البرلمان الإسباني يدعو للاعتراف بدولة فلسطينيةhttps://aawsat.com/home/article/225226/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%81-%D8%A8%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9
في إجراء رمزي يهدف إلى تشجيع السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل
مدريد:«الشرق الأوسط»
TT
مدريد:«الشرق الأوسط»
TT
البرلمان الإسباني يدعو للاعتراف بدولة فلسطينية
توجه النواب الإسبان إلى التصويت أمس لصالح اعتراف حكومتهم بفلسطين كدولة، وذلك في إجراء رمزي يهدف إلى تشجيع السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، لكنه أغضب الجانب الإسرائيلي. وجاءت هذه المناقشات في مدريد في يوم اقتحم فيه فلسطينيان مسلحان بسكاكين وفؤوس معبدا يهوديا في القدس، وقتلا 4 يهود أثناء الصلاة قبل أن يُقتلا بالرصاص. ويحاكي الإجراء غير الملزم، الذي قدمته المعارضة الاشتراكية لكن يتوقع أن يؤيده حزب الشعب الحاكم وجماعات أخرى في مجلس النواب، عمليتي تصويت مماثلتين في بريطانيا وآيرلندا الشهر الماضي. وتتجه فرنسا أيضا إلى اتخاذ قرار غير ملزم، بعد أن كانت حكومة يسار الوسط في السويد رائدة في الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية خلال أيام من توليها السلطة الشهر الماضي. وتأتي هذه الإجراءات تجسيدا لمشاعر خيبة الأمل المتنامية في الاتحاد الأوروبي جراء برنامج إسرائيل للتوسع في المستوطنات على الأراضي التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها بعد انهيار محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة. وقالت فيديريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن وزراء خارجية الاتحاد الـ28 ناقشوا في اجتماع في بروكسل أول من أمس كيفية بدء عملية إيجابية مع الإسرائيليين والفلسطينيين لإطلاق عملية سلام. ووفقا لمسودة فإن الإجراء الإسباني، الذي أعده وزير الخارجية السابق ترينيداد جيمينيز، «يحث» الحكومة على الاعتراف بفلسطين كدولة والترويج لهذا الاعتراف داخل الاتحاد الأوروبي. وتريد كتلة حزب الشعب الحاكم في البرلمان الإسباني تخفيف صيغة هذا الإجراء «لتشجع» المفاوضات التي ستدور بشأن النص قبل التصويت النهائي، وبينما لا تغير هذه المبادرات بدرجة كبيرة سياسة إسبانيا في الشرق الأوسط، فإن مدريد تأمل في ضخ قوة دافعة في البحث عن حل دولتين إسرائيلية وفلسطينية. وبهذا الخصوص قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل جارسيا مارجايو: «لدينا إحساس بأن الوقت ينفد. فإما أن نفعل شيئا بسرعة وإما سيصبح حل الدولتين مستحيلا من الناحية المادية». ورفضت الحكومة الإسرائيلية هذا الإجراء قائلة إنه جاء في أسوأ لحظة ممكنة، وفي اليوم الذي وقع فيه أسوأ حادث مميت في القدس خلال 6 سنوات. وفي هذا الصدد قال إيمانويل نحشون، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية: «لا يمكن أن يتحقق مكسب من تحركات منفردة مثل الذي يستعد البرلمان الإسباني لاتخاذه، وهو ينأى بنا بعيدا عن المفاوضات مع الفلسطينيين»، وأضاف موضحا: «ندعو إسبانيا إلى عدم اتخاذ إجراءات منفردة، وخصوصا في يوم صادم مثل اليوم». وندد رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راجوي بالهجوم، وقال في برقية بعث بها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «الحكومة الإسبانية وكل الشعب الإسباني تأثروا كثيرا ويقفون متحدين مع إسرائيل ومواطنيها في هذه اللحظة من الألم العميق».
بايرو يحقق نصف حلمه بتسميته رئيساً للحكومة الفرنسية
رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)
يدين إيمانويل ماكرون بالكثير لفرنسوا بايرو، السياسي المخضرم البالغ من العمر 73 عاماً، الذي اختاره أخيراً وبعد تردد شغل الإعلام والمعلقين طوال الأسبوع الماضي، لتشكيل الحكومة الجديدة. فمن دون بايرو ما كان ماكرون ليصبح في عام 2017 رئيساً للجمهورية. فقط دعم بايرو المتمترس دوماً وسط الخريطة السياسية؛ أي قريباً من تموضع ماكرون صاحب نظرية تخطي الأحزاب والعمل مع اليمين واليسار في وقت واحد؛ سمح للرئيس الحالي بأن يحقق قفزة من سبع نقاط في استطلاعات الرأي، وأن يتأهل للجولة الثانية (الحاسمة) ويفوز بها بفارق كبير عن منافسته مارين لوبن، زعيمة اليمين المتطرف.
ومنذ سبع سنوات، وقف بايرو، دوماً وبقوة، إلى جانب ماكرون في المحن. وبعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، عندما انطلقت من اليسار المتشدد المطالبة باستقالة ماكرون من رئاسة الجمهورية، وجد الأخير في شخص بايرو السد المنيع والشخصية البارزة التي ساندته ودافعت عنه. كذلك، فإن بايرو، النائب والوزير السابق والرئيس الحالي لمدينة «بو» الواقعة غرب سلسلة جبال البيرينيه، سخّر حزبه «الحركة الديمقراطية» (اختصاره «موديم» بالفرنسية)، في خدمة ماكرون، وهو أحد الأحزاب الثلاثة الداعمة للرئيس. ولحزب بايرو بـ36 نائباً في البرلمان، حيث لا أكثرية مطلقة؛ ما يفسر سقوط حكومة سابقه ميشال بارنييه الأسبوع الماضي بعد ثلاثة أشهر فقط على رئاسته للحكومة، وهي أقصر مدة في تاريخ الجمهورية الخامسة.
ماكرون يوفّي ديناً قديماً لبايرو
ثمة قناعة جامعة وعابرة للأحزاب قوامها أن ماكرون أخطأ مرتين: الأولى، عندما حل البرلمان لأسباب لم يفهمها أحد حتى اليوم. والمرة الثانية عندما كلف بارنييه، القادم من مفوضية الاتحاد الأوروبي، بتشكيل الحكومة المستقيلة يمينية الهوى، في حين أن تحالف اليسار والخُضر حلّ في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية؛ لذا اتُّهم ماكرون بـ«احتقار الديمقراطية»؛ لأنه لا يحترم نتائج الانتخابات، ولأنه يفضل التعامل مع اليمين التقليدي (حزب اليمين الجمهورية، وسابقاً الجمهوريون)، واليمين المتطرف (حزب التجمع الوطني بزعامة لوبن)، على الانفتاح على اليسار، لا بل إنه وضع حكومة بارنييه تحت رحمة لوبن التي ضمّت أصواتها إلى أصوات اليسار والخُضر لإسقاطه.
وفهم ماكرون الدرس؛ لذا سعى إلى العثور على شخصية قادرة على اجتذاب الحزب الاشتراكي ونوابه، وربما الخُضر، وحتى الشيوعيين. وطيلة سبعة أيام، تواصلت مسرحية البحث عن «العصفور» النادر. طُرحت أسماء كثيرة قبل أن يقع الخيار على بايرو؛ منها برنار كازنوف آخر رئيس حكومة في العهد الاشتراكي، وسيباستيان لو كورنو وزير الدفاع، والوزير السابق جان إيف لودريان الذي اعتذر بسبب السن (73 عاماً)، ورولان ليسكور، وحتى احتمال المجيء بحكومة من التكنوقراط. وللوصول إلى نتيجة، أكثر ماكرون من المشاورات الفردية والجماعية.
والمسرحية المتأرجحة بين الهزلية والدرامية، كانت زيارته الخميس إلى بولندا وعودته سريعاً إلى باريس للوفاء بوعد إعلان اسم رئيس الحكومة العتيدة مساء الخميس. لكن الإعلان لم يأتِ، وظل المرشحون يتقلبون على نار القلق، حتى أعلن القصر الرئاسي أن الاسم سيصدر صباح الجمعة. ومنذ الصباح الباكر، تجمهرت وسائل الإعلام قبالة قصر الإليزيه، وامتدت الساعات ولم يخرج الدخان الأبيض إلا بعد ثلاث ساعات من خروج بايرو من الإليزيه عقب اجتماع مع ماكرون قارب الساعتين.
وذهبت وسائل إعلامية، ومنها صحيفة «لو موند» الرصينة، إلى إعلان أن ماكرون «لن يسمي بايرو». كذلك فعلت القناة الإخبارية «إل سي إي»؛ والسبب في ذلك معارضة رئيس الجمهورية اليميني الأسبق نيكولا ساركوزي هذه التسمية. ولهذه المعارضة قصة طويلة لا مجال لعرضها اليوم. واختصارها أن ساركوزي وبعض اليمين «حاقد» على بايرو الذي «خان» ساركوزي؛ لأنه دعا للتصويت لمنافسه الاشتراكي فرنسوا هولاند في عام 2012. وهذا يبين أن الحقد السياسي لا يُمحى بسهولة. ومن الروايات التي سارت في الساعات الأخيرة، أن ماكرون اتصل ببايرو لإخباره بأنه لن يسميه لتشكيل الحكومة، لكنه عدل عن ذلك لاحقاً، مخافة إغضابه والتوقف عن دعمه.
بايرو ترشح ثلاث مرات للرئاسة
بتكليفه تشكيل الحكومة، يكون بايرو قد حقق نصف حلمه الكبير، وهو أن يصبح يوماً رئيساً للجمهورية. فهذا السياسي الذي ولج الحياة السياسية في ثمانينات القرن الماضي، وكان نائباً في البرلمانين الفرنسي والأوروبي، ورئيساً لمدينة متوسطة (بو) ولمنطقتها، ووزيراً في عدة حكومات... ترشح للرئاسة ثلاث مرات وكاد يتأهل مرتين للجولة النهائية في عامي 2007 و2012، حيث حصل على أكثر من 18 في المائة من الأصوات، وانسحب في ترشحه الرابع. وتسلم، في أولى حكومات ماكرون في عام 2017، وزارة العدل. بيد أنه اضطر للاستقالة منها بعد أشهر قليلة بعد أن انطلقت فضيحة استخدام نواب حزبه في البرلمان الأوروبي الأموال الأوروبية لأغراض محض حزبية؛ ما حرمه من أي منصب حقيقي في السنوات السبع الماضية، إلا أن قضاء الدرجة الأولى سحب الدعوى لعدم توفر الأدلة. لكن المسألة نُقلت إلى محكمة الاستئناف. واللافت أن الاتهامات نفسها وُجّهت لمارين لوبن ولحزبها. وإذا تمت إدانتها، فإنها ستُحرم من الترشح لأي منصب انتخابي، ومن رئاسة الجمهورية تحديداً لمدة خمس سنوات.
مهمة مستحيلة؟
وبعيداً عن الجوانب الشخصية، تعود تسمية بايرو لقدرته، على الأرجح، على التعامل مع اليمين واليسار معاً. ومهمته الأولى أن ينجح في تشكيل حكومة لا تسقط خلال أشهر قليلة، وأن تبقى على الأقل حتى الصيف القادم، وربما حتى نهاية ولاية ماكرون في عام 2027. وقالت رئيسة البرلمان يائيل براون ـ بيفيه، إن بايرو هو «رجل المرحلة السياسية التي نعيشها، ونحن بحاجة إلى رصّ الصفوف السياسية حول مشروع موحد».
من جانبه، ربط اليمين التقليدي مشاركته في الحكومة بطبيعة «المشروع» الذي يحمله بايرو، والمهم بالنسبة إليه «خريطة الطريق». بالمقابل، فإن حزب «معاً من أجل الجمهورية» (حزب ماكرون) أعرب عن تأييده لبايرو ووقوفه إلى جانبه، في حين قال بوريس بوالو، رئيس الكتلة البرلمانية للاشتراكيين: «لن ندخل الحكومة، وسنبقى في المعارضة». بيد أن الاشتراكيين تعهّدوا بعدم التصويت على سقوط الحكومة إذا امتنعت عن اللجوء إلى تمرير مشاريع قوانين، وعلى رأسها موازنة عام 2025، من غير تصويت. أما الخُضر، فربطوا سحب الثقة بتجاهل بايرو لمخاوفهم بشأن الضرائب والمعاشات، وهو ما عبّر عنه رئيس «التجمع الوطني» جوردان بارديلا الذي وعد بأنه «لن يحصل حجب ثقة مبدئياً»، لكن الظروف يمكن أن تتغير.
يبقى أن الرفض المطلق جاء من حزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدد الذي يقوده جان لوك ميلونشون، والذي أعلن كبار مسؤوليه أنهم سيسعون إلى إقالة بايرو في البرلمان، في أقرب فرصة.
وفي تصريح صحافي له، قال بايرو إن «هناك طريقاً يجب أن نجده يوحّد الناس بدلاً من أن يفرقهم. أعتقد أن المصالحة ضرورية». إنه طموح كبير بمواجهة تحديات أكبر، والأصعب أن ينجح في دفع أحزاب ذات توجهات ومطالب متناقضة إلى العمل معاً. صحيح أن العجائب غير موجودة في السياسة، ولكن من يدري؟!