شمال سيناء «ملاذ آمن» من «كورونا» رغم تهديدات «الإرهاب»

TT

شمال سيناء «ملاذ آمن» من «كورونا» رغم تهديدات «الإرهاب»

أصبحت مناطق العريش وبئر العبد بمحافظة شمال سيناء المصرية، ملاذاً آمناً من «كورونا» لأبناء محافظات مصرية قريبة من سيناء، ومحطة عودة لغالبية من هجروها في وقت سابق بحثاً عن لقمة عيش في مكان آخر وفراراً من خطر تهديدات «جماعات إرهابية» لهم. وإلى الآن لم تسجل محافظة شمال سيناء أي حالات إصابة بفيروس «كورونا». وهي المحافظة التي تشهد ملاحقات قوات الجيش والشرطة في مصر لمسلحين يتبعون تنظيم «ولاية سيناء» الذي بايع «داعش» عام 2014.
محمد منصور حسنين، يعمل في مجال مقاولات البناء، واحد من بين العائدين لسيناء، قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه قرر العودة لمدينة العريش التي غادرها مطلع 2015 إلى القاهرة بحثاً عن فرصة عمل، بعد توقف نشاط عمله في المقاولات بسيناء نتيجة الأحداث التي تشهدها. وأضاف أنه عاد لدياره برفقة أسرته المكونة من بنتين وزوجته بعد أن عاش أوقات خوف عصيبة من التقاط الفيروس، وهو يتابع ارتفاع أعداد المصابين، ولم يجد بُدّاً من البحث عن مكان آمن غير منزله؛ وهو شاليه على شاطئ مدينة العريش.
إغراءات خلوّ شمال سيناء من «كورونا» دفعت بطلبة من أبناء محافظات أخرى يدرسون في جامعات ومعاهد حكومية وخاصة، إلى عدم مغادرة المحافظة بعد قرار الحكومة المصرية تعليق الدراسة، واستدعى بعضهم ذويه للإقامة في شقق سكنية يتخذونها مساكن لهم، ووُجدت أعداد من هذه الأسر في حي المساعيد غرب مدينة العريش حيث تقطن الغالبية من الطلبة.
يقول السيد حسني، موظف على المعاش من القاهرة، إن نجله محمد الطالب بـ«جامعة سيناء الخاصة»، استدعاهم للإقامة في شقة يستأجرها، وحضر بالفعل مع زوجته وابنته الصغرى ويقيمون للأسبوع الثاني، رغم تخوف أسرته في البداية من الوصول للشمال بسبب الأوضاع الأمنية، ونجاحه في إقناعهم بالتجربة، إلا إنه وجد الأوضاع هادئة والأجواء مناسبة ليس فقط لقضاء أيام بل الإقامة الدائمة بعيداً عن ضجيج القاهرة، لافتاً إلى أنه استطاع دخول شمال سيناء لأن نجله موجود فيها للدراسة؛ حيث هناك تدقيق أثناء دخوله المحافظة.
بدوره؛ أوضح الطالب محمد السيد، بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلة في «جامعة سيناء»، أنه ليس وحده من أحضر ذويه للمعيشة معه في العريش؛ حيث قام 7 آخرون من زملائه من كليات مختلفة أيضاً بالأمر نفسه.
وأشار راشد إبراهيم، أحد الوسطاء بمكتب للعقارات في العريش، إلى أنهم رصدوا قادمين جدداً؛ أُسَراً وأفراداً، من محافظات مجاورة ومحافظة القاهرة، قدموا لمدينة العريش، لافتاً إلى أن «كل من يصلون للعريش هم على صلة قرابة وصداقة بأهالي المكان، ومن لديهم أبناء يدرسون». ولفت إلى أن «قيمة الإيجارات لم تتأثر بالقادمين، لأن الغالبية يقيمون لدى معارف لهم».
وقال إنه قام بتسكين 5 أسر في مناطق شاليهات على ساحل العريش بإيجارات تتراوح بين 1500 و2000 جنيه شهرياً، وفي شقق داخل المدينة بإيجارات بين 700 و1000 جنيه شهرياً.
الهرب من مناطق أعلنت فيها إصابات بـ«كورونا» كان مساراً آمناً لمحمد (مهندس)، في رحلة عودته لسيناء التي غادرها عام 2016، بعد تلقيه تهديداً بتصفيته من إرهابيين، بحسب حديثه لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً أنه عاد لمنزله لا يبرحه إلا للضرورة بعد أن تأكد من أن مدينة العريش آمنة من خطرين؛ هما فيروس «كورونا»، وعناصر إرهابية تضعه على قوائم المدنيين المطلوبين لقتلهم بحجة تعاونهم مع الجهات الأمنية لرصد تحركاتهم.
وتابع أنه لم يكن العائد الوحيد لدياره من بين المطلوبين للعناصر الإرهابية؛ حيث عاد أيضاً صديقان له من أهالي مدينة الشيخ زويد، وآخر من مناطق وسط سيناء، وجميعهم كانوا يقيمون في شرق القاهرة، فيما يبدأ آخرون من أصدقائهم يقيمون في مدينتي الإسماعيلية والبحيرة الاستعداد لرحلة العودة قريباً.
ووفق محسن سالم، رئيس مركز ومدينة بئر العبد، فإنه جرى «حصر 12 أسرة قدموا من بورسعيد والإسماعيلية وأقاموا في منازل مملوكة لهم، وجرى على الفور الدفع بفرق طبية وإجراء كشف طبي عليهم وتسجيل بياناتهم والتأكيد عليهم بالتزام منازلهم لمدة أسبوعين، والتنبيه على الأهالي بالإبلاغ عن أي حالات وصول لأسر لمتابعتها».
ووضعت محافظة شمال سيناء إجراءات احترازية لمنع تسلل الفيروس؛ منها فحص طبي لجميع حالات الوصول للمحافظة عبر 5 بوابات رئيسية يجري المرور عبرها، وتسجيل بيانات الوافدين الجدد، وتجهيزات مسبقة لأماكن عزل وحجر صحي لأي احتمال لتسلل الفيروس.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».