سخط شعبي في الجزائر إثر وضع 3 صحافيين في الرقابة القضائية

تبّون يصدر مرسوماً يمنع تبادل الهدايا بين المسؤولين

TT

سخط شعبي في الجزائر إثر وضع 3 صحافيين في الرقابة القضائية

أثار وضع ثلاثة صحافيين جزائريين في الرقابة القضائية، بسبب مقال، ردود أفعال شعبية ساخطة طالب أصحابها من السلطات بـ«رفع المضايقات عن رجال ونساء مهنة الصحافة»، الذين يواجهون متاعب كبيرة مع السلطة، منذ اندلاع الحراك الشعبي في 22 من فبراير (شباط) 2019. قادت العديد منهم إلى السجن.
واتهم قاضي التحقيق بـ«محكمة سيدي امحمد» في العاصمة، أول من أمس، مدير نشر صحيفة «الصوت الآخر»، محمد عماري، ورئيس التحرير رفيق موهوب، والصحافية مريم شرفي بـ«المس بالوحدة الوطنية»، و«عرض منشورات من شأنها الضرر بالمصلحة الوطنية». ويتعلق الأمر بمقال صدر في الجريدة الأربعاء الماضي، تناولت فيه الصحافية «أخطاء معهد باستور للتحاليل الطبية»، بخصوص نتائج تشخيص عشرات حالات الاشتباه بالإصابة بـ«كوفيد 19».
ويستند المقال إلى مساءلة رفعها برلماني لوزير الصحة، ذكر فيها أن نتائج تحليل أجراها المعهد على حالة إصابة، ظهرت سلبية، لكن بعد أيام قليلة توفي صاحبها نتيجة الوباء، حسبه.
يشار إلى أن النيابة بنفس المحكمة طالبت بإيداعهم الحبس الاحتياطي، واستندت في اتهاماتها إلى القانون الجنائي. فيما الأمر يتعلق بحسب عبد الرحمن صالح، محامي «الصوت الآخر»، بقانون الإعلام كمرجعية في حال متابعة صحافيين بتهم القذف والتشهير، والمس بالحياة الخاصة للأشخاص.
ودان «تكتل الصحافيين المتحدين»، وهو تنظيم نشأ في خضم الحراك الشعبي، في بيان، ما سماه «خلطا متعمَدا من جانب السلطات بين جرائم الصحافة، ومنها القذف والتشهير، وجنح الحق العام». وأكد أن المادة 50 من الدستور تمنع متابعة الصحافي بأي تهمة سالبة للحرية. كما عبَر «التكتل» عن «مخاوف الصحافيين من تحول ممارسة مهنتهم إلى جريمة خطيرة، تجرهم إلى السجن».
وذكر «المجلس الوطني للصحافيين»، وهو نقابة مقربة من الحكومة، في بيان، أن المقال الذي أزعج السلطات «خال مما يمكن اعتباره إخلالا بقواعد الصحافة وأخلاق المهنة، خاصة أن ما ورد فيه مجرد تصريحات لبرلمانيين تم نشر أسمائهم». وقال إنه «يرفض التضييق على الصحافيين بأي شكل»، منددا بـ«الحرب النفسية التي يتعرض لها الصحافيون». في إشارة إلى متابعة وسجن عدد من الصحافيين لتخويف زملائهم من التعاطي مع القضايا، التي تثير حساسية لدى السلطات.
ويوجد بالسجن الاحتياطي حاليا، صحافيان بسبب نشاطهما المهني، هما خالد درارني مراقب «مراسلون بلا حدود» ومراسل الفضائية الفرنسية «تي في 5»، وهو متهم بـ«المس بالوحدة الوطنية»، و«التحريض على التجمهر غير المرخص». وتم اعتقال درارني أثناء تغطية مظاهرة منعتها قوات الأمن ووضع في السجن منذ أربعة أيام. أما الثاني فهو سفيان مراكشي، مراسل الفضائية اللبنانية «الميادين»، الذي اعتقل في سبتمبر (أيلول) الماضي بتهمة «مخالفة قانون الجمارك»، ترتبط بعتاد للبث المباشر استعمله خلال تغطية الحراك. وقد احتج محامو مراكشي على «المبالغة في تكييف التهمة»، فهي لا تستدعي، حسبهم، إيداعه الحبس الاحتياطي.
ولاحظ نور الدين بن براهم، رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، بأن «الملاحقات وأشكال التضييق الأمني والقضائي، التي يواجهها الصحافيون منذ اندلاع الحراك، لا تعكس أبدا وعود الرئيس الجديد (عبد المجيد تبون) أثناء الحملة الانتخابية. خاصة أنه تعهد بتوسيع هامش حرية الصحافة، وقال في عدة خطابات إن الإعلام حرّ في تناول القضايا ذات الشأن العام. لكن ما يحدث في الميدان شيء آخر تماما». ودعا بن براهم الحكومة إلى إطلاق سراح الصحافيين، الذين سجنوا بسبب عملهم، ووقف المتابعات القضائية ضد آخرين، ومنهم سعيد بودور، الذي يلاحقه القضاء بسبب تحقيق حول قضايا فساد بميناء وهران (غرب)، تورط فيها مسؤولون حكوميون.
في سياق ذلك، دعت منظمات غير حكومية دولية وجزائرية إلى الإفراج بلا تأخير عن الصحافي الجزائري المستقل خالد دراريني، مراسل منظمة «مراسلون بلا حدود» في الجزائر، الذي يخضع لتوقيف احترازي منذ الأحد. وطالبت في النداء نفسه، «بالإفراج الفوري عن الصحافيين الموقوفين في الجزائر، ووقف الملاحقات القضائية التعسفية ضدهم».
وبين موقعي البيان «الفيدرالية الدولية للصحافيين» و«الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان»، ومنظمتا «إس. أو. إس. راسيسم» و«هيومن رايتس ووتش». وأكد الأمين العام لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، كريستوف ديلوار، في تغريدة على «تويتر»: «سنناضل ضد هذا القرار الظالم والتعسفي». وطلبت المنظمات في بيانها من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون «ضامن احترام الدستور»، «التدخل فورا لوقف المضايقات ضد الصحافيين المستقلين».
وعبرت عن أسفها لأن السلطات الجزائرية «تستغل مكافحة فيروس كورونا المستجد لتصفية حسابات مع الصحافة المستقلة بشكل عام».
من جهة ثانية، أصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مرسوما يمنع بموجبه تبادل الهدايا بين المسؤولين، وتحويل تلك التي يتلقاها ممثلو الدولة خارج البلاد للمتاحف ومديرية الجمارك، إذا تجاوزت قيمتها 500 دولار.
ويتزامن هذا المرسوم مع قرارات أخرى للرئيس تبون بهدف ترشيد الإنفاق العام، لمواجهة تراجع إيرادات البلاد بفعل تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية.
ويحدد المرسوم الرئاسي الذي كشف عنه اليوم الجمعة، الكيفيات المتعلقة بتخصيص الهدايا المتلقاة، والمقدمة في إطار التشريفات لأعضاء الوفود المبعوثة في مهمة في الخارج، وأعضاء الوفود الأجنبية الموجودة في مهمة إلى الجزائر، وكذا تحديد القيمة المادية الدنيا التي تجعلها تخـضع لأحكام المرسوم. أما فيما يتعلق بالهدايا الممنوحة للمسؤولين الأجانب الموفدين في مهمة بالجزائر، فإن المرسوم يلزم بألا تتجاوز قيمتها 500 دولار، وأن تكون من الأعمال الفنية أو الثقافية أو الأدبية أو الحرفية المصنوعة محليا.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.