«صلاحيات الفخفاخ» تجدّد الخلاف بين رئيس الحكومة التونسية والبرلمان

TT

«صلاحيات الفخفاخ» تجدّد الخلاف بين رئيس الحكومة التونسية والبرلمان

أكدت نسرين العماري، مساعدة رئيس البرلمان التونسي، غضب الفريق الحكومي من رئاسة البرلمان، موضحة أن رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ احتج لدى راشد الغنوشي رئيس البرلمان، وعبر عن رفضه لإجراءات تقليص مجالات التفويض المخولة له إلى شهر واحد خلال هذه الفترة الاستثنائية، التي تعاني فيها البلاد من تبعات تفشي وباء «كورونا» المستجد.
وأشارت مصادر مقربة من الفخفاخ إلى أن الوفد الحكومي، الذي شارك في المفاوضات مع رئاسة البرلمان، قد يسعى إلى سحب طلب التفويض، الذي اعتبرته الحكومة «منقوصا»، بعد التعديلات التي أدخلت عليه، وقد يستنجد برئيس الجمهورية، الذي كلفه رئاسة الحكومة، لتفعيل الفصل 80 من الدستور، الذي يخول لرئيس الحكومة اتخاذ إجراءات عاجلة بسبب «الخطر الداهم»، عوض الفصل 70، الذي يمكّنه من إصدار مراسيم حكومية دون العودة إلى البرلمان.
ويأتي التهديد بسحب التفويض الحكومي، قبل يوم واحد من موعد الجلسة العامة، المخصصة للمصادقة عليه، في ظل تواصل الخلاف بين رئيس الحكومة ورئيس البرلمان حول مدة التفويض ومجالات تطبيقه. وفي هذا السياق نصح خبراء في القانون الدستوري رئيس الحكومة بالتوجه إلى رئيس الجمهورية، ودعوته لتفعيل الفصل 80 من الدستور، بدل تفعيل الحكومة للفصل 70 منه.
وقال أمين محفوظ، أستاذ القانون الدستوري، في تصريح إعلامي، إن رد رئيس البرلمان على طلب التفويض الحكومي «أوضح عدم الثقة في حكومة الفخفاخ، وما عليه حينها إلا طلب تفعيل الفصل 80 من الدستور»، الذي يمكن رئيس الدولة من اتخاذ قرارات استثنائية في جميع المجالات، باعتبار أن البلاد تعيش حاليا مرحلة «الخطر الداهم»، خاصة بعد أن أكد الرؤساء الثلاثة أن البلاد «في حالة حرب»، وهو ما يتطلب تدابير استثنائية، على حد تعبيره. واعتبر محفوظ أن الحل «يكمن في سحب رئيس الحكومة المبادرة، التي أفرغت من محتواها، وأن يتفق مع رئيس الجمهورية، الذي لا يطلب منه الدستور تفويض البرلمان، والذي بإمكانه أن يتدخل في مجالات الجباية والحقوق والحريات»، على حد قوله.
وكان البرلمان قد رسم حدود التفويض للحكومة، واقترح عليها الاقتصار على ميدان الصحة ومجالات مكافحة فيروس «كورونا» المستجد، بينما يسعى الفخفاخ للتدخل في مجالات أوسع بحصوله على تفويض مطلق لمدة شهرين.
من ناحية أخرى، كشفت هيئة مكافحة الفساد تلقيها مجموعة من «ملفات فساد»، تورطت فيها أطراف سياسية، اتهمت بالتلاعب بالأسعار واستغلال نفوذها السياسي، ومن بينهم نائب في البرلمان يملك مطحنة خاصة، تعمد بيع مواد غذائية بأسعار مخالفة للقانون، ورئيس بلدية تدخل لتوجيه عملية توزيع مادة السميد المدعم من قبل الحكومة على بعض المستفيدين، وإقصاء الذين لم يصوتوا له في الانتخابات البلدية التي جرت في عام 2018، وهو ما اعتبرته هيئة مكافحة الفساد «تصفية حسابات مرتبطة بنتائج الانتخابات».
ومن ناحيتها، دعت الهيئة التونسية لمكافحة الفساد، الحكومة إلى التعجيل بمراجعة وتنقيح القانون المتعلق بإعادة تنظيم المنافسة والأسعار، في اتجاه تشديد العقوبات، سواء المالية أو السجنية، واعتمادها في كل المخالفات المتعلقة بالتلاعب بالأسعار، وبتراتيب الدعم والمضاربة والممارسات الاحتكارية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».