«إخوان ليبيا» يعلنون سحب وزرائهم من حكومة زيدان

حملوا تحالف جبريل مسؤولية دعمه

علي زيدان
علي زيدان
TT

«إخوان ليبيا» يعلنون سحب وزرائهم من حكومة زيدان

علي زيدان
علي زيدان

في تطور من شأنه تعميق الأزمة السياسية في ليبيا، قرر حزب العدالة والبناء، الذي يعد الذارع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، سحب وزرائه من الحكومة الانتقالية التي يترأسها علي زيدان.
وقال الحزب في بيان مفاجئ أصدره أمس، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه «يعلن سحب وزرائه من حكومة زيدان ويحمل الطرف الداعم للحكومة المسؤولية الكاملة»، في إشارة إلى تحالف القوى الوطنية الذي يقوده الدكتور محمود جبريل.
وأضاف البيان أن «الحزب يتابع باهتمام وقلق شديدين ما وصلت إليه الأوضاع في ليبيا في ظل غياب كامل لدور الحكومة في معالجة الأحداث الحالية في الجنوب وكثير من المدن الليبية، وفشلها في إنجاز أهم استحقاقات المرحلة»، وتابع: «كل هذا يعزز ثقتنا في أن الحكومة غير قادرة على الخروج بالبلاد إلى بر الأمان». لكن وزير في الحكومة نفى لـ«الشرق الأوسط» اعتزام زيدان تقديم استقالته بسبب انسحاب وزراء حزب الإخوان المسلمين، وقال إنهم «يعتقدون أن الانسحاب سيمثل مزيدا من الضغط السياسي على زيدان والحكومة، وهذا غير صحيح».
وأضاف الوزير، الذي طلب الحفاظ على سرية هويته، في اتصال هاتفي من العاصمة الليبية طرابلس: «بهذا القرار أعلن الإخوان الطلاق مع الحكومة بعدما أخفقوا في حشد النصاب القانوني اللازم داخل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) لحجب الثقة عن زيدان؛ ومن ثم الإطاحة به».
وتضم الحكومة، المكونة من 29 حقيبة وزارية، خمسة أعضاء من حزب (العدالة والبناء)، هم وزراء النفط والغاز عبد الباري العروسي، والاقتصاد مصطفى أبو فناس، والكهرباء علي إمحيريق، والإسكان والمرافق علي الشريف، والشباب والرياضة عبد السلام غويلة.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يهدد فيها الحزب بالانسحاب من حكومة زيدان، حيث استقال وزيرا الكهرباء والداخلية التابعين لحزب الإخوان من الحكومة، بسبب ما عدوه تدخلا منه في عملهما، وعرقلة جهودهما.
وتواجه الحكومة انتقادات على خلفية تعاملها مع ملفات الأمن وبناء مؤسستي الجيش والشرطة وأزمة إغلاق الموانئ النفطية.
وهدد الإخوان العام الماضي بالانسحاب من الحكومة احتجاجا على سياسات زيدان في الداخل، واجتماعه في القاهرة مع كبار المسؤولين المصريين، وخصوصا الفريق أول عبد الفتاح السيسي نائب رئيس الحكومة المصرية ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصري، والذي يتهمه الإخوان في مصر وليبيا بقيادة انقلاب عسكري على الشرعية، التي كان يمثلها الرئيس المعزول محمد مرسي.
من جهته وصف نزار كعوان، رئيس كتلة حزب الإخوان في المؤتمر الوطني، حكومة زيدان بـ«الفاشلة»، وقال في تصريحات بثتها وكالة أنباء شينخوا الصينية إن «الوزراء اجتهدوا في تقديم كل الجهود للمساهمة في بناء الدولة، لكن فشل رئيس الحكومة وعجزه في إدارة ملفي الأمن ودمج الثوار، يجعلنا عاجزين عن الاستمرار في حكومة فاشلة بامتياز». وتابع «أثبت زيدان تمسكه بالسلطة لغرض المنصب، وليس بغرض خدمة المواطن».
واستطرد قائلا: «صبرنا كثيرا، وحاولنا من باب المصلحة الوطنية المكافحة من أجل تقديم الأفضل للشعب الليبي، لكن يبدو أن هذا الرجل (زيدان) ليس بمقدوره قيادة مؤسسة صغيرة، فما بال قيادة دولة مثل ليبيا تحتاج لخبرة وحنكة سياسية واسعة لقيادتها والعبور بها إلى ضفة الأمان».
ويحاول الإخوان الذين يحوزون نحو 72 صوتا داخل المؤتمر الوطني تمرير مشروع قرار للتصويت على سحب الثقة من الحكومة، لكن الأعضاء فشلوا منذ نهاية العام الماضي في إدراجه في جدول أعمال المؤتمر حتى جلسة أول من أمس نظرا لصعوبة التوافق.
وتجاهل زيدان انسحاب الإخوان من حكومته، وأشاد بالجهود المبذولة من لجنة تأمين الانتخابات بوزارة الداخلية الليبية من أجل التوفيق في نجاح انتخابات الهيئة التأسيسية لمشروع صياغة الدستور الجديد للبلاد.
وعد زيدان، لدى حضوره أمس اجتماع اللجنة المركزية لتأمين انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور مع المندوبين الأمنيين بالمدن والمناطق الليبية، أن تأمين هذا الاستحقاق لكي يجري على أكمل وجه أمر غاية في الأهمية، لأن هذا الاستحقاق يتركز عليه مسار العملية الانتقالية ومسار عملية تأسيس الدولة الجديدة.
وقال «أتيت لأؤكد اهتمام الدولة وحرصها الشديد على أن يجرى هذا المسار وألا نتراجع مهما اعترى من موانع وبالإرادة تتحقق النتائج وترتقي الشعوب»، لافتا إلى أن مسار العملية الانتقالية يجرى في مرحلة تواجه فيها الدولة عملية إعادة بناء مؤسساتها ومحاولة تحقيق الخدمات الضرورية للمجتمع مع ترميم ما جرى من دمار خلال سنوات النظام السابق وسنوات الثورة الثلاث وكذلك محاولة استكمال الكثير من المشروعات المعطلة التي تحتاج إلى وقت.
من جهة أخرى، خرج نورى أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني عن صمته، وأعلن أن المؤتمر يتابع عن كثب الأوضاع في منطقة الجنوب والأحداث الأليمة التي وقعت في مدينة سبها بجنوب ليبيا. وقال أبو سهمين في جلسة عقدها المؤتمر أمس إن «مكتب الرئاسة وأعضاء المؤتمر واللجان كانوا في اجتماعات مستمرة وحتى الساعات الأولى من فجر أمس مع رئيس الأركان ومدير العمليات العسكرية ومدير الاستخبارات وعضو المؤتمر الموجود هناك في سبها».
ودعا أبو سهمين إلى الوحدة الوطنية لمواجهة مثل هذه الأحداث من أجل اتخاذ قرارات حاسمة في سبيل الوطن، مؤكدا أن ذلك يعد استحقاقا وطنيا والتزاما على الجميع في هذه المرحلة التي يجب أن يقدرها الكل ويكون فيها الهدف واحد وهو توفير الأمن والعيش الكريم للمواطن.
في غضون ذلك، قالت وكالة الأنباء المحلية، إن «الهدوء الحذر يسود مدينة الكفرة في الجنوب إثر اشتباكات مسلحة أهلية استمرت عدة ساعات استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وسط غياب واضح لعناصر الجيش الليبي».
ونفى علي بو رقيق رئيس لجنة المعلومات بالمجلس المحلي للكفرة سقوط قتلى أو جرحى خلال الاشتباكات التي أوضح أنها اندلعت على خلفية مقتل مواطن برصاص قناص، أثناء مروره بمنطقة وسط المدينة.
وكانت الحكومة الليبية قد نفت ما وصفته بالشائعات المتداولة حول دخول قوات أجنبية عبر الحدود الجنوبية الشرقية للبلاد، حيث أكدت في بيان لها خطأ هذه الأنباء «التي تروج لها بعض الفئات والعناصر التي تحاول بث الشائعات لغرض إثارة البلبلة والقلق بين المواطنين الأمنيين». وطمأنت الحكومة جميع المواطنين، بأن الأوضاع على الحدود عادية ولا توجد أي قوات دخلت للأراضي الليبية.



الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)

فيما تواصل الجماعة الحوثية تجاهل الدعوات الدولية المطالِبة بوقف ملاحقة موظفي المنظمات الدولية والإغاثية، كشفت مصادر قضائية عن استعداد الجماعة لإحالة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة والعاملين لدى منظمات إغاثية دولية ومحلية، إضافة إلى أفراد من بعثات دبلوماسية، إلى المحاكمة أمام محكمة متخصصة بقضايا «الإرهاب».

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان محامٍ يمني بارز، تولّى منذ سنوات الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقاله ووضعه في زنزانة انفرادية منذ 3 أشهر، وفق ما أفاد به أفراد من أسرته.

وقالت المصادر القضائية لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة بدأت فعلياً بمحاكمة 3 دفعات من المعتقلين، أُصدرت بحقهم حتى الآن أحكام إعدام بحق 17 شخصاً، في قضايا تتعلق باتهامات «التجسس» والتعاون مع أطراف خارجية. وأوضحت أن التحضيرات جارية لإحالة دفعة رابعة، تضم موظفين أمميين وعاملين في المجال الإنساني، إلى المحاكمة خلال الفترة المقبلة.

العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية مهددون بأوامر الإعدام الحوثية (إعلام محلي)

وبحسب المصادر نفسها، فإن الحوثيين نقلوا العشرات من المعلمين والنشطاء في محافظة إب إلى العاصمة صنعاء، في خطوة وُصفت بأنها تمهيد لمحاكمتهم، بعد أشهر من اعتقالهم. وأكدت أن جهاز مخابرات الشرطة، الذي يقوده علي الحوثي نجل مؤسس الجماعة، بدأ بنقل أكثر من 100 معتقل من إب إلى صنعاء، عقب فترات تحقيق مطوّلة داخل سجن المخابرات في المحافظة.

وأشارت إلى أن المعتقلين حُرموا من توكيل محامين للدفاع عنهم، كما مُنعت أسرهم من زيارتهم أو التواصل معهم، رغم مرور أكثر من 6 أشهر على اعتقال بعضهم، في مخالفة صريحة لأبسط ضمانات العدالة والإجراءات القانونية.

دور أمني إيراني

وفق ما أفادت به المصادر في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، فإن خبراء أمن إيرانيين تولّوا الإشراف على حملات الاعتقال الواسعة، التي انطلقت بذريعة منع الاحتفال بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962، التي أطاحت بحكم أسلاف الحوثيين في شمال اليمن. وانتهت تلك الحملات باعتقال العشرات بتهم «التجسس» لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.

وأضافت أن إحكام القبضة الإيرانية على ملف المخابرات لدى الحوثيين، جاء في إطار احتواء الصراعات بين الأجهزة الأمنية المتعددة التابعة للجماعة، إلى جانب الإشراف على خطط تأمين قياداتها السياسية والعسكرية.

غير أن هذا الترتيب، بحسب المصادر، أدى إلى إغلاق معظم قنوات الوساطة القبلية التي كانت تُستخدم سابقاً للإفراج عن بعض المعتقلين، مقابل دفع فِدى مالية كبيرة وتقديم ضمانات اجتماعية بحسن السيرة.

إضراب محامي المعتقلين

في سياق هذه التطورات القمعية الحوثية، أعلن المحامي اليمني المعروف عبد المجيد صبرة، الذي تولّى الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، إضراباً عاماً عن الطعام، احتجاجاً على استمرار احتجازه منذ نهاية سبتمبر الماضي. ونقل شقيقه وليد صبرة، في نداء استغاثة، أنه تلقى اتصالاً مقتضباً من شقيقه أبلغه فيه ببدء الإضراب، وبأن إدارة سجن المخابرات أعادته إلى الزنزانة الانفرادية.

دفاع صبرة عن المعتقلين أغضب الحوثيين فاعتقلوه (إعلام محلي)

وأوضح وليد صبرة أن سبب اعتقال شقيقه يعود إلى منشور على مواقع التواصل الاجتماعي احتفى فيه بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر، مؤكداً أن الأسرة لا تعلم شيئاً عن وضعه الصحي، وأن طلباتهم المتكررة لزيارته قوبلت بالرفض. وتساءل عن مصير الفريق القانوني الذي كلفته نقابة المحامين بمتابعة القضية، وما إذا كان قد تمكّن من معرفة مكان احتجازه أو الجهة المسؤولة عنه.

وأثار إعلان الإضراب موجة تضامن واسعة، حيث عبّر عشرات الكتّاب والنشطاء عن دعمهم للمحامي صبرة، مطالبين بالإفراج الفوري عنه، وضمان حقه في الزيارة والرعاية الطبية.

كما ناشدوا نقابة المحامين، واتحاد المحامين اليمنيين والعرب، ومنظمات حقوق الإنسان، التدخل العاجل لحماية حياته، باعتباره أحد أبرز المدافعين عن الحريات والحقوق، وعن الصحافة والصحافيين، وعن المعتقلين والمختفين قسرياً، والمحكوم عليهم بالإعدام في مناطق سيطرة الحوثيين.


العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على أن الاستقرار السياسي يُعد شرطاً أساسياً لنجاح أي إصلاحات اقتصادية، في ظل تداعيات قرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، مشيداً في الوقت ذاته بجهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظات شرق البلاد.

جاءت تصريحات العليمي، الأحد، خلال اتصال أجراه بمحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، للاطلاع على المستجدات الاقتصادية والنقدية، والتداعيات المحتملة لقرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، على خلفية الإجراءات الأحادية التي شهدتها المحافظات الشرقية في الأيام الماضية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن مصدر رئاسي أن العليمي استمع إلى إحاطة من محافظ البنك المركزي حول مستوى تنفيذ قرارات مجلس القيادة، وتوصياته الهادفة لمعالجة الاختلالات القائمة في عملية تحصيل الإيرادات العامة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي، إضافة إلى عرض للمؤشرات المالية والنقدية، والجهود المطلوبة لاحتواء تداعيات القرار الدولي على استقرار سعر الصرف، وتدفق الوقود والسلع، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف المصدر أن الاتصال تطرق إلى تقييم شامل للأوضاع الاقتصادية الراهنة، وما يفرضه تعليق أنشطة صندوق النقد من تحديات تتطلب تنسيقاً حكومياً عاجلاً للحفاظ على الاستقرار سواء المالي أو النقدي، وضمان استمرار التزامات الدولة تجاه المواطنين.

وكانت مصادر يمنية رسمية ذكرت أن صندوق النقد الدولي قد أعلن تعليق أنشطته في اليمن، عقب التوتر الأمني في حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أثار مخاوف من انعكاسات اقتصادية محتملة، في وقت تعتمد فيه الحكومة اليمنية على الدعم الخارجي والمؤسسات الدولية في تنفيذ برامج الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية.

إشادة بمساعي التهدئة

أفاد المصدر الرئاسي اليمني - حسب ما نقلته وكالة «سبأ» بأن العليمي أشاد بالمساعي التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات، لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة، مثمناً دعم الرياض للموازنة العامة، وتعزيز صمود مؤسسات الدولة، واستمرار الوفاء بالالتزامات الحتمية تجاه المواطنين.

جنود تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن يحرسون مدخل القصر الرئاسي (رويترز)

وأشار المصدر إلى أن العليمي عدّ إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن بمثابة «جرس إنذار»، يؤكد ارتباط الاستقرار الاقتصادي بالاستقرار السياسي، ويبرز أهمية توحيد الجهود لتفادي انعكاسات سلبية على الوضعين المالي والمعيشي.

كما جدّد رئيس مجلس القيادة التأكيد على أن الانسحاب الفوري للقوات الوافدة كافة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة يُمثل الخيار الوحيد لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، واستعادة مسار النمو والتعافي، وتعزيز الثقة مع مجتمع المانحين والمؤسسات الدولية.

توحيد الجهود

يأتي اتصال العليمي بمحافظ البنك المركزي عقب لقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُّبيدي (رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي) في العاصمة المؤقتة عدن بقيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، برئاسة اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي.

وكان اللقاء ناقش - حسب الإعلام الرسمي اليمني - سُبل توحيد الجهود في مواجهة المخاطر التي تهدد أمن المنطقة والإقليم، وتمس المصالح الدولية، وتهدد حرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، والتنسيق مع الشركاء الدوليين لوقف تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية.

اجتماع وفد عسكري سعودي إماراتي في عدن مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)

وأكد الزُّبيدي خلال اللقاء عمق ومتانة العلاقات الأخوية مع دول التحالف، مثمناً الدور الذي تقوم به في دعم القوات المسلحة، ومواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وعقب هذا اللقاء كانت القيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي عقدت اجتماعها الدوري برئاسة الزبيدي، واستعرضت نتائج اللقاء مع قيادة القوات المشتركة للتحالف، وما خرج به من تفاهمات لتعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، وتأمين خطوط الملاحة وحماية الأمن البحري، إضافة إلى الأوضاع في وادي حضرموت والمهرة، والجهود المبذولة لتطبيع الأوضاع، وحفظ السكينة العامة.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.