اغتيال ناشطة يعيد الناصرية إلى واجهة أحداث العراق

أعداد كبيرة من المعتصمين باقية في ساحة الحبوبي رغم الحظر

اغتيال ناشطة يعيد الناصرية إلى واجهة أحداث العراق
TT

اغتيال ناشطة يعيد الناصرية إلى واجهة أحداث العراق

اغتيال ناشطة يعيد الناصرية إلى واجهة أحداث العراق

عادت مدينة الناصرية؛ مركز محافظة ذي قار الجنوبية، إلى واجهة الأحداث العراقية بعد قيام مسلحين مجهولين، فجر أمس، باغتيال الناشطة أنوار جاسم مهوّس؛ المعروفة بـ«أم عباس»، أمام منزلها في شارع «الإخلاص» وسط المدينة، وإصابة اثنين من أبنائها بجروح خطيرة.
وعشية الاغتيال؛ وقعت مواجهات خطيرة بين متظاهرين وقوات الأمن في تقاطع «البهو» القريب من ساحة الحبوبي تسببت في مقتل متظاهر ورجل أمن، وإصابة ما لا يقل عن 18 شخصاً.
ورغم الحظر الذي فرضته السلطات الحكومية في عموم البلاد لمواجهة فيروس «كورونا» والحد من انتشاره، فإن ناشطين يؤكدون استمرار الحراك الاحتجاجي في الناصرية وبأعداد كبيرة في ساحة الحبوبي ومقترباتها في تحدٍّ واضح لقرار السلطات.
وقام ناشطون ظهر أمس، بتشييع جثمان الناشطة «أم عباس» وسط ساحة الحبوبي وشوارع المدينة. وذكر الناشط رعد الغزي لـ«الشرق الأوسط»، أن «(أم عباس) انخرطت في الحراك الاحتجاجي منذ الأيام الأولى لانطلاقه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ونشطت مؤخراً في حثّ الناس على كسر الحظر الصحي الذي تفرضه السلطات نتيجة حالة الفقر التي تعانيها المدينة وعدم تحرك السلطات في إيجاد حلول لمشكلات العوز التي تعاني منها الناس». ويضيف الغزي أن «محاولات كسر الحظر الصحي والدعوات التي صدرت من قبل ناشطين أربكت أوضاع المدينة وتسببت في صدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن، مع أن غالبية الجماعات الفاعلة في الحراك لا تؤيد كسر الحظر».
ويعتقد الغزي أنه «كان يمكن التوصل إلى صيغة للتفاهم بين هذه الأطراف حول الحظر، لكن عصابات السلطة أرادت خلط الأوراق وإثارة المشكلة، وأعتقد أن اغتيال الناشطة (أم عباس) يصب في هذا المسعى؛ مسعى إثارة المشكلات بين المتظاهرين وتأزيم الأوضاع الهادئة نسبياً مع القوات الأمنية، تمهيداً لإزالة خيام المعتصمين في ساحة الحبوبي».
ويؤكد الغزي أنه «خلافاً للهدوء الذي يعمّ الساحات في بقية المحافظات نتيجة حظر التجوال وتعليق النشاطات الاحتجاجية، لم تتوقف تلك النشاطات في ساحة الحبوبي وسط الناصرية وتكتظ يومياً بمئات وربما آلاف المتظاهرين».
وفي حين تجددت بعض الاشتباكات عصر أمس، بين متظاهرين غاضبين وقوات الأمن على خلفية مقتل الناشطة «أم عباس»، هاجم رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، أمس، من وصفهم بـ«أشباه الرجال» عقب حادث اغتيال «أم عباس». وكتب علاوي تغريدة عبر «تويتر» قال فيها: «أشباه الرجال وعبيد الأجندات في ‎الناصرية يواصلون مهمتهم القذرة بالتعرض للأشراف الوطنيين، وهذه المرة عبر اغتيال الناشطة المدنية أنوار جاسم مهوّس». وأضاف أن «الصمت على ما يجري يعني الموافقة على مواصلة تلك الجرائم، وإن ارتضت الحكومة الصمت، فلا يليق الصمت بأبناء ذي قار وتاريخهم المشرف».
وكان ناشطون في ساحة الحبوبي، أصدروا، أول من أمس، بياناً أدانوا فيه محاولات كسر الحظر وطالبوا بالكشف عن المتورطين في حادث مقتل أحد المتظاهرين، وقال بيان الناشطين: «بالنظر للظروف الراهنة والصعبة التي يمر بها بلدنا العزيز، ونظراً للتحديات التي تمر بها ثورتنا، ندين، نحن المعتصمين في ساحة الحبوبي، ونستنكر، ما حدث يوم (أول من) أمس من محاولات لكسر الحظر الوقائي وما زلنا ملتزمين لتوصيات المرجعية الرشيدة وتعليمات خلية الأزمة». وأضاف: «نطالب بالكشف عن الملابسات وحالات القتل التي حدثت يوم أمس لدى الطرفين، علماً بأن الشهيد الذي وقع من صفوف المتظاهرين كان يقوم بواجب إنساني ووطني أثناء قطع النزاع بين الطرفين وإخماد نار الفتنة».
وأشار البيان إلى أن «معتصمي ساحة الحبوبي ملتزمون بقرار حظر التجوال، ولهم دور فعال في حملات التعفير والتعقيم للمناطق والأحياء السكنية، وكذلك توزيع السلال الغذائية وبعض الاحتياجات اللازمة للعوائل الفقيرة والمتعففة». وطالب الناشطون خلية الأزمة الحكومية بأن تقوم بواجبها بصوره صحيحة، وتوفير المستلزمات الطبية اللازمة، كذلك طالبوا «وزارة التجارة بتجهيز المواد الغذائية العاجلة عبر البطاقة التموينية وبأسرع وقت ممكن لتشجيع الناس على الالتزام بحظر التجوال».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.