انتقادات لأداء الحكومة التونسية بعد إصدار «مراسيم استثنائية»

منظمات حقوقية تطالب بـ«منع تمجيد الإرهاب واستغلال النفوذ في البرلمان»

الرئيس التونسي قيس سعيد أثناء مساهمته بتوزيع مساعدات في وقت سابق من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد أثناء مساهمته بتوزيع مساعدات في وقت سابق من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

انتقادات لأداء الحكومة التونسية بعد إصدار «مراسيم استثنائية»

الرئيس التونسي قيس سعيد أثناء مساهمته بتوزيع مساعدات في وقت سابق من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد أثناء مساهمته بتوزيع مساعدات في وقت سابق من الشهر الحالي (أ.ف.ب)

وجهت عدة أحزاب سياسية تونسية انتقادات حادة إلى رئيسي الجمهورية والحكومة، وعبرت عن غضبها تجاه الأداء الحكومي في زمن كورونا، وغياب عدد من أعضاء الحكومة عن الصفوف الأولى لمكافحة الفيروس، واستغلال البعض الآخر الظرف السياسي والاجتماعي الحالي لتحقيق مكاسب سياسية دون النظر بجدية إلى مرحلة ما بعد كورونا، علاوة على عدم التدخل لحسم الخلاف البرلماني المثير للجدل حول تمجيد الإرهاب وتبييض رموزه تحت قبة البرلمان.
وكان البرلمان التونسي قد منح في الرابع من الشهر الجاري حكومة إلياس الفخفاخ تفويضا لمدة شهرين، يسمح لها بإصدار مراسيم استثنائية لمواجهة تبعات جائحة كورونا. وبالفعل، أصدرت الحكومة عدداً من المراسيم تضبط سير المؤسسات والمنشآت العمومية خلال فترة الحجر الصحي، وإجراءات جبائية ومالية هدفها تعديل الموازنة العمومية للدولة وتجاوز حالة الركود التي عرفتها معظم الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية. وتناولت هذه المراسيم زجر مخالفة الحجر الصحي والتدابير الخاصة بالأشخاص المصابين أو المشتبه في إصابتهم بالوباء. كما من المنتظر أن تصدر مراسيم أخرى تحدد القيمة المالية للمخالفات، علاوة على زجر المخالفات المرتبطة بقواعد المنافسة والأسعار والضرب على أيدي كبار المحتكرين بعد دعوة منظمات إلى تطبيق الفصل 14 من قانون الإرهاب بحقهم واعتبارهم من ممارسي الإرهاب الغذائي.
لكن بعض الأحزاب والجهات المعارضة انتقد أداء الحكومة رغم منحها سلطة إصدار مراسيم استثنائية دون الرجوع للبرلمان، مما يعزز من سلطتها. وفي هذا الصدد، عبر فوزي الشرفي رئيس حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (يساري معارض) عن استغرابه من سلوك كبار المسؤولين في الدولة وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية قيس سعيد ووزير الصحة عبد اللطيف المكي، واتهمهما بالإخلال بإجراءات السلامة عند قيامهم بأنشطة تشجع على التجمهر، والاستخفاف بإجراءات الحجر الصحي وحظر التجول التي أقروها بأنفسهم.
وكان الرئيس التونسي قد قام يوم 16 أبريل (نيسان) الحالي بزيارة ليلية إلى منطقة القيروان (وسط) ووزع مساعدات اجتماعية في منطقة العلا الفقيرة، وعرضت وسائل إعلام محلية هذه الزيارة أوضحت من خلالها جلب مساعدات على متن ثلاث شاحنات وتجمع العائلات المحتاجة في ظل تعزيزات أمنية مكثفة للحصول على نصيبها من المساعدات، مما أدى إلى غلق مدخل المنطقة مع توافد عدد كبير من التونسيين على مكان الاجتماع للحصول على حصة من تلك المساعدات، وهو ما خلف تدافعا أدى إلى خرق قانون الحجر الصحي الشامل وقانون حظر التجوال.
وعبر الشرفي كذلك عن قلقه الشديد إزاء «الارتباك والارتجال في إدارة الأزمة وغياب رؤية واضحة على المدى القصير والمتوسط فيما يتعلق بظروف وشروط الرفع التدريجي للحجر الصحي العام، كما سجل غياب استراتيجية حكومية واضحة لمجابهة الوباء وانعكاساته على المدى الطويل»، مطالباً إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة، بتقديم تصور واضح على المدى القريب والمتوسط في إدارة الأزمة مع تجنب «التوظيف السياسي للمجهودات الوطنية الرامية إلى الحد من عواقبها الاقتصادية والاجتماعية، وتقديم خطاب إعلامي شفاف وموحّد بين مختلف مؤسسات الدولة، خاصة حول تطورات الوضع الصحي ونتائجه متعددة الأبعاد». كما دعا الشرفي إلى فتح تحقيق قضائي حول شبهة الفساد المتعلقة بصفقة صناعة الكمامات الطبية والكشف عن علاقتها بوزير الصناعة الحالي ونائب بالبرلمان، وأدان محاولات استغلال الأزمة الصحية الحالية للإثراء غير المشروع عبر صفقات تشوبها إخلالات قانونية وتضارب مصالح أو عبر الاحتكار والمضاربة. وفي السياق ذاته، وقع عدد من المنظمات والجمعيات الحقوقية عريضة وجهت لرئيس الجمهورية قيس سعيد ولرئيس البرلمان راشد الغنوشي تدعو إلى «منع كل أشكال تمجيد الإرهاب واستغلال النفوذ داخل البرلمان وخارجه»، وتضمنت العريضة طلبا موجها للنيابة العامة لتطبيق القانون على مروجي الخطاب التكفيري المساند للإرهاب وتمجيد تنظيم «داعش».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.