أوقع فيروس «كورونا» المستجد ما لا يقل عن 70 ألف وفاة في العالم، نحو 75 في المائة منها في أوروبا، وفق تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية نشرته ظهر أمس، وقالت إنه يستند إلى مصادر رسمية. وأوضحت الوكالة أن القارة الأكثر تضرراً من الوباء هي أوروبا، مع 50215 وفاة، بينها 15877 في إيطاليا، و13055 في إسبانيا، و8078 في فرنسا، و4934 في بريطانيا.
وبلغ عدد الإصابات المعلنة رسمياً في العالم 1.28 مليون شخص، أكثر من نصفها في أوروبا (676462 إصابة)، و353159 في الولايات المتحدة وكندا (9955 مجموع الوفيات في البلدين)، و119955 في آسيا (4239 وفاة).
ويعرف الاتحاد الأوروبي الذي يشكّل حتى الآن عين «عاصفة كورونا» أن هذه الأزمة وضعته أمام امتحان مصيري قد يؤدي به إلى الانهيار الذي يلوّح به كثيرون عند كل أزمة، أو يكون فرصة لنهوضه من ركام العثرات المتتالية. ومنذ أيام، تتعاقب تحذيرات القادة والمسؤولين والمحلّلين الأوروبيين من أن الإخفاق الآن في تنسيق الاستجابة المشتركة لمواجهة هذه الأزمة التي وضعت معظم الأنظمة الصحيّة على شفا الانهيار، وتدفع بلدان الاتحاد نحو ركود اقتصادي لا يُعرف عنه سوى أنه سيكون أعمق من كل ما شهدته في الماضي، قد يوجّه ضربة قاصمة للاتحاد الأوروبي في صراعه للبقاء. وستكون هذه المسؤولية التاريخية الثقيلة، اليوم (الثلاثاء)، البند الوحيد على جدول أعمال المجلس الأوروبي لوزراء المال والاقتصاد، المكلّف بإعداد الاقتراح النهائي لخطة الإنقاذ التي فشلت القمة الأوروبية الأخيرة في الاتفاق حولها، والتي يفترض أن تبتّ فيها القمة المقبلة المقررة أواخر هذا الأسبوع. لكن المعلومات المتوافرة حتى الآن لا تحمل على التفاؤل بالاقتراب من الاتفاق، وتنذر بإعادة فتح الجروح التي أحدثتها أزمة عام 2008 بين دول الشمال والجنوب، والتي لم تندمل كلياً بعد. وتفيد مصادر دبلوماسية مطّلعة بأنه ما لم يحصل اختراق في الساعات الأخيرة، فقد تتأجل القمّة إلى الأسبوع المقبل، خشية فشلها للمرة الثالثة في توحيد الموقف أمام أخطر أزمة تواجه الاتحاد منذ تأسيسه.
وكانت الأيام الأخيرة الماضية قد شهدت بعض الليونة في الموقف الألماني الوازن في هذا الملفّ، كما في كل الملفّات المالية، وتراجعاً من طرف هولندا عن التشدّد الذي أبدته في القمة الأخيرة، وتسبب في انتقادات شديدة، حتى من بعض أطراف التحالف الهولندي الحاكم. لكن هذا التبدّل في الموقفين، الألماني والهولندي، الذي اقتصر حتى الآن على تخفيف شروط الاقتراض من «آلية الاستقرار»، ما زال بعيداً عن المطالب التي يصرّ عليها بلدان المحور الجنوبي، الذي تتزعمه إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، التي ترفض أي شرط غير إنفاق القروض على أزمة «كوفيد-19»، وتشدّد على اقتراحها بتأسيس صندوق بقيمة ألف مليار يورو، وتمويله جزئياً بإصدار «سندات كورونا» التي ما زالت تواجه الرفض من ألمانيا وهولندا والنمسا.
وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد اقترحت حلاً وسطاً بين ما تطالب به إيطاليا وإسبانيا، وما تقترحه ألمانيا وهولندا، وهو إصدار سندات بفائدة منخفضة جداً لفترة سداد تمتدّ إلى 20 عاماً، تضاف إلى صندوق الإغاثة الذي تأسس في أعقاب أزمة 2008، والمساعدة التي أقرّها المصرف المركزي الأوروبي لبلوغ الألف مليار.
الجبهة المتوسطية، التي اتسّعت في الأيام الأخيرة حتى أصبحت تضمّ 14 عضواً، لا تتوقّع أن يخرج المجلس الأوروبي اليوم باتفاق نهائي حول حزمة المساعدات، لكن هدفها في هذه المرحلة هو أن يصل الاقتراح إلى مائدة القمّة، حيث تقول المصادر إن إيطاليا وإسبانيا وفرنسا على استعداد لممارسة الفيتو على أي اقتراح لاتفاق نهائي لا يتضمّن إصدار «سندات كورونا». ومن اللافت أن بين الدول الأعضاء التي انضمّت أخيراً إلى «الجبهة المتوسطية»، سلوفاكيا ودول البلطيق الثلاث التي تتحرّك عادة تحت العباءة الألمانية، خاصة في توجيه البوصلة المالية للاتحاد. ويقول مراقبون إن ما دفع هذه الدول للانضمام إلى جبهة الجنوب هو التقديرات الكارثيّة التي عرضتها رئيسة المصرف المركزي، كريستين لاغارد، في القمة الأخيرة، بأن الأزمة إذا استمرّت حتى الخريف، ستدفع منطقة اليورو إلى ركود بنسبة تتجاوز 10 في المائة.
وفي الدوائر الدبلوماسية الأوروبية ثمّة من بدأ يتحدّث عن «سيناريو انفصالي» داخل الاتحاد، في حال أصرّت كتلة الشمال على موقفها، بأن يقتصر إصدار السندات على الدول الأربع عشرة، من غير مشاركة الدول المعترضة. لكن يعد مراقبون أن طرح مثل هذا السيناريو الذي قد يشكّل ضربة قاضية للمشروع الأوروبي، أو في الأقل لمنطقة اليورو، ليس سوى سلاح تفاوضي لدفع ألمانيا إلى التراجع عن موقفها. ويقول رئيس الوزراء الإيطالي، جيوزيبّي كونتي، إن الاتحاد الأوروبي ذاهب إلى الانهيار من غير سندات كورونا الكفيلة وحدها بتوفير المال اللازم للنهوض من الأزمة. ونظيره الإسباني بيدرو سانتشيز يؤكد أن الفشل الآن سيكون بداية نهاية الاتحاد. وأحزاب عدة مشاركة في التحالفين الحاكمين في ألمانيا وهولندا تطالب برلين ولاهاي بالتراجع عن موقفهما الرافض للسندات، فيما يعد آخرون أن القبول بها هو بمثابة الانتحار السياسي للمستشارة الألمانية ورئيس الحكومة الهولندية.
وتواجه المفوضيّة الأوروبية صعوبة متزايدة في الوقوف على مسافة واحدة من الطرفين، والكل يدرك أن المناخ السياسي في أوروبا تغيّر كثيراً منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الذي لم تعد توجد دولة واحدة بين أعضائه خالية من الأحزاب المناهضة للمشروع الأوروبي، وأن انتكاسة أخرى في هذه المرحلة قد تفتح شهيّة دول أخرى للاتجاه نحو بوابة الخروج، مثل إيطاليا أو هولندا، وإن لأسباب مختلفة.
وفي باريس، ذكرت وكالة «رويترز» أن الحكومة الفرنسية حذرت، أمس، من أن فرنسا ستشهد خلال 2020 أسوأ ركود اقتصادي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية نتيجة فيروس كورونا المستجد. وصرح وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، أمام لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس الشيوخ: «يمكنني تشبيه الأمر بالكساد الكبير لعام 1929، لأنني لا أرى أي صدمات اقتصادية أخرى مماثلة في الماضي القريب».
وفي لندن، قالت هيئة الصحة الوطنية إن عدد حالات الوفاة في المستشفيات في إنجلترا بسبب فيروس «كورونا» قد ارتفع 403 حالات إلى 4897 حالة. وقالت الهيئة إن 15 من حالات الوفاة الجديدة لم تكن تعاني من أي أمراض أخرى.
«كورونا» يحصد 70 ألف ضحية عالمياً... 75 % منها في أوروبا
فشل الاتفاق على «خطة إنقاذ» تاريخية اليوم قد يدفع إلى إرجاء قمة الاتحاد
«كورونا» يحصد 70 ألف ضحية عالمياً... 75 % منها في أوروبا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة