الاقتصاد الأوروبي يحتاج إلى تريليون يورو للتعافي

أوروبا ستحتاج إلى 500 مليار يورو أخرى على الأقل من مؤسسات الاتحاد لتمويل تعافيها (أ.ف.ب)
أوروبا ستحتاج إلى 500 مليار يورو أخرى على الأقل من مؤسسات الاتحاد لتمويل تعافيها (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد الأوروبي يحتاج إلى تريليون يورو للتعافي

أوروبا ستحتاج إلى 500 مليار يورو أخرى على الأقل من مؤسسات الاتحاد لتمويل تعافيها (أ.ف.ب)
أوروبا ستحتاج إلى 500 مليار يورو أخرى على الأقل من مؤسسات الاتحاد لتمويل تعافيها (أ.ف.ب)

تجرى اتصالات بين عدة عواصم أوروبية، عشية انعقاد قمة مقررة الخميس القادم لقادة دول الاتحاد الأوروبي عبر دوائر الفيديو. وقالت المفوضية الأوروبية في بروكسل إن اجتماعاً عبر الفيديو سينعقد الاثنين بين رئيسة المفوضية أورسولا فون ديرلاين، ورئيس مجلس الاتحاد شارل ميشال، لتنسيق المواقف والأفكار قبل انعقاد القمة المخصصة للبحث في سبل تعزيز الاقتصادات الأوروبية لمواجهة تداعيات كورونا الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وذلك في ظل توقعات بأن يتمحور حل وسط حول قيام المفوضية الأوروبية بالاقتراض من السوق بضمان ميزانية الاتحاد الأوروبي للمدى الطويل، ثم إقراض المال إلى الدول الأعضاء لتحقيق فعالية أكبر.
وبالتزامن مع هذه الاتصالات والمشاورات الأوروبية، قال مدير صندوق إنقاذ منطقة اليورو، إن أوروبا ستحتاج 500 مليار يورو أخرى على الأقل من مؤسسات الاتحاد الأوروبي لتمويل تعافيها الاقتصادي بعد جائحة فيروس كورونا، إضافة إلى حزمة متفق عليها حجمها نصف تريليون يورو.
وقال كلاوس ريغلينغ، مدير صندوق آلية الاستقرار الأوروبي، في تصريحات لوسائل إعلام إيطالية أمس الأحد، إن أيسر السبل لتنظيم مثل تلك الأموال سيكون من خلال المفوضية الأوروبية وميزانية الاتحاد الأوروبي. وأضاف: «أود أن أقول إننا نحتاج للمرحلة الثانية 500 مليار يورو أخرى من المؤسسات الأوروبية، وربما أكثر من ذلك. من أجل هذا نحتاج لبحث أدوات جديدة بعقل مفتوح، ولكن أيضاً استخدام المؤسسات الحالية، لأنه سيكون أيسر، بما في ذلك ميزانية المفوضية والاتحاد الأوروبي بشكل خاص».
وسبق أن اتفق وزراء مالية الاتحاد الأوروبي في التاسع من أبريل (نيسان) الجاري على شبكات أمان للدول والشركات والأفراد تساوي في المجمل 540 مليار يورو. واتفقوا أيضاً على أن منطقة اليورو، التي يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصادها 7.5 في المائة هذا العام، ستحتاج لأموال من أجل التعافي، لكن اختلفت آراؤهم بشأن حجم المال اللازم وكيفية جمعه.
ويأتي ذلك بعد أن قالت المفوضية الأوروبية في بروكسل، إن البرلمان الأوروبي صوت لصالح مجموعة من المقترحات التي تقدم بها الجهاز التنفيذي للتكتل الموحد لمعالجة تداعيات أزمة كورونا. وأضافت المفوضية في بيان أن التصويت الذي جرى نهاية الأسبوع الماضي يسمح بإعادة توجيه غير مسبوقة لأموال سياسة التماسك الأوروبي لمعالجة آثار أزمة الصحة العامة وتخصيص مليارات من أموال الاتحاد الأوروبي للرعاية الصحية تحت اسم «أداة دعم الطوارئ»، وأيضاً لتعزيز القدرة الطبية الطارئة، كما تسمح بتمويل إضافي للمركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، إلى جانب تدابير أخرى.
ومن جهة أخرى، قال وزير المالية الألماني أولاف شولتس في مقابلة نشرت الأحد، إن ألمانيا - أكبر اقتصاد أوروبي - ربما تتمكن من احتواء التأثير المالي لأزمة فيروس كورونا دون تجاوز مستويات الدين التي تمت الموافقة عليها؛ إذا تعافي الاقتصاد في النصف الثاني من العام.
وعلق البرلمان الألماني كبح الديون لمكافحة الأزمة في 25 مارس (آذار) مع ميزانية تكميلية يبلغ حجمها 156 مليار يورو (169.67 مليار دولار) و100 مليار يورو لصندوق للاستقرار الاقتصادي و100 مليار يورو في شكل ائتمانات لبنك تنمية القطاع العام «كيه إف دبليو». واستهدفت هذه الإجراءات في المقام الأول تمويل الرعاية الصحية ومساعدة الشركات.
وسئل شولتس عما إذا كان يمكن أن تظل 156 مليار يورو هي الحد الأقصى للديون الجديدة، فقال لصحيفة «فيلت إم زونتاغ»: «إذا نجحنا في تحريك المنحنى الاقتصادي للأعلى مرة أخرى في النصف الثاني من العام، فستكون تلك هي الحقيقة وقتئذ».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.