«حرب» السراج مع رئيس «المركزي» الليبي تخرج إلى العلن

متابعون يرون أنها قد «تسهم بتقوية جناح الإخوان في المصرف»

الصديق الكبير
الصديق الكبير
TT

«حرب» السراج مع رئيس «المركزي» الليبي تخرج إلى العلن

الصديق الكبير
الصديق الكبير

تصاعدت الخلافات مجدداً بين فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» الليبي، والصديق الكبير، رئيس المصرف المركزي بالعاصمة طرابلس، إلى مستويات غير مسبوقة، ووصلت إلى حرب جانبية، اعتبر متابعون أنها قد «تسهم في تقوية جناح تنظيم (الإخوان) بالمصرف، على حساب السراج» الذي بدا مغلوباً على أمره، وهو يردد أمام شاشات التلفزة: «الأمور وصلت إلى طريق مسدود!».
وظل يُنظر للكبير على أنه من رجال المجلس الرئاسي النافذين؛ خصوصاً بعد الدعم الذي تلقاه منه في مواجهة مجلس النواب بشرق البلاد، عقب عزله قبل خمسة أعوام، وتعيين الاقتصادي الشهير محمد عبد السلام الشكري نهاية عام 2017 بديلاً عنه؛ لكن الكبير «استقلَّ بقراراته وأعلن العصيان على السراج، مدعوماً من جناح تنظيم (الإخوان) بالمصرف» حسب مراقبين.
وتحدث أحد المصرفيين المواليين للسراج بـ«المركزي»، لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود «تكتلات بالمصرف، كل منها له حسابات خاصة، ومن بينهم قيادات تابعة لتنظيم (الإخوان)، تدعم الكبير في مواجهة السراج».
وللمرة الأولى يخرج السراج بهذه الأزمة إلى العلن في كلمة متلفزة، مساء أول من أمس، ليقول إن الأمور وصلت «حد القطيعة» بين المصرف المركزي ووزارة المالية بحكومته، أثناء إعداد الميزانية، مقراً بأن حكومته «وصلت إلى طريق مسدود مع الصديق الكبير الذي رفض طلب الحكومة باعتماد ميزانية طوارئ لمواجهة أزمات البلاد».
وأشار السراج الذي بات مغلول اليد بعد سقوطه في مصيدة تنظيم «الإخوان»، بحسب مراقبين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، إلى «انقطاع التواصل بين الطرفين، واللجوء إلى الوساطات لإنهاء أزمة الميزانية»، مبرزاً أن الكبير «أوقف منظومة الاعتمادات المستندية اللازمة للواردات، دون التواصل مع الحكومة»، كما «تسبب في تأخر صرف المرتبات دون مبرر».
ومن بين القيادات «الإخوانية» التي تغولت في المصرف، القيادي فتحي عقوب الذي يشغل منصب أمين سر مجلس إدارة المصرف، وطارق المقريف الذي يشغل منصب عضو مجلس الإدارة.
وسبق لرمزي آغا، رئيس لجنة السيولة في المصرف المركزي الليبي بالبيضاء، القول إن المصرف المركزي بطرابلس «مختطف» من أذرع «الإخوان» في ليبيا.
وكان المتحدث الرسمي باسم «الجيش الوطني»، اللواء أحمد المسماري، قد اتهم منتصف مارس (آذار) الماضي تنظيم «الإخوان» بالسيطرة على المصرف المركزي في العاصمة طرابلس الذي عين كوادره في مناصب عليا وقيادية بمجلس الإدارة «لتمويل جماعاته وميليشياته».
ويرى مراقبون أن الخلاف بين السراج والكبير بات يهدد بتقويض سلطات طرابلس، بينما تخوض حرباً لمنع سقوط العاصمة في قبضة «الجيش الوطني»، وتتعامل مع حصار وقف إنتاج النفط، وتستعد للتعامل مع تفشي محتمل لفيروس «كورونا».
وكان الكبير قد استجاب لنداء السراج، وحدد ضوابط تنظيم إجراءات فتح الاعتمادات المستندية خلال الفترة الحالية، شملت تحديد الحدود الدنيا والعليا لقيمة الاعتماد المستندي الواحد للسلع التجارية، والمستلزمات الصناعية والأدوية، إضافة إلى السلع الغذائية، كالقمح والشعير والسكر.
وقرر المصرف في بيان، منتصف الأسبوع الماضي، صرف رواتب شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، موضحاً أن السبب الرئيسي للأزمة المالية والاقتصادية «هو فشل حكومة (الوفاق الوطني) في حل الحصار النفطي».
وألقى محمد بعيو، المحلل السياسي الليبي المهتم بالشأن الاقتصادي، باللائمة في هذه الأزمة على الصديق الكبير، بقوله: «هذا الشخص الذي استجديناه لكي يدفع مرتبات الليبيين عن شهري يناير وفبراير قبل مارس، أبى واستكبر، ودفعها مجتمعة، بعدما تأكد أن السيولة في خزائن المصرف المركزي، وخزائن بقية المصارف، لا تكفي لتغطية مرتبات ثلاثة أشهر، والتي تبلغ نحو 6 مليارات دينار».
وأضاف بعيو أمس موضحاً أن «التضخم توحش، وتغول التجار، واشتعلت الأسعار، وقلَّت ساعات التجول بسبب الطوارئ، مع اقتراب شهر رمضان، والمواطنون يتكدسون ويتزاحمون أمام المصارف في ظل مخاوف من فيروس (كورونا)»، مناشداً السراج «الصمود على موقفه دون تراجع» في مواجهة ما سماه «إنهاء هذا الباطل المنكر، وهذا الشر المتمادي والمستفحل».
كما طالب بعيو السراج «بتحرير المصرف المركزي من قبضة (إخوان الشياطين)، وإعادته إلى وضعه الطبيعي القانوني، مؤسسة ضمن الدولة (...) لا عرشاً فوق الدولة، وسيكتب لك التاريخ هذا الموقف ويشهد لك به الليبيون».
وكان السراج قد حذر في الثالث من الشهر الجاري من «أوضاع خطيرة»، و«انهيار الاقتصاد الوطني»، إذا لم يتم توحيد المؤسسات المالية المنقسمة بالبلاد بسرعة، داعياً إدارة المصرف المركزي إلى اجتماع عاجل، عبر دوائر تلفزيونية مغلقة «لممارسة صلاحياته القانونية، وتولي مباشرة السلطات المتعلقة بتحقيق أهدافه وأغراضه، ووضع السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية وتنفيذها».
ويرى محللون أن اجتماع مجلس إدارة المصرف الذي يضم عدداً أكبر من الأعضاء الذين يميلون نحو الشرق بدل طرابلس: «يمكن أن يتيح لسلطات الشرق فرصة لمحاولة تحقيق هدفها القديم، المتمثل في استبدال الكبير».
وسبق لمجلس النواب في شرق ليبيا انتخاب محافظ جديد نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2017 بدلاً من الكبير، وفاز حينها المرشح محمد عبد السلام الشكري بغالبية الأصوات؛ لكن سلطات شرق ليبيا، وفي مقدمتها المجلس الأعلى للدولة الذي يغلب عليه الطابع الإخواني، قال إن «الصديق الكبير سيبقى في منصبه إلى حين البت في المناصب السيادية»، وأضاف رئيسه آنذاك عبد الرحمن السويحلي موضحاً أن بقاء الكبير في منصبه «سيكون حسب ما جاء في المادة 15 من الاتفاق السياسي»، رافضاً التصرفات الفردية من مجلس النواب الذي طالبه بالعمل «كمؤسسة تستمد شرعيتها من اتفاق (الصخيرات) فقط، وتلتزم بنصوصه، ولا شرعية لما يتناقض مع ذلك».
وبالتوازي مع هذه الحرب الجانبية بين السراج والكبير، سحب أعضاء مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي: علي سالم، وامراجع غيث سليمان، ومحمد أحمد المختار، وعبد الرحمن هابيل، دعوتهم إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس إدارة المصرف، الذي كان مقرراً انعقاده أمس، وقالوا في بيانهم إن «المجلس الرئاسي لم يحرك ساكناً بعد صدور الدعوة للاجتماع، ولم يصدر عنه ما يفيد ما التزم به من استعداد، واتضح أن الغرض الوحيد من الإلحاح لعقد الاجتماع استخدام هذه الدعوة كورقة ضغط لا غير».



اليابان: شراكتنا مع السعودية «بلا سقف» ومجلس أعلى مرتقب

السفير السعودي لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر (الشرق الأوسط)
السفير السعودي لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر (الشرق الأوسط)
TT

اليابان: شراكتنا مع السعودية «بلا سقف» ومجلس أعلى مرتقب

السفير السعودي لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر (الشرق الأوسط)
السفير السعودي لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر (الشرق الأوسط)

قال متحدث الخارجية اليابانية، توشيهيرو كيتامورا، إن السعودية دولة محورية في منطقة الشرق الأوسط، فالمملكة أهم دولة بالمنطقة وتعتبر امتداد الأمن القومي للطاقة لليابان، فيما تعد منطقة الشرق الأوسط برمتها في غاية الأهمية لليابان، من حيث موارد الطاقة والملاحة البحرية.

وأضاف توشيهيرو: «اليابان تقدر الدور السعودي الحيوي في ضمان إمدادات الطاقة، خاصة في ظل التوترات التي تنتظم العديد من مناطق العالم، بما في ذلك الأزمة الروسية الأوكرانية والتوترات الصينية التايوانية، وغيرهما من الأزمات التي انتظمت العالم».

وكشف كيتامورا عن مباحثات مستمرة مع الجانب السعودي، لترجمة فكرة التعاون بين البلدين في مجال الطاقة النظيفة والهيدروجين، مبينا استمرارية المناقشات بين الشركات اليابانية ونظيرتها السعودية، ومتطلعا إلى ترجمتها على أرض الواقع لترى النور قريبا.

وتابع: «شراكاتنا مع السعودية استراتيجية مستمرة في مختلف المجالات، خاصة في مشاريعها الكبرى الجديدة، حيث نساهم في تطوير مشروع القدية، إذ توجد شركات يابانية تعمل على إنشاء برامج ومدينة للألعاب بالقدية، فضلا عن أننا نستقبل الذكرى الـ 70 للعلاقات الثنائية، وقطعنا شوطا في شراكات جيدة في المجالات الثقافية والرياضية».

وزاد كيتامورا: «العام المقبل سنطلق معرض (إكسبو 2025 أوساكا)، وفي عام 2030 سينطلق نفس المعرض في الرياض، وبالتالي بالضرورة هناك تبادل معلومات وخبراء من السعودية للاستفادة من تجربة (إكسبو 2025 أوساكا) بنظيره في الرياض 2030، على ضوء تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية، وتبادل زيارات وخبراء كما قمنا بمشاركة شبيهة في عام 2017».

ولفت كيتامورا إلى أن هناك 4 اتفاقيات بين البلدين، أولاها تستهدف تعزيز الاستثمار وحمايته، والاتفاقيتان الثانية والثالثة تستهدفان الإعفاء من الازدواج الضريبي، بغية تطوير التعاون الاقتصادي، والاتفاقية الرابعة تهتم بزيادة الرحلات بين البلدين، مشيرا إلى دراسة تجري حاليا لتحديث وتقييم عدد الرحلات دوريا.

وأوضح متحدث الخارجية اليابانية أن التجارة بين البلدين في حالة ازدهار، مبينا أن قيمة التبادل التجاري بلغت 35 مليار دولار، فيما عزا وجود عجز في الميزان التجاري من قبل اليابان إلى غلبة الاستيراد التي تتمحور في استيراد البترول من السعودية بكميات كبيرة، بينما تستورد السعودية من اليابان ما يقدر بقيمة 4 مليارات دولار.

العلاقات السعودية اليابانية

وقال متحدث الخارجية اليابانية: «إن العلاقات الثنائية بين الرياض وطوكيو بدأت في عام 1955، حيث نشأت العلاقات مع السعودية منذ تاريخ طويل، فيما يستقبل البلدان العام المقبل الذكرى الـ 70 للعلاقات الرسمية بين البلدين».

وتابع: «عندما زار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز اليابان في عام 2017 وجدنا فرصة للاطّلاع على رؤية السعودية 2030، وتشاركنا في ذلك الأمر الذي يعزز التعاون بين البلدين من خلال الرؤية السعودية اليابانية المشتركة 2030، ولا تقتصر العلاقات الثنائية على مجال الطاقة فحسب، إذ لدينا علاقات طيبة في الاقتصاد والثقافة والرياضة، فضلا عن السياسة».

وأضاف: «عندما زار رئيس الوزراء الياباني السابق كشيدا جدة في شهر يوليو (تموز) عام 2023، وقتها تم توقيع اتفاق في الطاقة النظيفة والهيدروجين والأمونيا ضمن (مبادرة المنارة)، حيث نقوم حاليا بإعداد المشاريع في مجالات متعددة ذات صلة، وهناك تعاون واتفاقيات بمجالات الاقتصاد والطاقة، ولكننا نعمل على توسيع التعاون بمجالات أخرى كالثقافة والرياضة».

وزاد توشيهيرو: «مع أنني لم أزر السعودية بعد، ولكن علمت أن عددا كبيرا من الشباب السعودي مولع بأعمال الرسوم اليابانية المتحركة، التي طالما تمتعت بشعبية كبيرة في المملكة، بجانب اهتمام سعودي بالأكلات اليابانية الصحية».

وأضاف: «هناك مجال أيضا للاستفادة من استثمار الطاقة الشبابية السعودية في مجالات متصلة مشتركة، للتكامل مع الفكرة اليابانية في استثمار الطاقة والخبرة الكامنة في كبار السن في اليابان، في ظل قلة الإنجاب، من خلال الدفع بتقنية جادة تتكامل في مجال التكنولوجيا والطاقة الشبابية في المستقبل».