يتحرك البنك المركزي الروسي على أكثر من مسار لاحتواء تدهور الوضع في السوق، ورفع أمس تدخله النقدي خشية من انهيار إضافي على العملة الروسية، مع انتهاء اتفاقية «أوبك+» رسمياً، ويستعد في غضون ذلك لتدخل «معنوي» عبر مؤتمرات صحافية يومية، يعرض فيها خطواته لضبط الوضع في السوق. إلى ذلك، حذر خبراء روس من مشكلات قد تواجهها شركات التمويل الأصغر، وانخفاض إيرادات الصناديق الاجتماعية الروسية، مع استمرار تأثير «كورونا»، وتدابير الحد من انتشاره، على الاقتصاد الروسي.
ومع اللحظات الأولى بداية يوم أمس، انتهت رسمياً فترة سريان اتفاق تقليص حصص الإنتاج النفطي، المعروف باسم «أوبك+». وتعرضت السوق الروسية لـ«صدمة» شديدة، خلال الأسبوع الثاني من مارس (آذار) الماضي، في أعقاب الإعلان عن فشل الاجتماع الأخير للدول المشاركة في «أوبك+» بالتوصل إلى تفاهم يرضي جميع الأطراف حول مصيره، لكن يبدو أن السلطات المالية الروسية كانت تتخوف من «صدمة» جديدة، مع انتهاء مدة الاتفاق رسمياً في الأول من أبريل (نيسان). وبهدف توفير عوامل دعم لاستقرار السوق في مواجهة تلك المخاوف زاد البنك المركزي الروسي، أمس، تدخله بنسبة 20 في المائة، حتى 16 مليار روبل، أو ما يعادل 200 مليون دولار. وبدأ «المركزي» التدخل في سوق العملات منذ 10 مارس الماضي، في أعقاب انهيار الروبل، على وقع فشل «أوبك+». ومنذ ذلك الحين كان يضخ يومياً في السوق عملات صعبة (بصورة رئيسية الدولار واليورو) تعادل قيمتها 13.5 مليار روبل، أو 170 مليون دولاراً.
في موازاة استمرار التدخل النقدي، يطلق «المركزي الروسي»، اعتباراً من غدٍ 3 أبريل، ما يمكن وصفه بـ«تدخل معنوي» أو «تدخل إعلامي»، في محاولة للحد من التأثير السلبي «الإعلامي» على مزاجية السوق والمؤشرات. وقال في بيان أمس على موقعه الرسمي، إنه سيطلق سلسلة مؤتمرات صحافية دورية «أونلاين»، حول «الوضع الجاري في السوق وتدابير إرساء الاستقرار». وخلال تلك المؤتمرات «ستقوم إلفيرا نابيؤلينا، رئيسية مجلس إدارة (المركزي)، بعرض رؤية البنك للوضع في السوق، وستتحدث عن التدابير التي تم اتخاذها، وتلك التي يُخطط لها، والرامية إلى الحد من تأثير انتشار (كورونا)، والتقلبات في أسواق المال، على القطاع المالي، والاقتصاد، والمواطنين في روسيا».
في غضون ذلك، تواصل مؤسسات بحثية وائتمانية عرض تقارير حول تداعيات انتشار «كورونا»، وتدابير مواجهته، على مختلف قطاعات الاقتصاد الروسي. وفي تقرير نشرته أمس، توقعت وكالة «آكرا» الروسية للتصنيفات الائتمانية، زيادة الضغط على مؤسسات التمويل الأصغر، وارتفاع محفظة القروض التي تمنحها «حتى نهاية الشهر» بنسبة 25 في المائة، ومحفظة القروض الاستهلاكية متوسطة الأجل بنسبة 15 في المائة. وتحذر الوكالة من أن هذه المؤسسات قد تواجه تعقيدات خلال العام الحالي، إذا تحققت التوقعات بركود اقتصادي، مع استمرار تأثير «كورونا»، موضحة أن التعقيدات ستظهر نتيجة «تدهور قدرة المقترضين على الدفع»، ولا تستبعد «آكرا» أن تصل الديون المعدومة (الدين الرئيسي وفائدته) إلى أكثر من نصف إجمالي محفظة القروض الصغيرة. وفي تعليقه على هذه التوقعات، قال الخبير الاقتصادي رومان ماكاروف، مدير مؤسسة تمويل، إن عدم الانضباط في المدفوعات عن القروض الصغيرة أمر لا مفر منه إن تدهور الوضع المالي للمواطنين، لافتاً إلى إصدار قروض وسندات متوسطة وطويلة الأجل من جانب شركات التمويل الأصغر، دون مراعاة التغيير الحاد في الملاءة المالية للمواطنين. في سياق متصل، حذر خبراء في معهد السياسة الاجتماعية التابع للمدرسة الروسية العليا للاقتصاد، من أن إيرادات الصندوق التقاعدي، وصندوق التأمينات الصحية، وصندوق التأمينات الاجتماعية، ستبدأ في الانخفاض اعتباراً من مارس 2020؛ نتيجة تخفيض أرباب العمل الأجور الشهرية، وزيادة البطالة، وتراجع الدخل الفعلي للمواطنين. وتوفر هذه الصناديق الثلاثة، وهي من خارج الميزانية، 70 في المائة من إجمالي المدفوعات الاجتماعية في روسيا، وتتشكل إيراداتها بصورة رئيسية من مدفوعات التأمينات التي يسددها أرباب العمل من الأجور الشهرية للموظفين والعاملين، وتحصل على جزء آخر عبر تحويلات من الميزانية الفيدرالية. ويشير مراقبون إلى أن حجم هذه الصناديق سيتراجع نظراً لنمو البطالة، والإجازات غير مدفوعة الأجر، وستتأثر إيراداتها كذلك بالتدابير التي أقرتها السلطات الروسية لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وبصورة رئيسية تخفيض مدفوعات التأمينات الشهرية من 30 إلى 15 في المائة.
«المركزي} الروسي يزيد حجم التدخل النقدي لدعم الروبل
يستعد لإجراء «معنوي» للحد من «التأثير الإعلامي» على السوق
«المركزي} الروسي يزيد حجم التدخل النقدي لدعم الروبل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة