مصر: مطالب حقوقية بـ«تخفيف ضغط السجون» خوفاً من تفشي الفيروس

TT

مصر: مطالب حقوقية بـ«تخفيف ضغط السجون» خوفاً من تفشي الفيروس

ازدادت مطالب حقوقية في مصر بتخفيف ضغط السجون والإفراج عن المحبوسين احتياطياً من غير المتورطين في قضايا عنف أو إرهاب، خوفاً من تفشي فيروس «كورونا المستجدّ» بين نزلائها.
وتقول جمعيات حقوقية وعائلات مسجونين إن السجون تعاني من كثافات عالية وضعف في الخدمات الصحية؛ الأمر الذي يثير مخاوف من كارثة تفشي الفيروس. لكن السلطات تؤكد أن السجون آمنة، مشددة على اتخاذها كثيراً من الإجراءات الاحترازية لمواجهة الوباء.
وأوقفت مصلحة السجون المصرية الزيارات العائلية للسجناء حتى نهاية مارس (آذار) الحالي، لـ«الحفاظ على الصحة العامة وسلامة النزلاء».
غير أن الأمر ما زال غير كافٍ؛ بحسب المحامية انتصار السعيد، رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون»، التي أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «كثيراً من النزلاء والنزيلات بالسجون من المصابين بأمراض مزمنة، والفيروس قد ينتقل بأي وسيلة أخرى، لأن موظفي السجون سيدخلون إليها بعد مخالطة أشخاص في الخارج، مما يشكل خطراً على حياتهم».
ويرى البعض أنه «في حال ظهور الفيروس بالسجون، فسوف يصعب منعه من الانتشار بسرعة داخلها، إن لم يكن الفيروس قد بدأ بالفعل في الانتشار داخل السجون قبل منع الزيارات»، وهو ما لم يثبت حالياً.
ودعت الحقوقية المصرية إلى ضرورة الإفراج عن المحبوسين احتياطياً من غير المتورطين في قضايا الإرهاب بسبب جائحة «كورونا».
وفيما بدت استجابة جزئية لتلك الدعوات، قررت نيابة أمن الدولة العليا، الخميس الماضي، الإفراج عن 15 ناشطاً معارضاً كانوا محبوسين احتياطياً منذ شهور عدة؛ من بينهم 3 من أبرز معارضي الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ وهم: أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة، والناشط السياسي حازم عبد العظيم، وشادي الغزالي حرب وهو طبيب كان عضواً في «ائتلاف شباب الثورة» عام 2011.
الخطوة قوبلت بترحيب واسع في أوساط الحقوقيين المصريين. وقال «المجلس القومي لحقوق الإنسان»، وهو «هيئة رسمية مستقلة»، إنه «يقدّر الخطوة المهمة التي اتخذتها الدولة بإخلاء سبيل عدد من الشباب المحبوسين احتياطياً على ذمة بعض القضايا»، لكنه أشار، في بيان، إلى أن إخلاء سبيل هذه المجموعات «يفتح الباب لمزيد من الإفراج عن الشباب الذين لم ينزلقوا في استخدام العنف أو قضايا الإرهاب».
وتلفت الناشطة الحقوقية منى سيف، شقيقة علاء عبد الفتاح الناشط الحقوقي، إلى أن «كل أماكن التكدس، خاصة اللي ما عندهمش (لا يمتلكون) حرية التصرف، كارثة منتظرة في انتشار (كورونا) لو لم يلتفت إليها بسرعة». وعددت منها «أقسام البوليس، وأماكن الاحتجاز، وعربات الترحيلات، ومعسكرات الأمن المركزي».
وشقيق سيف محتجز منذ سنوات على ذمة قضايا تظاهر. وقالت سيف في تغريدة لها: «داخلين على ثالث أسبوع لم (نرى) علاء ولا نعرف عنه حاجة».
وانضمت أحزاب «الحركة المدنية المعارضة»، التي تضم: «الدستور» و«المصري الديمقراطي» و«العيش والحرية»، إلى دعوات تخفيف ضغط السجون وإطلاق سراح المحبوسين احتياطياً وسجناء الرأي وكبار السن.
كذلك أصدر تكتل «25 - 30» المعارض بمجلس النواب، بياناً الأسبوع الماضي، دعم فيه الإجراءات التي تتخذها الدولة لمواجهة الوباء ومنع انتشاره، لكنه طالب في المقابل بتخفيف الأعباء عن السجون، «أسوة بالعديد من دول العالم».
واقترح التكتل أن يشمل التخفيف «كل محبوس احتياطياً تجاوز 150 يوماً دون حكم قضائي، واستبداله بتدابير احترازية أخرى، مع استمرار التحقيقات في النيابات المختصة، والإفراج الفوري عن المحبوسين على ذمة قضايا رأي، والعفو الرئاسي عن الحالات الحرجة من المرضي والمسنين من غير المتورطين في ارتكاب أعمال خطرة، وتطبيق قواعد قانون العقوبات فيما يتعلق بالإفراج الشرطي».
ومع تأكيدها على المطالبات نفسها الخاصة بالإفراج عن سجناء الرأي، دعت «المفوضية المصرية للحقوق والحريات»، إلى التوسع في «توفير الأدوات الصحية والوقائية للمحتجزين، وأفراد الشرطة العاملين بالسجون والأقسام، وتحسين الظروف الصحية في أماكن الاحتجاز من أجل الوقاية من المرض، والسماح بزيارة المحبوسين مع اتخاذ اللازم لمنع انتقال العدوى».
وتنفي السلطات المصرية أن يكون هناك أي محتجز سياسي، وتؤكد أن جميع المحبوسين متورطون في مخالفات قانونية، وعلى ذمة قضايا. ووفق شريف الورداني، أمين سرّ لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، فإن وضع السجناء آمن من انتشار فيروس «كورونا»، في ظل اتخاذ إجراءات احترازية تشمل تعقيم السجون، والكشف الدوري على السجناء.
إلى ذلك، طالبت منظمة العفو الدولية، أمس (الاثنين)، بالإفراج الفوري عن «سجناء الرأي والسجناء الآخرين المعرضين للخطر»، ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس «كورونا» المستجد.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.