحاسية وعلب الألومنيوم الخاصة بالمياه الغازية، ومخلفات الكرتون والورق، إلى جانب أنواع محددة من البلاستيك، تشمل خاصة البولي إيثلين تيرفثالات (PET) الذي يستخدم في تصنيع عبوات المياه المعدنية والغازية، والبولي إيثلين العالي الكثافة (HDPE) الذي يستخدم في تصنيع عبوات بعض السوائل والأثاث المنزلي.
- {كورونا} يربك تدفق النفايات
يؤثر انتشار فيروس «كورونا» المستجد في سلوك المستهلكين في جميع أنحاء العالم، لجهة تخزين المواد بسبب حظر التجوّل، والخوف من فقدان مواد أساسية من الأسواق، وتفضيل شراء المواد المغلفة على تلك التي تباع من دون تغليف، بسبب مخاوف تتصل بالنظافة. ويُتوقع أن يزداد هذا التوجه في العالم العربي خلال شهر رمضان، حيث يرتفع الاستهلاك بشكل كبير.
أما في أوروبا، فيترقب قطاع إعادة التدوير تأثير التباعد الاجتماعي والعزلة الذاتية على سوق استرداد العبوات البلاستيكية. فعدا عن الانخفاض الموسمي في استخدام قوارير المياه والمشروبات، قد يتجنب المستهلكون استخدام آلات البيع العكسي للاسترداد، خوفاً من تفشي المرض، ويحتفظون بالعبوات الفارغة في بيوتهم، مما يقطع إمدادات «المواد الأولية» عن صناعة التدوير.
التراجع المتوقع في كمية النفايات التي يجري التخلص منها، مع ما قد تحمله من عامل ممرض، ربما يكون من الناحية الصحية في صالح البيئة. لكن هذا التراجع سيؤدي، في المقابل، إلى خسارة مئات آلاف الأسر الفقيرة التي تعتمد على جمع المخلفات وتدويرها لمصدر رزقها طيلة فترة مواجهة الوباء.
ومن الناحية البيئية، لا يمكن تصنيف تدوير النفايات البلاستيكية في العالم العربي ضمن الأنشطة المفضّلة، كما هي الحال بالنسبة للنفايات المعدنية، لأن تدوير النفايات البلاستيكية في البلدان النامية يعتمد على إذابتها ضمن ورش تسعى لتصنيع منتجات منخفضة الجودة والكلفة، على حساب تحقيق الاشتراطات الصحية والبيئية. ومن المتوقع أن يتسبب الوباء في زيادة إنتاج المواد البلاستيكية المصنّعة من البوليمرات الخام نتيجة ارتفاع الطلب على مواد التغليف، وانخفاض أسعار النفط، علماً بأن قيمة السوق العالمية للمنتجات البلاستيكية بلغت نحو تريليون دولار في السنة الماضية، حيث يحظى منتجو البلاستيك الخليجيون بما نسبته 4 في المائة من هذه السوق. وفي المقابل، كانت الدول الخليجية تستهلك قبل انتشار الوباء 8 في المائة من إجمالي البلاستيك المنتج عالمياً.
ولا ترتبط زيادة الطلب على البوليمرات الخام فقط بالأوضاع الحالية الناشئة عن انتشار فيروس «كورونا»، بل تأتي ضمن اتجاه عام يجعل من سوق البلاستيك محوراً لاستمرار صناعة النفط على المدى البعيد، خاصة مع التحولات في قطاع السيارات الكهربائية، والتوسع في توليد الطاقة من المصادر المتجددة.
وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن المواد الأولية للبتروكيماويات، التي يذهب معظمها لصناعة البلاستيك، قد ترتفع حصتها من 12 في المائة من إجمالي الطلب العالمي على النفط اليوم إلى 22 في المائة سنة 2040. وترى الوكالة أن المواد الأولية عند هذه المرحلة ستكون المنتج الوحيد في صناعة النفط الذي يحقق نسب نمو متزايدة.
وعلى عكس ما يشهده قطاع تدوير النفايات البلاستيكية حالياً من تراجع في كميات النفايات المستردّة، فإن القطاع سيواجه أزمة في معالجة الحجم الكبير من النفايات التي سيجري التخلص منها دفعة واحدة بعد انتهاء سياسات الحجر والعزل الاجتماعي. عندها ستزداد المشكلة تعقيداً، خاصة مع القيود الجديدة التي ستكون مفروضة على تجارة النفايات البلاستيكية، بدءاً من مطلع سنة 2021، بعد إدراج هذه التجارة ضمن اتفاقية بازل، بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة عبر الحدود والتخلص منها.


مقالات ذات صلة

الأرض «تضمد جروحها» بعد الزلازل القوية

علوم يؤكد الباحثون أن الصدوع التي تقع على أعماق سحيقة في باطن الأرض يمكن أن تلتحم من جديد بعد انكسارها نتيجة الهزات الأرضية (بيكسباي)

الأرض «تضمد جروحها» بعد الزلازل القوية

توصل فريق من علماء الجيولوجيا في الولايات المتحدة إلى أن الصدوع الزلزالية العميقة في باطن الأرض يمكن أن تلتئم في غضون ساعات بعد حدوث الهزات الأرضية القوية.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
صحتك الأشخاص الذين مارسوا ما لا يقل عن ساعتين ونصف من التمارين الرياضية أسبوعياً انخفض لديهم خطر الوفاة (رويترز)

المشكلة الشائعة التي تُقلّل من فوائد التمارين الرياضية

معروف أن ممارسة الرياضة بانتظام تُحسّن الصحة النفسية، وتُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، وتُحسّن محيط الخصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا أحياء غارقة بكاملها في مدينة نها ترانغ الساحلية بفيتنام جراء الفيضانات (أ.ف.ب)

ارتفاع حصيلة الوفيات من الفيضانات والانهيارات الأرضية في فيتنام إلى 43

أعلنت السلطات الفيتنامية، الجمعة، أن الأمطار الموسمية والانهيارات الأرضية الناجمة عنها أسفرت عن وفاة 43 شخصاً في فيتنام منذ مطلع الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (هانوي)
بيئة طحالب خضراء (أرشيفية - أ.ف.ب)

دراسة: طحالب استطاعت الصمود لمدة 283 يوماً في الفضاء

قال موقع «بوبيلر ساينس» إن الطحالب تمتاز بالقدرة على التكيف حيث إنها تعيش في بيئات قاسية

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
آسيا  فيضانات وانهيارات أرضية في فيتنام (د.ب.أ)

مقتل 15 شخصاً جراء فيضانات وانهيارات أرضية في فيتنام

لقي ما لا يقل عن 15 شخصاً حتفهم وأُصيب 19 آخرون، خلال الأيام الثلاثة الماضية، في فيتنام، بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية.

«الشرق الأوسط» (هانوي)

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.