الأمن اللبناني يلاحق خارقي الحجر مع ارتفاع المصابين إلى 248

مروحيات الجيش تجوب سماء المناطق محذرة بمكبرات الصوت... ومحاضر ضبط للمخالفين

تعقيم أحد شوارع بيروت أمس (أ.ب)
تعقيم أحد شوارع بيروت أمس (أ.ب)
TT

الأمن اللبناني يلاحق خارقي الحجر مع ارتفاع المصابين إلى 248

تعقيم أحد شوارع بيروت أمس (أ.ب)
تعقيم أحد شوارع بيروت أمس (أ.ب)

حذر وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي من أنه «لن يعود باستطاعتنا احتواء هذا الوباء»، والانزلاق إلى المجهول ما لم تكن هناك قناعة ذاتية من كل مواطن لتخطي هذه الأزمة، مع ارتفاع أعداد المصابين إلى 248. في وقت تكفلت فيه القوى الأمنية والعسكرية بملاحقة خارقي القرارات، وتنشيط حملات التوعية للالتزام بقرارات الحكومة صحياً.
إلا إن وزير الصحة العامة حمد حسن أكد أن القدرة على الحد من انتشار «كورونا» لا تزال متاحة، مشيراً إلى «أننا لم ننزلق إلى مرحلة الانتشار العام للفيروس»، ولافتاً إلى أن «خطة الطوارئ الصحية هي نوعاً ما حالة طوارئ عامة».
وأطلق فهمي في مؤتمر صحافي الخطة التنفيذية لإلزام المواطنين بمنع مغادرة منازلهم، وقال: «هناك مواطنون لم يلتزموا، والقانون سيطبق على الجميع. كل مخالفة تشكل تهديداً على السلامة العامة ستقمع. ولا أتلقى اتصالات من أحد». وأسف لأنه «لن يعود باستطاعتنا احتواء هذا الوباء. تخطينا الاحتواء. سننزلق نحو المجهول إذا لم تكن هناك قناعة ذاتية من كل مواطن لتخطي هذه الأزمة».
وأشار إلى «تنسيق تام بين أجهزة الدولة، وخاصة الأمنية منها؛ من جيش وأمن داخلي وأمن عام وأمن الدولة والمحافظين والقائمقامين والبلديات والمخاتير لتنفيذ الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتشمل المناطق اللبنانية دون استثناء من أجل الوقاية الملزمة». ولفت إلى أنه «تم الطلب من المحافظين دعوة مجلس الأمن الفرعي للانعقاد عند الاقتضاء».
وقال فهمي: «علينا الاستعداد للأسوأ، مع المحافظة على الأمل والإيمان بأننا سنجتاز هذه الأزمة بالوعي والتصرف السليم». وكشف فهمي عن أنه «تم تسطير حوالى 39 محضر ضبط اليوم (أمس) بسبب عدم الالتزام بالتعليمات، والهدف ليس محاضر الضبط؛ بل التوعية ».
وبالفعل بدأ الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام صباح أمس تسيير دوريات وتنفيذ انتشار على الطرقات الداخلية في مختلف المناطق اللبنانية بهدف تطبيق مقررات مجلس الوزراء القاضية بالتزام جميع المواطنين حالة التعبئة العامة والبقاء في منازلهم وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى.
وسجل مرور دوريات للأجهزة الأمنية على المتاجر التي فتحت أبوابها، ودعتهم فيها لإغلاقها، فيما دعت قيادة الجيش المواطنين إلى التزام منازلهم وعدم مغادرتها إلا للضرورة القصوى حفاظاً على سلامتهم وعدم التجمع؛ تحت طائلة المسؤولية، وفي هذا الإطار، استخدم الجيش اللبناني المروحيات العسكرية لحث السكان على البقاء في منازلهم وتجنب التجمعات، في إطار تشديد الإجراءات التي يقوم بها من أجل منع انتشار «كورونا»، وتنفيذاً لقرارات مجلس الوزراء.
وأعلنت «قوى الأمن الداخلي» أن عناصرها بدأت تطبيق القرار بالوسائل المتاحة كافة، عبر تسيير دورياتها على الأراضي اللبنانية وإنذار المواطنين من خلال حملات التوعية المباشرة بواسطة مكبرات الصوت، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الحضّ على التقيد التام بالتزام المنازل وعدم القيام بالتجمعات وإقفال المؤسسات والمحال التجارية، إضافة إلى قيام القطعات الإقليمية بتنظيم مئات المحاضر في حق المخالفين.
وأعلنت أنها «ستتخذ إجراءات أكثر تشدداً في حق المخالفين، ولن تكتفي بتسطير محاضر إدارية في حقهم فحسب، بل ستتم ملاحقتهم قضائياً وتنظيم محاضر عدلية وفقاً لقانون العقوبات».
وأعلنت المديرية العامة للأمن العام أنها باشرت تسيير دوريات بواسطة آليات مدنية على الأراضي اللبنانية، وذلك للتأكد من التزام المواطنين والمقيمين بالإجراءات.
وأعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي عن فيروس «كورونا»، ارتفاع عدد الحالات المثبتة مخبرياً في «مستشفى الحريري الجامعي» ومختبرات المستشفيات الجامعية المعتمدة، إلى 248 حالة، أي بزيادة 18 حالة على التقرير السابق أول من أمس. كما وردت 5 حالات من مختبرات غير معتمدة من قبل الوزارة، وهي تحتاج لإعادة التأكيد في «مستشفى الحريري».
وحذرت وزيرة الإعلام الدكتورة منال عبد الصمد نجد، من «خطورة التسارع في انطلاقنا نحو المرحلة الرابعة من انتشار فيروس (كورونا)، في حال لم نتخذ الإجراءات اللازمة، سواء أكان من الدولة وأجهزتها الأمنية كافة من أجل ضبط تجول المواطنين، أو من المواطن من خلال منع التجول الذاتي وعدم الخروج من المنزل إلا في حال الضرورة القصوى، واتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع التجمعات وبالتالي منع انتقال العدوى».
وفي سياق متصل، جال وزير الصناعة الدكتور عماد حب الله على عدد من مصانع الكمّامات والمعقّمات والتنظيف والمواد المكمّلة في إقليم الخروب وكسروان وجبيل وتفقّد عمليات التصنيع وفق المعايير والمواصفات والجودة. وأوضح أن هذه الجولة تأتي للتأكيد على أهمية استمرار عمل هذه المصانع الحيوية في هذه الظروف، مشيراً إلى أن الإنتاج شبه متواصل على مدار الساعة لتأمين الكمّيات اللازمة لحاجة اللبنانيين.

ودعا الصناعيين إلى «ابتداع الفرص لتحويل الإنتاج في مصانعهم، حيث في الإمكان استبدال خطوط الإنتاج الموجودة، بحيث ينتجون حالياً الحاجات الأساسية المطلوبة من المستهلكين».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.