«أوكار المناطق الشعبية»... وجهة متجددة لتخفي «المتطرفين»

TT

«أوكار المناطق الشعبية»... وجهة متجددة لتخفي «المتطرفين»

أعاد حادث الأميرية الإرهابي في القاهرة، مساء أول من أمس، الحديث مجدداً عن «الأوكار» التي يتخفى داخلها المتطرفون في الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية العالية لتجنب رصدهم من الأجهزة الأمنية.
وقال العقيد حاتم صابر، الخبير الأمني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «العناصر الإرهابية تسعى دائماً إلى العمق المدني، الذي يضم شققاً أو كراجات أو غرفاً، وهذا العمق المدني يوجد داخل المناطق الشعبية المزدحمة بالسكان، وهذه المناطق توفر للعناصر الإرهابية إمكانية التخفي بعيداً عن الرصد، وإمكانية وجود دعم من قبل متعاونين مع الإرهابيين أو ممن يتم إغراؤهم بالأموال». ويقع حي الأميرية بالقرب من وسط القاهرة، وهو مجاور لمناطق شرق القاهرة المزدحمة مثل المطرية، وعين شمس، وحلمية الزيتون. وقبل أشهر تم ضبط ورشة لتصنيع الأسلحة في الحي. وفي عام 2014 استهدف إرهابيون حافلة خاصة بالقوات المسلحة في منطقة الكابلات بالأميرية، مما أسفر عن وقوع قتلى ومصابين. وقال السيد حكيم الذي يقطن في الأميرية لـ«الشرق الأوسط» إنه «يقع على عاتق أي مواطن الإبلاغ عن أي تحرك مريب قد يحدث داخل العقار الذي يقطن به، خاصة داخل الشقق المؤجرة».
من جهته، أكد العقيد صابر أن «التنظيمات الإرهابية تستغل دائماً أي موقف أمني لأي منطقة أو أي دولة، لذا فهي تستغل تقييد حركة المواطنين خلال فترات حظر التجول بمصر، حتى يبدأ عناصرها في التحرك، لأنها تعلم بانشغال قوات الأمن والدولة باحتواء أزمة فيروس كورونا المستجد». وعن اختيار الإرهابيين للمناطق الشعبية أوكاراً، قال صابر إن «العناصر الإرهابية تختار منطقة تكون قريبة من مكان تنفيذ العملية المستهدفة، والمناطق الشعبية توفر لهم فرصة الاحتماء بالمدنيين، وإمكانية وقوع خسائر بشرية كبيرة بين المواطنين تخدم دعاياتهم المتطرفة»، مضيفاً أن «العناصر الإرهابية تعتمد في المناطق الشعبية إما على احتجاز الرهائن، أو أخذ وضع التحصن داخل الشقق السكنية للاشتباك مع القوات، لتحقيق خسائر أكثر، وهذه العناصر الإرهابية تُدرك جيداً أنها ستلقى حتفها خلال الاشتباكات؛ لكنها تريد فقط أن توقع خسائر كبرى بين قوات الأمن».
وفي مارس (آذار) 2019 تم توقيف خلية إرهابية كانت تختبئ بأحد البنايات بمنطقة فيصل بضاحية الهرم بالجيزة. كما تم ضبط متفجرات داخل شقة سكنية على أطراف مدينة 6 أكتوبر (تشرين الأول) بالجيزة. وفي فبراير (شباط) 2019 استهدفت قوات الأمن شقة يقطن بها أحد الإرهابيين في منطقة «الدرب الأحمر» الشعبية بوسط القاهرة، وحال ضبط «الإرهابي» انفجرت إحدى العبوات الناسفة التي كانت بحوزته، مما أسفر عن مقتله ووقوع إصابات بين قوات الشرطة. ولفت العقيد حاتم صابر، في هذا الإطار، إلى أن «حادثة الدرب الأحمر تتشابه مع حادثة الأميرية، وأصابع الاتهام المبدئية تشير إلى عناصر حركة (حسم) الإرهابية، أو حركة (حازمون)، وليس لولاية سيناء»، في إشارة إلى فرع تنظيم «داعش».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».