إغراءات وضغوط على سوريا لتقليص نفوذ إيران وتركيا

حملة في ريف إدلب شمال غربي سوريا لتوعية النازحين بمخاطر فيروس {كورونا} أمس (أ.ف.ب)
حملة في ريف إدلب شمال غربي سوريا لتوعية النازحين بمخاطر فيروس {كورونا} أمس (أ.ف.ب)
TT

إغراءات وضغوط على سوريا لتقليص نفوذ إيران وتركيا

حملة في ريف إدلب شمال غربي سوريا لتوعية النازحين بمخاطر فيروس {كورونا} أمس (أ.ف.ب)
حملة في ريف إدلب شمال غربي سوريا لتوعية النازحين بمخاطر فيروس {كورونا} أمس (أ.ف.ب)

وضع وباء «كورونا» ملف العقوبات الاقتصادية والتطبيع السياسي مع دمشق، على مائدة اللاعبين الإقليميين والدوليين. وباتت سوريا تسبح بين ضفتين: الأولى، هبوب رياح تقارب سياسي من البوابة الإنسانية. الأخرى، استمرار الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية. قد تختلف أهداف الطرفين من الضغوط أو الإغراءات، لكنها تتفق إلى حد كبير في أولوية مطالبة دمشق بالابتعاد عن طهران وتقديم تنازلات سياسية داخلية.
في الضفة الأولى، اتخذت دول عربية وغربية من القلق العارم بسبب تفشي الوباء في سوريا المنكوبة، سبباً للإقدام على خطوات غير مسبوقة. إذ قام مسؤولون عرب، خصوصاً رؤساء أجهزة أمن، ودبلوماسيون غربيون سابقون على صلة بعواصم القرار، بتكثيف التواصل مع دمشق، خصوصاً مع تردي الوضعين الاقتصادي والطبي بطريقة غير مسبوقة.
وجرى اتصال هاتفي بين ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس السوري بشار الأسد، هو الأول من نوعه منذ 2011. وقال الشيخ محمد بن زايد في تغريدة على «تويتر»: «بحثت هاتفياً مع الرئيس السوري بشار الأسد تداعيات انتشار فيروس كورونا، وأكدت له دعم دولة الإمارات ومساعدتها للشعب السوري الشقيق في هذه الظروف الاستثنائية». وأضاف «التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار، وسوريا العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة».
وكانت الإمارات فتحت سفارتها في دمشق عام 2018، بعد سبع سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. كما أن دولاً عربياً أخرى أعادت تنشيط التواصل الدبلوماسي وتبادل الزيارات الأمنية. وطرحت أفكاراً بتقديم مساعدات إنسانية وطبية إلى دمشق ضمن الحرب على «كورونا».
في موازاة ذلك، تواصلت شخصيات غربية مع دمشق لمتابعة مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، بضرورة الإفراج عن الصحافي الأميركي جوتسن تايس المختفي في سوريا منذ 2012. وكرر وزير الخارجية مايك بومبيو طلب ترمب الثلاثاء الماضي. وجرى تبادل مقترحات عبر أقنية مغلقة إزاء الثمن الممكن تقديمه مقابل إطلاق تايس، كان بينها إقدام واشنطن على منح استثناءات لبعض العقوبات، خصوصاً المتعلقة بالحرب على «كورونا».
في الضفة الأخرى، تتمسك دول رئيسية بحملة الضغوط على دمشق. وتشمل استمرار الوجود العسكري الأميركي في شرق الفرات وقاعدة التنف وقيام إسرائيل بشن غارات على «مواقع إيرانية»، إضافة إلى تعزيز تركيا لمواقعها العسكرية في شمال غربي البلاد. ولا تبدي هذه الدول رغبة في تغيير موقفها من العقوبات الاقتصادية؛ ذلك أن «قانون قيصر» سيتم تطبيقه في منتصف يونيو (حزيران). كما قامت دول غربية بالتواصل مع دول عربية للحيلولة دون تعزيز التطبيع الجماعي في القمة العربية المقررة في يونيو ولا التقارب الثنائي الذي تقوم به دول عربية.
كان لافتاً أن اليومين الماضيين، تضمنا جرعة إضافية من الضغوط؛ إذ اتهم محققون دوليون في تقرير، قدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الحكومة السورية بتعمد استهداف مستشفيات ومنشآت طبية وتعليمية في شمال غربي سوريا العام الماضي. كما وجهت «منظمة حظر السلاح الكيماوي» اتهاماً مباشراً للحكومة بمسؤوليتها عن هجمات بالسارين في خان شيخون ودوما بغوطة دمشق في 2017 و2018.
وأتبعت واشنطن ذلك بمواقف علنية تتضمن عدم تغيير الموقف السياسي بسبب «كورونا»؛ إذ قالت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة كيلي كرافت، إن قوات موسكو ودمشق وطهران «دمرت المستشفيات والمنشآت الطبية، ولم تكن هذه الهجمات غير إنسانية فحسب، بل نرى الآن أنها أضعفت قدرة سوريا على مكافحة فيروس كورونا؛ مما يعرّض المنطقة للخطر». كما أن بومبيو، اتخذ من «كورونا» مدخلاً للمطالبة بـالإفراج عن جميع السوريين المحتجزين تعسفاً والمواطنين الأميركيين. وقال المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري «أؤكد للشعب السوري أن العقوبات الأميركية لا تؤثر بأي شكل من الأشكال على دخول المواد الغذائية أو المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الأدوية والإمدادات الطبية، إلى سوريا. إننا، ومنذ تطبيق عقوباتنا، قدمنا استثناءات للمساعدات الإنسانية في جميع مناطق سوريا. في الواقع، هناك برامج أميركية تعمل مع المنظمات غير الحكومية لتوصيل الأدوية والمواد الغذائية إلى جميع أنحاء سوريا تقريباً، بما في ذلك المناطق التي يسيطر عليها النظام»، لافتاً إلى أن بلاده قدمت منذ 2011 أكثر من 10.6 مليار دولار في سوريا والمنطقة بينها 16.8 مليون لمحاربة الوباء.
أما الاجتماعات المغلقة التي جرت عبر الفيديو في الأيام الأخيرة، فأظهرت وجود رأيين: ترى بعض الدول ضرورة التزام السياسة القائمة بممارسة الضغوط على دمشق وفرض عقوبات اقتصادية؛ ذلك أن العقوبات الموجودة لا تشمل المعدات الطبية والغذاء والمساعدات الإنسانية، في حين ترى دول أخرى بضرورة تقديم «استثناءات» ومرونة جوهرية كي تكون دمشق قادرة على محاربة «كورونا».
في كلا الحالين، فإن مؤيدي التقارب لإنقاذ سوريا من أزمتها الاقتصادية في 2020 كما انتشلتها روسيا من الانهيار العسكري في 2015 والمدافعين عن حملة الضغوط، يرون تعاظماً لفرصة انتزاع تنازلات جيوسياسية من دمشق تخص تقليص النفوذ الإيراني أو التوغل التركي أو التركيبة السياسية الداخلية... تحت وطأة انتشار «كورونا».



اليابان: شراكتنا مع السعودية «بلا سقف» ومجلس أعلى مرتقب

السفير السعودي لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر (الشرق الأوسط)
السفير السعودي لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر (الشرق الأوسط)
TT

اليابان: شراكتنا مع السعودية «بلا سقف» ومجلس أعلى مرتقب

السفير السعودي لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر (الشرق الأوسط)
السفير السعودي لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر (الشرق الأوسط)

قال متحدث الخارجية اليابانية، توشيهيرو كيتامورا، إن السعودية دولة محورية في منطقة الشرق الأوسط، فالمملكة أهم دولة بالمنطقة وتعتبر امتداد الأمن القومي للطاقة لليابان، فيما تعد منطقة الشرق الأوسط برمتها في غاية الأهمية لليابان، من حيث موارد الطاقة والملاحة البحرية.

وأضاف توشيهيرو: «اليابان تقدر الدور السعودي الحيوي في ضمان إمدادات الطاقة، خاصة في ظل التوترات التي تنتظم العديد من مناطق العالم، بما في ذلك الأزمة الروسية الأوكرانية والتوترات الصينية التايوانية، وغيرهما من الأزمات التي انتظمت العالم».

وكشف كيتامورا عن مباحثات مستمرة مع الجانب السعودي، لترجمة فكرة التعاون بين البلدين في مجال الطاقة النظيفة والهيدروجين، مبينا استمرارية المناقشات بين الشركات اليابانية ونظيرتها السعودية، ومتطلعا إلى ترجمتها على أرض الواقع لترى النور قريبا.

وتابع: «شراكاتنا مع السعودية استراتيجية مستمرة في مختلف المجالات، خاصة في مشاريعها الكبرى الجديدة، حيث نساهم في تطوير مشروع القدية، إذ توجد شركات يابانية تعمل على إنشاء برامج ومدينة للألعاب بالقدية، فضلا عن أننا نستقبل الذكرى الـ 70 للعلاقات الثنائية، وقطعنا شوطا في شراكات جيدة في المجالات الثقافية والرياضية».

وزاد كيتامورا: «العام المقبل سنطلق معرض (إكسبو 2025 أوساكا)، وفي عام 2030 سينطلق نفس المعرض في الرياض، وبالتالي بالضرورة هناك تبادل معلومات وخبراء من السعودية للاستفادة من تجربة (إكسبو 2025 أوساكا) بنظيره في الرياض 2030، على ضوء تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية، وتبادل زيارات وخبراء كما قمنا بمشاركة شبيهة في عام 2017».

ولفت كيتامورا إلى أن هناك 4 اتفاقيات بين البلدين، أولاها تستهدف تعزيز الاستثمار وحمايته، والاتفاقيتان الثانية والثالثة تستهدفان الإعفاء من الازدواج الضريبي، بغية تطوير التعاون الاقتصادي، والاتفاقية الرابعة تهتم بزيادة الرحلات بين البلدين، مشيرا إلى دراسة تجري حاليا لتحديث وتقييم عدد الرحلات دوريا.

وأوضح متحدث الخارجية اليابانية أن التجارة بين البلدين في حالة ازدهار، مبينا أن قيمة التبادل التجاري بلغت 35 مليار دولار، فيما عزا وجود عجز في الميزان التجاري من قبل اليابان إلى غلبة الاستيراد التي تتمحور في استيراد البترول من السعودية بكميات كبيرة، بينما تستورد السعودية من اليابان ما يقدر بقيمة 4 مليارات دولار.

العلاقات السعودية اليابانية

وقال متحدث الخارجية اليابانية: «إن العلاقات الثنائية بين الرياض وطوكيو بدأت في عام 1955، حيث نشأت العلاقات مع السعودية منذ تاريخ طويل، فيما يستقبل البلدان العام المقبل الذكرى الـ 70 للعلاقات الرسمية بين البلدين».

وتابع: «عندما زار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز اليابان في عام 2017 وجدنا فرصة للاطّلاع على رؤية السعودية 2030، وتشاركنا في ذلك الأمر الذي يعزز التعاون بين البلدين من خلال الرؤية السعودية اليابانية المشتركة 2030، ولا تقتصر العلاقات الثنائية على مجال الطاقة فحسب، إذ لدينا علاقات طيبة في الاقتصاد والثقافة والرياضة، فضلا عن السياسة».

وأضاف: «عندما زار رئيس الوزراء الياباني السابق كشيدا جدة في شهر يوليو (تموز) عام 2023، وقتها تم توقيع اتفاق في الطاقة النظيفة والهيدروجين والأمونيا ضمن (مبادرة المنارة)، حيث نقوم حاليا بإعداد المشاريع في مجالات متعددة ذات صلة، وهناك تعاون واتفاقيات بمجالات الاقتصاد والطاقة، ولكننا نعمل على توسيع التعاون بمجالات أخرى كالثقافة والرياضة».

وزاد توشيهيرو: «مع أنني لم أزر السعودية بعد، ولكن علمت أن عددا كبيرا من الشباب السعودي مولع بأعمال الرسوم اليابانية المتحركة، التي طالما تمتعت بشعبية كبيرة في المملكة، بجانب اهتمام سعودي بالأكلات اليابانية الصحية».

وأضاف: «هناك مجال أيضا للاستفادة من استثمار الطاقة الشبابية السعودية في مجالات متصلة مشتركة، للتكامل مع الفكرة اليابانية في استثمار الطاقة والخبرة الكامنة في كبار السن في اليابان، في ظل قلة الإنجاب، من خلال الدفع بتقنية جادة تتكامل في مجال التكنولوجيا والطاقة الشبابية في المستقبل».