«منظمة حظر الكيماوي» تتهم دمشق باستعمال السلاح المحرَّم قبل 3 سنوات

TT

«منظمة حظر الكيماوي» تتهم دمشق باستعمال السلاح المحرَّم قبل 3 سنوات

حمّلت «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية»، أمس، للمرة الأولى القوات الحكومية السورية مسؤولية اعتداءات بالأسلحة الكيماوية استهدفت بلدة اللطامنة في محافظة حماة وسط البلاد في عام 2017.
وقال منسق فريق التحقيق التابع للمنظمة، سانتياغو أوناتي لابوردي، في بيان، إن فريقه «خلص إلى وجود أسس معقولة للاعتقاد بأن مستخدمي (السَّارِين) سلاحاً كيماوياً في اللطامنة في 24 و30 مارس (آذار) 2017 والكلور (...) في 25 مارس 2017، هم أشخاص ينتمون إلى القوات الجوية العربية السورية».
يذكر أن الفريق يتولى مسؤولية تحديد الجناة وراء استخدام أسلحة كيماوية في سوريا، بموجب تفويض صدر قبل سنتين، حيث أقرت لجنة تقصي حقائق تتبع «منظمة الحظر» بأن أسلحة كيماوية جرى استخدامها، أو من المحتمل أنه جرى استخدامها، في سوريا.
ويتضمن التقرير الأول للفريق حدود السلطة الموكلة له والتحديات القانونية والعملية التي واجهت عمله ونتائج التحقيقات التي جرت خلال الفترة بين يونيو (حزيران) 2019 ومارس 2020، مع التركيز على حوادث وقعت في اللطامنة في ريف حماة، خلال أيام 24 و15 و30 مارس 2017. وقال بيان صدر أمس: «تضمن التحقيق الذي أجراه فريق التحقيق والتحديد، مراجعة شاملة لجميع المعلومات التي جرى الحصول عليها؛ بما في ذلك: مقابلات مع أشخاص كانوا حاضرين في المناطق المعنية وقت وقوع الحوادث، وتحليل عينات وبقايا جرى تجميعها من مواقع الحوادث، ومراجعة الأعراض التي ذكرها الضحايا وفرق العمل الطبية، وفحص الصور، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية، ونتائج مشاورات مكثفة مع عدد من الخبراء. واعتمد التحقيق على التقارير المعنية الصادرة عن مهمة تقصي الحقائق، وكذلك عينات ومواد أخرى جرى الحصول عليها مباشرة من الأمانة العامة الفنية داخل سوريا».
وبموجب البيان؛ خلص التقرير إلى النتائج التالية:
> في نحو الساعة 06:00 من 24 مارس 2017؛ أسقطت طائرة عسكرية طراز «سو22» تنتمي إلى «السرية 50» من «الفرقة الجوية 22» من القوات الجوية السورية، كانت انطلقت من قاعدة الشعيرات الجوية، قنبلة جوية طراز «إم4000» تحوي غاز السَّارِين على جنوب اللطامنة، ما أضر بـ16 شخصاً على الأقل.
> في نحو الساعة 15.00 من 25 مارس 2017؛ أسقطت طائرة مروحية تابعة للقوات الجوية السورية، كانت انطلقت من قاعدة حماة الجوية، أسطوانة على مستشفى في اللطامنة، واخترقت الأسطوانة سقف المستشفى وانفجرت لتطلق غاز الكلورين، ما أضر بـ30 شخصاً على الأقل.
> في نحو الساعة 06:00 من 30 مارس 2017؛ أسقطت طائرة حربية من طراز «سو22» تنتمي إلى «السرية 50» التابعة لـ«الفرقة الجوية 22» من القوات الجوية السورية، كانت انطلقت من قاعدة الشعيرات الجوية، قنبلة جوية طراز «إم4000» تحوي غاز السَّارِين على جنوب اللطامنة، ما أضر بـ60 شخصاً على الأقل.
وفي بيان مسجل موجه إلى الدول الأعضاء، شدد المدير العام لـ«منظمة حظر الأسلحة الكيماوية»، فيرناندو أرياس، على أن «فريق التحقيق والتحديد ليس كياناً قضائياً ولا شبه قضائي يملك سلطة تحميل الأفراد مسؤوليات جنائية، ولا يملك فريق التحقيق والتحديد سلطة إطلاق نتائج نهائية حول عدم الالتزام بالمعاهدة. اليوم، يعود الأمر إلى المجلس التنفيذي ومؤتمر الدول الأعضاء في معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية والأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) والمجتمع الدولي ككل، في اتخاذ أي إجراءات أخرى يرونها مناسبة وضرورية».
من ناحيته، أعلن منسق فريق التحقيق والتحديد، سانتياغو أوناتي لابوردي: «خلص فريق التحقيق والتحديد إلى أن ثمة أساساً منطقياً يدعو للاعتقاد بأن مرتكبي استخدام السَّارِين سلاحاً كيماوياً في اللطامنة في 24 و30 مارس 2017، واستخدام الكلورين سلاحاً كيماوياً في 25 مارس 2017، كانوا أفراداً ينتمون إلى القوات الجوية العربية السورية. ولا يمكن لهجمات بمثل هذه الطبيعة الاستراتيجية أن تَحدُث إلا بناءً على أوامر من أعلى السلطات في صفوف القيادة العسكرية بالجمهورية العربية السورية. وحتى لو جرى تخويل سلطات لمستويات أدنى، فإن المسؤولية لا يمكن لها ذلك. في النهاية، لم يتمكن فريق التحقيق والتحديد من إقرار أي تفسير آخر منطقي».
يذكر أن التقرير الأول لفريق التحقيق والتحديد التابع لـ«منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» جرى التشارك فيه مع جميع الدول الأعضاء في «معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية» والأمين العام للأمم المتحدة.
كانت الأمانة الفنية لـ«منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» قد شكلت فريق التحقيق والتحديد حسب القرار الصادر عن مؤتمر الدول الأعضاء بعنوان: «تناول التهديد الناجم عن استخدام أسلحة كيماوية (سي - إس إس - 4 - دي إي سي.3) بتاريخ 27 يونيو 2018.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.